قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾
نحن ماذا فعلنا؟ جعلنا أنفسنا طوائف، وجماعات، وأشعريين، وماترديين، ومتفوقين، وما إلى ذلك من تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان، مع أن الله عز وجل يقول:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
دقق: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
صدق أنه مخلوق للجنة، اتقى أن يعصي الله، بنى حياته على العطاء، الرد الإلهي: ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾
كذب بالجنة، وآمن بالدنيا، بنى حياته على الأخذ، أساء لخلق الله عز وجل، الله عز وجل يقول: ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾ .
بعض نقاط الضعف في حياتنا :
أيها الأخوة، أنا أذكر بعض نقاط الضعف في حياتنا، عدم الوسطية، التطرف، عدم الوحدة، التشرذم، عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التسيب، هذه نقاط الضعف في حياتنا، ضعف آخر لا قيمة للوقت عندنا، هل تصدقون بدراسة علمية دقيقة في جامعات الغرب أن المواطن في بلاد المسلمين يعمل سبع عشرة دقيقة فقط، بينما المواطن في الدول القوية يعمل ثماني ساعات، سبع عشرة دقيقة لن تغلب ثماني ساعات، عمل غير مجدي، داوم و لم أنجز، هذه مشكلة كبيرة جداً: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾
لا يوجد إنجاز، هناك استعلاء، وتوزيع تهم، وتصنيف، وفوقية، واصطفائية، لكن لا يوجد إنجاز، الأمم الأخرى لها إنجازات مذهلة، بعد هذه الإنجازات فرضت علينا ثقافتها، فرضت علينا إباحيتها، هذه الصحون حرب من نوع آخر، حرب لتدمير ديننا، وأنا أقول دائماً: كلما اتسعت الصحون على السطوح ضاقت صحون المائدة، وكلما رخص لحم النساء غلى لحم الضأن، وكلما قلّ ماء الحياء قلّ ماء السماء، قال تعالى: ﴿اقْرَأْ ﴾
لذلك وصفنا عند الأمم الأخرى أننا أمة اقرأ، ويقول أحدهم معلقاً: لكننا اليوم أمة ارقص لا اقرأ. زرت بلداً إسلامياً في إفريقيا، ذكروا لي أن شاشتهم رقص وغناء لمدة أربع وعشرين ساعة، شيء غريب من أجل اختيار مغنيتين كان هناك ست وثمانون مليون اتصال، ما الذي يهم الشعب؟ الغناء، حتى بعد سقوط بغداد من دولة إسلامية صدر أربعاً وستين مليون اتصال، هذه أمة لا تنتصر، لا تنتصر إلا إذا عادت إلى دينها، وإلى مبادئها، وإلى قيمها، لذلك المشكلة كما قال بعضهم: كانوا يجبروننا بالقوة المسلحة على أن نفعل ما يريدون، لكنهم الآن يجبروننا بالقوة الناعمة المرأة على أن نريد ما يريدون.
والله هناك محطات فضائية إباحية قدمت خصيصاً مجاناً لشمال إفريقيا، هذا بعلمي الدقيق من أجل إفساد دينهم، نحن أمام حروب من أنواع متنوعة، هناك حرب ثقافية، وحرب عسكرية، و حرب إعلامية.
من نقاط ضعفنا أيضاً أننا ابتدعنا في الدين ولم نبدع في الدنيا :
من نقاط ضعفنا: ابتدعنا في الدين ولم نبدع في الدنيا والأصل العكس، الأصل هذا الدين توقيفي لا يزاد عليه، ولا يحذف منه، لأنه من عند الله عز وجل، إله عظيم لا يعدل على منهجه، لا يضاف ولا يحذف، فالدين اتباع أما الدنيا فابتداع، ينبغي أن نبتدع حلاً لمشكلاتنا، لمشكلة الشباب، حلاً لمشكلة السكن، لمشكلة التصنيع، نحن قلدنا في دنيانا وابتدعنا في ديننا، والأصل العكس أن نقلد في الدين وأن نبتدع في الدنيا، الله عز وجل حينما قال: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
الامتحان لا من أجل تمييز الناجح عن الراسب بل من أجل ترتيب الناجحين فقط، الأصل أن تنجح: ﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾
علمك بالكون، علمك بالأنبياء، بوحي السماء، بالدعاة، بالحوادث، علمك بأشياء لا تعد ولا تحصى، فلمَ لا تتقي الله؟
من نقاط ضعفنا فهمنا الخاطئ للقضاء والقدر:
أيها الأخوة الكرام، حديث أعلق عليه أهمية كبيرة:
((النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ))
طالب لم يدرس أبداً فلم ينجح، يقول: هكذا ترتيب الله، هذا قضاء وقدر، ما بيدي حيلة، كله كذب، متى تقول حسبي الله ونعم الوكيل؟ إذا بذلت أقصى ما تستطيع من الجهد وقبل الامتحان بيوم جاء مرض عضال منعك من تأدية الامتحان، الآن تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، أما قبل أن تدرس، قبل أن تأخذ بالأسباب، هذا كلام يعد كذباً ودجلاً، عود نفسك أن تكون علمياً، إن كان هناك تقصير، هكذا ترتيب الله، ترتيبه أن يصيب ابنك بمرض شديد، لا ليس هذا ترتيبه، هذا تقصيرك، دائماً لا تستخدم القضاء والقدر لتبرير أخطائك، والدليل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ ﴾
حديث الإفك خير، هذا معنى التوحيد، هذا الذي تولى كبر هذا الحديث معفى من المحاسبة؟ ﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
لا يمكن أن تستخدم القضاء والقدر لتبرير أخطائك، لا يمكن أن تستخدم القضاء والقدر لتغطية العيوب، هذه عيوب، افهم القضاء والقدر فهماً صحيحاً كما أراد النبي عليه الصلاة والسلام.
على المسلمين أن يقفوا في خندق واحد حفاظاً على سلامتهم و وجودهم:
أيها الأخوة الكرام: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ﴾
الغرب وضعنا جميعاً في سلة واحدة، حفاظاً على سلامتنا ووجودنا يجب أن نقف جميعاً في خندق واحد، أنا أرى أن معالجة أية قضية خلافية يعد الآن في حق الأمة جريمة، نريد كلاماً يجمعنا، نريد أن نبحث عن القواسم المشتركة، عن التوافقات لا عن الخلافيات:
(( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ))