أيها الإخوة الكرام، الإنسان بفطرته و جبلته حريص على رزقه كما أنه حريص على حياته، و قد يقول بعض الناس : قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق .
أحد عشر سؤالاً في موضوع الرزق تقلق الإنسان:
ما فلسفة المال في الإسلام ؟
كيف يدفع المرء عن نفسه القلق من أجل الرزق ؟
وكيف يمتنع الرجل عن ارتكاب معصية من أجل الرزق ؟
و كيف يحترز الإنسان عن أن يقف مواقف مذلة من أجل الرزق ؟
من يملك المال ؟
كيف أن الإنسان مستخلف فيه ؟
لماذا ينبغي أن نحافظ على المال ؟
لماذا حرم الله التبذير و الإسراف و إتلاف المال ؟
لماذا فرض الإسلام على المسلم فرضاً عينياً أن يكسب رزقه ؟
هل هناك مكاسب للرزق محرمة تخفى على كثير من المسلمين ؟
كيف يزيد الرزق من خلال الكتاب و السنة ؟
هذه أسئلة تقلق معظم الناس وهي محور البحث .
المال كما جاء وصفه في القرآن الكريم والسنة:
أولا: لله ملكُ السماوات والأرض خَلقًا وتصرُّفًا ومصيرًا :
أيها الإخوة الكرام، لقد خلق الله السماوات والأرض وما فيهما، وهو المالك الواحد لكل ما في السموات و الأرض وما بينهما، وما تحت الثرى من الثروات الباطنية،
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى)
ثانيا: المال مال الله :
أيها الإخوة الكرام، المال في القرآن الكريم وصف بأنه مال الله :
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ )
وسمى الله المال الذي في أيدي الناس مال الله .
ثالثا: المال أداة استخلافٍ :
وسماه أيضاً أداة استخلاف للإنسان،
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ)
كل ما في الكون بسماواته وأرضه، بما تحت الثرى ملك لله، ملك خلقٍ، وملك تصرفٍ، وملك مصير، فأصل الملك أيها الإخوة لله سبحانه وتعالى، وليس للعبد إلا التصرف، والله عز وجل سيحاسب عن هذا المال من أين اكتسبته، وفيمَ أنفقته ؟
قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ )) .
رابعا: إضافة المال الإنسان إضافة انتفاع وابتلاء :
لكنه في بعض الآيات يضاف المال إلى الإنسان
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ )
( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُم )، أضيف المال إلى العباد هذه إضافة في رأي العلماء لها تفسير، أي أن الإنسان ملك المال ملك انتفاع وابتلاء وامتحان، مُلكت المال ملك انتفاع وابتلاء و امتحان .
خامسا: المال نعمة من نعم الله تعالى :
و المال أيها الإخوة الكرام، نعمة من نعم الله الدالة على رحمته بالإنسان،
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (َألَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى )
سادسا: المال خيرٌ :
أيها الإخوة الكرام، سمي المال في القرآن الكريم خيراً،
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ )
وقد امتدح النبي المال فقال عليه الصلاة و السلام : (( نعم المال الصالح للمرء الصالح )) .
سابعا: المال قوام المعيشة :
وقد نُقل عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحدهم قال : << حبذا المال أصون به عرضي، و أتقرب به إلى ربي >> .
حدد هذا الصحابي الكريم أهداف كسب المال، و بين الله جل جلاله أن المال قوام الحياة، و أن معايش الناس، و قيام هذه المعايش يكون بالمال،
قال الله تعالى في القرآن الكريم : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً )
وجوب المحافظة على المال وعدم تضييعه :
أيها الإخوة الكرام، بما أن المال نعمة، وخير كلها تعاريف القرآن، بما أن المال نعمة وخير وقيام حياة الناس فينبغي أن نحفظه، وأن نحافظ عليه كي نلبي به حاجاتنا الأساسية، وألا نضيعه، و آية الدين هي أطول آية في القرآن الكريم تؤكد ضرورة حفظ المال ورعايته، وعدم تضييعه من خلال كتابة الدين، والاستشهاد بالشهود، و أخذ الرهان، و قد نهى الإسلام عن إضاعة المال الذي استخلف الله العباد فيه، فعن الْمُغِيرَة قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا : قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ )) .
