بحث

الأخوة الإيمانية

الأخوة الإيمانية

بسم الله الرحمن الرحيم

  الأخوة الإيمانية : 

أولا: لا ينفع نسب بلا إيمان  : 

      قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسيدنا سعد بن أبي وقاص، وسيدنا سعد بن أبي وقاص صحابي جليل، هو الصحابي الوحيد الذي  قال له النبي يوم أحد  ارْمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي 

      وهو الصحابي الوحيد الذي إذا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم حيّاه وداعبه،   

      وقال له : هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ  

      هذا الصحابي الجليل ذاته،   

      قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا سعد، لا يغرَّنَّك أنه قد قيل : خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينهم وبينه قرابة إلا طاعتهم له  

      فالشريعة عدل كلها، مصالح كلها، رحمة كلها، فكل قضية خرجت من العدل إلى الجور، ومن الرحمة إلى القسوة، ومن المصلحة إلى خلافها، فليست من الشريعة ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل. 

ثانيا: الناس من طبيعة نفسية وفطرة واحدة  : 

      أيها الإخوة المؤمنون، الناس مهما اختلفت أعراقهم، وبيئاتهم، ومستوياتهم، وأحوالهم هم من طبيعة نفسية واحدة،   

      قال الله  تعالى في القرآن الكريم :  (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ)  

      ولهم فطرة واحدة،   

      قال الله  تعالى في القرآن الكريم :(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)

      ولهم جبلة واحدة،   

      فقد ورد في الحديث القدسي :  يا داود، ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جُبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها  

ثالثا: الشرع جاء ليحافظ على الأخوة الإيمانية  : 

      فمن لوازم هذه الخصائص المشتركة التي يلتقي عندها بنو البشر أن تسود الأخوة الإنسانية فيما بينهم، لكن الناس وحينما تتحكم أهواؤهم في تصرفاتهم، وتحملهم شهواتهم المستعرة على أخذ ما ليس لهم من أموال الناس، والعدوان على أعراضهم، وتأتي قوى الشر، وعلى رأسها الشيطان لينزغ بينهم، ويوقع العداوة والبغضاء فيما بينهم، عندها تنعدم الأخوة والتعاون، ليحل محلها فيهم العداوة والبغضاء والعدوان .  

      لقد جاء التشريع الإلهي ؛ إنْ في الكتاب أو في السنة يحضُّ على الحفاظ على هذه الأخوة الإنسانية، والعمل على تنميتها منطلقاً من وحدة البنية النفسية لبني البشر، ومن أن الإنسان يتكامل في حاجاته الأساسية والثانوية مع أخيه الإنسان،   

      قال الله  تعالى في القرآن الكريم :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

      أما أخوة الإيمان فهي أصل من أصوله وألزم لوازمه، والمظهر الصارخ له، وقد قرر القرآن الكريم هذا الأصل الكبير في العلاقة بين المؤمنين،   

      فقال جلَّ من قائل : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )

      للمفسرين عند هذه الآية وقفات متأنية،   

      جملة اسمية ركناها المبتدأ والخبر ، ومن شأن التركيب الاسمي الثبات والاستمرار، ومن شأن التركيب الفعلي الحدوث والانقطاع، في الأعم الأغلب .  

      و" إنما " أداة قصر وحصر، تفيد أن المرء ما لم يشعر بالانتماء لمجموع المؤمنين، وما لم يشعر بالاخوة الصادقة بينه وبينهم فليس مؤمناً على قول، وليس كامل الإيمان على قول آخر، والمؤمنون في الآية إخوة، وليسوا إخواناً، أي أن العلاقة بينهم ترتقي إلى أمتن علاقة، وهي أخوة النسب، بل تفوقها في أكثر الأحيان،   

      لقول النبي عليه الصلاة والسلام : رب أخ لك لم تلده أمك  

      أما العداوة، والبغضاء، والتنافس، والحسد فهي علاقات مَرَضية بين المؤمنين، يجب إصلاحها،  

      لذلك قال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)

رابعا: الأخوة الإنسانية من مقومات الإيمان  : 

      وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الأخوة الإنسانية من مقومات الإيمان،   

      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ     

      وحتى يكره له ما يكره لنفسه، وقد ذكر بعض شُرَّاح الحديث أن كلمة أخيه في الحديث لم تُقيد بصفة تحدُّ إطلاقها، والمُطلق في النصوص المحكمة على إطلاقه .  

