الإيمان بالكتب السماوية جميعاً من عقيدة المسلم:
من أركان العقيدة الإسلامية الإيمانُ بالكتب السماوية التي أوحى الله بها إلى رسله، فإنّ الله سبحانه وتعالى يخاطب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ويأمره بأن يعلن إيمانه بجميع الكتب التي أنزلها الله،
قال الله تعالى في القرآن الكريم : ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾
قل يا محمد صلى الله عليه وسلم: آمنت بما أنزل الله من كتاب، وأيُّ كتاب من الكتب السماوية المنزّلة على أنبيائه فآمن به، قل: آمنت بها كلها .
قال علماء الأصول: إن خطاب الرسول خطابٌ لكل مَن آمن برسالته، قال الله تعالى يخاطب المؤمنين
قال الله تعالى في القرآن الكريم : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً﴾
والآيات تجتمع على أن تقرِّر أنه يجب أن تؤمن بالكتب السماوية المنزّلة على أنبياء الله ورسله جميعاً، والله سبحانه وتعالى يبينّ عقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعقيدة المؤمنين معه في هذه الآيه،
قال الله تعالى في القرآن الكريم :﴿آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾
والملاحظ أن الإيمان بالرسل، والإيمان بالكتب مِن العقائد التي يجب أن تُعْلَم بالضرورة ، وأنّ مَن لم يؤمن بالكتب السماوية فقد ضلّ ضلالاً مبيناً،
أولا: الإيمان يقتضي العمل:
حينما تعلن بلسانك أنك مؤمن بهذا الكتاب, وتخالفه، ولا تطبق أحكامه، ولا تجعله حَكَماً بينك وبين الآخرين، ولا تعبأ بأوامره، ولا تنتهي عما نهى عنه، ولا تراه حاسماً في حياتك اليومية، ولا تأخذ به، فأي إيمان هذا؟ هذا إيمان باللسان، ولكن الإيمان في القلب والعمل،
ثانيا: تطبيق ما في الكتاب يعني السعادة:
أي أن تنطلق في نشاطك وعملك وسلوكك في ضوء ما جاء في كتاب الله، فأنت حينما تشتري آلة غالية الثمن، ولا تستطيع أن تشتري غيرها، ويؤلمك ألماً شديداً حينما تعطب، وحينما يكون مع هذه الآلة المعقدة نشرة من المصنع الذي صنعها، وفي هذه النشرة تعليمات، وتوجيهات، وتوضيحات وطريقة استعمال، وتحذيرات من أجل سلامتها وسلامة العمل بها من أجل صيانتها, فتحرص حرصاً بالغاً لا حدود له على تطبيق هذه التعليمات, لأن الآلة غالية الثمن، لاحظ نفسك كيف أنك تسعى إلى تنفيذ التعليمات تنفيذاً دقيقاً لحرصك على هذه الآلة ولخوفك من أن تعطب؟ فكيف إذا علمتَ أن هذا الكتاب الذي أنزله الله عزّ وجل على رسوله فيه تعليمات دقيقة، وأوامر واضحة، ونواهٍ صريحة، ورسمٌ لطريق السعادة في الدنيا والآخرة، وتوضيح، وأنوار، وتوجيه، وتبشير، وبيان، و تفصيل، فما موقفك منه؟.
الحقيقة التي لا مراء فيها أنك إذا عرفت أنه من عند الله، وأن سعادتك في الدنيا والآخرة متوقفة على معرفته، والعمل به، لاشك أنك تطبق ما فيه, وأنا أريد أن أبتعد عما يتوهَّمه البعض، أنه بمجرد أن يقول: آمنت بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى يتوهّم الإنسان حينئذٍ أنّ الأمر قد انتهى، ويكسب مالاً حراماً، ، ونظرته إلى النساء تتجاوز الحدود التي أمر الله بها، وحياته في البيت حياة غير إسلامية، فأي إيمان هذا؟.
