بحث

عبادة التفكر

عبادة التفكر

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف الإنسان من الدين يحدد مصيره إما سعادة أبدية أو شقاء أبدي :  

      ما الذي يمنعنا أن نكون مؤمنين؟ ما الذي يمنعنا أن نكون متفوقين؟ لماذا الإنسان يغار من شؤون الدنيا ولا يغار على الآخرة؟ لماذا؟ لماذا لا يحب أن يكون الأول؟ لأنه:  ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾  

      الذي عنده خمسة أولاد نجباء، أو عنده زوجة صالحة جداً، أو عنده دخل فلكي، في الحقيقة الأموال من دون بنين مشكلة كبيرة، والبنون من دون أموال مشكلة أكبر، دقق في القرآن:  ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ﴾  

      لما قال: والباقيات، لماذا وصف المال والبنين؟ لأنهن فانيات، الإنسان يموت، لو كان غنياً في هذا القبر، وإن كان فقيراً في هذا القبر، وإن كان ملكاً في هذا القبر، بأي منصب، بأي مكانة، بأي شهادة، الموت يسوي بين الناس جميعاً.  

      أنا أشبهه بطريق فيه سباق سيارات، افرض هناك ألف سيارة من أرقى الماركات إلى أقدم الماركات، من أقوى المحركات إلى أضعف المحركات، من أكبر الحجوم إلى أصغر الحجوم، هذا الطريق العريض ينتهي بحفرة ليس لها من قرار، أول مركبة تسقط، والثانية تسقط، والعاشرة تسقط، هذا الموت، ينهي قوة القوي، ينهي ضعف الضعيف، ينهي غنى الغني، ينهي فقر الفقير، ينهي وسامة الوسيم، ينهي دمامة الدميم، الموت ينهي كل شيء، أنت الآن مادام القلب ينبض أمام فرصة، يمكن أن تستغل هذه الفرصة فتملك السعادة الأبدية، وممكن إذا غفل الإنسان عن الله عز وجل يكون ثمن غفلته شقاء أبدياً، القضية يسمونها مصيرية.  

الإنسان أحياناً عندنا بالشام ينجح من السابع للثامن، عادي، من الثامن للتاسع، عادي، من التاسع للعاشر عادي، من العاشر للحادي عشر، من الحادي عشر إلى الثاني عشر، علاماته بالثانوية يحددون مهنته، إما طبيب، أو طبيب أسنان، أو صيدلي، أو مهندس، لآخر فرع بالجامعة، الحقوق، هناك خمسون ألفاً ليس عمل، فالعلامات تحدد مصير الإنسان، هذا نظام الجامعات، وموقفك من هذا الدين يحدد مصيرك، إما سعادة أبدية أو شقاء أبدي.  

التفكر يضعنا وجهاً لوجه أمام عظمة الله :  

      لذلك أمرنا الله بالتفكر، ولا عبادة كالتفكر، والتفكر أقصر طريق إلى الله، وأوسع باب ندخل منه على الله، الآية الأصل:  ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾  

      أنت كم حالة تكون عندك؟ إما أن تكون واقفاً، أو نائماً، أو جالساً على الكرسي، دائماً:  ﴿ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾  

      كأس الماء هل فكرت فيه؟ البحار كلها ملح أجاج، كيف صار هذا الماء عذباً فراتاً؟ شيء دقيق جداً، والله هناك أبحاث عن المياه العقل لا يصدقها، يا ترى أكلت الخبر، هذا الخبز كم نوع قمح فيه؟ والله مرة قلت: فيه خمسة و أربعون ألفاً، قال لي أستاذ بالجامعة: لا أكثر من ذلك، أنا خجلت، قال لي: فيه أربعمئة و خمسون ألفاً، كم نوع قمح بالأرض؟ غذاء أساسي ينبت بالجبال، بالوديان، بالمناطق الباردة، بالحارة، شيء للصناعة الغذائية، شيء للأكل، شيء للخبز، أنواع منوعة، انظر إلى الفواكه المنوعة، أنواع الفواكه، أنواع البقول، أنواع المحاصيل، هذا كله من خلق الله عز وجل.  

      لذلك التفكر أقصر طريق لمعرفة الله، وأوسع باب ندخل منه على الله، لأنه يضعنا وجهاً لوجه أمام عظمة الله.   