المبذرون
و من جهة أخرى وصف الله الذين يبذرون أموالهم وصفهم بأنهم إخوان الشياطين
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)
الشيطان كفور، و المبذر أخ للشيطان، إذاً هو كفور، كفور بهذه النعمة التي يمكن أن يرقى بها في الجنة إلى أعلى عليين
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ )
المسرفون
أما الذي ينفق ماله في المباحات فهذا لم يوصف بأنه مبذر، بل وصف بأنه مسرف
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً )
مَلُوماً إن لم تنفق
مَحْسُوراً إن أنفقت مالك كله
القصد في الغنى و الفقر
أيها الإخوة الكرام،
ثلاث منجيات، و ثلاث مهلكات، فأما المنجيات فتقوى الله في السر و العلانية، و قول الحق في الرضا و السخط، و القصد في الغنى و الفقر،
القصد أي أن تنفق المال باعتدال بين الإسراف و التقتير، بين البذخ و الحرص على هذا المال،
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً )
لذلك و القصد في الغنى و الفقر،
و أما المهلكات فهوى متبع، و شح مطاع، و إعجاب المرء بنفسه، و هو أشدهن،
وجوب طلب المال الحلال وتحرّي مواضعِه وعدم سؤال الناس فيه :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( طلب الحلال واجب على كل مسلم )) .
لأن الصلاة فرض، و الصيام فرض، و العمرة واجب، و الحج فرض، و أداء الزكاة فرض، و هذه الفروض تحتاج إلى أن تكون قد أكلت فشبعت، و شربت فارتويت، وسكنت في مأوى، فما لا يؤدى الفرض إلا به فهو فرض، و ما لا يؤدى الواجب إلا به فهو واجب، وما لا تؤدى السنة إلا به فهو سنة ولأن منهج الله أن تتزوج، وأن تنجب، وأن تنفق على زوجتك، وهذا يحتاج إلى مال، لذلك في حديث آخر,
يقول عليه الصلاة و السلام : (( طلب الحلال فريضة بعد الفريضة )) .
الأنبياء قدوة،
قال الله تعالى في القرآن الكريم : (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ )
هم بشر مفتقرون في وجودهم إلى أكل الطعام : (وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ)
ومفتقرون إلى ثمن الطعام بالعمل، بالمشي في الأسواق، إذا كانت هذه صفات الأنبياء و المرسلين فالمؤمنون من باب أولى، و لولا أن الأنبياء بشر تجري عليهم كل خصائص البشر لما كانوا سادة البشر، هم قدوة للبشر،
فعَنِ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ )) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : وَأَنْتَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ )) .
أن يكون لك عمل تكسب منه رزقك هذا وسام شرف لك، لذلك أيها الإخوة الكرام،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ :
(( أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ ؟ قَالَ : بَلَى، حِلْسٌ ـ أي بساط ـ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ ـ فقط بساط و إناء ـ قَالَ : ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ : فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ : مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ ؟ قَالَ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ : مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ـ المزايدة مشروعة، والمناقصة مشروعة ـ قَالَ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ : اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا ـ أي فأساً ـ فَأْتِنِي بِهِ، فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ، وَبِعْ، وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ، وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ : لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ )) .
أيها الإخوة الكرام، نستفيد من هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم بدل أن يعطي هذا السائل أهّله تأهيلاً نفسياً، حيث أمره أن يزود أهله بالطعام كي يفرغ من التفكير في شأنهم لبعض الوقت، و لينقطع للعمل، و أهّل أهله مادياً بالطعام كي يفرغوا من القلق و الهم، ثم دفعه إلى أن يكسب رزقه بيده
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ )) .