ثالثا: أركان الإيمان كُل لا يتجزأ:
والإيمانُ بالله مع الإيمان باليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والرسل، والقدر خيره وشره, كلٌ لا يتجزأ, ولو آمنتَ بالله، ولم تؤمن بكتابه فالمشكلة خطيرة، ولو آمنت بالله، ولم تؤمن باليوم الآخر فالمشكلة أخطر, وأركان الإيمان كلٌ لا يتجزأ، ولا يُقبل منك الإيمانُ بها مع الكفر بواحدةٍ منها.
إن الكفر بواحدة منها يستلزم نقضَ العقيدة الإسلامية من أساسها، واللهُ عزّ وجل من أسمائه الحق، والحقُّ يتحقَّق في اليوم الآخر، يوم الدين، يوم الدينونة، يوم الجزاء، فإنْ لم تؤمن باليوم الآخر فإيمانك بالله غير صحيح، وإن آمنتَ بالله واليوم الآخر، ولم تؤمن أن هذا الكتاب فيه طريق سعادتك فإيمانك غير صحيح، لأنّ أركان الإيمان كلٌ لا يتجزأ، ولا يُقبل إيمان عبدٍ إذا نقصت واحدةٌ من هذه الأركان, عقيدة الإيمان بالله لا تنفكُّ عن الإيمان بكتبه، لأنه من مقتضى الإيمان بالله الإيمانَ بالرسل، وما دمت أيها الرجل تقول: إن الله عليم ورحيم، فمِن دلائل رحمته أن أرسل إلى عباده رسلاً، ومن مقتضى الإيمان بالله الإيمانُ بالرسل المؤيَّدين من عنده بالمعجزات، ومن مقتضى الإيمان بالرسل تصديقُهم في كل ما يبلّغون عن الله تعالى, ومن أجل ذلك يعلن المسلم دائماً وَفق عقيدته التي متَّى أَخَلَّ بها كَفَرَ.
رابعا: الإيمان بكتب الله إجمالاً فيما تجهل وتفصيلاً فيما تعلم
أنه يؤمن بكتب الله كلها إجمالاً فيما يجهل منها، وتفصيلاً فيما يعلم ولو سألت أخ كريم: ما معلوماتك عن كتاب التوراة؟ يقول: واللهِ لا أعلم شيئاً عنها، لكنها كتاب من عند الله، ففيما تجهل تؤمن بها إجمالاً، وفيما تعلم تؤمن بها تفصيلاً، وهذه هي عقيدة المسلم .
تعريف الكتاب
تعريف الكتاب لغةً
مصدر فعْلِ كَتَب، وبالمناسبة فالفعل يدلُّ على حدوث عملٍ في زمن معين، كتب في الماضي، يكتب في الحال، وهناك كلمة اسمها المصدر، فهذه الكلمة كتاب تدل على حدوث عملٍ من دون زمن، فالكتاب لغة مصدر كَتَب ، وهناك مصدر آخر هو كتابة وكتبٌ, وأصل الكتب في اللغة: ضم أديمٍ إلى أديمٍ بالخياطة, والأديمُ هو الجلد, فإذا ضممتَ الجلد إلى جلدٍ آخرَ بالخياطة فهذه العملية اسمُها عملية الكتاب، ولأن الإنسان يضمّ الحرفَ إلى الحرف، والكلمة إلى الكلمة، والجملة إلى الجملة، فهذه العملية العلمية تشبه إلى حد ما ضمَّ أديمٍ إلى أديم عن طريق الخياطة, فالتعريف اللغوي للكتاب: هو مصدر كتب.
تعريف الكتاب اصطلاحاً
وأما التعريف الاصطلاحي فالكتاب شرعاً هو كلام من كلام الله تعالى, لِما لم نَقُلْ: كلام الله تعالى، فالقرآن كلام الله تعالى، وكذلك التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف موسى، وصحف إبراهيم، كلهم كلام الله تعالى، ولذلك الكتاب الواحد كالقرآن كلامٌ من الله تعالى، فـ ( مِن) هنا للتبعيض، فيه هدى، ونور، يوحي الله به إلى رسول من رسله ليبلّغه الناس, يطلق اسم الكتاب شرعاً على ما يشمل الصحف,
قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾
وعلى ما يشمل الصحف والألواح,
قال تعالى : ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾
والألواح وجميع أنواع الوحي اللفظي والكتابي التي ينزلها الله على أي رسول من رسله ليبلغها إلى الناس، وبأية لغة من اللغات نزلت، صغيرة كانت أم كبيرة، مدونة أو غير مدونة، فيها صفة الإعجاز اللفظي للناس، أو ليس فيها ذلك، فهذا كله يشمل كلمة الكتاب شرعاً، والذي يعنينا من هذا الموضوع حاجة الناس إلى الكتب السماوية, فكما أن الناس بحاجة ماسة إلى رسل يبلّغون الناس أحكام الله وشريعته لعباده، فإنّ الرسل بحاجة إلى كتب سماوية أيضاً .
ما هو الهدف من الكتاب السماوي ؟
أولا: الكتاب الرباني هو المرجعية للأمة:
ليكون الكتابُ الرباني المنزّل على الرسول هو المرجعَ لأمته، فإذا كان المعلم يُعلّم من دون كتاب، سواء سمع الناس أم لم يسمعوا الدرس جيداً، وذهبوا إلى البيت، ولا يوجد عندهم كتاب، يقولون: ترى ماذا تكلّم المدرس؟ هل هناك خلافات، فيُقع في تأويلات، ومبالغات، وتزوير ، وتحريف، وتقليل، وزيادة، والشيء الذي لا بد منه أن يكون هناك كتاب بين أيدي المتعلمين، يكون هو المرجعَ, فحاجة الناس إلى كتاب من عند الله عزّ وجل حاجةٌ ماسة بسبب أن هذا الكتاب يصبح مرجعاً للأمة مهما تعاقبت العصور، فيرجعون إليه في تحديد عقائد الدين وأسسه .
والآن: الكتاب هو القرآن الكريم من عظمته أن النبي عليه الصلاة والسلام الذي أنزل عليه توفاه الله عزّ وجل، ومضى على وفاته خمسة عشر قرناً، والكتاب بين أيدينا فيه آيات العقيدة ، وآيات التشريع، وآيات الحلال والحرام، والأوامر والنواهي، والمواعظ، والعبر، والأمثال، والحِكَم، والقصص, نحن بحاجة ماسة إليه، لأنه مرجع لنا، ولاسيما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسلمون من بعده يرجعون إليه في تحديد عقائد الدين، وأسسه، ومبادئه، وغاياته،
مثال1 لا يمكنك أن تقبل من أحد يقول أنه يعلم الغيب، لأنه في الكتاب الذي هو مرجعك
يقول الله: ﴿ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ﴾
انتهى الأمر، فما دام النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق، وحبيب الحق لا يعلم الغيب، فأيّ إنسان يدعّي ذلك نقول له: كذبت, لا يعلم الغيب إلا الله،
مثال2 وإذا قال أحدهم لك: أنا أتوب عند الموت، فقل له: إنك مغرور,
قال تعالى : ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾
انتهى أمرك, فلا تُقبل التوبة في ساعة الموت، ولدينا أدلة واضحة،
مثال3 وقد يقول لك أحدهم: إن فلاناً لا يصلي، ويكفر بالله عزّ وجل، ويزداد إثماً، ويتحدّى الإله، ويزداد قوة، وشأناً، ومالاً, فما تفسير ذلك؟ إن تفسيره واضح،
قال ربنا عزّ وجل: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾
مثال4 وكلما كان الكلام خلاف الأصول، و خلاف العقيدة الصحيحة , ضُرِب به عرض الحائط، كقولهم: الجنة ليست بالعمل، نقول لهؤلاء
قال الله تعالى:﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
ادخلوها برحمتي، واقتسموها بأعمالكم،
مثال5 ويقول الجاهل: الله عزّ وجل لن يُدّقق، ولن يسألنا،
قال الله تعالى:﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
مثال6 أو يقول لك: لا يوجد مشكلة افعل ما تريد ، فالله عزّ وجل غفور رحيم,
قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾
كلما سمعت فكرة غير صحيحة، فيها مبالغة شيطانية وزائغة، وعندك آيات, فعليك تصحيح هذه الأفكار من هذه الآيات, ولذلك كان الكتاب مرجعًا لنا في عقيدتنا،
مثال7 ويقول الجاهل: وهل بعد القبر عذاب؟ كيف يكون هناك عذاب؟
قال ربنا عزّ وجل:﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾
أي عذاب جهنم, قال الله:﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾
إذا زاغـت عقيدة الإنسان وابتعد, كان القرآن هو المقياس، وأيّة فكرة يقولها الإنسان: تُعرض على كتاب الله، فإن وافقته فهي صحيحة, وإن خالفته فليست صحيحة,
مثال8 ويقول الجاهل : هناك ضرورات للفائدة (الربا) ،
واللهُ عزّ وجل قال : ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
فالآية واضحة، والإقتصاديون اليوم من غير المسلمين أقروا أن الأزمة الإقتصادية الحالية أحد أكبر أسبابها الربا او الفوائد.
إذاً علينا العودة في التعرف على أحكام شريعة الله، إن كان في الزواج، والطلاق، والمواريث، والوصية، والبيع، والشراء، وكل شؤون حياتنا، فالله عزّ وجل جعل في هذا القرآن الكريم أحكاماً دقيقة جداً، واستبانة الواجبات التي يأمرهم بها، والمحرمات التي ينهاهم عنها، والفضائل والكمالات التي يحثنا عليها، ويندبنا إليها، فالكتاب مرجع في العقائد، والأُسس، والمبادئ، والغايات، وأحكام الشريعة، والواجبات، والمحرمات، والفضائل، وهذه كلها في كتاب الله، كما يرجعون إليه ليطالعوا مواعظه، ونصائحه، وأمثاله، وآدابه، وما تضمّنه من بشائر ونُذُر، ووعدٍ ووعيد، وسائر الوسائل والأساليب التربوية المختلفة الهادية إلى صراط الله المستقيم, إنه مرجع، وإن الله عزّ وجل جعل هذه الدعوة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم مستمرة عن طريق هذا الكتاب، والعلماء والفقهاء يرجعون إليه ليستنبطوا من نصوصه الأحكام الشرعية المختلفة،
والله عزّ وجل قال : ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾
أي أن هذا الشرع فيه كل شيء، فنصوص الشرع كلية، ونصوص الكتاب كلية، لكن الله سبحانه وتعالى سخّر العلماء المجتهدين كي يستنبطوا من هذه الأحكام الكلية أحكاماً تفصيلية مما يحتاج إليه الناس, وهذا هو القياس، والقياس أن تقيس حالة لا نص لها في كتاب الله على حالة فيها نص من القرآن أو السنة، فالقرآن الكريم مصدر، والحديث الشريف مصدر، والقياس مصدر، والإجماع مصدر .
