بحث

ضعف الإيمان وتخلف المسلمين

ضعف الإيمان وتخلف المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

تخلف المسلمين يعود إلى ضعف إيمانهم:  

      أحياناً أيها الأخوة يسأل الإنسان عن السلبيات لئلا يقع فيها، سيدنا  حذيفة رضي الله عنه قال:  كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ أقع فيه .  

      هناك سؤال كبير لماذا المسلمون في حال لا ترضي؟ بعضهم يرى أن سبب هذا التخلف هو ضعف إيمانهم، لو كان إيمانهم قوياً لكانوا أقوياء، ولكانوا متماسكين، ولكانوا متعاونين، ولكانوا متفوقين، أرى أنا هناك أعراض كثيرة لمرض واحد هو ضعف الإيمان، أكثر ما تشتكي من المسلمين يعود إلى ضعف الإيمان، كل فضائل الصحابة تعود إلى قوة الإيمان، الشجاعة تعود إلى قوة الإيمان، التهيب والجهد يعود إلى ضعف الإيمان.  

مظاهر ضعف الإيمان عند المسلمين  :  

      على كل أريد أن أوضح لكم، والحقيقة المرة دائماً أفضل ألف مرة من الوهم المريح، مظاهر ضعف الإيمان.  

أولا: التكاسل عن أداء الطاعات بالكيفية المطلوبة:  


      لو بدأنا بالعبادات قال هناك تكاسل عن أداء الطاعات بالكيفية المطلوبة، هناك تأخر عن صلاة الجمعة، هناك خواطر بعيدة عن حقيقة الصلاة تأتي المصلي، يعني يقف ويقرأ ويركع ويسجد ويقعد ويسلم لكن هو في اعتقاده أن هذه الصلاة ليست الصلاة التي أرادها الله عز وجل ، أحياناً لا يستيقظ على صلاة الفجر والأمر طبيعي، علامة الإيمان، علامة قوة الإيمان أن الذنب كبير، وعلامة ضعف الإيمان الذنب يسير، يقول لك ما صار شيء. من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح  .  

      أنا أضع يدي على مظاهر ضعف الإيمان كما قال سيدنا  حذيفة رضي الله عنه قال:  كُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ أقع فيه .  

      أي الصلاة صلة، اجهد أن تفرغ نفسك من مشاغل تشغلك في أثناء الصلاة، صلاة الجمعة، حينما يصعد الخطيب المنبر تجلس الملائكة لتستمع إلى الخطبة وقد أغلقت دفاتر المتفوقين، قبل ساعة كأنما قَرَبَ بدنة، بعد هذه الساعة كأنما قرب بقرة، بعد هذه الساعة كأنما قرب شاة، بعد هذه الساعة كأنما قرب دجاجة، بعد هذه الساعة كأنما قرب بيضة، فإذا صعد الخطيب المنبر أغلقت الصحف والملائكة جلست تستمع الخطبة.  

      الذي يأتي بالركعة الثانية من صلاة الجمعة، الخطبة كلها ما أدركها، أدرك ركعة ثانية من صلاة الجمعة فيظن أنه أدى الصلاة، هذه من مظاهر ضعف الإيمان، بالمناسبة أجمع العلماء على أن الله عز وجل حينما قال: ( يَا أَيُّهَا الَّذين آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الُجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ )   

      ذكر الله الخطبة، هي عبادة تعليمية عظيمة جداً، ذكر الله هو الخطبة، أحياناً يترك ضعيف الإيمان السنن الراتبة، يقول لك فرائض، وأحياناً القرآن الكريم يهجر لا يقرأه كل يوم، وقراءة القرآن عبادة ولو خمس صفحات ولو ربع جزء، ولو سورة واحدة، أحياناً يترك الأذكار والأدعية.  

