النفاق من البنود التي تنقض الإيمان وتنقض الإسلام، وخطورته أنه خفي عن معظم الناس. النفاق نوعان: نفاق كفر ونفاق ضعف، نفاق الكفر هؤلاء في الدرك الأسفل من النار، هؤلاء كفار، النفاق الاعتقادي، الله عز وجل يقول: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾ هذا النفاق الاعتقادي، يعتقد أن هذا الدين خرافة، المنافق يعد النبي ذكياً عبقرياً، لا يعده رسولاً معه وحي من السماء، يظهر للمسلمين إيمانه وهو في الحقيقة كافر مكذب، مصلحته أن يرضي المسلمين، إذاً يظهر ما يرضيهم، ويخفي كفره وجحوده. الآن النفاق في العقيدة كفر، غير أن صاحبه لا يعامل معاملة الكافرينلعدم إظهار كفره، قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً﴾ ، لذلك يقولون: نحن لا نخشى على الدين من أعدائه، بل نخشى على الدين من أدعيائه. ولكن النفاق الآخر نفاق الضعف يضعف أمام شهواته، هو بين شهوات تغلبه وبين شبهات تحيره، هذا النفاق سماه بعض العلماء النفاق العملي. لا يعد المنافق النفاق العملي كافراً، بل يعد عاصياً. صفاتهم:
- الكذب: إن الله إذا ذكر النفاق في القرآن ذكر معه الكذب، قال تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ أولى صفات المنافق الكذب، وأولى صفات المؤمن الصدق، المؤمن لا يكذب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ )) هناك أناس يمزحون فيكذبون ليضحكوا الناس يقول عليه الصلاة والسلام: ((ويْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ الْقَوْمَ ثُمَّ يَكْذِبُ لِيُضْحِكَهُمْ وَيْلٌ لَهُ وَوَيْلٌ لَهُ)).
- الغدر: يقول عليه الصلاة والسلام: ((وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ)) من أعطى عهداً لرجل أو لامرأة أو لولد أو لصديق ثم خانه أو غدره بلا سبب شرعي فهذه علامة وركن من أركان النفاق، المؤمن لا يغدر.
- الفجور في الخصومات: لقوله عليه الصلاة والسلام: ((وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)) قال أهل العلم: من خاصم ثم فجر في خصومته فقد أشهد الله على ما في قلبه أنه فاجر منافق.
- الإخلاف في الوعد: يُذكر في السير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وعد رجلاً أن يلاقيه، فأتى عليه الصلاة والسلام للموعد فأخلف ذلك الرجل، فبقي عليه الصلاة والسلام في المكان ثلاثة أيام بلياليها، ثم تذكر الرجل فجاء فقال له: يا أخي لقد شققت علي أنا هنا منذ ثلاث.
- الكسل في العبادة: قال تعالى: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى﴾ سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها ((متى كان صلى الله عليه وسلم يستيقظ لصلاة الليل - أي لقيام الليل - قالت: كان صلى الله عليه وسلم يثب وثباً)) وما قالت يقوم قياماً إنما يثب وثباً، وهذا يدل وعلى الحيوية والنشاط وحرارة الإيمان وعلى قوة الإرادة.
- المراءاة: يقول الله عز وجل: ﴿يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ يرائي الناس، يريد أن يروا الناس عمله، يريد أن ينتزع إعجابهم، له خلوة وله جلوة، له سريرة وله علانية، له ظاهر وله باطن، له شيء يعلنه وشيء لا يعلنه. ويقول عليه الصلاة والسلام: ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال الرياء)).
- يذكر الله ذكراً قليلاً: يقول الله عز وجل: ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ، من علامات الإيمان كثرة ذكر الله عز وجل، لذلك قالوا: ((من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق)).
- الصلاة بلا خشوع: قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾.
- لمز المطوعين من المؤمنين والصالحين: يلمز، ينتقد، يبخس، يسيء الفهم، يتهم اتهاماً باطلاً بلا دليل، يشوه الصورة، لا يقبل عملاً صالحاً إلا أن يفسده، لا تدرون ما نيته، لا يقبل دعوة خالصة إلا أن يفسدها.
- الاستهزاء بالقرآن والسنة: قال تعالى: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾.
- كثرة الحلف: قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ إذا سألته حلف، أسهل شيء عليه أن يحلف باليمين وهو كاذب، ولاسيما في البيع والشراء، اليمين الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للبركة.
- التخذيل: دائماً يضعك في اليأس، دائماً يضعف الهمة، دائماً يثبط، متشائم.
