من لوازم التوحيد الصحيح: أن تحب الله، من لوازم معرفة الله أن تحبه، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعرفه ثم لا تحبه، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تؤثر غيره عليه، وأن تؤثر الدنيا على الآخرة. المحبة عنوان طريقة المؤمنين، والمحبة دليل صدق المؤمنين، والمحبة تؤكد أن هذا الإنسان من أهل الطريق إلى الله عز وجل. المحبة أصل كل شيء، خالق كل شيء, رب كل شيء، مصدر كل شيء، كل جمال المخلوقات مسحة من جمال الله . أحياناً تجد طفلاً, تقول: سبحان الله على هذه القسمات التي منحه الله إياها, أجمل وجه في الأرض مسحة من جمال الله، أجمل جبل أخضر، أجمل ساحل بحر، أجمل نسيم عليل، أجمل فاكهة طيبة، هذه لذائذ الدنيا هي مسحة من جمال الله, فالمؤمن وصل إلى أصل الجمال، وغيره وصل إلى فروع الجمال, فروع الجمال فانية, أما أصل الجمال باق. في الدنيا جنة, من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، إنها جنة القرب, والدليل: ﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾. و إن كنت صادقاً في محبته, تحب أمره ونهيه، ومن لوازم محبة الله عز وجل: أن تحب أنبياءه وأن تحب كتبه. ((كُنَّا مَعَ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ, فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ, إِذْ نَادَاهُ أَعْرَابِيٌّ بِصَوْتٍ جَهْوَرِيٍّ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنحو مِنْ صَوْتِهِ: هَاؤُمُ, فَقُلْنَا لَهُ: وَيْحَكَ، اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ, فَإِنَّكَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ نُهِيتَ عَنْ هَذَا, فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَغْضُضُ, قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: الْمَرْءُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ, قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) هذه بشارة لمن يحب، وليس في مستوى من يحب، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم، كن عالماً, أو متعلماً, أو مستمعاً, أو محباً. ومن لوازم محبة الله عز وجل: أن تحب أولياء الله والصالحين من عباده، تجد أحياناً إنساناً يكره المؤمنين ويغتاظ منهم، ويحب المنافقين والمنحرفين لأنه منهم: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ استنبط بعض العلماء: أن الذي يكره أصحاب رسول الله ليس مؤمناً، ليس مؤمناً قطعاً، علامة إيمانك: أنك تحب الله, ورسوله, وأنبياءه, والصحابة الكرام جميعاً، والمؤمنين في كل زمان ومكان. ومن لوازم محبة الله عز وجل: أن تحب لقاءه, وأن تسعى إلى جنته, والنظر إلى وجهه ورضوانه، يوجد عندنا الجنة، فوق الجنة النظر إلى وجه الله الكريم. ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾. هذه المحبة.
المحبة أساسها المعرفة، تعرفه فتحبه، هذا شيء طبيعي، ومن أعجب العجب: أن تعرفه ثم لا تحبه، من أعجب العجب: أن تحبه ثم لا تطيعه، من أعجب العجب: أن تحبه وأن تطيعه ثم لا تؤثره على غيره.
محبتك لله عز وجل, ولرسوله, ولأنبيائه, ولكتبه، ولأوليائه، وللمؤمنين؛ تنقلك إلى همة في طلب العلم، وهمة في طلب المعالي, وإلى همة في الجهاد في سبيل الله, والجهاد أنواع منوعة، يوجد جهاد النفس والهوى، وهو أهم أنواع الجهاد، لأن المنهزم أمام نفسه لا يمكن أن يواجه نملة، ويوجد الجهاد الدعوي، ويوجد الجهاد البنائي، أن تطور عملك ليكون في خدمة المسلمين، وليكون قوة في أيدي المسلمين. فالمحبة ثمرة المعرفة، والهمة ثمرة المحبة.