قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)) وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم ويغلبهن لئيم وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً)) كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته كان بسَّاماً ضحاكاً، وقد وصف النساء فقال: إنهن المؤنسات الغاليات ، هذا هو الدين، هذا هو الشرع الحنيف الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، الإسلام ينبغي أن نعرفه من أصوله، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾ الإكمال نوعي، والإتمام عددي، فكل القضايا التي نحن بأمس الحاجة إليها، عالجها معالجة كاملة، وأدرجها في منهجه القويم، وفي كتابه الكريم. إذا أردت أن تعرف الإسلام فهذا هو القرآن، وهذه هي سنة النبي العدنان، ومن خلال أصحاب رسول الله الذين اتبعوه بإحسان ووعي وفهم.
المرأة في الإسلام مساوية للرجل تماماً في نقاط كثيرة:
فالمرأة من حيث هي إنسان مساوية للرجل تماماً، فلها مشاعره، ولها أحواله، ولها خصائصه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ يا أيها الناس أي الرجال والنساء. فالمشاعر التي يشعر بها الرجل تشعر بها المرأة، والقيم التي يسمو إليها الرجل تسمو إليها المرأة، والبطولة التي يحققها الرجل تحققها المرأة، فالرجل والمرأة من نفس واحدة. ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ المرأة من حيث هي إنسان مشابهة للرجل تماماً، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((إنما النساء شقائق الرجال)) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ؛ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ، هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ؟)) والمولود ذكراً كان أو أنثى. أية نظرة إلى المرأة على أنها من طبيعة أخرى، على أنها دون الرجل من حيث أنه إنسان هي نظرة جاهلية، لا يقرها الإسلام، ولا يقبلها بل جاء ليحاربها.
كما أن الرجل يستقيم المرأة تستقيم، وكما أن الرجل ينحرف تنحرف المرأة. يؤمن وتؤمن، يكفر وتكفر، يعصي وتعصي، يطيع وتطيع، يسمو وتسمو، يرقى وترقى. قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ وهذه الآية تعني الرجال والنساء معاً. من أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً، ومن قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً. والنفس ذكراً كان أو أنثى. إنها مساوية للرجل تماماً من حيث إمكانها أن ترقى، وأن تسمو، وأن تتفوق، وأن تكون من اللاتي يشار إليهن بالبنان. سئل عليه الصلاة والسلام: ((أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ)) وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾.
بل إن الإسلام العظيم جعل الذين يرمون المحصنات الغافلات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء جعل قصاصهم أن يُجلدوا ثمانين جلدة، وألا تُقبل لهم شهادة أبداً، حتى لو تابوا لابد من أن يُجلدوا ثمانين جلدة، عقاب الدنيا لا يسقط بالتوبة، لذلك ورد في الأثر: " قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة ".
بل إن المرأة مساوية للرجل في أنها مكلفة بأركان الإيمان، ومكلفة بكل التكاليف الشرعية التي كلف الله بها الرجل. الأدلة من كتاب الله: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الله أراد أن يؤكد، وأن يبين، وأن يزيل اللبس من أن المرأة كالرجل مساوية له تماماً في التكاليف الشرعية، وفي أركان الإيمان، وفي أركان الإسلام. وقال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ . بل إن المرأة مخلوق مستقل من حيث مسؤوليته عن عمله، وهي مكلفة استقلالاً عن الرجل بتكاليف الشريعة، مكلفة بشكل مستقل عن الرجل بتكاليف الشريعة.. ((والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها)).
والمرأة أيضاً مساوية للرجل في التربية والتهذيب، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ قوا أنفسكم وأهليكم، والأهل في القرآن الكريم الزوجة والأولاد. وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((ما نحل والد ولده من نحلة أفضل من أدب حسن)) والولد ذكر كان أو أنثى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم له بنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه، أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة)) هذه بشارة لكم جميعاً.. أي رجل له بنتان إذا أحسن إليهما ورباهما التربية الإسلامية الصحيحة، واعتنى بهما، وأحسن إليهما فله الجنة. وفي حديث آخر: ((من كانت له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات)) قد تبقى البنت بلا زواج، تصبح عانساً مصيرها عند أخيها، هذا الحديث الشريف يبين أن الذي يرعى أخته، ويحسن إليها، ويربيها التربية الصحيحة، ويدلها على الله فله الجنة. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ، أَوْ أُخْتَانِ، فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ))
والمرأة مساوية للرجل تماماً في العلم والواجب العيني، وفي العلم الكفائي، فإذا كانت مكلفة بأركان الإيمان، وأركان الإسلام، وبأحكام الشريعة، فلا يكون هذا إلا بالعلم، لذلك قال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ تقرأ هذه الآية الفتاة ويقرؤها الفتى، تقرأ هذه الآية المرأة ويقرؤها الرجل. وطلب العلم فريضة على كل مسلم، أي على كل شخص مسلم ذكراً كان أو أنثى. قال عروة بن الزبير يصف خالته السيدة عائشة رضي الله عنها قال: " ما رأيت أحداً أعلم بفقه، ولا بطب، ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها ". وكثيرة جداً الأحاديث التي روتها أمهات المؤمنين، وكثيرة جداً تلك الأقوال المنسوبة إليهن في التفسير، وفقه الحديث، وكثيرات جداً النساء اللواتي حفظن كتاب الله، أو حفظن كثيره.
والمرأة مساوية للرجل في وجوب تمسكها بالأخلاق الباطنة والظاهرة، الباطنة من طهارة القلب، وسلامة القصد، والظاهرة أخلاق اللسان وأخلاق الجوارح. قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ ذكراً كان أو أنثى. وقد قال بعض الأقوام: في كل مشكلة فتش عن المرأة. أما الإسلام فيقول: في كل مشكلة فتش عن المعصية؛ لأنه ما من مشكلة على وجه الأرض إلا بسبب خروج عن منهج الله، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل، والجهل أعدى أعداء الإنسان. إحدى زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركتها الغيرة التي هي من خصائص النساء، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية أنها قصيرة، فقال عليه الصلاة والسلام: ((يا عائِشَة لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْه)) كم هي كرامة المرأة غالية في الإسلام، وصفت بأنها قصيرة، فقال عليه الصلاة والسلام لمن قالت هذه الكلمة.
والمرأة مساوية للرجل في وجوب تحقيق الكليات الست التي جاء الإسلام من أجلها، فالإسلام يقوم على كليات ست، الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، والأمن، من اعتدى على إحداهن فله في نص القرآن الكريم عقوبة محددة هي الحد الذي جاء به القرآن الكريم وفصلته السنة، ذكراً كان أم أنثى، هذا الحد يصيب الذكور كما يصيب الإناث. فالشريعة كما تعلمون مصلحة كلها، ورحمة كلها، وعدل كلها، وأية قضية خرجت من العدل إلى الجور، ومن المصلحة إلى المفسدة، ومن الرحمة إلى القسوة، فليست من الشريعة ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل.
حتى إن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الدعوة إلى الله، ينبغي أن تنقل ما تعلمته إلى أخواتها، وعليها أن تنشر هذا الدين لقول الله تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ السيدة خديجة حينما جاء النبي الوحي، وجاء إليها وقال لها: خشيت على نفسي، ماذا قالت؟ قالت: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر. ما معنى ذلك؟ أنها كانت مع النبي في دعوته. وأول امرأة شهيدة قُتلت في الإسلام سمية وزوجها ياسر قتلا دفاعاً عن عقيدتهما، وعن تمسكهما بهذا الدين القويم، فالمرأة أيضاً تدعو إلى الله، وتنشر هذا الدين في الحقل الذي يناسبها، وفي الحدود التي يسمح لها بها.
والمرأة مساوية للرجل في الميراث، قال تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً﴾ مساوية له في الميراث، وأما أن للذكر مثل حظ الأنثيين فله تفصيل.
ثم إن المرأة مساوية للرجل تماماً في الأقارير - أي جمع إقرار- والعقود والتصرفات. أي بإمكانها أن تشتري، وأن تبيع، وأن تقرَّ بيعاً أو شراءً، فالصدقة، والدين، والوقف، والبيع، والشراء، والكفالة، والوكالة، هذه كلها المرأة مساوية للرجل.
ساوته في الأقارير والعقود والتصرفات، وساوته في الميراث، وساوته في وجوب الدعوة إلى الله، وساوته في وجوب طلب العلم، لأنها مكلفة بأركان الإيمان، وأركان الإسلام، وأحكام الشريعة، ومساوية له في وجوب تطهير قلبها وقصدها ولسانها وجوارحها، ومساوية له في العلم والواجب العيني والكفائي، ومساوية له في التربية والتهذيب، ومساوية له في الإيمان بالله، والتكاليف الشرعية، ومساوية له في الكرامة، ومساوية له في الخلقة، والمساواة الكاملة في الإنسانية. أما إذا قال الله تعالى: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾ فهناك اختلاف بين الجنسين اختلاف يُعد في حق كل منهما كمال وأي كمال.