بحث

الإسلام والإرهاب

الإسلام والإرهاب

بسم الله الرحمن الرحيم

دين الإسلام دين الرحمة والخير للعالمين جميعاً:  

      أيها الأخوة الكرام،إن دين الإسلام دين الرحمة للناس أجمعين،   

      قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107))  

      هو دين الخير للعالمين جميعاً مؤمنهم وغير مؤمنهم، لا يجحد ذلك إلا من جهل الحقيقة،   

      قال تعالى: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)  

      أو كان من المستكبرين   

      قال تعالى: وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32))  

خيرية الإسلام للمسلمين وغير المسلمين:  

      أما خيرية الإسلام للمسلمين فهي بديهية كما قال الشاعر:  

فليس يصح في الإفهام شيء      إذا احتاج النهار إلى دليل  

      أما خيريته لغير المسلمين فلأنه حفظ حقوقهم، وصان كرامتهم، وعاملهم بالحسنى،   

      قال تعالى:   ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (46))  

      ولم يختلف هذا التعامل الراقي حتى في ساعات الانتصار،   

      دخل النبي عليه الصلاة والسلام مكة المكرمة فاتحاً مطأطئ الرأس، حتى كادت ذؤابة عمامته تلامس عنق بعيره تواضعاً لله عز وجل، وقال: ما تظنون إني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء .  

      هذا التعامل الإنساني الراقي لم يختلف حتى في ساعات الانتصار، وساعات نشوة الشعور بالعزة والغلبة،   

      هذا  الصديق رضي الله عنه يوصى مبعوثه قائد جيش الشام بقوله:  إني موصيك بعشر ؛ لا تقتلن امرأة، ولا صبياً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاة، ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلاً، ولا تغلل، ولا تجبن،  

آداب الإسلام وأحكامه في الجهاد المشروع:  

      وللإسلام آداب وأحكام واضحة في الجهاد المشروع تحرم قتل غير المقاتلين: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ (190))        تحرم قتل غير المقاتلين، كما تحرم قتل الأبرياء من الشيوخ، والنساء، والأطفال، وتحرم تتبع الفارين، أو قتل المستسلمين، أو إيذاء الأسرى، أو التمثيل بجثث القتلى، أو تدمير المنشآت، والمواقع، والمباني التي لا علاقة لها بالقتال، ولا يمكن التسوية بين إرهاب الطغاة وعنفهم الذين يغتصبون الأوطان، وينهبون الثروات، ويهدرون الكرامات، ويدنسون المقدسات، وبين ممارسة حق الدفاع المشروع الذي يجاهد به المستضعفون لاستخلاص حقوقهم المشروعة في تقرير المصير.  

 

الجهاد في الإسلام مشروع نصراً للحق ولردّ العدوان ورفع الظلم والطغيان:  

      أيها الأخوة، إن الجهاد في الإسلام شُرع  نصرة للحق، ودفعاً للظلم، وإقراراً للعدل، والسلام ، والأمن، وتمكيناً للرحمة التي أرسل محمد صلى الله عليه وسلم بها  للعالمين، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وهو ما يقضي على الإرهاب بكل صوره، فالجهاد شرع لذلك، وللدفاع عن الوطن ضد احتلال الأرض، ونهب الثروات، وضد الاستعمار الاستيطاني، الذي يخرج الناس من ديارهم، وضد الذين يظاهرون ويساعدون على الإخراج من الديار، وضد الذين ينقضون عهودهم، ولدفع فتنة المسلمين في دينهم، أو سلب حريتهم في الدعوة السلمية إلى الإسلام،   

      قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9))  

دين الإسلام يحرم الإرهاب بالمفهوم الجديد ويمنع العدوان ويؤكد على العدالة والتسامح:  

      أيها الأخوة الكرام، وحيث إن دين الإسلام يحرم الإرهاب بالمفهوم الجديد، ويمنع العدوان، ويؤكد على معاني العدالة والتسامح، وسمو الحوار والتواصل بين الناس، فإن المسلمين يدعون الشعوب الإنسانية والمنظمات الدولية إلى التعرف على الإسلام من مصادره الأساسية لمعرفة ما فيه من حلول للمشكلات البشرية، وأن دين السلام هو للناس جميعاً، وأنه يمنع العدوان  

      قال تعالى: ( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين(190))  

تغيير الغرب المصطلحات الإسلامية منذ الهجمة الغربية على العالم الإسلامي:  