التفكر في عظمة الكون :  

      أخواننا الكرام، الأرض ترفع سرعتها لينشأ من هذه السرعة الزائدة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة فتبقى على مسارها، هنا تخفض سرعتها لينشأ من هذا الخفض قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى على مسارها.  

      بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، كلمة أربع سنوات ضوئية السنة الضوئية سنة؟ لا ليست سنة، الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلومتر، أعتقد مضى على الدرس الآن تقريباً أقل من ساعة، خمسون دقيقة فرضاً، كل ثانية يقطع الضوء ثلاثمئة ألف كيلومتر، العلماء يقولون: إذا الإنسان مشى مع الضوء أصبح ضوءاً، هناك تجربة دقيقة جداً، جاؤوا بقطار طوله فرضاً مئة متر، وضعوا أرصفة طولها مئة متر بالضبط، ووضعوا آلة تصوير، فلما مرّ القطار في مكان من التصوير القطار طوله بقدر طول الرصيف، هذا المكان المتوسط القطار أطول، لأنه مشى على ثلاثمئة و خمسين، فكلما ازدادت السرعة يزداد الحجم و يضعف الوزن.  

      مثلاً سيارة عادية إذا مشت على المئة و الأربعين وزنها ستة كيلو فقط على الأرض، المعنى دقيق جداً.   
      إذاً الأرض هنا ترفع سرعتها لينشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، هنا تخفض سرعتها تنشأ قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل، تصميم من؟ علم من؟ قدرة من؟ هذا الإله يعصى؟.  

      الآن بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، ابنك الصغير بآلة حاسبة خلال خمس دقائق يحسب لك كم يبعد هذا النجم عن الأرض، بالثانية ثلاثمئة ألف، بالدقيقة ضرب ستين، بالساعة ضرب ستين، باليوم؟ بالسنة؟ بأربع سنوات ضرب أربع، لو أردنا أن نصل إلى هذا النجم أقرب نجم ملتهب بسيارة أرضية نحتاج إلى خمسين مليون عام، إذا قال لك إنسان: أربع سنوات ضوئية تحتاج قيادة لهذا النجم إلى خمسين مليون عام، محسوب بدقة، كل تاريخ الأرض عشرة آلاف سنة، من أجل أن تصل إلى هذا النجم الذي هو أقرب نجم ملتهب، أربع سنوات ضوئية تحتاج إلى خمسين مليون سنة.   

آيات الله في الآفاق :  

      الآن من هذا النجم الأقرب إلى نجم آخر نجم القطب، أربعة آلاف سنة ضوئية، الآن مجرة ثانية، المرأة المسلسلة تبعد عنا مليوني سنة ضوئية، أحدث مجرة تبعد عنا أربعة وعشرين ألف مليون سنة ضوئية، الأربع سنوات يحتاجون إلى خمسين مليون عام، الأربعة والعشرون ألف مليون سنة؟ الآن اقرأ القرآن:  ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾  

      هذا الإله العظيم يعصى؟ ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟ لذلك:   

أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنـا   فـــــإنا منحنا بالرضا من أحبنا   
ولـــذ بحمانا واحتمِ بجنابنا   لــــنحميك مما فيه أشرار خلقنا   
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغـل   وأخـــلص لنا تلقى المسرة والهنا   
* * *   
وسلم إلينــا الأمر فيما يــكن   فــــما القرب والإبعاد إلا بأمرنا   
فيا خجلي منه إذا هو قال لــي   أيا عبدنا ما قرأت كتابنـــــــا   
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى   أما تختشي من عتبنا يوم جمعنـــا   
* * *   
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً   وتنظر ما جاء به وعدنـــــــا    
فأحبابنا اختاروا المحبة مذهباً   وما خالفوا في مذهب الحب شرعنــا    
* * *   
فلو شاهدت عيناك من حسننا   الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنــــــا   
ولـو سمعت أذناك حسن خطابنـا   خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــا   
ولــو ذقت من طعم المحبة ذرة   عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـــا   
* * *   
ولــو نسمت من قربنا لك نسمة   لمت غريباً واشتياقاً لقربنـــــا   
ولــو لاح من أنوارنا لك لائح   تركت جميع الكائنات لأجلنـــــا   
* * *  

