أولا: الجهاد التعليمي
أيها الإخوة ، الحياة فيها ظروف متنوعة ، فقد يكون الظرف لا يسمح ، ولو أردت بجهاد قتالي ، لكن الله سبحانه وتعالى وضعك أمام أنواع كثيرة من الجهاد ، لا تقلّ أهميةً عن الجهاد القتالي أبداً ، بالعكس لقد وصفت في القرآن الكريم بأنها الجهاد الكبير ، قال تعالى : ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
الجهاد في الأساس من أجل ماذا ؟ من أجل نشر هذا الدين ، فإذا أتيح لك أن تنشره فأنت في الجهاد الكبير ، قال تعالى : ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
لذلك أن تتعلم الحقيقة والحق ، أن تتعلم القرآن الكريم ، وأن تعلمه ، أن تدعو إلى الله أن تصلح الناس ، أن تصلح إذا فسد الناس، هذا جهاد كبير بنص القرآن الكريم ، قال تعالى : ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
وهذا الجهاد متاح لكل مسلم ، ولا تساءل عليه إطلاقاً ، إذا قدمت نصيحة إلى من يلوذ بك من يحاسبك ؟ إذا بينت للناس عظمة هذا الدين ، ودقة هذا المنهج ، وكمال هذا النبي ، وأن هذا الدين طريقنا إلى الجنة ، وأن هذا الدين طريقنا إلى القوة ، وهو طريقنا إلى العزة ، وطريقنا إلى الحرية ، أنت حينما تكون مع الله تكون قوياً ، بدل من أن تخضع ، ومن أن تنبطح ، وأن تستسلم تملي شروطك على الطرف الآخر ، وليس بعيداً عنكم أن ثلة قليلة قلبت موازين المنطقة بشكل عجيب ، فحينما تستسلم لمعادلاتهم ، وتقبل إملاءاتهم فأنت لا تعرف الله ، واللهُ موجود ، قال تعالى :﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾
الإيمان الدقيق أن ترى أن الله موجود ، والأمر بيده ، والمعادلات بيده ، وموازين القوى بيده ، وفي أية لحظة يقوي أولئك ، ويضعف أولئك .
بالتعبير الذي أقدمه للتوضيح : الله عنده خيارات لا تعد ولا تحصى ، قد تكون ضعيفاً ، ولك عدو جبار ، يكفي أن يلقي في قلبه الرعب ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام : (( نصرت بالرعب مسيرة شهر )) .
بعضهم علّق وقال : " وأمته من بعده حينما تركت سنته هزمت بالرعب مسيرة عام " .
إنّ أيّ إملاء يملى على المسلمين انبطاح استسلام خوف ، عندك خيار الجهاد ، لماذا ألغيته ؟ لماذا أردت أن تكون ضعيفاً ؟ لماذا أردت أن تكون متلقياً للأوامر ؟ لماذا لمْ تملِ على الآخرين أوامرك ؟ أين عزتك ؟
اجعل لربك كل عزك يــــستقر ويثبت
فإذا اعتززت بـمن يموت فإن عزك ميت
أقول لكم كلاماً دقيقاً :
إنّ أيّ أمة تلغي من حياتها خيار الجهاد تكون ذليلة ، وتكون في حال لا تحسد عليه أبداً.
ثانيا: الجهاد الدعوي
أيها الإخوة الكرام ، هناك خيار آخر ، الجهاد القتالي قد تكون في مكان ، أو في زمان لا تستطيع ، ولا يسمح لك ، أمامك الجهاد الدعوي ، قال تعالى : ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
إذا كنت صادقاً في طلب الجهاد فبإمكانك أن تجاهد جهاداً دعوياً .
أنا أقول لكم ، والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح : أيّ رجلٍ منا يلغي من حياته الجهاد فهو قريب من النفاق ، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( من مات ، ولم يغز ، ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق )) .
إذاً : الجهاد الدعوي متاح لك.
ثالثا: جهاد النفس والهوى:
الآن جهاد النفس والهوى متاح لك ، فمن يمنعك أن تكون عفيفاً ؟ أن تكون صادقاً ؟ أن تصلي الليل ؟ أن تستقيم على أمر الله ؟ أن تربي أولادك ؟ أن تأمرهم بالصلاة ؟ من يمنعك أن تكون داعية من النوع فرض العين ، في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف ، من يمنعك ؟ من يمنعك إذا دخلت بيتك أن تحدث أولادك بما سمعت في الخطبة ؟ مثلاً ، من يمنعك إذا جلست في مكان عملك ساعة راحة أن تحدثهم بشرح آية ، أو حديث ، أو موقف ؟ من يمنعك ؟ هذا الجهاد الدعوي ، وهناك جهاد النفس والهوى ، غُضّ بصرك ، واضبط لسانك ، واضبط جوارحك ، واضبط دخلك ، واضبط إنفاقك .
رابعا الجهاد البنائي:
ثم هناك الجهاد البنائي ، نحن أمة إذا أتقنا أعمالنا طورنا اختصاصاتنا ، واستخرجنا ثرواتنا ، وفجرنا طاقاتنا ، و استصلحنا أراضينا ، و أقمنا السدود ، و هيئنا فرص عمل .
زرت بلدا إسلاميا في شرق آسيا ، حدَّثنا السفير كلاماً ، وكأنه خيال ، قال : هذا البلد كان أهله في الغابات قبل ربع قرن ، هم يعدون ثلاثة وعشرين مليونا ، الآن صادراتهم إلى العالم تفوق صادرات العالم العربي مجتمعاً ، بما فيها النفط ، عندهم فائض بستين مليار دولار ، الربا عندهم ممنوع ، بطاقات الائتمان إسلامية ، التأمين إسلامي ، بلد طبق تعاليم الإسلام ، وحقق نتائج كبيرة جداً ، فالأمر بيدنا ، النجاح بيدنا ، والكرة في ملعبنا ، والحل بيدنا ، هذا الكلام القرآني : ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾
﴿وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ ﴾
﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾
﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾
يكفي أن تكون جندياً لله ، فأنت الغالب قولاً واحداً ، وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق ذلك ، قال تعالى : ﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾
أدلة أنواع الجهاد من القرآن:
أولا: الدليل القرآني على الجهاد التعليمي :
أن تدعو إلى الله أن تصلح الناس ، أن تصلح إذا فسد الناس ، هذا جهاد كبير بنص القرآن الكريم ، قال تعالى : ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
ثانيا: الدليل القرآني على الجهاد البنائي :
أيها الإخوة الكرام ، الجهاد البنائي أين غطي بالقرآن ؟ ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
ترهبونه من أجل ألا يكون إرهاب .
أيها الإخوة الكرام ، الإرهاب الغربي الدولي المنظم المخطط له المدروس من أجل أن يستمر يحتاج إلى إرهاب إسلامي مستمر ، هم يصنعونه لنا ، وينسبونه إلينا من أجل تشويه سمعتنا ، لذلك إن أعددت لهم العدة من أجل ألا تتهم بالإرهاب تحترم ، قال تعالى : ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
هذا الجهاد البنائي .
ثالثا: الدليل القرآني على الجهاد الدعوي :
الجهاد الدعوي :﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
رابعا: الدليل القرآني على جهاد النفس :
الجهاد النفسي ، قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾
آيات قرآنية كلها كلام الله ، لا يحذف منه شيء ، أنت بين جهاد النفس والهوى ، وهو أصل الجهاد ، وهو الجهاد بالمصطلح الحديث الأساسي ، عندنا تعليم أساسي من الأول إلى التاسع ، وتعليم ثانوي ، وتعليم جامعي ، ودراسات عليا ، الجهاد النفسي جهاد النفس والهوى هو الجهاد الأساسي ، وهناك جهاد بنائي ، أن تتقن عملك ، أن تطور خبراتك ، أن تكون قوة لأمتك ، لا أن تكون عبئاً عليها .
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ) أقول لكم بكل بساطة : هذا الذي يسافر إلى بلاد الغرب تروق له الحياة هناك ، الغرب مستقر من مئتي عام ، مستقر البناء ، ومستمر ، الحاجات ميسرة ، الإنسان هناك له حقوق كبيرة ، فتروق له الحياة ، ينسى أمته ، يقدم خبرته لأعداء أمته ، طاقاته لأعداء أمته ، فأنت عملت عملاً يناقض الجهاد البنائي ، والله عز وجل قال :
الجهاد النفسي متاح لك ، بل أنت مشكور عليه ، والجهاد البنائي كل البلاد الإسلامية تقدسه ، يقول لك : عمل ، بناء ، إتقان ، استغناء عن الاستيراد ، تفجير الطاقات ، إنشاء السدود ، تأسيس معامل ، العالم الإسلامي كله يبارك لك هذا الجهاد ، وتوفير فرص عمل ، وحل مشكلة الناس ، وتأمين بيوت للشباب ، مليون عمل يمكن أن تقوى به أمتك ، هذا الجهاد البنائي ، والجهاد الدعوي هو الدعوة إلى الله كفرض عين ، في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف ، والجهاد النفسي جهاد النفس والهوى ، فإذا أتقنت الجهاد النفسي ، وأتقنت الجهاد البنائي ، وأتقنت الجهاد الدعوي ففي الأعم الأغلب أصبح الطريق سالكاً إلى النجاح في الجهاد القتالي .
لكن شخصا تاركا للصلاة ، تاركا للفرائض ، مقترفا لكل الآثام والمحرمات ، أول شيء صلى قيام الليل ، طوّل بالك ، هذا قيام الليل بعد أداء الصلوات ، بعد الاستقامة على أمر الله ، هو تارك لكل الفرائض ، ومقترف لكل الكبائر ، ويريد أن يبدأ بقيام الليل، هذا شيء مستحيل .