      منذ الهجمة الغربية على العالم الإسلامي والغرب يقوم بما يسمى باحتلال المصطلحات الإسلامية، يحتلها ويعطيها معنى آخر، يحتلها بالمفاهيم الغربية وهذا ما أدى إلى اختلال في الفهم، وضياع لمعاني اللغة التي هي وعاء الفكر، فالإرهاب في أصله إسلامي، لفظة قرآنية الغرض منها صدّ المعتدي، وإرجاع الناس إلى الطريق القويم، ومنعهم من الفساد في الأرض،   

      قال تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ (190))  

      (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60))    

      تمنعونهم من أن يعتدوا عليكم وقد لا تستخدمون هذا السلاح إطلاقاً لمجرد وجود سلاح قوي بأيدي المسلمين هذا يمنع العدوان عنهم: (وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ (60))  

      فظهر أن الإرهاب إنما يكون لعدو الله، وعدو المؤمنين، وللمنافقين الذين لا يعلمون الحقيقة، ولكن الصحافة والإعلام ابتذل هذا المصطلح القرآني حتى عاد مرافقاً للعدوان، ومرادفاً للظلم والطغيان، وقتل المدنيين والأبرياء، وبهذا الأوراق قد خلطت، وساءت  النيات، إلى غير ذلك مما يأباه كل مسلم على وجه الأرض،   

      قال تعالى:  (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين(190))  

 

التسامح في ديننا يقوم على:  

      إن الإسلام دين التسامح، وإن شهادات كثيرة قيلت وكُتبت عن الإسلام في هذا الميدان، وهذا المجال قال العدو قبل الصديق: لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب ولا ديناً سمحاً مثل دينهم،  

      وسُجِّلت مثل هذه الكلمات في سجلات تاريخية واجتماعية وسياسية، وإذا ما سأل سائل عن معطيات التسامح في ديننا وإسلامنا قلنا: إن التسامح في ديننا يقوم:  

أولا: الاعتقاد بأن كل الديانات تستقي من معين واحد:  

      الاعتقاد بأن كل الديانات تستقي من معين واحد: ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً و الذي أوحينا إليك و ما وصينا به إبراهيم و موسى و عيسى أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه (13))  

ثانيا: عدم التفريق بين رسول و رسول:  

      لا نفرّق نحن الذين نؤمن بالإسلام بين رسول و رسول من حيث الإيمان، و من حيث الاعتقاد بأن هؤلاء رسل الله إلى الناس و الله عز وجل قال:  (لا نفرق بين أحد منهم و نحن له مسلمون(136))  

      وقال تعالى: (لا نفرق بين أحد من رسله و قالوا سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير(285))  

ثالثا:  لا إكراه في الدين:  

      لا إكراه في الدين، ولا نكره أحداً على الدين لأن الله عز وجل قال: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي(256))  

رابعا:  احترام أمكنة العبادة:  

      أمكنة العبادة محترمة: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً (40))  

خامسا:  العلاقة مع أهل الديانات الأخرى قائمة على المجادلة بالتي هي أحسن:  

      العلاقة مع أهل الديانات الأخرى قائمة على المجادلة بالتي هي أحسن،   

      قال تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن(46))  

سادسا:  عدم منع قيام علاقات طيّبة جواريّة ضيفيّة بيننا و بين أهل الديانات الأخرى:  

      ليس ثمّة مانع من أن تكون بينك و بين أهل الديانات الأخرى علاقات طيّبة جواريّة ضيفيّة،   

      قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم(5))  

      وما ذكر الطعام إلا لأنّ احتمال اللقاءات والضيافات وقائم.  

      هذه الأسس الستة التي يقوم عليها التسامح في الإسلام كمصطلح من مصطلحاتنا.   

      أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.  

 

قال غير المسلمين في الفتوحات الإسلامية:  

      من التاريخ الحديث أحد الفرنجة عقب فتح القدس من قِبل صلاح الدين قال: إن المسلمين لم يؤذوا أحداً، ولم ينهبوا مالاً، ولم يقتلوا مسالماً أو معاهداً، ومن شاء منا خرج وحمل معه ما شاء، وأننا بعناهم ما فضل من أمتعتنا فاشتروها منا بأثمانها، وأننا نغدو ونروح آمنين مطمئنين، لم نرَ منهم إلا الخير والمروءة فهم أهل حضارة، وتمدن،  

      قال وليته:  إن المسلمين لم يهدموا بيتاً، ولم يصادروا أرضاً، ولم ينشؤوا مستوطنةً، ولم يكسروا عظماً،  

      هذا السمو في التعامل في ساعات الحرب هو ما امتثله المسلمون في عصورهم المختلفة، وبالأخص في العصور الزاهية الأولى، وهو ما اعترف به العقلاء والمنصفون من أعدائهم.  

