بحث

طرق ترسيخ العلاقات الإجتماعية في الإسلام

طرق ترسيخ العلاقات الإجتماعية في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

     لم يكتف التشريع الإسلامي بالنهي عن كل ما من شأنه أن يُضعف الأخوة الإيمانية أو يُقوضها، بل أمر بكل ما من شأنه أن يُرسخ الأخوة الإيمانية، ويمتنها، وينميها، ويطورها. 

      إفشاء السلام:

     فقد أمر الشارع الحكيم بإفشاء السلام، فقال عز وجل: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾، ((أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ)) ، فأعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخلهم من بخل بالسلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)) . ومن خصائص إفشاء السلام بين الأنام أن يعُمَّ السلام، وينحسر الخصام، حيث قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((أَفْشُوا السَّلاَمَ تَسْلَمُوا)) .

     عيادة المريض وتفقّد أحواله:

     ومما أمر به الشارع الحكيم ترسيخاً للأخوة الإيمانية، وتمتيناً لأواصرها ؛ عيادة المريض، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (( أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ)) ، ويلحق بعيادة المريض، تفقد أحواله، وتعهده، والتلطف به، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: (( يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ...)) . وإضافة المرض إلى ذاته تعالى تشريف للمريض، وتطييب لقلبه، وكلمة وجدتني عنده تشير إلى أن العبد إذا سُلب الصحة مُنح السكينة والقُرب. 

     إجابة الدعوة:

     ومما أمر به الشارع الحكيم ترسيخاً للأخوة الإيمانية، وتمتيناً لأواصرها: إجابة الدعوة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ)) ، و قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ))

     النصح لكل مسلم:

     ومما أمر به الشارع الحكيم ترسيخاً للأخوة الإيمانية، وتمتيناً لأواصرها: النصح لكل مسلم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قَلْنا: لِمَنْ ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَكِتَابِهِ، وَرَسُولِهِ، وَأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَامَّتِهِمْ)) .

     الإحسان إلى الإنسان:

    وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم تمتيناً لهذه الأخوة، أن نرحم الصغير، ونوقر الكبير، وأن نُعين الضعيف، وأن ننصر المظلوم، وأن نكظم الغيظ، وأن نعفو عن الناس، وأن نُحسن إليهم. 

     ومُجمل القول أن النبي صلى الله عليه وسلم فضلاً عن أنه نهى عن كل ما من شأنه أن يُضعف الأخوّة الإيمانية أو يقوضها، وأمر بكل ما من شأنه أن يُمتِّن أواصر هذه الأخوّة، فضلاً عن كل ذلك كان الني صلى الله عليه وسلم قُدوة لأصحابه في حياته ولأمته من بعده، ففي موقعة بدر كانت الرواحل قليلة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((كل ثلاثة على راحلة وأنا وعلـي وأبو لبابة على راحلة ، فلما جاء دور النبي صلى الله عليه وسلم في المشي توسَّل صاحباه أن يبقى راكباً فقال صلى الله عليه وسلم: ما أنتما بأقوى مني على السير ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر)) . وحينما أراد أصحابه أن يعالجوا شاة قال أحدهم:  عليَّ ذبحها، وقال آخر: وعليَّ سلخها، وقال ثالث: وعلي طبخها، فقال صلى الله عليه وسلم: "وعليَّ جمع الحطب"، فقال أصحابه: نكفيك ذلك.. قال: ((أعلم ذلك، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه))



المصدر: الخطب الإذاعية - الخطبة : 23 - الأخوة الإيمانية - الجانب العملي للأخوة الإيمانية.