      إذاً فالأخوة التي قصدها المصطفى صلى الله عليه وسلم هي الأخوة الإنسانية،   

      ويؤكد هذا قوله الآخر: الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللهِ، وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ   

خامسا: الشرع نهى عن كل ما يقوّض الأخوّة  : 

      والبيان الإلهي نهى عن كل ما يُقوّض هذه الأخوة بين المؤمنين فنهى عن السخرية، والتنابز بالألقاب، وسوء الظن، والتجسس، والغيبة   

      فقال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(11)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ  )

      والبيان النبوي نهى أيضاً عن أسباب العداوة والبغضاء والتي تُضعف الأخوة بين المؤمنين أو تهدمها،   

      فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَخُونُهُ، وَلَا يَكْذِبُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ : عِرْضُهُ وَمَالُهُ وَدَمُهُ، التَّقْوَى هَا هُنَا، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْتَقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ 

      ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعاطي أسباب العداوة والبغضاء،   

      فقد قال  عليه الصلاة والسلام:  إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا  

سادسا: الشيطان يسعى إلى الإفساد بين المؤمنين  : 

      بل إن الشيطان حينما ييأس أن يُعبد غير الله في الأرض يتجه إلى التحريش بين المؤمنين، وإيقاع العداوة والبغضاء فيما بينهم،   

      قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ  

      وقد نُدهش حينما نرى النبي صلى الله عليه وسلم يُبين أن فساد الأخوة بين المؤمنين هي من الخطورة حيث تُفسد عليهم دينهم، وتقطع صلتهم بربهم،  

      فقد قال صلى الله عليه وسلم : إِيَّاكُمْ وسُوءَ ذَاتِ البَيْن، فَإِنَّهَا الحَالِقَةِ  

طُرُق ترسيخ الأخوة الإيمانية :    

      ولم يكتف التشريع الإسلامي بالنهي عن كل ما من شأنه أن يُضعف الأخوة الإيمانية أو يُقوضها، بل أمر بكل ما من شأنه أن يُرسخ الأخوة الإيمانية، ويمتنها، وينميها، ويطورها . 

أولا: إفشاء السلام  : 

      فقد أمر الشارع الحكيم بإفشاء السلام،   

      فقال عز وجل في القرآن الكريم :(وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا 

      عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :  

      أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ 

      فأعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخلهم من بخل بالسلام .  

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ  

      ومن خصائص إفشاء السلام بين الأنام أن يعُمَّ السلام، وينحسر الخصام، حيث   

      قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :  أَفْشُوا السَّلاَمَ تَسْلَمُوا  

ثانيا: عيادة المريض وتفقّد أحواله  : 

      ومما أمر به الشارع الحكيم ترسيخاً للأخوة الإيمانية، وتمتيناً لأواصرها ؛ عيادة المريض،   

      فقد قال صلى الله عليه وسلم : أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ  

      ويلحق بعيادة المريض، تفقد أحواله، وتعهده، والتلطف به، وحسبك ما قاله    رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  في الحديث القدسي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ :   

      يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ : يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ...    

      وإضافة المرض إلى ذاته تعالى تشريف للمريض، وتطييب لقلبه، وكلمة وجدتني عنده تشير إلى أن العبد إذا سُلب الصحة مُنح السكينة والقُرب . 

ثالثا: إجابة الدعوة  : 

      ومما أمر به الشارع الحكيم ترسيخاً للأخوة الإيمانية، وتمتيناً لأواصرها : إجابة الدعوة،   

      قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ  

      قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ  

رابعا: النصح  : 

      ومما أمر به الشارع الحكيم ترسيخاً للأخوة الإيمانية، وتمتيناً لأواصرها : النصح،   

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قَلْنا : لِمَنْ ؟ قَالَ : لِلَّهِ، وَكِتَابِهِ، وَرَسُولِهِ، وَأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَامَّتِهِم 

خامسا: الإحسان إلى الإنسان  : 

      وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم تمتيناً لهذه الأخوة، أن نرحم الصغير، ونوقر الكبير، وأن نُعين الضعيف، وأن ننصر المظلوم، وأن نكظم الغيظ، وأن نعفو عن الناس، وأن نُحسن إليهم . 

