بحث

آفة نشر الإشاعات

آفة نشر الإشاعات

بسم الله الرحمن الرحيم

الإشاعات من عوامل إضعاف النفس :  

      الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ 

      هذه الآية تشير إلى الإشاعات التي تضعف النفوس، دائماً مع وجود المنافقين، مع وجود الخائفين، مع وجود من لا يملك حكمة، خبر ليس له أساس من الصحة، يروج سريعاً، فإذا هو يسري كما تسري النار في الهشيم، هذا الخبر قد يضعف النفوس. 

البعد عن ترويج الأخبار غير الصحيحة :  

      من صفات المؤمن: أنه قبل أن يذيع خبراً، قبل أن ينشر خبراً، يتأكد منه أولاً، وإذا تأكد منه أولاً: لا يجتهد، وينشره مباشرة، بل يعيده إلى أولي الأمر: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ﴾ 

      وفي غيبة الرسول: ﴿وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾ 

      وأولو الأمر هم العلماء والأمراء، فالعالم الله عز وجل نوّر بصيرته، ومعه أدلة قوية على التصرف الصحيح: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً﴾ 

      معنى ذلك: أن الإنسان لا ينبغي أن يذيع كل ما سمعه. 

      عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)) 

      لا بد من ضبط، وأحياناً الإنسان يتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً, يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً. 

      و: قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة. 

      هكذا ورد في الأثر، إذاً: ترويج الأخبار غير الدقيقة، ودائماً أعداء الدين يعتمدون على ترويج الأخبار غير الصحيحة عن المؤمنين.  

من النفاق حب أن تشيع الفاحشة :  

      يوجد آية واحدة خطيرة جداً، يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ﴾ 

      هو ما فعل شيئاً، لكنه أحب أن تشيع الفاحشة، أي خبر سيء راج بين المؤمنين، ويوجد ضعضعة بثقة الناس بالدين ارتاح، راحته بانتشار هذا الخبر: يقتضي أن يعاقب أشد العقاب، لأنه عندئذ لا ينتمي إلى المؤمنين، هو في خندق المنافقين. 

      هذه علامة دقيقة جداً: أنك إذا ارتاحت نفسك لمصيبة نزلت بمؤمن, فهذه الراحة اجعلها دليلاً يقينياً على أنك لست في خندق المؤمنين، إنك في خندق المنافقين. 

      فهذا الموضوع -أيها الأخوة-: قبل أن تنشر خبراً، قبل أن تروج خبراً، قبل أن تشمت، قبل أن ترتاح نفسك لمصيبة نزلت بمؤمن، هل في الأرض كلها امرأة ترتاح لفضيحة ابنتها؟ مستحيل، إلا في حالة واحدة: ألا تكون ابنتها، إذاً: هي ليست أمها، والإنسان حينما يفرح لمصيبة نزلت بالمؤمنين, يضع نفسه قطعاً في خندق المنافقين، وهذه الآية لها دلالة طيبة جداً, على أن الإنسان لا يتسرع, فينقل خبراً لم يتأكد من صحته.  



المصدر: أحاديث رمضان 1425 هـ - ومضات ولقطات إيمانية - الدرس (08-64) : تأكيد الذات