لماذا تناقض الواقع مع وعود الله عز وجل ؟
ألم يقل الله عز وجل: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾
بربكم و الحقيقة المُرّة أفضل ألف مَرّة من الوهم المريح، هل نحن كمسلمين في العالم مستخلفون؟ لا والله: ﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ﴾ هل هذا الدين الإسلامي مُمكن في الأرض أم شنت عليه حرب عالمية ثالثة؟ ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾
هل المسلمون آمنون أم خمسة دول إسلامية محتلة؟ الواقع يتناقض مع وعود الله، أين الخطأ؟ أي بشكل أو بآخر إنسان يركب مركبته، لأمر مهم توقف المحرك، أيهما أفضل أن يندب حظه وأن يتهم نفسه أنه سيئ الحظ أم أن يصرخ أم أن يفتح غطاء المحرك ليرى أين الخلل؟ أيهما أفضل؟
الموقف العلمي، الموقف الحضاري، الموقف الرائع لا أن نندب حظنا، لا أن نقول: انتهينا، العالم كله يحاربنا، الإسلام مرفوض في العالم كله، أمرنا ليس بيدنا، كمسلمين علينا أن نبحث عن الخطأ أين هو ونزيله، القوانين ثابتة، هناك خطأ ابحث عنه، أزله، يكون الأمر كما تتمنى: ﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمسلمين :
أقول دائماً: زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده لك: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
لذلك أيها الأخوة، نحن في أمس الحاجة إلى وحي السماء.
(( يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، ... فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ)) السؤال من وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ابحث أين الخطأ؟ أين المعصية؟ ابحث عن سبب هذه المشكلة، قال تعالى: ﴿ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾
الضوء للعين كالوحي للعقل :
أيها الأخوة، أرأيتم إلى هذه العين، ما قيمتها من دون ضوء يتوسط بين العين وبين المرئي؟ لو وضعت في غرفة إنساناً بصيراً وآخر كفيفاً وأطفأت الضوء، يستويان، فالعين تحتاج إلى ضوء، يقاس على ذلك والعقل يحتاج إلى وحي، الضوء للعين كالوحي للعقل، من دون وحي: ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ ﴾
استخدم عقله من دون وحي السماء، كالذي يستخدم عينه في الظلام لا تقدم له شيئاً.
اليوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى، ولا يستطيع أن يغير، مليون قتيل في بلد مجاور لنا شرقاً، مليون معاق، خمسة ملايين شريد، كل شيء دمر وسرق، هذا الفوضى الخلاقة، تخلق ماذا؟ نحن في عصر دجل، لذلك ورد في بعض الأحاديث أنه: في آخر الزمان سيأتي الأعور الدجال من بعض فهم الناس لهذا الحديث أعور يرى بعين واحدة، يرى مصلحته ولا يرى مصالح الآخرين، يرى كرامته ولا يرى كرامة الآخرين، مثل أسوقه كثيراً، جاءنا رئيس أمريكي برنامج زيارته مذهل الشرق الأوسط تل أبيب رام الله دمشق، رابع بند زيارة أسرة الأسير الإسرائيلي، أحد عشر ألفاً وثمانمئة أسير ما خطر في باله أن يزور أسرة واحدة.
أيها الأخوة، نحن في موضوع الخلل، غيبة الوعي خلل، فقدان الهوية الإسلامية خلل، اختفاء الطريق إلى الله خلل، فقد الوسيلة خلل، هذا بعض حجم المشكلة، فقد الهوية، غيبة الوعي، اختفاء الطريق، ضبابية الهدف، فقد الوسيلة، هذا هو الخلل الذي نعانيه في المسلمين، لا أقصد دولة واحدة أتحدث عن مجموع المسلمين في العالم الإسلامي.
المسلمون أمة الوسطية فإن مالوا يمنة أو يسرة فقدوا خيريتهم :
يجب أن أذكركم بآية، حينما قالت اليهود والنصارى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾
الله عز وجل لم يقبل دعواهم، فردّ الله عليهم؟ ﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
ولو قال المسلمون هذا الكلام نحن أمة محمد، نحن أمة سيد الخلق وحبيب الحق، نحن أمة الوحيين، الرد الإلهي جاهز، قل: فلمَ أعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق، أنا لست من أنصار الكلام المريح الذي يدغدغ الأسماع، أنا من أنصار الحقيقة المرة التي تهز العقول، تهز القلوب، ما لم ننطلق من الوهم المريح إلى الحقيقة المرة فلن نتقدم إطلاقاً، علة الخيرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كم إنسان تأتيه ابنة أخيه بأبهى زينة، بثياب فاضحة، بثياب تبرز كل محاسنها، يستقبلها، ويرحب بها، ويسألها عن أبيها، ويبارك لها شبابها، و يسألها عن دراستها، ولا يخطر في باله أن يلفت نظرها إلى هذه الثياب التي لا تليق بالمسلمة، حينما ألغي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقدنا خيريتنا: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
أيها الأخوة الكرام، وإذا قلنا نحن خير أمة، الجواب: ﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
نحن أمة الوسطية، الكمال في الوسط، الاعتدال في الوسط، الحق في الوسط، الفضيلة في الوسط، التوازن في الوسط، الوسط قوة، فإذا ملنا يمنة أو يسرة، شرقاً أو غرباً، شمالاً أو جنوباً، لا نكون وسطيين، نكون متطرفين، وعندئذ نفقد خيريتنا.