أيها الأخوة الكرام، سأطمئنكم أن هذه الصور التي نشرت في الدانمرك سوف تكون سبباً لإيمان الألوف المؤلفة برسول الله صلى الله عليه وسلم. كتاب صدر عنوانه " آيات شيطانية " اتهم بيوتات النبي بأنها بيوتات دعارة، وقد أسلم بسبب هذا الكتاب عشرون ألف مسلم في بريطانيا وحدها، وسأطمئنكم أن هذه الصور التي نشرت في الدانمرك سوف تكون سبباً لإيمان الألوف المؤلفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
بدأت القصة منذ فترة قصيرة، منذ ثلاثة أشهر، نشرت جريدة دانمركية ذائعة الصيت، وذات مصداقية كبيرة لدى الشعب الدانمركي، مسابقة لرسم أحسن كاريكاتير للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أرسل القراء أكثر من مئة صورة، وتمّ نشر حوالي اثنتا عشرة صورة تصور رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبس عمامة مليئة بالقنابل، والصواريخ، وتصوره وهو يصلي في أوضاع مهينة للغاية، ولقد تمّ نشر هذه الصور علناً، وعلى مدار عدة أسابيع، وبمعرفة وموافقة بل تأييد من الحكومة، وتفاعل الرأي العام معها، ولقد حاولت الجالية الإسلامية هناك الدفاع عن الإسلام ومقدساته، وذلك بوقف نشر هذه الصور، الأمر الذي دعا رئيس تحرير الجريدة إلى مجرد رفض مقابلتهم، وتضامنت كل الهيئات الحكومية مع الجريدة، ورفضت كل محاولات الجالية الإسلامية، المحاولات مضى عليها ثلاثة أشهر، متى انفجر العالم الإسلامي؟ بعد اليأس، كنا أصحاب نفس طويل، وأصحاب عقلانية رائعة.
تمت مقاطعة المنتجات الدنماركية هذه المقاطعة كانت درساً بليغاً للعالم الغربي، الأرقام التي ذكرت من جراء المقاطعة الإسلامية العفوية الشعبية من القاعدة الدنيا تزيد عن المليارات بهذه الأسابيع. الإسلام لم يمت، في المسلمين حيوية، في المسلمين بقية إيمان، في المسلمين بقية غيرة. مع أن حرباً عالمية ثالثة معلنة على هذا الدين في شتى بقاع الأرض، الدين الإسلامي هو الدين الأول الذي ينمو نماءً لا يحتمله أعداؤه، مشكلة العالم الغربي في المسلمين من أصحاب الجنسيات الغربية، فرنسي من أب وأم وهو مسلم. كيد الشيطان يكشف لك عن كنوزك أنت المخبوءة في أعماق نفسك، أيها الأخوة الكرام، كيد الشيطان أحياناً يثير فيك المشاعر الكامنة، المشاعر المنسية، المشاعر المجمدة تماماً، كما لو كان ابن عاق لوالديه، سمع سباباً لوالديه، لم يحتمله، فأثار هذا السباب في نفسه شعور البلوى والولاء للأب، وهذا الذي حصل، ربّ ضارة نافعة، قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
مشكلتنا مع الطرف الآخر أنهم يكيلون بألف مكيال ومكيال، فتاة ترتدي ثياب السحاقيات في نيويورك يمنعها مدير المدرسة من دخول المدرسة، يقيم والدها دعوى على إدارة المدرسة، يحكم لها القاضي بمبلغ فلكي، وفتاة مسلمة تضع على رأسها قطعة قماش تنفيذاً لتعاليم دين يدين به ثلث سكان الأرض، يدعو إلى الحشمة والعفة، تقوم الدنيا ولا تقعد. التناقضات التي نعيشها والله الذي لا إله إلا هو ـ واسمعوا مني هذه الكلمة ـ ما من جهة على وجه الأرض عبر القرون خدمت هذا الدين كأعداء الدين، دون أن يريدوا، ودون أن يشعروا، يقدمون التناقضات، كلامهم غير منطقي، كلام مبالغ به، اتهامات باطلة.
أيها الأخوة الكرام، أليس العالم كله يخضع لقانون معاداة السامية؟ أنا أعلم علم اليقين أن أحداً في أوربا وفي أمريكا لا يستطيع أن يقول كلمة ضد السامية، يحاكم، ويعاقب، ويسجن، أليس هناك قانون في تركيا يمنع الحديث عن رجل كان في بدء النهضة زعيماً لها ولا يستطيع أحد لألف عام قادمة أن ينال منه؟ لماذا سيد الخلق وحبيب الحق تشوه صورته ولا أحد يتكلم؟ لو أن صحيفة دنمركية شوهت سمعة مواطن دنمركي من حقه أن يقيم دعوى عليها، وأن يكلفها مبالغاً فلكية صوناً لكرامته، أما حينما يعتدى على نبي عظيم يشهد له أعداؤه قبل أصدقائه، نبي كل دعوته سمحاء، دعوة إلى الإحسان والرحمة، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، قال: ليس في القانون الدنمركي ما يسمح بإقامة دعوى على الصحيفة.
والله لو عرفوا حقيقة النبي عليه الصلاة والسلام لذابت نفوسهم ألماً من هذه الصور.
أيها الأخوة الكرام، هناك اقتراح لو أن الله عز وجل جعل هؤلاء الشاردين عنه، الكافرين به، في حقب بعيدة عن حقبنا، هم عاشوا في القرون الأولى ونحن بعد مئة قرن، لم يكن هناك صدام، ولا معركة، ولا شيء من هذا القبيل، لو أن الله عز وجل خلق هؤلاء الشاردين في قارة، ونحن في قارة، لو أن الله خلق كوكبين، كوكب الأرض وكوكب آخر، الكفار في الآخر لا يوجد مشكلة، قرار الله عز وجل، وإرادته، ومشيئته، وحكمته، تقتضي أن يكون هؤلاء مع هؤلاء في عالم واحد، وفي عصر واحد، وفي مصالح متشابكة، وفي قضايا مشتركة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ لعل هؤلاء الشاردين يهتدوا إلى الدين القويم، إذاً هناك حكمة بالغة من أن معركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية، هذا قرار الله عز وجل.