- الإرجاف: يقول الله عز وجل: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ﴾ الإرجاف المبالغة، يبالغ في نقاط الضعف حتى يثبط العزائم، بين الإرجاف والتخذيل، علاقة الإرجاف المبالغة بقوة العدو، المبالغة باليأس منه، المبالغة في إضعاف قوته.
- الاعتراض على القدر: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾ أي حينما تعمل عملاً صالحاً ويمتحنك الله بهذا العمل فيبتليك بشيء، المنافق الذي لا يعمل يراها نعمة، يرى أن الله سبحانه وتعالى أنعم عليه إذ صرف عنه هذا البلاء، ﴿قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا﴾.
- الوقوع في أعراض المسلمين: فالمنافقون كما وصفهم الله عز وجل، ﴿سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ المنافق همه أن ينقب في أخطاءِ الصالحين، همه أن يطعن في إخلاص المخلصين.
- التخلف عن صلاة الجماعة: قال عليه الصلاة والسلام: ((وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق)) فإذا كان الرجل صحيحاً قوياً فارغاً ليس له عذر شرعي فسمع النداء ولم يأتِ المسجد فاشهد عليه بالنفاق.
- الإفساد في الأرض: يسعى بالوشاية، يكون كهشيم النار يحرق البيوت، ويدمر المجتمعات، ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. ومن أدق تعريفات الفساد: إخراج الشيء عن طبيعته.
- مخالفة الظاهر للباطن: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ دخلوا بشهادتهم الصادقة في ظاهرها الكاذبة في حقيقتها النار.
- الخوف الشديد من الحوادث: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ المنافقون دائماً خائفون، إن ارتفعت الأسعار قليلاً اضطربوا، طمأنينتهم بدنياهم، فإذا اضطربت دنياهم اختل توازنهم، عقولهم بحاجاتهم، بمظهرهم، بأسعارهم.
- الاعتذار كذباً: يعتذر وهو كاذب، قيل لرجل: اخرج جاهد معنا، قال: يا رسول أنا رجل أخاف من الفتنة، أخاف على سمعي وعلى بصري، أخاف أن أقع في معصية في هذا البلاد، نساؤهم جميلات، أنا أخاف أن أفتن يا رسول الله، ما هذا التقى؟ ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾.
- الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف: قال تعالى فيهم: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾، قال عليه الصلاة والسلام: ((كيف بكم إن لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ قالوا: يا رسول الله أو كائن ذلك؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: أشد منه سيكون، قال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟))
- قبض الأيدي شحاً: ينفقون أموالهم جزافاً، إن أنفَقوا أنفَقُوا إسرافاً وتبذيراً، وإن مَنعوا منعوا بخلاً وتقتيراً، في مكان يشاد للمنافق ينفق المئات بل الألوف وهو مغتبط في هذا الإنفاق، لأن الناس أعجبوا به، أما فيما بينه وبين أحد أقربائه لو استنجد به بألف ليرة فلا يدفعها له، يتعذر بأعذار واهية ومضحكة. ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾.
- نسيان الله عز وجل: يذكر كل شيء، خبير بكل شيء، يتفهم أعماق كل شيء، إلا قضايا الدين، لا يفقه منها شيئاً، ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ لا يعرف في الدين الأشياء التي علمت بالضرورة، ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ .
- التكذيب بوعد الله ورسوله: ماذا قالوا في الخندق؟ ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته. يستخف بوعد الله، لا يصدق وعد الله، لا يعبأ بأن الله وعد المؤمنين بالنصر.
- الاهتمام بالظاهر وإهمال الباطن: يعتني بظاهره أشد العناية، ويهمل باطنه أشد الإهمال، ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾ .
- التفاصح والتشدق والتفيهق: وقد ذم عليه الصلاة والسلام من تشدق في كلامه، ((... والبذاء والبيان شعبتان من النفاق)) كن فصيحاً، تكلم كلاماً مضبوطاً، استخدم العبارات المألوفة الواضحة.
- عدم الفقه في الدين: يقول عليه الصلاة والسلام: ((من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)) والمعنى المخالف والذي لا يراد به الخير لا يفقه في الدين أبداً لا يفقه في الدين شيئاً. ﴿وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ﴾ .
- الاستخفاء من الناس: ﴿َسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾ إذا خلا بمحارم الله انتهكها. الحقيقة المنافق الله عنده أهون الناظرين إليه.
- المنافق يفرح بمصيبة المؤمنين ولو عزاهم: العبرة ليست بما تقول، العبرة بما تشعر. ﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ﴾ المؤمن أخو المؤمن، يفرح لخير أصابه.
- يعادون المؤمنين بإيمانهم، ويوالون الكافرين بكفرهم: قال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾. أنت حينما تبذل مودتك للكافر فأنت منافق.