الاقتتال بين الحق والباطل من سنن الله في خلقه:
البشر على اختلاف مللهم ونحلهم، وانتماءاتهم وأعراقهم، وأنسابهم هم عند الله مؤمن وكافر، ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى*وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾، مؤمن أن لهذا الكون إلهاً عظيماً، ورباً رحيماً، ومسيراً حكيماً، وأن أسماءه حسنى، وصفاته فضلى، وأنه خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض، وأنه جاء بنا إلى الدنيا كي نتعرف إليه، ونستقيم على أمره، ونحسن إلى خلقه كثمن الجنة، والفريق الآخر كفر بالله، وكفر بالجنة، واستغنى عن طاعة الله، وبنى حياته على الأخذ، وأساء إلى خلق الله، هذا التقسيم القرآني تقسيم خالق السماوات والأرض، لذلك كان من الممكن أن يكون أهل الكفر في كوكب آخر، وكان من الممكن أن يكونوا في قارة أخرى، وكان من الممكن أن يكونوا في حقبة أخرى، ولكن شاءت إرادة الله وحكمته أن نكون معاً على سطح الأرض، النتيجة الحتمية إذاً لا بد من أن تكون هناك معركة بين الحق والباطل من آدم إلى يوم القيامة، معركة بين فريقين الآية: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾، هذا قدرنا بمشيئة الله فينا، ولحكمته المطلقة المتعلقة بالخير المطلق، لذلك حينما ترد في القرآن الكريم كتاب رب العالمين منهج الإنسان إلى يوم الدين آيات القتال معنى ذلك أنه من سنن الله في خلقه أن يكون اقتتال بين الحق والباطل، بين الخير والشر، بين الكفر والإيمان.
الجهاد فريضة في الإسلام:
قال تعالى : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. فالمسلم حينما يختار السلم على طريقتهم الذي هو الاستسلام والخضوع، وتنفيذ أدق التفصيلات، إن سكت استباحوه، وإن تكلم قتلوه، يأخذون منا كل شيء دون أن نعطى شيئاً، هذا المفهوم للسلام عندهم بديله خيار الجهاد في سبيل الله، لذلك جاء الآية الثانية: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ مما يقتضي أن القتال كتب علينا، لأنها معركة قديمة ومستمرة بين الحق والباطل، وما لم نفعل ذلك كنا في الأسفلين، تنتهك حرماتنا، تحتل أراضينا، يذل جيلنا، تؤخذ أموالنا، يفرض علينا إرادتهم وثقافتهم وإباحيتهم، من الآيات الأخرى : ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ .
مايحرم فعله في القتال:
لا يجوز أن تقاتل طفلاً، ولا امرأة، ولا شيخاً، ولا غير محارب. ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾ أنت حينما تقاتل امرأة أو طفلاً أو إنساناً غير محارب فأنت من المعتدين، قال تعالى: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ .
بعض أهداف القتال:
- من أهداف القتال أن تحمي المستضعفين النساء، والأطفال والشيوخ قال تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ﴾.
- ومن أهداف القتال أن تكف عنك بأس الكافر الذي لا يرحم، يتفنن في التدمير يقول الله عز وجل فقاتل، يخاطب نبيه الكريم: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً ﴾.
- حتى لا يفرضوا علينا إباحيتهم، حينما يشيع الفساد في أمة، حينما تفسد أخلاق الشباب والشابات، حينما يكون همّ الإنسان إمتاعه بشهوة محرمة تنتهي الأمة. قال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾. ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً﴾ الطغيان والعدوان، والإذلال والإفقار، والإضلال والإفساد والإبادة .
وليس القتال هدفاً في ذاته إطلاقاً، إنما هو وسيلة لذلك، قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ .