الجهاد فهو أصل في الدين، وكما أن في التعليم تعليماً أساسياً لا يصح ولا يسمح للطالب أن ينتقل إلى التعليم الثانوي قبل أن ينجح في التعليم الأساسي، كذلك في الجهاد.
الجهاد الأول: جهاد النفس والهوى:
فالجهاد الأساسي الأول جهاد النفس والهوى دليله في قوله تعالى: ﴿وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ أي بالقرآن. وفي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾. وهذا الجهاد أربعُ مراتب:
- أَنْ يُجاهِدَ نفسه على تعلُّم العلم من العلماء الربانيين، المحققين الورعين فلا فلاح للنفس، ولا سعادة فى معاشها، ومعادها إلا به، ومتى فاتها هذا العلم، شقيت فى الدَّارين.
- أن يُجاهد نفسه على العمل به، وإلا فمجرَّدُ العلم من دون عمل لاقيمة له فهو إن لم يَضُرَّها لا ينفعْها.
- أن يُجاهد نفسه على الدعوة إليه، وتعليمِهِ مَنْ لا يعلمهُ، وإلا كان مِن الذين يكتُمون ما أنزل الله مِن الهُدى والبينات، ولا ينفعُهُ علمُهُ، ولا يُنجِيه يوم القيامة.
- أن يُجاهِد َنفسه على الصبر على مشاقِّ طلب العلم، والعمل به، والدعوة إليه .
فإذا استكمل المسلم هذه المراتب الأربع، صار من الربَّانِيينَ، ومن المجمع عليه على أن العَالِمَ لا يَستحِقُّ أن يُسمى ربَّانياً حتى يعرِفَ الحقَّ، ويعملَ به، ويُعَلِّمَه، ويصبر على طلبه، والعمل به، والدعوة إليه .
الجهاد الثاني: الجهاد البنائي:
ودليله في قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْل تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾، ينبغي علينا من خلال الأمر القرآني لنا أن نعد ما نستطيع من قوة؛ بمفهوم القوة الواسع، فالآباء ينبغي أن يعرفوا أن الأبوة رسالة ومسؤولية، وأن تربية أولادهم أعظم كسبهم، والأمهات ينبغي لهن أن يتفرغن لتربية أولادهن والعناية بهم، كي تتماسك الأسر، ويكون الأولاد لبنات في بناء المجتمع، ومعلمنا ينبغي له أن يحمل رسالة سامية يسعى إلى تحقيقها، وطالبنا ينبغي أن يتفوق، وعاملنا ينبغي أن يتقن عمله، وفلاحنا ينبغي أن يرتبط بأرضه ليزرعها، وموظفنا ينبغي أن نعطيه حقه، وينبغي له أن يتفانى في خدمة المواطنين، وقاضينا ينبغي أن يعدل، والأستاذ الجامعي ينبغي أن يؤثر خدمة أمته، على حظوظه من دنيا الآخرين، وداعيتنا ينبغي أن ينصح لا أن يمدح، وضابطنا ينبغي له أن يوقن أن المعركة مع العدو قادمة لا محالة، وأن حديث العدو عن السلام مراوغة، وكذب، وكسب للوقت ليس غير، وثرواتنا ينبغي أن تستخرج، ومصانعنا ينبغي أن تطور، وأرضنا ينبغـي أن تستصلح، ومياهنا ينبغي أن يرشد استهلاكها، وهذا لا يكون إلا بإيمان بالله، يحملنا على طاعته، وإيمان باليوم الآخر يمنعنا أن يظلم بعضنا بعضاً، وأن نطلب جزاء جهدنا وجهادنا في الجنة، وهذا نوع من الجهاد لا تقطف ثماره عاجلاً بل آجلاً.
الجهاد القتالي:
فإذا نجحنا في الجهاد النفسي والبنائي، فينتظر أن ننجح في الجهاد القتالي.