بحث

الأدلة على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم

الأدلة على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

     لا يمكن أن يقبل الناس دعوى إنسان، أنه رسول الله، من دون أدلة قطعية جامعة مانعة، فالله عز وجل ما كان له أن يرسل رسولاً بلا بينات، لأن هذه الرسالة مصيرية، تتعلق بها سعادة الإنسان الأبدية، فإنسان يمثل خالق السموات والأرض، مبعوث العناية الإلهية، ما في معه دليل، ما في معه بينة، هذا مستحيل الله عز وجل يقول: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ . 

     المعجزة القرآنية :

     المعجزة القرآنية، وأهم شيء في هذه المعجزة: أن الله حفظها من أي تعديل، أو تغيير، أو انتحال، أو تزوير، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، يعني النبي عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، معجزته شيء، وبيانه شيء آخر، حفظت المعجزة، وقعت ولم تقع مرةً ثانية، معجزة حسية، ليس هناك ارتباط بين المعجزة والبيان، كذلك سيدنا موسى معجزته العصا وبيانه التوراة، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام معجزته تنطبق على بيانه، بيانه القرآن الكريم وحي الله عز وجل، ومعجزته القرآن الكريم، لأن القرآن الكريم معجزة النبي المستمرة، لماذا هي مستمرة؟ لأن النبي خاتم الأنبياء، ولأن رسالته خاتمة الرسالات، إذاً: ينبغي أن تكون معجزته مستمرة، ولم تكن مستمرة إلا إذا كانت علمية بيانية. وقالوا : ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ الدليل العقلي على أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله القرآن، والدليل العقلي على أن هذا القرآن كلام الله هو الإعجاز، والدليل العقلي على أن الله عز وجل خالق الأكوان الكون. قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ، إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنْ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ، آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) يعني ما في نبي إلا معه أدلة قطعية بينات معجزات، تكون أدلةً كافيةً للناس، ليصدقوا أنهم نبي، وإنما كان الذي أوتي به سيدنا موسى العصا، سيدنا عيسى إكماه الأبره والأبرص، وسيدنا إبراهيم ألقي في النار، أنا معجزتي الوحي. أفصح كلام في اللغة العربية على الإطلاق، هل يستطيع العرب ولو اجتمعوا أن يأتوا بآية كآيات القرآن الكريم؟ الجواب: لا. قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾. وثانياً: كلما قرأته وجدت فيه معاني جديدة لم تكن من قبل، فصاحته وجدته .  

      الإعجاز العلمي: 

     ومن أدلة القرآن الكريم على أن هذا القرآن كلام الله، وعلى أن النبي عليه الصلاة والسلام هو رسوله: الإعجاز العلمي، هذا الموضوع موضوع واسع جداً، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ الإعجاز العلمي بالقرآن والسنة أكثر أن يحصى. قال تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، بعد أن اكتشفت سفن الفضاء، أن بين كل بحرين حاجزاً برزخاً، وحجراً محجورا، فسرت هذه الآية . بعد أن اكتشفت مجرة تبعد عنا ثلاثة آلاف سنة ضوئية وشكلها كالوردة، قال تعالى: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ عرف أن هذا مما يؤكد كلام الله. بعد أن قال الله عز وجل: ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾، بعد أن ركب الإنسان الطائرة ونقص الأوكسجين، شعر بضيق لا يوصف. بعد أن اكتشف أن الذكر والأنثى لا علاقة للبويضة بهما، وقد قال الله عز وجل: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾ تبين أن العامل الحاسم في كون المولود ذكراً أو أنثى، هو النطفة وليس البويضة. بعد أن قال الله عز وجل: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ اكتشف أن كل شيء يدور حول نواة من الذرة وإلى المجرة. بعد أن اكتشف أن كل نجم في الكون، يدور حول نجم آخر في مسار مغلق، قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾. حديث طويل، آيات الله في المجرات، وفي الشمس والقمر، وفي الليل والنهار، وفي الجبال وفي السهول، وفي الصحارى وفي الوديان، وفي البحار وفي الأنهار، وفي الأسماك، وفي الأطيار، وفي الحيوانات، وفي خلق الإنسان، وفي خلق الطعام والشراب: ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ .

     وصف النبي صلى الله عليه وسلم ورد في كتب سماوية سابقة : 

     من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام: أن وصفه ورد في كتب سماوية سابقة، فقد قال الله عز وجل: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾ أي إن ذكر هذا النبي الكريم ورد في الكتب السابقة. 

  •      في التوراة: جاء أن نبياً سيظهر في مكة، ومكة شرحت الديار التي سكنها قيدار، وهو أحد أبناء إسماعيل، وقيدار سكن مكة، كما تحكي التوراة، وإن اسمه يرتفع فيها، وأنه يركب الجمل، وأنه يحارب بالسيف، وأنه ينتصر هو وأصحابه، وأنه يبارك عليه كل يوم ، وأن ملوك اليمن تأتيه بالقرابين، وأن علامة سلطانه على كتفه بقدر بيضة الحمام، هذا ما جاء في التوراة، فالذي جاء في التوارة دليل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، هل في الأرض معرفة من أن تعرف ابنك؟ هل تجدون أباً في الأرض يقول لابنه: ما اسمك يا بني؟ ابنه يعرفه: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾. كما جاء في التوراة: أن الله تجلى على الناس في أماكن ثلاث؛ هي سيناء، حيث أعطي موسى عليه السلام التوراة، وساعير جبال فلسطين، حيث أعطي الإنجيل لعيسى عليه السلام، ومكة اسمها أيضاً بالتوراة فاران، حيث نزل القرآن على محمد عليه الصلاة والسلام. وجاء في التوراة أيضاً: أنه جاء الرب من سيناء، وأشرق لنا من ساعير، وتلألأ يعني في سيناء، وفي فلسطين، وفي مكة:  ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾، فلسطين: ﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾، سيناء: ﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ مكة. هذه أماكن نزول الوحي في الأماكن الثلاثة، إذاً: ما في التوراة يؤكد نبوة النبي عليه الصلاة والسلام . 
  •      في الإنجيل: في إنجيل برنابا، في الباب 220، أن عيسى عليه السلام قال لأتباعه: وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله، التي متى جاء، كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله. وفي إنجيل يوحنا: إن لي أموراً كثيرة أيضاً، لا أقول لكم، ولكن لا تستطيعون الآن أن تحتملوا. وفي إنجيل متى: جاء ذلك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم، ويخبركم بأمور آتية، هذا ما جاءنا النبي به من أشراط قيام الساعة : ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى)).

      اخباره الغيب:  

     في القرآن غيب الماضي قال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾، وغيب الحاضر قال تعالى: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾، وقد أجمع المؤرخون على هذه المعركة تمت في غور فلسطين، اكتشف أخيراً: أن أدنى نقطة في الأرض إطلاقاً غور فلسطين. وغيب المستقبل، ﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ وقصة طويلة جرت بين سيدنا الصديق وبين كفار قريش، وتحدى كل منهم الطرف الآخر، وفي العام السابع انتصر الروم على الفرس، هذا اسمه غيب المستقبل. غيب الماضي بعده زمن، وغيب المستقبل بعده زماني، وغيب الحاضر بعده مكاني .  

      حماية الله لنبيه من أن يقتل : 

      قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾، لأن النبي عليه الصلاة والسلام واثق أشد الثقة أن الله لا يخزيه، صرف حراسه، واعتمد على الله. كان النبي عليه الصلاة والسلام يحرس حتى نزلت هذه الآية، والله يعصمك من الناس، فأخرج النبي عليه الصلاة والسلام رأسه من القبة، فقال لهم: يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله . 

     الأدلة على نبوة النبي لا تنتهي ولا تنقضي، ولكن يكفي أن هذا القرآن الكريم المعجز الذي جاء به، يعد أكبر دليل على نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، وأبرز ما في القرآن الكريم آيات الإعجاز فيه. ففي القرآن الكريم 1300 آية، تتحدث عن الكون، وعن خلق الإنسان والحيوان والنبات، وهذه الآيات كلما تقدم العلم، كشف جانباً من جوانبها، وكأن هذا القرآن معجزة مستمرة، تنطق بأن هذا الإنسان الذي جاء بهذا القرآن، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . 



المصدر: العقيدة من مفهوم القرآن والسنة - الدرس : 15 - الأدلة على صدق رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم 1 معجزة القرآن.