      أيها الأخوة، يصقل اللسان بذكر الله، هناك إنسان لسانه رطب بذكر الله، يصقل لسانه بذكر الله، يقرأ القرآن لا يشعر بشيء، يقرأ نصف صفحة ثم يغلق المصحف، في حجاب، في ضعف إيمان، في ظاهرة خطيرة أنه ينظر إلى كل أمر بمدى الثواب والعقاب إذا ما في عقاب ما في مشكل، يريد الحد الأدنى، أدنى حد، وإذا وقع في الشبهات وقع في الحرام، هذا في العبادات، أذكار ما في، استغفار ما في، دعاء ما في، تلاوة قرآن ما في، سنن ما في، فرائض فيها وساوس الجمعة نأتي بعد انتهاء الخطبة، الفجر نصليه في وقته أو لا نصليه، حينما تؤدى العبادات أداءً على خلاف ما أداها النبي عليه الصلاة والسلام  فهذا مظهر من مظاهر ضعف الإيمان.  

ثانيا: قلة الورع:  

      الآن هذا في العبادات، في السلوك قلة الورع، لا تدقق:   ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط .  

قلة الورع.  

ثالثا: عدم تحري الحلال والحرام في الأقوال والمعاملات:  

      عدم تحري الحلال والحرام في الأقوال والمعاملات، هناك غيبة، نميمة، بهتان، استهزاء أحياناً.  

رابعا: عدم إتقان العمل:  

      من لوازم ضعف الإيمان عدم إتقان العمل، عدم الوفاء بالوعود، يعد، إنما أهلك الصنعة قول غد وبعد غد.  

يضعف أثر الدين في القلب، يبدأ بالتنازل شيئاً فشيئاً عن الثوابت، كان في ثوابت عنده مقدسة الآن تساهل بها، لا يغضب إذا انتهكت حرمات الله عز وجل، لا يأمر بالمعروف يؤثر السلامة، كل من على دينه الله يعينه، ما تجشم الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر، مع أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علة خيرية هذه الأمة: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.)   

خامسا: عدم شعور الإنسان بأي مسؤولية تجاه هذا الدين:  

      لا يشعر بمسؤولية تجاه هذا الدين، أحياناً رسوم تشوه صورة النبي عليه الصلاة والسلام  ماله علاقة، أحياناً المصحف يدنس في بلد، ما له علاقة، الناس ما فيهم خير، يقول لك هناك هجمة شرسة، أي لا يتحرك، لا يتكلم كلمة، لا يدافع، لا يتألم، لا يدعو، هناك ظاهرة الآن بلاد الناس يموتون من الجوع فقط جوع، حصار، لا دواء، لا ماء، لا كهرباء، لا بترول، هو مرتاح حفلات، سهرات، ومحسوب على المسلمين، منسحب من العمل الصالح، أمام الشاشة تضعف مقاومته يسمح لنفسه أن يرى أشياء       لا ترضي الله، هذا كله من مظاهر ضعف الإيمان، ضعف الإيمان خطير.  

       كل التفوق السابق والتألق للعهود الثلاثة الأولى أسبابها قوة الإيمان: ( يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ (12))   

      وكل مظاهر التخلف والتردي والسقوط في آخر الزمان مظاهر لضعف الإيمان، أي يضعف غض بصره، ما عملنا شيئاً، أين أذهب بعيوني؟ يضعف غض بصره مع أن الله عز وجل: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا (286))   

      حديثه مع النساء لطيف زيادة، يطرح طرفة من أجل أن يضحكها، ناعم جداً، لطيف جداً، وفي بيته لا يوجد أقسى منه، صفات المؤمن لطيف جداً مع زوجته ومع الأجنبيات ولا كلمة غلط لا يوجد كلمة فيها تودد هذا امرأة لا تحل لك:  

      سيدنا موسى، الآنسات خير إن شاء الله لماذا واقفون هنا؟ البديل: ( مَا خَطْبُكُمَا (23))   

      كلمة واحدة قالت له: ( قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا (25))   

      لو قالت له إن أبي يدعوك اليوم، خير إن شاء الله ما المناسبة؟ صار في حوار كلمة كاملة: ( قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا (25))   

      هذه امرأة لا تحل لك، مسموح لك أن تكلمها لكن وفق أعلى درجة من الضوابط،  

سادسا: اللغو في اللقاءات و السهرات:  

      من ضعف الإيمان الجلسات، اللقاءات، السهرات، فيها لغو: ( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3))   

      كلام فارغ موضوعات لا تنتهي، الموضوعات لا تسمو بالنفس، وسهر، وسمر، ولهو، وأحياناً شيء من الغيبة، من النميمة، من المحاكاة، من التقريب، يصبح الموضوع مادياً ما في صفة روحانية إطلاقاً، أسعار البيوت، أسعار المنتوجات، ما ينتظر المسلمون من غلاء الأسعار، موضوعات والله أحياناً يا أخوان بجلسة من جلسات الناس بقدر ما يتكلمون عن المستقبل المظلم لا تستطيع أن تقوم، الله موجود، كل شيء بيده، ولو الناس جميعاً ما أقبلوا عليه لو أقبلت عليه وحدك لك معاملة خاصة، الله موجود: ( وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ).  

