العناية بالأطفال من أخطر أعمال الآباء والأمهات :
أيها الأخوة الكرام،
ما من بيت في الأعم الأغلب من البيوت إلا وفيه طفل، وهذا الطفل فلذة كبد الأب والأم، ويسعد الأب بسعادة ابنه، ويشقى بشقاء ابنه .
لذلك تعد العناية بالأطفال من أخطر أعمال الآباء والأمهات، فبالعناية بهم يسعدون، وبإهمالهم يشقون.
الطفل بحاجة ماسة إلى مثل أعلى
قال النبي صلى الله عليه وسلم: أدبوا أولادكم على ثلاثة خصال : حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن
الطفل بحاجة ماسة إلى مثل أعلى، فإن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام مُثلاً عليا لابنك فمن سيكون؟ الابن في طور التقليد، في طور التطلع إلى من هو أكبر منه، فإن لم تملأ هذا الفراغ بصحابي، بالنبي، بخلق النبي، بشجاعة النبي، بكرم النبي ، برحمة النبي، باستقامة النبي، بعدل النبي، بأخلاق أصحابه الأطهار، تعلق هؤلاء الصغار بأناس ساقطون، منحرفون، يعلمون هؤلاء الصغار كل نقيصة، وكل انحراف، لذلك هذا الحديث خطير .
طبعاً من السذاجة أن تفهموا هذا الحديث أن يا بني حب رسول الله، الطريقة لتطبيق هذا الحديث أن تُعرفه بشمائله، أن تُعرفه بأخلاقه، ما الذي يمنع أن تجلس مع أولادك بالأسبوع مرة ؟ أن تقرأ لهم فصلاً من سيرة رسول الله ؟ أنت لا تدري ماذا يحصل بنفس هذا الطفل الصغير، هكذا كان النبي، هكذا كان رحيماً، هكذا كان يصغي الإناء للهرة، يوجد طفل كلما شاهد حيوان يؤذيه هكذا، من دون فهم، أما حينما تعلم ابنك أن يصغي الإناء للهرة، أن يطعم الهرة الجائعة، أن ينقذ النملة من الغرق، أن يرحم الحيوان، أن يعطف على الصغير ، هذه أخلاق .
أدبوا أولادكم على ثلاثة خصال : حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن
معنى ذلك لا بد من أن تجلس مع أولادك لتعلمهم سيرة النبي، أمتع جلسة في البيت، أمتع جلسة بينك وبين أولادك حينما تحدثهم بالعلم، حينما تجلس جلسة ليس لها علاقة بتنظيف البيت، ولا بمشكلات البيت، ولكن لها علاقة بالعلم، هذا الشيء مؤنس .
تعليمه القرآن
هذا القرآن ربيع القلوب، تلاوته عبادة، حفظه عبادة، فهمه عباده، تطبيقه سعادة، منهجنا المقرر، هذه ثلاث فقرات للمنهج النبوي .
أدبوا أولادكم على ثلاثة خصال : حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه
لا يوجد شيء أروع في الطفل من أن يتقن القرآن، يتقن تلاوته، يتقن فهمه، يتقن العمل به،
وهذا معنى قوله تعالى :﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾ .
أن تقرأه قراءة صحيحة، وأن تفهمه فهماً صحيحاً، وأن تطبقه تطبيقاً صحيحاً،
تعليمه حقيقة التوحيد
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
كنتُ خَلْفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال لي : يا غلام ، إِني أُعَلِّمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تَجِدْهُ تُجاهَكَ , إِذا سألتَ فاسأل الله، وإِذا استعنتَ فاستَعِنْ بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إِلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إِلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَتِ الأقلام، وجَفَّتِ الصُّحف
والله هذا الحديث للصغار والكبار، احفظ أمر الله يحفظك من كل مكروه، أنت في أمن، أنت في سلامة، أنت في سعادة، أنت في رضا، أنت في طمأنينة .
تقع في مأزق، يا رب، يقول لك : لبيك يا عبدي، إن عرفتني في الرخاء أعرفك في الشدة .
(( إِذا سألتَ فاسأل الله )) .