سادسا: النبي الكريم أمر بكل ما يقوي ونهى عن كل ما يُضعف الأخوة الإيمانية وكان قدوة في ذلك :  

      ومُجمل القول أن النبي صلى الله عليه وسلم فضلاً عن أنه نهى عن كل ما من شأنه أن يُضعف الأخوّة الإيمانية أو يقوضها، وأمر بكل ما من شأنه أن يُمتِّن أواصر هذه الأخوّة، فضلاً عن كل ذلك كان الني صلى الله عليه وسلم قُدوة لأصحابه في حياته ولأمته من بعده،   

حادثة1:  

      ففي موقعة بدر كانت الرواحل قليلة،   

      فقال صلى الله عليه وسلم :  كل ثلاثة على راحلة وأنا وعلـي وأبو لبابة على راحلة 

      فلما جاء دور النبي صلى الله عليه وسلم في المشي توسَّل صاحباه أن يبقى راكباً   

      فقال صلى الله عليه وسلم :  ما أنتما بأقوى مني على السير ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر  

حادثة2:  

      وحينما أراد أصحابه أن يعالجوا شاة   

      قال أحدهم : عليَّ ذبحها، وقال آخر : وعليَّ سلخها، وقال ثالث : وعلي طبخها،   

      فقال صلى الله عليه وسلم :  وعليَّ جمع الحطب ، فقال أصحابه : نكفيك ذلك ..  

      قال :  أعلم ذلك، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه  

التفسير العلمي للأخوة الحقيقية بين المؤمنين :  

      وإذا أردنا أن نبحث عن التفسير العلمي للأخوة الحقيقية بين المؤمنين نجد أن في شخصية كلٍّ منا سماتٍ، وصفات، وتصورات، وقيماً، ومبادئ، وأهدافاً، وطباعاً، وأخلاقاً، وعاداتٍ، وتقاليد، وعواطف، ومشاعر، وميولاً، ورغبات، ونوازع، واتجاهات، ويمكن أن ينطوي تحت كل بند من هذه البنود بضع عشرات من الفروع، والأقسام، وما شخصية الإنسان إلا مجموع هذه الملامح والصفات، وبما أن الإيمان الحقيقي يطبع الإنسان بطابع عميق، وراسخ، وصارخ، ومتميز في تصوراته، ومبادئه، وأهدافه، وقيمه، وأخلاقه، وطباعه، وعاداته، وعواطفه، ومشاعره، وميوله، ورغباته، ونوازعه، واتجاهاته، وأنه كلما كثرت الصفات المشتركة والملامح المتوافقة بين شخصيتين ازدادت الألفة والمحبة بينهما، لأن كلاً منهما يرى ذاته، وصفاته في أخيه. 

      لذلك قالوا : في حياة كلٍّ منا   

  • شخصية نكونها، وهي شخصيتنا،   
  • وشخصية نكره أن نكونها، وهي الشخصية المتنافرة في صفاتها مع شخصيتنا،   
  • وشخصية نحبها وهي التي تتوافق في صفاتها مع شخصيتنا،   
  • وشخصية نتمنى أن نكونها وهي الشخصية القدوة التي نصبو إليها .  

      لذلك أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة، فبين أن إنفاق أموال الأرض كلها لا يمكن أن يؤلف وحدة القلوب، ولكن وحدة المبادئ والقيم والمشاعر التي تنبع من منهل علوي واحد هي التي تؤلف القلوب وتجمع النفوس   

      قال تعالى في القرآن الكريم:(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )

      ولقد ورد في الحديث الشريف : أن المؤمنين نَصَحَةٌ متوادون ولو ابتعدت منازلهم، والمنافقين غششة مُتحاسدون ولو اقتربت منازلهم  



المصدر: الخطبة الإذاعية (23) : خ1 - الأخوة الإيمانية ، خ2 - الجانب العملي للأخوة الإيمانية