      أيها الأخوة الكرام ، أعظم شيء بديننا أنه دين جماعي ودين فردي، إذا الأمة طبقته ثمار يانعة، ما طبقته طبقه وحدك، هناك آية فيها هذا الملمح: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ).  

      إذا الناس شردوا وانغمسوا ولم ينصاعوا وصار في منع تجول مع مسلسل مثلاً، هذا دينهم صار، عليكم أنفسكم:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) .  

      الطابع عقلي مادي مصلحي تنافسي، في هذه المجالس هل هناك بيت لا يوجد  فيه سهرة بالأسبوع؟ لقاء؟ جلسة؟ نزهة؟ اسأل نفسك هذا السؤال الصعب ما الموضوع الذي يطرح؟ موضوعات دنيوية فقط، موضوعات مؤلمة، موضوعات ما فيها أمل، تجد:   مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً .  

      المواقف اللئيمة تعكر المجلس، الإنسان اللئيم قصته تعكر المجلس، الإنسان الظالم سيرته تعكر المجلس، الإنسان الذي يؤثر نفسه على غيره سيرته تعكر المجلس، أما بذكر الصالحين تتعطر المجالس، أنا أنصحكم لا تترك الجلسة كلها نبش بالنقائص، إنسان وقف أمام حاوية ماذا سيجد فيها؟ الطعام الفاسد، بقايا الطعام، وقمامة البيت، لو حاول إنسان أن ينقب لا يوجد شيء كل شيء أسوأ من الثاني، ترى الحديث كله على واقع المسلمين واقع مؤلم، في تخلف، الغني غني والفقير فقير، الغني يتفنن في إنفاق الأموال والفقير محروم من كل شيء، و لا يوجد رحمة. إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاءكم، وأمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأمركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها .  

      في آخر الزمان تنزع الرحمة من قلوب الأمراء، وترفع النخوة من رؤوس الرجال، ما في نخوة زوجته بأبهى زينة تمشي معه في الطريق يفتخر بها ثياب فاضحة، على الشرفة بثياب شفافة مرتاح كأن معه مركبة يزهو بها.  

      أيها الأخوة، لا تعتبوا على الله واقع المسلمين سيئ جداً، يعني الله عز وجل أول كلمة بأول آية بأول سورة اقرأ، الآن ارقص، ستة وثمانون مليون اتصال بسوبر ستار من أجل اختيار إحدى مغنيتين، هذه أمة؟ أراضيها محتلة، عدو غاصب، خمس دول إسلامية محتلة، الناس يتنافسون على جمع المال: ( وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(32))  

      موضوع جمع، حرص شديد على التمتع بمباهج الحياة، في المأكل، في الملبس، في المشرب، في المسكن، في الأثاث. يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ.  

      بكل دولة في ثلاثين حليفاً، ثلاثين في العراق، ثلاثين في أفغانستان، وثلاثين في لبنان، حلفاء:  يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ .  

      الفقير يحلم بالثراء، الغني ينظر إلى من هو أغنى منه، الموظف ينظر إلى الموظف القوي متى أَحْتَل منصبه؟ هناك مزيد من الدنيا والموت نهاية كل حي.  