لا تسألن بني آدم حــاجة واسأل الــذي أبوابه لا تغلق
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حينما يُسأل يغضب
تدريب الطفل على الصلاة:
قال أيضاً عليه الصلاة والسلام : مُرُوا أولادَكم بالصلاة وهم أَبناءُ سبع، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشْر وفرِّقُوا بينهم في المضاجع
لاحظ الأب إذا جاء إلى البيت في المساء يسأل زوجته : الأولاد أكلوا ؟ تقول له : أكلوا، كتبوا وظائفهم ؟ كتبوا، فقط، أما صلوا ؟ قلّما يسأل عن هذا السؤال، أما النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا دخل بيته يسأل : الأولاد هل صلوا العشاء ؟ هذا الحرص .
سيدنا عمر لما طُعن، وهو إمام، أغمي عليه، نزف منه الدم، فلما أفاق قال : هل صلى المسلمون الفجر ؟
التعليم يكون بسن مبكرة
سأقول لكم حقيقة ثمنها باهظ : لا تستطيع أن تربي ابنك بالخامسة عشرة إن لم تبدأ تربيته بالخامسة، لا تستطيع السيطرة عليه بعد ذلك، لا تغفل وتصحو بعد فوات الأوان، لا تهمله وهو صغير، يكتسب عادات سيئة، يتعلم كلمات بذيئة، بعد ذلك تتألم أشد الألم.
أخواننا الشباب الذين عندهم أولاد صغار يجب أن تعتني بابنك من سن الخامسة، حتى يتشرب الدين، يتشرب حب الله ورسوله، يتشرب القيم والأخلاق، يتشرب الكلام الطيب، العفة، قد يقول أحدكم : هذا أمر تكليفي، لا، أمر تأديبي، عندنا شيء بالفقه اسمه أمر تأديبي، الطفل إذا بلغ فهو مكلف بالصلاة تكليفاً شرعياً، الطفل مستحيل أن يصلي فجأة، لابد من أن تؤدبه على الصلاة من سن مبكرة، بالسابعة يوجد أمر.
احترام شخصية الطفل :
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
جاء غلام إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إني أريد هذه الناحية، الحج، قال : فمشى معه رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : يا غلام زودك الله التقوى، ووجهك الخير، وكفاك الهم، فلما رجع الغلام سلم على النبي صلى الله عليه و سلم، فرفع رأسه إليه، وقال : يا غلام قبل الله حجك وكفر ذنبك وأخلف نفقتك
عظمة رسول الله ! يهتم بالجميع كبير، صغير، طفل صغير، غلام
هناك شيء بالتربية اسمه احترام شخصية الطفل، الأشخاص العظماء تلقوا تربية راقية جداً، أحياناً الأب يضرب ابنه أمام أصدقائه، هذا شيء صعب جداً، هذا إجرام بحق الطفل، الطفل له مكانة، له كيان، عندما ضرب أمام رفاقه حطمته، وسحقته، يجب أن تعد للمليون قبل أن تضرب ابنك أمام أولاد خالته، أمام أولاد عمته، أمام رفاقه، تحطمه، فيما بينك وبينه حاسبه، وأدبه، واضربه أحياناً للمخالفات الكبيرة وبعد التدرج من الملاحظة إلى التنبيه... ضرباً غير مبرح وليس على الوجه، لكن احترم له شخصيته، أحياناً أم يأتي رفيق ابنها لعندها، فتعمل له عشاء، هذا العمل يدخل على قلب الطفل من السرور الشيء الكثير، لا تعرف، شيء لا يقدم ولا يؤخر، قال لها : اعملي لنا عشاء، فقالت له : تكرم يا بني .
هناك قصة حكاها لنا أخ مقيم بأمريكا، له ابن و هذا الابن له صديق زنجي، زاره مرة صديقه الزنجي، زنجي من غير المسلمين، فلاحظ هذا الزنجي أن الابن قّبّل يد والده، وقف باحترام بالغ أمامه، وعندما عرفوا أهله أن معه صديقه صنعوا له طعاماً وقدموه له، هذا الشاب الزنجي أعجبه هذا الدين، أعجبه احترام الابن للأب، وأعجبه عناية الأب بصديق الابن ...
أنت بالبيت عليك أن تحترم أصدقاء ابنك المنضبطين، و عليك أن تكون لطيفاً مع ابنك أمام أصدقائه، أن تثني عليه، و تشجعه، عليك أن تأخذه معك دائماً، الحياة تحتاج إلى عناية فائقة بالأطفال، حتى إذا كبر يعجبك، حتى إذا كبر يكون قرة عين لك .
