قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا. لو نطّلع على عدل الله المطلق والله لارتعدت فرائصنا قبل أن ندوس على نملة، لا أن تقتل إنساناً. قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا أنني لا أستطيع أن أتصور إنسانًا يأمر بقتل أناس مدنيين لم يقترفوا ذنباً، كيف ينام في الليل، كيف يأتيه النوم؟ لكن هؤلاء تبلّدت أحاسيسهم، انطمست فِطَرُهم.
﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ﴾ النفس مطلقة، هناك كائن مخلوق ممنوع أن تقتله، و هناك مخلوقات سُمح لك أن تقتلها كالحية، والعقرب، لكن الحية والعقرب تُقتل إذا خرجت من مخبئها، لأن مكانها تحت الأرض، ولها مهمة دقيقة جداً، لكن أما أن تقتلها في مكانها الطبيعي، فهذا خطأ كبير، أما إذا خرجت عن منطقتها التي سمح الله لها أن تقيم فيها فهذا ذنب ارتكبه هذا المخلوق. لذلك القتل لا يختص بالإنسان، القتل يُعمم على كل مخلوق ينبغي ألا تقتله. والإنسان بالمناسبة بقدر اتصاله بالله يطهر قلبه من كبائر الباطن، القسوة من كبائر الباطن، وأقسى القلوب أبعدها عن الله عز وجل. (وإن أبعد الناس من اللَّه القلب القاسي) فالقسوة ترافق الانقطاع عن الله، والرحمة توافق الاتصال بالله، أنا أقول لكم إذا كان للرحمة مؤشر، وللإيمان مؤشر يتحركان معاً، عداد الإيمان مع عداد الرحمة يتحركان معاً، وأنا لا أصدق إنسانًا موصولاً بالله قاسيًا، لا أصدق إنسانًا موصولاً بالله لا يرحم، لا أصدق إنسانًا موصولاً بالله يقسو، أبداً.النبي عليه الصلاة والسلام أرسل خادمه بحاجة وغاب كثيراً، والنبي بشر أخذه من الغضب الشريف ما أخذه، فلما عاد هذا الغلام قال له: لولا القصاص لأوجعتك بهذا السواك في قلبه رحمة، هؤلاء الذين أمر بقتلهم بعد فتح مكة، عفا عنهم في الأعم الأغلب، لمجرد أنهم رجوه، واستسمحوا منه عفا عنهم، علامة المؤمن أنه رحيم، يرحم (مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ) . (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) .
﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ بالحق القاتل يُقتل، بالحق العقرب تُقتل لكن بالحق، سمح الله لنا أن نأكل الأنعام، لكن كيف تقتلها بالحق؟ كمَن ذبح شاة أمام أختها، فرآه النبي، فغضب غضباً شديداً فقال: (هلا حجبتها عن أختها ؟ أتريد أن تميتها مرتين) . وقال صلى الله عليه وسلم: (وَإذَا ذَبَحْتُمْ فَأحْسِنُوا الذّبْحَ، وَلْيُحِدّ أحَدُكُمُ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَه). لذلك يسأل المؤمن عن الحلال والحرام، الحرام يحجبك عن الله، والحلال يجعلك قريباً من الله عز وجل. إذاً بعد أن تؤمن بالله ينبغي أن تتحرّى الحلال والحرام، أنت بالكون تعرف الله، وبالشرع تعبد الله، البعض يتوهم أن الإسلام صوم وصلاة، وحج، وزكاة، يؤدي العمرة، وبعدها يؤدي الحج، يصوم رمضان، ويصلي الخمسة أوقات، والإسلام في واد، وهو في واد، الإسلام يبدأ من فراش الزوجية، وينتهي بالعلاقات الدولية. إن الحياة لا تنتظم إلا بالإيمان، وعندنا مشكلات لا تعد ولا تحصى، كلها ناتجة عن ضعف شعور البشر بمراقبة الله عز وجل .