      الله عز وجل قال:  ﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾  

      لكن قبل أن أنتقل، هذه الأرض لو تفلتت من جاذبية الشمس- والبحث أنا قرأته من كتاب مؤلفه إنسان روسي، مترجم- لو أنها تفلتت من جاذبية الشمس وكانت في الفضاء، أردنا أن نعيدها إلى الشمس، قال: نحن بحاجة إلى مليون مليون حبل فولاذي، وكل حبل قطره خمسة أمتار، هذا الحبل الفولاذي الذي قطره خمسة أمتار يحمل مئتي طن، أي مليون مليون ضرب مئتي قوة جذب الشمس إلى الأرض، فإذا تفلتت تحتاج إلى مليون مليون حبل، وكل حبل قطره خمسة أمتار، وكل حبل يحمل مئتي طن، مليون مليون ضرب مئتين، قوة جذب الشمس للأرض قال من أجل ماذا؟ من أجل أن تحرف الأرض في مسارها حول الشمس ثلاثة ميلي كل ثانية.  ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾  

آيات الله في النفس :  

أولا: الشعر :  

      الإنسان أحياناً بالآيات:  ﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾  

      بالنفس، كم شعرة بالرأس؟ الإنسان المتوسط عنده ثلاثمئة ألف شعرة، في كل شعرة وريد، وشريان، وعصب، وعضلة، وغدة دهنية، وغدة صبغية، في كل شعرة غدة ووريد وشريان وعصب.   

ثانيا: العين :  

      نأتي على العين، الحمد لله فقد أكرمنا الله بهذه العين، لكن هذه القرنية طبقة شفافة، وكل جسم يتغذى بالأوعية الشعرية، فلو غذيت هذه الطبقة القرنية الشفافة بالأوعية الشعرية لرأينا ضمن شبكة، شبكة أوعية، لذلك تنفرد هذه الطبقة ببنية خاصة، أن القرنية الشفافة الخلية الأولى تأخذ غذاءها وغذاء جارتها، وينتقل الغذاء عبر الغشاء الخلوي، طريقة تغذية القرنية تنفرد بها، من أجل نقاء الصورة، والقرنية تتغذى بالشعريات حتى لا ترى ضمن شبكة، أما القرنية فوحدها تتغذى بالحلول، تمتاز القرنية أن تغذيتها تتم بطريقة تنفرد بها، صنع من؟ علم من؟ قدرة من؟ حكمة من؟.  

      الآن في الشبكية مساحة قدرها ميلي وربع، أعتقد هناك كاميرات أمامي، و هناك كاميرات غالية جداً بالملايين، الاحترافية بالملايين، أعلى آلة تصوير احترافية ديجيتل بالميليمتر المربع بمكان التقاط الصورة هناك عشرة آلاف مستقبل ضوئي، بالعين بالميليمتر مئة مليون مستقبل ضوئي، من أجل دقة الصورة، أنت أيها الإنسان ترى تسعة ملايين لون، لو أن اللون الأخضر درج ثمانمئة ألف لون العين البشرية تدرك الفرق بين لونين، بين درجتين.   

       ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾  

      والله الذي لا إله إلا هو لو أمضينا عاماً بالعين لا ننتهي،   

       ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾  

ثالثا: منعكس المص :  

      الآن هذا الطفل الآن ولد، ضع فمه على ثدي أمه يمص الحليب، المص آلية معقدة جداً، يجب أن يحكم شفتيه على حلمة ثدي أمه ثم يسحب فيأتيه الحليب، هذا سماه العلماء منعكس المص، لولا هذا المنعكس لما كان هذا اللقاء، ولا كانت أستراليا كلها،.  

      الآن الطفل يولد، يضع فمه على حلمة ثدي أمه يحكم الإغلاق يسحب الحليب، من علمه باعتبارها آلية معقدة جداً؟ هناك غرائز بالحيوان والإنسان لا تحتاج إلى جدل، آلية، فكل إنسان مجهز لهذا المنعكس.  

      أنا أعرف أخاً من أخواني ابنه ولد و لا يوجد عنده هذا المنعكس فمات، لأنه لا يوجد طريقة ليعيش فيها، هذه البشرية القائمة لولا هذا المنعكس لما وجد أحد.   

