بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسان حينما يسعد في بيته ينتج في عمله، وكلما اصطفى البيت انعكس هذا الصفاء إنتاجاً وتفوقاً وعطاءً، وحجم الإنسان عند الله بحجم عمله، فكل شيء يعكر صفاءه ينعكس على عمله وبالتالي ينعكس على سعادته.
- أهم فكرة في العلاقات الزوجية الإسلامية أن الله بين الزوجين بمعنى أن الزوج المؤمن يعامل زوجته من خلال الله، ومن خلال الخوف منه، ومن خلال رجاء رحمته ومن خلال تطبيق منهجه، يخافه ويرجو رحمته ويطبق منهجه، الزوج المؤمن يغفر سلبيات زوجته ويتقرب إلى الله بخدمتها، والزوجة المؤمنة تغفر سلبيات زوجها وتتقرب إلى الله بخدمته، فإذا كان الله بين الزوجين سعد الزوجان.
- في الزواج الإسلامي، هناك مرجعية، وهذه المرجعية تلغي الغالب والمغلوب، كتاب الله وسنة رسوله بين الزوجين فإذا تنازعا في شيء ردوه إلى الله ورسوله، إذا كان هناك تشريع من قبل الله عز وجل، هذا التشريع هو مرجع وهذا التشريع يلغي الغلبة، فلذلك الإنسان في ظل هذا النظام الإلهي يسعد بزوجته لأن الله له أمر وله نهي، فإذا طبقنا أمر الله عز وجل ليس هناك إنسان غُلب وإنسان غَلب.المؤمن له مرجع، وأساساً المسلم حينما يطبق منهج ربه سبحانه وتعالى يشعر أنه في ظل الله، يشعر أن الله سبحانه وتعالى معه، يشعر أن الله متجلي عليه بالبركات والأنوار والخيرات والتوفيق والدعم من الله.
- ما من زواج يبنى على طاعة الله في الجزئيات ولو افتقر إلى مقومات النجاح إلا ويتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين، وما من زواج يبنى على معصية الله ولو توافرت له كل أسباب النجاح إلا ويتولى الله التفريق بينهما. يجب أن تبنى جزئيات العلاقات الزوجية، جزئيات الحياة الزوجية على طاعة الله عز جل . و كل إنسان يشعر أنه يطبق تعليمات الخبير يقطف الثمار يانعة.
- ما الذي يميز العلاقة الزوجية الإسلامية؟ أن الزوج المؤمن يقصر طرفه على زوجته فهي ملء عالمه، والزوجة المؤمنة تقصر طرفها على زوجها فهو ملء عالمها، فحينما تنفرد الزوجة من بين النساء بملء عالم الرجل، وحينما ينفرد الرجل من بين الرجال بملء عالم المرأة يكون الوفاق بينهما. قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ معنى ذلك أن هذه الآية الكريمة التي احتلت مساحة من كتاب الله الذي يتلى إلى يوم القيامة لولا أنها تشير إلى أخطر حقيقة في السعادة الزوجية. أما إذا تطلعت إلى غيره وتطلع إلى غيرها، والإنسان بعقله الباطن يوازن، هو يوازن وهي توازن وصار شرخ في العلاقات الزوجية. ومن غض بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه ومن ملء عينيه من الحرام ملأهما الله من جمر جهنم. ما من مشكلة على وجه الأرض إلا بسبب خروج عن منهج الله، ابحث ما شئت، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب جهل به، والجهل أعدى أعداء الإنسان، الجاهل يفعل بنفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، يعني مثال: فلاح عنده بيت بلاستيكي زراعة محمية، وزرع محصول رائج جداً في أيام البرد وغلة البيت مئتان ألف، اشترى سماد التعليمات كيلو سماد في البرميل لجهله وضع كيليين، وأصبح فإذا المحصول كله أسود اللون مات، ضيع مئتان ألف لأنه جاهل. الاختلاط والانفتاح الغير المعقول، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ، قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ)) وَمَعْنَى قَوْلِهِ الْحَمْوُ يُقَالُ هُوَ أَخُو الزَّوْجِ كَأَنَّهُ كَرِهَ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا. وقَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَان)) دائماً وأبداً عندنا معاصي لها وهج، والمعاصي التي لها وهج لها قوة جذب النهي لا عن مقارفتها بل عن الاقتراب منها. مثال: إذا كان يوجد تيار عالي ثمان آلاف فولط ينقل الطاقة من مكان إلى مكان، وأراد وزير الكهرباء أن يضع تحذير للمواطنين ماذا يقول لهم: ممنوع مس التيار؟ أم ممنوع الاقتراب من التيار؟ له حرمة ثمان أمتار ومن دخل إلى هذه الحرمة جذبه التيار وجعله قطعة فحم، هذا المعنى ذكره الله عز وجل في كتابه الكريم قال تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾ لابد من أن تترك بينك وبينها هامش أمان. لذلك: بأمور النساء ليس النهي عن الفاحشة بل النهي عن الاقتراب قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ . حينما تؤمن أن العلاقة بين المعصية ونتائجها، وبين الطاعة ونتائجها علاقة علمية فقد نجوت، علاقة سبب بنتيجة، والدين ضمان لسلامتك وليس قيداً لحريتك.