سابعا: عدم الاهتمام بدين الأولاد:  

      مع ضعف الإيمان هَم الأب ليس دين أولاده، ولا إيمان أولاده، ولا عبادات أولاده، يتعلمون لغة أجنبية، هذا ليس خطأ طبعاً، يمكن صار الهم الوحيد، دينه دين كرة، أحياناً تنشب خلافات بين الزوجين يكون الزوج من أنصار هذا الفريق  والزوجة من أنصار فريق آخر، يتقاتلون، الرياضة الآن دين،   

      مرة كنت في العمرة فركبت مع سائق من مكة إلى جدة والله هو أصله بدوي ينفعل انفعالات من أجل هدف أدخله الفريق الذي لا يحبه، سيخرج من جلده سيعمل حادثاً أدخلوا هدفاً، دين ثاني، الرياضة دين،  

      الرياضة مفيدة جداً لكنها أصبحت الآن دين، يعني مرة ببلد إسلامي اجتمع مجلس الشعب حتى يطلب من وزير الإعلام يؤخر المسلسل إلى ما بعد التراويح، تركوا الناس التراويح من أجل المسلسل، عقدت جلسة من أجل طلب من وزير الإعلام أن يؤخر عرض هذا المسلسل حتى يتاح للمسلمين في رمضان أن يصلوا التراويح، هذا من ضعف الإيمان.  

ثامنا: تضخم الذات:  

      يأتي الأب مساءً الأولاد أكلوا؟ أكلوا، كتبوا الوظائف؟ كتبوا، صحتهم؟ جيدة، الحمد لله، ما يخطر في بال الأب أن صلوا العشاء؟ صلى، قرأ قرآن، صحته، دراسته، علامته، تفوقه فقط، يضعف تعظيم شعائر الله، يقل العفو والتسامح بين الناس، تتوتر العلاقات بين الأصدقاء، يكثر الخصام، الأخطاء تصعد، كل شخص يتهم الآخر بالكفر أحياناً، بالشرك، بالخروج من الدين، الذات تتضخم، تضخم الذات. إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا  (المادية المقيتة)،  وَهَوًى مُتَّبَعًا  (الجنس)،  وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ...  

      كل شخص يقول: محور العالم عندي ليس مقبولاً، من أنت؟ أنت من؟ عندي ما فيها شيء، أنت مشرع؟ يحرم ويحلل برأيه، هذا من علامات ضعف الإيمان.  

      حب الظهور، التصدي للآخر، السعي للإمارة، يقل البذل والعطاء، والإنفاق في سبيل الله، يزداد الحرص والشح، يقل حبّ الجهاد، يزداد الخوف من الأمراض والمحن التي تصيب المسلمين.  

تاسعا: قلة الصفح بين الناس:  

      من علائم ضعف الإيمان يقل الحلم والعفو، يقل الصفح بين الناس، تكثر الفظاظة والغلظة، يقل التراحم، يزداد التقصير في القيام بالحقوق كبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجار، تقول الأخت أخي منذ سنتين ما دخل بيتي، تكون أخته زوجها فقير ساكنة بطرف المدينة يلبي دعوة الأغنياء، تلبية دعوة الأغنياء والأقوياء من الدنيا وتلبية دعوة الفقراء من عمل الآخرة.  

عاشرا: قلة الثقة بما عند الله:  

      قلة الثقة بما عند الله، إذا أخذ دعماً من جهة قوية يرتاح، لا يرتاح لأنه يمشي صح مع الله، يرتاح إذا جهة قوية دعمته، لأنه يعيش الشرك، لا يرى أن الله عز وجل هو الغني، هو القوي، هو المعطي، هو المانع، هو المعز، هو المذل، تعلق بأشخاص، تعلق بأقوياء، وانبطح أمامهم وتضعضع أمامهم، لكن يأبى أن يتذلل أمام ربه في سجوده، يزداد الطمع بما في أيدي الناس،   

      قالوا للحسن البصري: يا إمام بمَ نلت هذا المقام؟ قال:  باستغنائي عن دنيا الناس، وحاجتهم إلى علمي  

      العفة شيء من صفات المؤمن،  ابتغوا الحوائج بعزة الأنفس، فإن الأمور تجري بالمقادير،  

      ما كان للمؤمن أن يذل نفسه، المؤمن عزيز دققوا في هذا الكلام:  احتج إليه تكن أسيره، استغني عنه تكن نظيره، أحسن إليه تكن أميره  

      إن أحسنت إليه فأنت أميره، إن استغنيت عنه فأنت نظيره، إن احتجت إليه فأنت أسيره،   

      خليفة المسلمين في بيت الله الحرام، الدنيا كلها بيده قال له: والله أستحي أن أسأل في بيت الله غير الله، التقاه خارج البيت قال سلني حاجتك؟ قال: والله ما سألتها من يملكها أفأسألها من لا يملكها؟ ألح عليه قال له: نجني من النار وأدخلني الجنة، قال هذه       ليست لي، قال إذاً ليست لي عندك حاجة،   

      هذه العزة، يقولون:  ما أعظم إحسان الأغنياء للفقراء، وما أروع عفة الفقراء،  

      ترى كل فقير والله عنده عزة نفس وعفة، وعنده كبرياء، إيمانية تفوق الأغنياء   

       خذ من الدنيا ما شئت وخذ بقدرها هماً،  

       من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر.  