رابعا: ثقب بوتال :  

      هناك نقطة دقيقة: الإنسان ببطن أمه، لا يوجد هواء، وكلكم يعلم أن جهاز الدوران، عندنا القلب يضخ الدم للجسم كله، يرجع للقلب دماً أزرقاً، الأزرق يضخ إلى الرئتين يرجع أحمراً، عندنا دورة كبرى، ودورة صغرى، الطفل ببطن أمه لا يوجد هذا، معنى هذا أن الدورة الصغرى معطلة، كيف معطلة؟ الله فتح ثقباً بين الأذينتين، كشف هذا عالم فرنسي اسمه بوتال، سمي ثقب بوتال، فالدم - والطفل في بطن أمه - بدل أن يذهب إلى الرئتين ويرجع إلى القلب ينتقل من أذين لأذين، حين الولادة تأتي جلطة تغلق هذا الثقب، وإذا لم يغلق يصاب الطفل بداء اسمه داء الزرق، الله عز وجل يبقي كل خمسمئة ولادة طفل الثقب عنده مفتوح فيموت بعد عدة شهر، لونه أزرق، هذا الثقب من فتحه و من أغلقه؟ يد الله.  

      يا أخوان التفكر أسرع طريق لله عز وجل، أقرب حالة للإنسان إذا تفكر في خلق السموات والأرض.   

خامسا: الغشاء العاقل :  

      الإنسان أحياناً الزوجة تنجب، ولدت، ينزل مع الجنين قرصاً لحمياً، نحن بالشام يسمونه الخلاص، وبالعلم اسمه المشيمة، ماذا يوجد في المشيمة؟ في المشيمة دم الأم مع دم الجنين يلتقيان.  

      الآن بالمناسبة: إذا مريض بالمستشفى، وبحاجة إلى دم، وأعطيناه خطأ دماً من زمرة أخرى يموت فوراً، بانحلال الدم، عندنا بالشام حالة مريض بغرفته أخرجوه و نسوا الإضبارة على الطاولة، جاء مريض ثان، احتاج إلى دم، فظنوا أن الإضبارة للمريض، أخذوا الزمرة وأعطوه دماً فمات فوراً، يموت فوراً إذا أعطي الإنسان دماً من زمرة أخرى.  

      الآن المشيمة فيها دم الجنين مع دم الأم ولا يختلطان، بينهما غشاء سماه العلماء الغشاء العاقل، لأنه يقوم بأعمال يعجز عنها العقلاء، ماذا يفعل؟ هذا الغشاء العاقل يأخذ من دم الأم السكر يضعه في دم الجنين، ثم يأخذ الأوكسجين من دم الأم ويضعه في دم الجنين، ثم يأخذ الأنسولين من دم الأم ويضعه في دم الجنين، صار عند الجنين سكر، أوكسجين، أنسولين، يحترق السكر عن طريق الأوكسجين بوساطة الأنسولين، يتشكل طاقة عند الجنين، حرارته سبع و ثلاثون درجةْ .  

      الآن الغشاء العاقل يأخذ من دم الأم عوامل المناعة، كل الأمراض التي أصيبت بها في حياتها ثم شكلت عندها مناعة ضد هذه الأمراض، عوامل هذه المناعة يأخذها من دم الأم ويضعها في دم الجنين، لذلك الطفل محصن من كل الأمراض التي أصيبت بها أمه.  

      الآن هذا الطفل ينقصه بوتاس، ما الطريقة التي يبلغ أمه أنه يريد البوتاس؟ الغشاء العاقل يلقي شهوة طعام يحتاجه جنينها، هذا الوحام، تشتهي المرأة الحامل أكلات غريبة، أكلات لا تحبها أحياناً تشتهيها، هذا الطعام الذي تشتهيه الحامل هو حاجة وليدها، صنع من؟ علم من؟ قدرة من؟ رحمة من؟.  

      لذلك التفكر أقصر طريق إلى الله، وأوسع باب ندخل منه على الله.   

سادسا: الهيكل العظمي :  

      أنت نائم، وغارق في النوم ما الذي يحصل؟ هيكلك العظمي له وزن، وما فوقه من عضلات لها وزن، الهيكل العظمي وما فوقه من عضلات تضغط على ما تحته من عضلات عندما تنضغط الأوعية الدموية ضاقت لمعتها فالتروية ضعفت، يقول: رجلي اخضرت، ما معنى اخضرت؟ لما جلست عليها قلت كمية الدم فصار تنميل، فيأتي أمر من الدماغ وأنت نائم يقول لك: اقلب، الله يقول:  ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾  

      صوروا إنساناً نائماً فوجدوا أنه يتقلب من ثمان و ثلاثين إلى أربعين مرة باليوم.  