- بيت الزوجية مقدس، فلمجرد أن تخرج المرأة من بيت الزوجية غاضبة أو أن يخرجها زوجها إلى بيت أهلها غاضبة أي خروج من المرأة من بيت زوجها ما الذي يحصل؟ أصغر مشكلة تغدو أكبر مشكلة، فإذا بقيت المرأة في بيت زوجها أكبر مشكلة تغدو أصغر مشكلة، لأنه إن خرجت صار هناك أطراف عدة وتغذية معينة وتحطيم وتحدي كل هذا الزوجات في غنى عنه لذلك قال تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً﴾ ليس لها أن تخرج و ليس له أن يخرجها، فإذا بقيت في بيت الزوجية أكبر مشكلة لابد من أن تتلاشى. وطن نفسك أنه ليس في الأرض زوج تنطبق طباعه وأفكاره ورؤيته على طباع زوجته، هناك مسافة، إذاً البطولة لا أن تنعدم المشكلات ولكن أن نقف منها الموقف الكامل، هذه البطولة، لذلك لو صار هناك خصومة أو منازعة هناك من تمتد بهم هذه المنازعات أياماً وأسابيع وأشهر وهذا إتلاف للحياة الزوجية، أما الأكمل أن نجعل أمد النزاع أقصر أمد على الإطلاق. إذا خرجت من البيت تعود وكأن شيئاً لم يكن، إذا نمنا استيقظنا وكأن شيئاً لم يكن، فإذا اتفق الزوج وزوجته على أن أي خلاف بينهما يجب أن ينتهي بمرور مرحلة زمنية قصيرة جداً، مرحلة الخروج والعودة، أو النوم والاستيقاظ، بهذه الطريقة تغدو الحياة سعيدة. هذا كله من قبيل رعاية مبادئ الشريعة في العلاقة بين الزوجين.
- البيت مؤسسة، وما من مؤسسة على وجه الأرض إلا وتحتاج إلى قائد، فالله سبحانه وتعالى لحكمة بالغة قال: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ...﴾ فضل بعضهم على بعض ليس معنى هذا أفضل منك، معنى ذلك أنها أفضل منه في حالات و في قضايا و هو أفضل منها في قضايا، ففي شؤون العاطفة والعناية بالبيت وبالأولاد هي أفضل منه، و في شؤون الرؤيا والقيادة هو أفضل منها فقال فضل بعضكم على بعض وليس معنى هذا أنه يوجد طرف مفضل، معنى ذلك أن كل طرف مفضل وفاضل كل طرف، فالرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وليس بما فضلهم على النساء كلا، بل بما فضل بعضكم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم فالقوامة من الرجل إلا أن هذه القوامة لا تعني أنه كل شيء وهي لا شيء قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾. الشيء الثاني: هذا لا يمنع أن نتشاور، أي تنصحها وتنصحك، وتأمرها وتأمرك، والحياة حركة إلى منتصف الطريق.
- الزواج نعمة من الله وهو من أكبر النعم، فمن أساء إلى زوجته أو من أساءت إلى زوجها تكفر هذه النعمة، والبناء صعب والتخريب سهل، الإنسان أحياناً بعد فترة من الزواج ترتفع الكلفة ويصمت الرجل عن مدح زوجته وتصمت هي عن مدح زوجها وتغدو حياة رتيبة مملة لا معنى لها، هذا من عدم حكمة الزوج فهذه التي ترعى أولادك، فدائماً كن موضوعياً، لا تتعامى عن ميزاتها وينبغي ألا تتعامى عن ميزاتك. لذلك قال تعالى: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾. رجل تزوج امرأة في عصر التابعين يبدو أنها لم تعجبه، ندم أشد الندم و شعرت عليه بذلك فقالت يا فلان: قد يكون الخير كامناً في الشر، بقيت هذه الكلمة ترن في ذهنه ثم هام على وجهه عشرين عاماً هكذا القصة، عاد إلى المدينة فدخل إلى المسجد فرأى درساً يلقيه شاب حوله آلاف مؤلفة، قال: من هذا؟ قالوا: هذا أنس بن عامر، هو عامر ابنه، قال له: قل لأمك إن في الباب رجلاً يقول لك: قد يكون الخير كامناً في الشر، قالت: يا بني هو أبوك، أي الله عز وجل علمنا أن مصلحة الإنسان، مصلحة الزوجة و الأولاد فوق كل شيء، فالإنسان حينما يرضى وحينما يقبل بقضاء الله و قدره عندئذ ربنا عز وجل يسبغ على هذا الزواج سعادة ما بعدها سعادة.
- المعاملة بالمثل، أي إذاً كنت تتمنى أن تحترم أهلك فاحترم أهلها، هناك ثلاثة آباء، أب أنجبك وأب زوجك وأب دلك على الله، فالذي زوجك أب فإذا عاملت والد زوجتك كأنه أبوك وإذا عاملت أم زوجتك كأنها أم، وإذا عاملت والد زوجها كأنه أب وأم زوجها كأنها أم صار الوئام، المؤمن منطقي يعامل الناس كما يحب أن يعاملوه، أما هو يجب أن تحترم أهله إلى أعلى درجة وهو يسيء إلى أهلها هذا إنسان عنصري غير موفق وغير منطقي ولا يستحق أن يسعد في زواجه، إذا كنت أنت منطقياً قال عامل الناس كما تحب أن يعاملوك.
- الإنسان إذا كان أخطأ سابقاً في زواجه يجب أن يؤمن بالتصحيح، ممكن كل شيء أن يتصحح، كم من زواج بني على فساد وصار هناك شقاق ونفور وكان على وشك الطلاق ثم صح الزوج واصطلح مع الله واستقام على أمره فإذا هو إنسان آخر يجب أن تؤمن بقوله تعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾.
- كل بيت تؤدى فيه الصلوات، وكل بيت فيه ذكر لله عز وجل، هذا البيت مبارك، قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبِيتَ لَكُمْ وَلا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ)).