تحريم أكلِ أموال الناس بالباطل بكل الطرق والأساليب :
أيها الإخوة الكرام، بالمقابل
قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
أموالكم، بربكم لو أن في ثوب المرء جيبين، فأخذ ألف ليرة من جيب فوضعه في جيب آخر ماذا فعل ؟ لكن بلاغة هذه الآية أنها وصفت مال أخيك بأنه مالك من زاوية واحدة، من زاوية وجوب الحرص عليه و كأنه مالك، فلأن تمتنع عن أكله حراماً من باب أولى .
أيها الإخوة الكرام،
لذلك يقول عليه الصلاة و السلام : (( كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ )) .
(( ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام )) .
من أساليب أكل الأموال بالباطل :
أولاً: الغشّ وصُورُه :
أيها الإخوة الكرام، من أكل أموال الناس بالباطل الغش، الذي يغش الناس يأكل أموالهم بالباطل، الغش له أنواع كثيرة، و صور شتى ترجع في معظمها إلى المخادعة في إظهار شيء، و إخفاء شيء في باطنه.
1 – الكذب :
من ذلك الكذب في التعريف بالشيء، فيُعرّف الرديء بأنه جيد، و ذو السعر الرخيص بأنه من الصنف ذي السعر العالي .
2 – خلط الرديء بالجيد :
ومن الغش دس الرديء في ثنايا الجيد، و بيعه جميعاً بقيمة الجيد دون بيان الواقع و الحقيقة .
3 – الخديعة في الثمن :
و من الغش أن يقول البائع : اشتريته بكذا كذباً ليخدع المشتري في هامش ربحه .
4 – إخفاء العيوب والتلاعب في الوزن وغيرِه :
ومن الغش إخفاء العيب والتلاعب بالوزن والكيل، والعدد والطول والمساحة والحجم .
5 – تزوير منشأ البضاعة وصفاتها وتاريخها :
ومن الغش تزوير منشأ البضاعة و مصدرها، أو الكذب في صفاتها، وفي تاريخ صلاحيتها .
6 – عرض البضاعة بطريقة مغرية مخفية للعيوب :
و من الغش عرضها بطريقة تزيد من مزاياها، وتخفي من عيوبها .
7 – استغلال جهل المشتري بنوع البضاعة :
ومن الغش توجيه المشتري إلى بضاعة رديئة كاسدة استغلالاً لجهله في نوع البضاعة .
8 – استغلال جهل المشتري بثمن البضاعة :
و من الغش استغلال جهل المشتري بثمن البضاعة، ورفع السعر أضعافاً مضاعفة، وهذا الجهول في نوعية البضاعة و في ثمنها سماه النبي صلى الله عليه وسلم مسترسلاً
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( غبن المسترسل ربا، غبن المسترسل حرام )) .
9 – استغلال جهل البائع بقيمة البضاعة :
و كما أن البائع يكون غاشاً للمشتري يمكن أن يكون المشتري غاشاً للبائع حينما يستغل جهل البائع بقيمة بضاعته الحقيقية، لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي الركبان لأنهم يجهلون قيمة بضاعتهم و لا يعرفون قيمتها إلا إذا دخلوا إلى السوق .
ثانياً: الاحتكار :
ومن أكل أموال الناس بالباطل الاحتكار، وهو بالتعريف الدقيق : حبس مال أو منفعة أو عمل، والامتناع عن بيعه و بذله حتى يغلو سعره غلاء فاحشاً غير معتاد، بسبب قلّته أو انعدام وجوده في مظانه مع شدة الحاجة إليه، قال الإمام أبو يوسف : " كل ما أضر بالناس حبسه فهو احتكار " .
وقال بعض الفقهاء المحدّثين : " كل إيهام أو تضليل من شأنه أن يزيد في الطلب على السلعة مع قلة العرض تمهيداً لرفع السعر فهو احتكار " .
و هذا الربح الزائد الذي يجنيه المحتكر حرام، لأنه ليس نظير زيادة في البضاعة و لا في صفاتها، و لا نظير خدمة خاصة يقدمها البائع، و لا يؤخذ هذا المبلغ الزائد بالرضا الحقيقي من المشتري، إنما هو إلجاء أصحاب الحاجات إلى شراء حاجاتهم بأكثر من أثمانها الحقيقية .
والمحتكر ـ و الآن دققوا ـ و المحتكر من خلال أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون، و كلمة ملعون كبيرة جداً، ملعون و خاطئ، و قد برئت منه ذمة الله، وقد توعده الله بالنار،
فعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ )) .
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ )) .
وقال: (( من احتكر الطعام أربعين ليلة يريد به الغلاء فقد برئ من الله، وبرئ الله منه )) .
وقال: (( وبئس العبد المحتكر، إن أرخص الله الأسعار حزن، وإن أغلاها فرح )) .
و الله أيها الإخوة الكرام، أؤكد لكم إن كانت عندك بضاعة يكون المسلمون في أشد الحاجة إليها، و هبط سعرها، و فُرج عن المسلمين، و لم تربح الربح الذي كنت تتوقعه، إن كنت مؤمناً حقاً فينبغي أن تفرح بنقص ربحك، و بحل مشكلة المسلمين، هذه علامة إيمانك .
وسائل وأسباب زيادة الرزق :
أيها الإخوة الكرام، هل من وسيلة إن فعلناها يزداد الرزق ؟
1 – الاستقامة :
هل هناك من علاقة بين الرزق والاستقامة ؟
القرآن يجيب عن ذلك : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً)
الآن محصول القمح مهدد كلياً، بلدنا الطيب ينتج في العام ستة ملايين طن، الآن المحصول بأكمله مهدد، لا يوجد أمطار
وقال الله تعالى في القرآن الكريم أيضاً: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
2 – الصلاة :
هل هناك من علاقة بين الرزق و بين الصلاة ؟
يقول الله عز وجل : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)
بيت تؤدى فيه الصلوات الخمس، و محل تجاري يؤدي صاحبه و موظفوه الصلوات الخمس هذا محل مرزوق بنص هذه الآية .
3 – الاستغفار :
هل من علاقة بين الرزق و الاستغفار ؟
قال تعالى : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً )
4 – الشكر :
هل من علاقة بين الرزق و الشكر ؟
قال تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )
كان عليه الصلاة والسلام تعظم النعمة عنده مهما دقت،كان إذا دخل إلى بيت الخلاء و خرج يقول : (( الحمد لله الذي أذاقني لذته، و أبقى فيّ قوته، و أذهب عني أذاه )) .
يشكر على أبسط شيء .
5 – صلة الرحم :
هل من علاقة بين الرزق و صلة الرحم ؟
عن أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ـ أي في أجله ـ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) .
6 – الصدقة :
هل من علاقة بين الرزق و بين الصدقة ؟
يقول عليه الصلاة و السلام : (( استنزلوا الرزق بالصدقة )) .
وأيضاً : (( الأمانة غنى )) .
الأمين يملك أثمن شيء في الحياة و هو ثقة الناس، و إذا وثق الناس بك أعطوك .
7 – إتقان العمل :
أيها الإخوة الكرام، هل من علاقة بين الرزق و إتقان العمل ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه )) .
والملاحظ أن أصحاب الحرف في أيام الكساد المتقنون منهم وحدهم يعملون، والأقل إتقاناً لا يجدون عملاً إطلاقاً، فلذلك الإتقان والأمانة والصدقة وصلة الرحم والشكر والاستغفار والصلاة والإيمان والتقوى أحد أسباب زيادة الرزق في القرآن و السنة .