      قال ديورانت: لقد كان أهل الذمة ؛ المسيحيون، واليهود، والصابئون، يتمتعون في عهد الدولة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيراً في البلاد في هذه الأيام، فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائرهم الدينية، واحتفظوا بكنائسهم، ومعابدهم، وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لعلمائهم وقضاتهم وقوانينهم.  

      وقال الفيلسوف المؤرخ غوستاف لوبون:  ما عرف التاريخ فاتحاً أعدل ولا أرحم من العرب المسلمون.  

      وهذه المعاملة الحسنة من المسلمين لمخالفي دينهم ليست طارئة ولا غريبة، لأنها منبعثة من أصول الدين الإسلامي الذي يقوم على حفظ كرامة الإنسان كائناً من كان، ولهذا جهل الناس هذه الحقيقة في هذه الأيام، فسمعنا أصواتاً تتعالى في الإعلام باتهام دين الإسلام وأهله بانتهاك حقوق الإنسان ظلماً وجوراً وتعنتاً وكبراً.  

حقائق لابدّ منها:  

      هناك حقائق أيها الأخوة،  لابدّ من الوقوف عندها  

أولا: حاجة البشرية الماسة لدين الإسلام:  

      حاجة البشرية الماسة لدين الإسلام، لتصوراته، ومبادئه، ومثله، وأخلاقه، وتعاليمه، وقيمه، إذ هو وحده كفيل بحلِّ الأزمات، وصراع الحضارات، وهو القادر دون غيره على علاج مشكلات الأمم والشعوب، ومستعصيات الزمان، لأنه دين يعنى بالفرد والمجتمع معاً، وبالروح والجسد، وبالدنيا والآخرة، وهذا ما تفتقر إليه جميع المجتمعات التي تأن تحت وطأة الظلم والضياع، وتكتوي بلهيب المادة والحقد، فالأمم اليوم لا تعرف إلا الشقاء والضنك في الحياة، بل وقد أصبح الإسلام ضرورة من ضرورات الحياة الهانئة السعيدة وهذا ما صرح به بعض الأوربيين الذين درسوا الإسلام أو قرؤوا عنه،   

      يقول المستشرق الفرنسي غوستاف دوكا: للدين الإسلامي أثر كبير في تهذيب الأمم، وتربية مشاعرها، ووجدانها،  وترقية عواطفها، فإذا قرأت تاريخ العرب قبل البعثة، وعلمت ما كانت عليه،  اعتقدت أن للشريعة السمحة في تهذيب الأخلاق التأثيرُ الأكبر،  إذْ ما كاد يتصل بالأمة العربية ذلك الإصلاح الروحي المدني،  حتى انتشر العدل وزال النفاق والرياء والعدوان. 

      وقال بعض العلماء الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام: أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور، لاتساع الهوّة بينهما، لكنّي مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين، لا لأنهم أقوياء، ولكن لأن خلاص العالم بالإسلام، ولكن بشرط أن يحسن المسلمون فهم دينهم، وأن يحسنوا تطبيقه، وأن يحسنوا عرضه على الطرف الآخر.  

ثانيا: الإسلام عالمي و دعوة لكل الإنسانية:  

      الإسلام عالمي، وأنه دعوة لكل الإنسانية، هو دين الله إلى الناس كافة،  ورسالته عالمية بكل ما تحمله معاني العالمية ،   

      قال تعالى:  (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً (158))  

      ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى كافة البشر،   

      قال تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون(28))  

      وإنما كانت دعوة هذا الدين عالمية، لأنه جاء لتحرير البشرية كلها من الانحرافات، والضلالات، والعبوديات لغير الله،  ولم يكن الإسلام يوماً من الأيام خاصاً بقبيلة، أو طائفة، أو أمة، أو جنس، إنما هو دين الله إلى الناس كافة، ولأنه دين مشتمل على منهج حياة متكامل في جميع مناحي الحياة،  لم يكن هذا المنهج ناتجاً عن ردة فعل لسوء أوضاع بيئة معينة كما هو شأن المناهج البشرية الوضعية، إنما هو منهج عام شامل كامل،  أراده الله ليكون للبشرية جمعاء في كافة ديارها وشتى أقطارها.  

