إن من لوازم العبودية لله عز وجل، تعظيم حرمات الله عز وجل, وتعظيم شعائره، قال تعالى: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً﴾ فالإيمان بالله شيء، وتوقيره شيء آخر، حينما قال الله عز وجل:﴿إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ﴾ فالتركيز والإضاءة والخط تحت كلمة عظيم، لأن معظم الكائنات من دون استثناء يؤمنون بالله، حتى إن إبليس قال: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ ، ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ فالإيمان بوجود الله قاسم مشترك بين معظم الخلق، ولا يعد هذا الإيمان إيمان منجياً، لكن الإيمان بالله العظيم حينما تعظمه، وتوقره، وتراه عظيماً، عندئذ تستقيم على أمره، ويبدو أن الطاعة مرتبطة بالتعظيم، أنت تطيعه بقدر ما تعظمه، وتعصيه بقدر ما يقلّ تعظيمك له.
الشيء مألوف جداً، وكما قالوا: شدة القرب حجاب، أما أن ترى ابنك بين يديك يضحك، ويلعب، ويتكلم، ويبكي، ويأكل، ويتنفس، ودماغه فيه مئة وأربعون مليار خلية استنادية، وأربع عشرة خلية قشرية، ورئتان، ومعدة، وأمعاء، وعينان، وأذنان، ولسان، ومريء، وتنفس، وإفراز، وكليتان، لا أعتقد أن في الكون أعقد من الإنسان، إنه تعقيد إعجاز، لا تعقيد عجز، وأنت تعلم علم اليقين: أن هذا الابن, كان خلية من أربعمئة مليون خلية, خرجت منك في اللقاء الزوجي، تشكل هذا الطفل الذي أمامك من حوين واحد, من أربعمئة مليون حوين، يفكر, ويسأل، ويعترض، ويناقش، ويفرح، ويحزن، ويرى، ويسمع، ويتكلم، وينطق ..... ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً﴾ شاءت حكمة الله أن ترى خلقك من ابنك، تراه رأي العين، لكن كما قالوا: شدة القرب حجاب، هذا الكون من دون خرق لنواميسه، ومن دون تعطيل لأنظمته, هو معجزة، وأية معجزة .
- من لوازم تعظيم الله عز وجل: تعظيم نعمه، الزوجة نعمة، فمن كفر بها حرم منها، والزوج نعمة، فإذا كفرت الزوجة, حرمت هذه النعمة، وأن تكون معافى في جسمك هذه نعمة . كان عليه الصلاة والسلام إذا استيقظ يقول: ((الحمد لله الذي عافاني في بدني)) ، أن تتمتع بسمعك، وبصرك، وحركتك، وذاكرتك، وقوتك، وتخدم نفسك بنفسك، هذه نعمة لا تعدلها نعمة .
- من لوازم تعظيم الله عز وجل: تعظيم ما حباك الله به، ومن نتائج تعظيم ما حباك الله به: أن تبذله للناس، لا أن تستأثر به، وتنفرد به. ((إن لله تعالى أقواماً, يختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم)).
- من وسائل التعظيم: التفكر في خلق السموات والأرض كما يقول الله عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ . من باب تعظيم الله عز وجل وتوقيره: التفكر في آياته ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
المؤمن يعظم النعمة، لأنها من الله، يشكرها ويبذلها، المؤمن يعظم العمل الصالح، يقبل عليه, لأنه قربة إلى الله، يعظم الله، ويعظم نعمه وأوامره, ويعظم الأعمال التي تقرب منه، بعد أن سقى سيدنا موسى للفتاتين, قال: ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ لذلك العلماء استنتجوا: أن الغنى الحقيقي غنى العمل الصالح، وأن الفقر الحقيقي فقر العمل الصالح. الله عز وجل هدى على يد إنسان مئات الأشخاص، هذا أكبر غني في الأرض، والذي يملك ألوف الملايين، ولم يقدم لله عملاً صالحاً واحداً, هذا أفقر خلق الله.