لذلك أحد أكبر مبادئ التربية احترام شخصية الطفل، لا تهينه، لا تحطمه، الضرب المبرح، الضرب على الوجه، السُباب، الشتائم، هذه تحطم الطفل، تجعله مشاكساً، وكل أخ له علاقة بالتعليم، بالمدارس، الطفل المشاكس المزعج، المؤذي، البذيء، هذا طفل يعيش في بيت منهار، البيت المنهار يفرز أطفالاً سيئين، والبيت المتماسك يفرز أطفالاً متوازنين .
التعليم خير من التعنيف :
طفل سأل النبي الكريم، قال له : أريد الحج، فقال له :
يا غلام زودك الله التقوى، ووجهك في الخير، وكفاك الهم، فلما رجع الغلام على النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا غلام قبل الله حجك، وغفر ذنبك، وأخلف نفقتك
كأنه كبير، لي قريب له كلمة تعجبني، قال : هذا الصغير هو كبير لكن قياسه صغير، عامله ككبير، احترمه، دلـله، حاوره، ابنك غلط اقنعه أنت غلطان، بيّن له، دعه يكون صادقاً معك، لا تكن عنيفاً فيكذب عليك بعدها، عليك أن تشعره أنه يمكن أن يقول لك كل شيء، يقول لك كل شيء فعله، اسمع منه ونبهه لا تعيدها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيء إِلا زَانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إِلا شانَهُ
محبة الأطفال ومحاورتهم واحترامهم جزء أساسي من التربية
و عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال :
خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، حتى إذا رأيت أنني فرغت من خدمتي قلت : يقيل رسول الله ـ أي نائم الآن رسول الله، يقيل أي من قال يقيل، نام بعد العصر ـ فخرجت إلى صبيان يلعبون، قال : فجئت أنظر إلى لعبهم، قال : فجاء النبي عليه الصلاة والسلام فسلم على الصبيان، وهم يعلبون، فدعاني النبي عليه الصلاة والسلام فبعثني إلى حاجة له، فذهبت فيها، وجلس النبي الكريم في فيء ـ في ظل ـ حتى أتيته، واحتبست عن أمي عن الإتيان، الذي كنت آتيها فيه، فلما أتيت قالت : ما حبسك ؟ قلت : بعثني رسول الله في حاجة، قالت : ما هي ؟ قلت : هو سر رسول الله فقالت أمه : فاحفظ على رسول الله سره، قال ثابت : قال لي يا أنس : لو حدثت فيه أحداً من الناس، أو لو كنت محدثاً أحد به لحدثتك به يا ثابت
أي أعجبه أنه يحفظ سرّ رسول الله، والله تجد أطفالاً في عهد النبي والصحابة الكبار شيء لا يصدق.
سيدنا عمر يمشي في الطريق فرأى أطفالاً، عندما رأوه هربوا، وقف واحد بكل أدب فلفت نظره، قال له : يا غلام لِمَ لم تهرب مع من هرب ؟ قال له : أيها الأمير لست ظالماً فأخشى ظلمك، ولست مذنباً فأخشى عقابك، والطريق يسعني ويسعك ، ذكاء، وأدب، وفهم .
عبد الملك بن مروان، جاءه وفد للتهنئة، يتقدمهم غلام، فغضب، فوبخ حاجبه و قال له : ما شاء أحد أن يدخل علينا حتى دخل، حتى الصبيان ؟ فابتسم الغلام، قال له : أيها الأمير إن دخولي عليك لم ينقص من قدرك، ولكنه شرفني، أنت بمقامك بقيت، وأنا تشرفت بالدخول، قال له : أصابتنا سنة أذابت الشحم ـ ذاب شحمنا من الجوع ـ وأصابتنا سنة أكلت اللحم ـ أصبحنا جلدة وعظمة ـ وأصابتنا سنة دقت العظم، أول سنة أذابت الشحم، والسنة الثانية أكلت اللحم، و الثالثة دقت العظم، ومعكم فضول أموال، فإن كانت لنا فعلامَ تحبسوها عنا ؟ وإن كانت لله فنحن عباده، تصدقوا بها علينا، قال : والله ما ترك لنا هذا الغلام في واحدة عذراً.