      لذلك هناك مرض اسمه السبات له سرير خاص بالمستشفى، سرير معه أجهزة محركة لتقليب المريض، إذا ما قلبوه يموت، الله قال:  ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾  

سابعا: القلب :  

      مرة أخ يعمل بالتموين ذهب لشراء لحمة، لحوم مستوردة من الصين، فطلبوا من الشركة البائعة أن يكون الذبح إسلامياً، فرفعوا السعر، لماذا؟ النبي الكريم، الإنسان الأمي، الذي عاش بالصحراء، الذي عاش قبل ألف و أربعمئة سنة منعنا أن نقطع رأس الدابة، قال: اقطعوا أوداجها، فقط الأوداج، لماذا؟ القصة دقيقة أتمنى أن تعاونني بفهمها، هذا القلب يا أخوان أخطر عضو بالإنسان من أين يتلقى الأمر؟ من ذاته، لأنه أخطر عضو، مثل مستشفى، وبالبلد تقطع الكهرباء كثيراً، ولها مولدة خاصة، معقول ونحن فتحنا المريض على قلب صناعي لم يعد هناك كهرباء، مات، لا يوجد مستشفى إلا ولها مولدة خاصة، هذا القلب لأنه عضو نبيل جداً يتلقى أمره من ذاته، إذا الإنسان ركب بطارية، إذا تعطل المركز عنده مركز احتياطي، لو تعطل الثاني هناك مركز ثالث، إلا أن البطاريات القلبية الداخلية تعطي أمراً بثمانين ضربة فقط، أحياناً يضطر أن يصعد على الدرج، أحياناً يمشي على شريط متحرك للرياضة، يصعد النبض إلى مئة و ثمانين نبضة، كيف صعد إلى مئة و ثمانين نبضة؟ القلب يعطي أمراً بثمانين نبضة فقط.  

      الآن بالدماغ غدة نخامية، تقوم بتسع وظائف، وزنها نصف غرام، تقوم بتسع وظائف، لو تعطلت أية وظيفة أصبحت حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، من هذه الوظائف أن هذه الغدة النخامية الإنسان عندما يواجه جهداً، يصعد درجاً طويلاً، أو يركض، إذا عنده جهد كبير الغدة النخامية غريبة، ملكة الغدد الصماء، والدماغ ملك الجهاز العصبي، هذه الغدة تعطي للكظر أنه يوجد عندنا خطر واجهه، ماذا يفعل الكظر؟ يعطي أمراً للقلب ارفع النبض للمئة والثمانين، والأمر الثاني للرئتين ليزداد الوجيب، والأمر الثالث يتوجه للكبد ليطلق كمية سكر إضافية، والأمر الرابع للكبد أيضاً ليطلق أمر التجلط، والأمر الخامس للأوعية لتضيق لمعتها، فالخائف يصفر لونه لماذا اصفر؟ الأوعية ضاقت لمعتها حتى نوفر الدم للعضلات، وأعطينا هرمون التجلط للدم، ورفعنا نبض القلب، ورفعنا وجيب الرئتين، هذا كله بثوان.  

      لو قطعنا رأس الخروف كلياً بقي نبضه على نبض القلب، يخرج ربع الدم فقط، فأي مسلخ في العالم يقطع رأس الدابة يعلقها من أرجلها، ويقطع رأسها، يبقى ثلثي الدم، ولون اللحم أزرق، فعندما أمر النبي بهذا لا يوجد بالعالم جهة علمية قادرة أن تفسر هذا الأمر، ولا بعد مئة عام، ولا بعد مئتي عام، ولا بعد خمسمئة عام.  

      الآن اكتشفوا أن الإنسان عندما يقع في الخطر يأتي أمر استثنائي من الدماغ للغدة النخامية للكظر، للقلب أمر برفع النبض، للرئتين برفع الوجيب، للأوعية بتضييق اللمعة، للكبد بإطلاق سكر زائد، للكبد لإطلاق هرمون التجلط، خمسة أوامر.  

      يد من؟ قدرة من؟ علم من؟ رحمة من؟.   



المصدر: محاضرات وندوات خارجية - أستراليا - الرحلة3 - المحاضرة ( 11 - 25 ) : التفكر في خلق السموات والأرض - بعض إعجاز الله في صنع خلقه