       من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه،  

      شيء مخيف،   

      سيدنا عمر يمشي في الطريق هناك أطفال رأوه فتفرقوا من هيبته، بقي طفل صغير واقفاً بكبرياء، كبرياء الإيمان ليس التكبر، لفت نظره   

       قال يا غلام لمَ لم تذهب مع من ذهب؟   

      قال أيها الأمير لست ظالماً فأخشى ظلمك، ولست مذنباً فأخشى عقابك والطريق يسعني ويسعك.   

      قال أبو جعفر المنصور: يا أبا حنيفة، لو تغشيتنا،   

       قال: ولمَ أتغشاكم، وليس لي عندكم شيء أخافكم عليه؟ وهل تغشاكم إلا من خافكم على شيء؟ إنك إن أكرمتني فتنتني، وإنك إن أبعدتني أزريتني.  

أحد عشر: ازدياد التسخط و التشكي:  

      يزداد التسخط والتشكي، الله قال: ( ولا تجد أكثرهم شاكرين(17))   

      يقول لك بلد مسموم، لا بيع ولا شراء، يكون رابح اثني عشر مليوناً، كانوا خمسة عشر، خسرنا مليونين السنة، حاسب الخسارة أنه ربح العام الماضي خمسة عشر ربح السنة فقط اثني عشر، خسر ثلاثة، يتشكى يتشكى،   

      حدثني أحد الأخوة له صديق بيته متواضع يتشكى دائماً أقسم بالله مرتين ثلاثة هَمّ أن يقدم له مساعدة لما توفي ترك مئة مليون، أقسم بالله عدة مرات هَمّ أن يقدم له المساعدة تشكي، تشكي، الله قال: ( ولا تجد أكثرهم شاكرين(17))   

مظاهر ضعف الإيمان هي أعراض لمرض واحد هو الإعراض عن الله :  

      أيها الأخوة، هذه بعض مظاهر ضعف الإيمان، احفظوا هذه الحقيقة كل ما تشتكي منه من المسلمين، أعراض لمرض واحد هو الإعراض عن الله، كل ما تشتكي منه من المسلمين خصومات، خلافات، قسوة، فظاظة، أثرة، أنانية، كل ما تشتكي منه أعراض لمرض واحد هو الإعراض عن الله أو أعراض لضعف الإيمان.  

أول خطوة لحل مشكلة ضعف الإيمان أن نحيط بها علماً :  

      أيها الأخوة، والله شيء مؤلم، لكن هذا واقع أول خطوة لحل المشكلة أن تحاط علماً بها، أول خطوة لحل أية مشكلة أن تحاط علماً بها، أول خطوة لحل المشكلة أن تعلم أن هناك مشكلة، أول خطوة لمعالجة ضغط الدم المرتفع أن تقيس ضغطك وتكتشف أنه مرتفع، هذا الطريق الصحيح، الآن لا تفرحوا بالمديح، المديح سهل نحن أمة الإسلام ما شاء الله، نحن أمة آخر الأنبياء، نحن أمة الوحيين، نحن أمة الكتاب والسنة، نحن أمة سيد الأنبياء خير إن شاء الله: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ)  

      حينما لا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر نحن أمة كأية أمة خلقها الله لا نملك ولا ميزة إطلاقاً.  

       كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر؟ قالوا: أوَ كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ قال كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: وأشد منه سيكون .  

      كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟ والله أيها الأخوة، أحياناً المؤمن المستقيم غريب.  

       إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء  

أناس صالحون في قوم سوء كثير.  



المصدر: العقيدة - العقيدة والإعجاز - الدرس (36-36) مقومات التكليف : قضايا الإيمان -3- مظاهر ضعف الإيمان