دخل وفد من الحجاز على سيدنا عمر بن عبد العزيز يتقدمهم طفل صغير،، قال له : اجلس وليقم من هو أكبر منك سناً، قال له : أصلح الله الأمير، المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا وهب الله العبد لساناً لافظاً، وقلباً حافظاً، فقد استحق الكلام، ولو أن الأمر كما تقول لكان في الأمة من هو أحق منك بهذا المجلس، فأعجبه .
إذا ربيت الطفل، واحترمت شخصيته، أعطيته ثقة، أنا سأقول لكم كلمة : لا يوجد طفل لا يغلط، الأب المربي يوطن نفسه على خطأ ابنه، لكن البطولة ألا يعاد الخطأ، يجب أن ترفع هذا الشعار :
ليس العار أن تخطئ، العار أن تبقى مخطئاً، العار أن تجهل، العار أن تبقى جاهلاً .
الملاحظ أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحترم الأطفال، ويحبهم ، ومحبة الأطفال واحترامهم جزء أساسي من التربية .
و عن أنس رضي الله عنه أنه قال :كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقا، وكان لي أخ يقال له : أبو عمير - وهو فَطيم - كان إِذا جاءنا، قال : يا أبا عمير، ما فعل النُّغَير
كان له طير اسمه النغير، فكان عليه الصلاة والسلام يداعبه و يقول : يا أبا عمير، ما فعل النُّغَير ؟
أخواننا الكرام، صدقوني، إذا دخلت إلى بيتك، بيت صغير متواضع، أكل متواضع، أثاث متواضع، زوجة وسط، تستطيع أنت تعمل به بهجة، بنفسيتك الطيبة، بمرحك، بابتسامتك، بعطفك، بإيناسك لأطفالك، وهناك بيت قطعة من الجحيم، كله شِجار، وتكسير، وكلام بذيء، أنت بإيمانك، واستقامتك، ونظرك البعيد تجعل من البيت جنة، السعادة لا تأتي بالمال، لا تأتي من البيت الواسع، لا تأتي من الأثاث، لا تأتي من الطعام الطيب تأتي من الود، والحب، يمكن أن تأكل أكلاً خشناً مع أولادك، وهم راضين مسرورين .
الخلق الحسن أكبر مزية يعطيها الأب لابنه :
يقول عليه الصلاة والسلام : ما نَحَلَ وَالِدٌ وَلَداً من نَحْلٍ أفضل من أدبٍ حَسَنٍ
أي أكبر مزية يعطيها الأب لابنه الخلق الحسن، إذا قلت : هذا طفل خلوق، هذه من آلاف الملاحظات، آلاف التوجيهات، آلاف المتابعات حتى أصبح مهذباً، والطفل المهذب شيء لا يقدر بثمن .
أنا لا أرى ولا أعتقد أن في الأرض أب أسعد من أب يرى ابنه صالحاً،
النبي عليه الصلاة والسلام علمنا فقال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ومعه شيخ فقال له : يا فلان من هذا معك ؟ ' . قال : أبي قال : فلا تمش أمامه، ولا تجلس قبله، ولا تدعه باسمه، ولا تستسب له
توجيه دقيق، إذا كنت تمشي أنت وابنك، فعلى الابن أن يمشي وراء أبيه، دخلتم إلى غرفة على الابن ألا يجلس قبل أن يجلس والده، ولا يعمل عملاً يتسبب له بمسبة، ولا يناديه باسمه، هذه قاعدة علموها لأولادكم .
قواعد هامة على الطفل أن يتعلمها :
و كان عليه الصلاة والسلام يقول : ما برّ أباه من سدد إليه الطرف بالغضب
نظر إلى أبيه هكذا، زوره، هذا عاق لوالديه، أقل إساءة تعد عقوقاً .
قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ .
لو أغلقت الباب بعنف كأنك قلت له : أف، على الهاتف يحدثك، تضايقت طبقت السماعة هذا عقوق له، يجب أن تودعه، أما أن تطبق السماعة قبله ! هذه إساءة بالغة جداً .
ويقول عليه الصلاة والسلام : ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه
نفى عنه أن ينتسب إلى أمة محمد .
وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال :
كنتُ غُلاما في حجْرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يَدي تطيشُ في الصحفَة ـ يعني يصل إلى محل بعيد ـ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا غلامُ سَمَّ اللَّه، وكلْ بيمينك، وكلْ مما يلَيك
هذا أدب الأكل،
كن له مثالاً عملياً صالحاً
وقال عليه الصلاة والسلام : مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ تَعَالَ هَاكَ ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ فَهِيَ كَذْبَةٌ
دق ، بابا قل له : لست هنا، معنى هذا أن الأب كاذب، بابا يقول لك : ليس هنا.
تخرج مع ابنتها إلى مكان ما، و يعودون إلى البيت عند الظهر، يسألها زوجها أين كنتم ؟ تقول له : لم نخرج، فالبنت الصغيرة رأت أمها تكذب، خرجت، ورجعت، وهي مع أمها، قالت له : ما خرجنا، هذه أخطاء كبيرة جداً.
معاملة الرسول للأطفال
كان عليه الصلاة والسلام من أحسن الناس خلقاً
عن أنس بن مالك رضي الله عنه خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي أُفّ قط، ولا قال لشيء : لم فعلت كذا، وهلا فعلت كذا ؟
كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقا فأرسلني يوماً لحاجة . فقلتُ : والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فخرجتُ حتى أَمُرّ على صبيان، وهم يلعبون في السوق فإِذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بقفاي ـ من ورائي ـ فنظرت إِليه وهو يضحك . فقال : يا أُنيس، ذهبتَ حيث أمرتك ؟ قال : قلتُ : نعم، أنا أذهبُ يا رسول الله . قال أنس : والله لقد خدمته تسع سنين، ما علمته قال لشيء صنعته : لم صنعت كذا وكذا ؟ أو لشيء تركته : هَلا فعلت كذا وكذا ؟
وكان عليه الصلاة والسلام :(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَصٌفُّ عبد الله وعبيد الله وكثيراً بني العباس ثم يقول : من سبق إلي فله كذا وكذا قال : فيستبقون إليه، فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم )) .
يصفهم ويقف بعيداً، ويقول : تعالوا إلي تسابقوا، من شدة السرعة يقعون على ظهره وعلى صدره، فيقبلهم، ويلتزمهم .
الجنة لمن يُحسن تربية بناته الثلاث ولكافل اليتيم
ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام يعد كل أب عنده بنات، قال : مَنْ كان له ثلاثُ بَنَاتٍ، أو ثَلاثُ أخواتٍ أو بِنْتانِ، أو أختان، فأحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، واتَّقَى الله فيهنَّ فله الجنة
بنت فاتها قطار الزواج مصيرها عند أبيها، الأخت أحياناً تكون عبئاً على أخيها أما المؤمن ليست عبئاً عليه، الحديث هذا : الجنة لمن ربى بناته أو أخواته،
وكان عليه الصلاة والسلام يقول : أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين
أردت من هذا الحديث أن تقفوا في أخلاق النبي مع الصغار، لا يوجد بيت إلا و فيه صغار، بهدوئك، وحلمك، ومحبتك، وعدلك بين أولادك، واتصالك بالله يعمل عندك قوة جذب وإشعاع، الانقطاع عن الله يسبب جفوة، فالبيت يمكن أن يكون قطعة من الجنة، بابتسامة لطيفة، ومداعبة،
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً،
كان يقول صلى الله عليه وسلم : أكرموا النساء، والله ما أكرمهن إلا كريم
البنات الصغار، المؤنسات الغاليات، يمكن أن يكون بيتك جنة، بأي مستوى مادي، بأي موقع، بأي مساحة، بأي دخل، بأي أكل، بأي أثاث، فبإيمانك، واستقامتك، ومحبتك، هؤلاء الصغار يصبحون أصدقاءك،
ولكم في رسول الله أسوة حسنه
وهكذا كان عليه الصلاة والسلام يحب الصغار، ويحترمهم، ويسلم عليهم، حتى في بعض الأحاديث أنه كان يتسابق معهم ، شيء لا يصدق، و في بعض الأحاديث كان يركبهم أمامه على الناقة ليفرحوا .
أيها الأخوة :
قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾.
اعتنِ بالصغار قدر ما تستطيع، ودللهم، وأحبهم، وأكرمهم، حتى ينشؤوا مؤمنين طاهرين، حتى يكونوا قرة عين لك، حتى يكونوا صدقة جارية من بعدك .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عمل ينتفع به أو ولد صالح يدعو له