      قال بعض العلماء الغربيين: وعلى كل واحد من البشر أن يصدق محمداً فيما أخبر به، ويطيعه فيما أمر تصديقاً عاماً وطاعة عامة، وقد بعث الله رسوله محمداً بأفضل المناهج والشرائع، وأنزل عليه أفضل الكتب، وأرسله إلى خير أمة أخرجت للناس،  وأكمل له ولأمته الدين، وأتم عليهم النعمة.  

ثالثا: عظمة الإسلام وشموليته وعالميته تتجلى في جوانب كثيرة من التشريعات: 

      تتجلى عظمة الإسلام وشموليته وعالميته في جوانب كثيرة من التشريعات، منها جانب تنظيم العلاقات، سواء في علاقة المسلمين بربهم، أو علاقة بعضهم ببعض، أو علاقتهم بالآخرين ممن لم يعتنقوا دينهم على أي وجه كان، وصدق الله جلّ جلاله إذ يقول: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين(89)) 

      وقد جاء تنظيم العلاقة مع الآخرين في منتهى الروعة والكمال والجلال،  في شؤون الحياة كافة، وفي مختلف الظروف والأحوال سواء في حال الحرب، أو في حال السلم،  وسواء كانوا أهل ذمة، أو مستأمنين، أو معاهدين، أو حربيين، أو مرتدين،  نظمها تنظيماً دقيقاً راعى فيها تحقيق المصالح والعدل،  وحفظ حق الدين والإنسان.  

رابعا: تعاملات المسلمين مع غير المسلمين:  

      تعاملات المسلمين مع غير المسلمين ، وبالأخص في هذا الزمن لا تمثل منهج الإسلام في التعامل معهم، لأن نظرات الناس، وضعف إيمانهم، وسوء فهمهم، نقلهم إلى علاقة يأباها الدين الإسلامي، فلذلك اتهموا ما اتهموا به من ضعف إيمانهم وضعف معلوماتهم. 

      لذلك قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)) 

      هناك التعايش وهناك المواطنة وهناك التعامل بالحسنى هذا كله وارد. 

      أيها الأخوة الكرام، أما الرأي المتبني للغلظة والعنف مطلقاً،  فهو يتنافى مع سمو الإسلام، وسماحته، وعالميته، ومبادئه، وتشريعاته، ويتنافى أيضاً مع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه. 

على هامش الحديث: 

      أنقل لكم كلمة قالها لويس التاسع ملك فرنسا الذي أُسر وسجن في دار ابن لقمان في المنصورة عام ألف ومئتين وخمسين ميلادية، أي قبل سبعمئة وستين عاماً،  

      قال لويس التاسع ملك فرنسا وهي من الوثائق المحفوظة في دار الوثائق القومية في باريس أنقلها لكم حرفياً. 

      قال لويس التاسع:  

      لا يمكن الانتصار على المسلمين في الحرب ـ كما رأيتم ـ وإنما ننتصر عليهم باتباع ما يلي (يخططون لنا قبل سبعمئة وستين عاماً):  

  1. إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين،  
  2. عدم تمكين البلاد العربية والإسلامية أن يقوم فيها حكم صالح،  
  3. إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة، والفساد، والنساء، حتى تنفصل القاعدة عن القمة، 
  4. الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه، يضحي في سبيل مبادئه،  
  5. الحيلولة دون قيام وحدة عربية إسلامية في المنطقة،  
  6. العمل على قيام دولة غربية في المنطقة العربية،هذه قبل إسرائيل بسبعمئة عام، عمر إسرائيل يقدر بستين عاماً، هذا قبل سبعمئة وستين عاماً،  

      إذاً هم يخططون قبل سبعمئة عام، وقيل إما أن تخطط وإما أن يُخَطط لك هذه المقولة للويس التاسع عشر ملك فرنسا قبل مئات السنين، تفسر لكم ما يجري الآن. 

      أيها الأخوة الكرام، معركتنا معركة حياة أو موت، معركة وجود أو فناء، معركة نكون أو لا نكون، هذه معركة مصيرية، والله الذي لا إله إلا هو اتخذت ستة قرارات الآخر غير معلن لكن مطبق،  

  1. إفقار المسلمين،  
  2. إضلالهم،  
  3. إفسادهم،  
  4. إذلالهم،  
  5. إبادتهم، يبيدون الملايين ولا ينطق أحد بكلمة وكأنهم متفقون على إبادتنا. 

       فلابدّ من صحوة أيها الأخوة، لابدّ من عودة إلى هذا الدين العظيم. 



المصدر: خطبة الجمعة - الخطبة 1101 : خ1 - آداب الجهاد في الإسلام ، خ 2 - لماذا الغرب يستقطب أدمغة العالم ؟