بحث

الإسلام حركة وانضباط وحب

الإسلام حركة وانضباط وحب

بسم الله الرحمن الرحيم

     أيها الأخوة الكرام، الحق الذي نزل على سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام، نزل على إنسان طبقه، والذي يثير فينا الشوق إلى طاعة الله أن هذا الحق مطبقاً، لو بقي نظرياً وفي الكتب لا يثير هذه الرغبة في طاعة الله عز وجل، لذلك قال تعالى:  ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ و السيرة النبوية هي حقائق طبقها النبي عليه الصلاة والسلام ولا تتأثر أنت إلا بالحقيقة المطبقة، هذا نسميه مثالية واقعية، بحياتنا الآن مثالية تخيلية، واقع مر، الواقع المر مكروه والمثالية التخيلية غير واقعية، كأنها غير موجودة كلام بكلام، فالمثاليات التي جاءت عند المفكرين والمصلحين مثاليات حالمة غير واقعية، والواقع الذي يعيشه البشر واقع مر، عظمة الإسلام أنه جاء بالمثالية الواقعية، أي قيل: القرآن كون ناطق، والكون قرآن صامت، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي. الأنبياء بماذا جاؤوا؟ جاؤوا بالكلمة، كلمة فقط لكنها كلمة صادقة، لكنها كلمة مخلصة:  ﴿مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾  جاء الأنبياء بالكلمة لكنها صادقة، فقلبوا وجه الأرض. في هذا العصر، الكذب انتشر، وتمثيلاً في الأفعال والأمور اختلطت ببعضها فكفر الناس بالكلمة، لذلك الآن لا يمكن أن نحيي قيمة الكلمة إلا بالتطبيق 

     أكبر غلطة وقع بها المسلمون أنهم توهموا أن الإسلام عبادات شعائرية، صوم، وصلاة، وحج، وزكاة، ونطق بالشهادة، لا، الإسلام بنود كثيرة، أنت مكلف فقط أن تقيم الإسلام في نفسك، وفي بيتك، وفي عملك، إذا بلغت ولو آية، ولو حديث، ولو حكم فقهي، ولو قصة مؤثرة، ولو قضية علمية، إلى جيرانك، أقاربك، أصدقائك، معارفك، زملائك، ضغط النبي عليه الصلاة والسلام الدين بكلمة واحدة،  ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) أحياناً يكون عند بائع القماش ثوب لا يباع معه، لأن لونه لم يعجب أحداً، يأتي لعنده إنسان ساذج، يقول له: أريد لوناً جيداً انصحني، يقول له: هذا أحلى لون، والله خان الأمانة، باختيار لون خنت الأمانة. شيء عجيب يتوهم الناس الدين في الجامع، لا والله، لا والذي بعث محمداً بالحق، الدين بمكان عملك، ببيتك، بحقلك، بعلاقاتك، ببيعك، بشرائك، بزواجك.  

     الإسلام ليس معلومات فحسب، ولا كلام يقال، الإسلام حركة، سلوك، الإسلام انضباط، الإسلام حب، الإسلام رحمة، هذه المثل العليا التي فتح بها الصحابة الكرام الأرض، النبي عليه الصلاة والسلام رأى إنساناً يذبح شاة أمام أختها، فغضب،  قال له: هلا حجبتها عن أختها؟ أتريد أن تميتها مرتين؟ الإسلام كله رحمة، أنا أتعجب كيف انقلب الإسلام لعبادات شعائرية فقط، بقي الدين طقوساً، ما معنى طقوس؟ حركات، وسكنات، وإيماءات، وتمتمات، لا تقدم ولا تؤخر، نحن عندنا عبادات لا يوجد عندنا طقوس، عندنا صلة بالله، عندنا استقامة على أمر الله، عندنا صوم عن كل المحرمات، 

     الدين دين عمل، دين مواقف، دين تطبيق، دين قرب من الله، دين إخلاص، دين نوايا طيبة، دين إنجاز، لا تجعله دين طقوس، حدثني أخ كان في بلد إسلامي قال: شرب الخمر وأحياناً الزنا شيء عادي جداً، ويصلون خمس صلوات، الآن كان يشرب الخمر؟ كل شيء لوحده، هذا الفصل الخطير بين الاستقامة وبين العبادة، هذا فصل أنهى الدين كلياً. 

     الحياة جميلة جداً في ظل الإيمان، الحياة حلوة في ظل الإيمان، الله معك، عملك منضبط، بيتك منضبط، أهلك منضبطون، أولادك أبرار، والله أكاد أقول: هناك جنة في الدنيا، وأساساً يقول أحد العلماء: في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، إنها جنة القرب من الله عز وجل. أتمنى على الإنسان أن يفهم الدين فهماً حقيقياً، فهماً عملياً، فهماً تطبيقياً، فهم سمو، فهم انضباط، فهم عطاء، لا يكون كمن قست قلوبهم فهي كالحجارة، لأن المتابعة في المعاصي والآثام تؤدي إلى قسوة القلب، وإذا قسا القلب انتهى الإنسان، وإن أبعد قلب عن الله عز وجل هو القلب القاسي.  



المصدر: موضوعات إسلامية - متفرقة : 100 - السيرة وقيمتها- الإسلام حركة و انضباط و حب ،جسم الإنسان أكبر آية دالة على عظمة الله