ثانيا: الكتاب الرباني المنزل على الرسول هو الحكم العدل لأمته بعد وفاته :
إن الإنسان لا يتهيأ له أن يرجع إلى النبي عليه الصلاة والسلام مباشرة بعد أن قبضه الله عزّ وجل، إذاً من خلال هذا القرآن الكريم يستطيع العالم والمجتهد أن يرجع إلى كتاب الله، مع أن هناك بعداً كبيراً مكانياً وزمانياً بَعْد أن قبض الرسول صلى الله عليه وسلم، ومضى على قبضه خمسة عشر قرناً، وهذا الكتاب بين أيدينا, فحاجة الناس للإيمان بالكتب السماوية ليكون الكتاب الرباني المنزّل على الرسول هو الحَكَم العدلُ لأمته، إنه حَكَم عدْلٌ,
قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾
في كل حالة قد تبدو لك نادرة جدا إلاّ ولها حكم،
مثال1 فإن نشبَ خلاف زوجي,
قال الله : ﴿ فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا ﴾
ففي قضايا الزواج، والطلاق، والميراث، والبيع، والشراء، القرآن هو الحَكَمُ، إذًا الهدف الثاني ليكون الكتاب الرباني المنزل على الرسول هو الحكم العدل لأمته في كل ما يختلفون فيه مما تناولته أحكام شريعة الله لهم، فكتاب الله هو الحاكم بين الناس، ولذلك فالأمير ليست مهمته إلا أن يحكم وفق كتاب الله، والحاكم الحقيقي هو الله عزّ وجل، ولا حاكمية إلا لله، والناس يحكمون في ضوء ما جاء في كتاب الله،
قول تعالى :﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
مثال2 فإذا حصل خلاف بين الزوج وزوجته، فالرجوع إلى كتاب الله، أو اختلف مع شريكه، وثمّة عقد فموجود في كتاب الله حكمه.
قال الله:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾
مثال3 اختلفت مع زوجتك،
قال تعالى : ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ﴾
مثال4 وإذا حصل خلاف زوجي أو بينك وبين شريكك، أو بينك وبين جارك,
قال الله:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾
فالإنسان يجب أن يحكم بما أنزل الله، فهو الذي أَمَرَنا أن نعدل بين أولادنا، فإذا أحد حرم ابناً من الميراث، وأعطى آخر، وكم مِن حالات كثيرة جداً أسمعها عن أب انحاز إلى أحد أولاده فأعطاه كل شيء، وحرم الآخر كل شيء، فهذا الأب لم يحكم بما أنزل الله، إذاً فهو ظالم، و مع أنه ظالم فهو فاسق، والكتاب هو الحَكَمُ،
فقد قال تعالى :﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ ﴾
قال العلماء في تفسير هذه الآية: إن الناس كانوا أمة واحدة، كانوا على الفطرة، عبدوا الله بدافع من فطرتهم، وأحسنوا إلى بعضهم بدافع من فطرتهم، فلما عمّ الجهل، وزاغت العقائد، واستعرت الشهوات، واستيقظت الفتن، أصبحوا بحاجة إلى كتاب يحكم بينهم, لو أن الإنسان عاد إلى فطرته لعَرَف الحق, لكن بعد أن تنطمس هذه الفطرة بفعل الشهوات، والطغيان، والجهل يأتي الكتاب ليحكم بين الناس بالعدل .
ثالثا: الكتاب الرباني يصون عقائد الدين وشرائعه وغاياته بعد عصر الرسول :
يصون الكتابُ الربانيُّ بعد عصر الرسول عقائدَ الدين وشرائعَه وغاياتِه، بعد ما قُبِض النبي الكريم، وافترق الناس مِن بعده، فكفَّر بعضهم بعضاً، وبعضهم انحرف عن العقيدة الصحيحة, لا بد أن يكون هناك مقياس نقيس به كل إنسان، وكل جماعة، فهؤلاء الذين خرجوا عن قواعد الدين, فالكتاب هو المقياس لهم، فالكتاب السماوي، أو أي كتاب سماوي جعله الله عزّ وجل صوناً لعقائد الناس مِن أن يصيبها الانحرافُ والزللُ من الذين تسوِّل لهم أنفسهم أن يتلاعبوا بالدين، وينسبوا إليه ما ليس منه، وينحرفوا به عن الصراط المستقيم إرضاءً لشهواتهم وغرائزهم، فهؤلاء لا ينبغي أن يهجروا كتاب الله، فهو الذي يقيس عقائدَهم، فالله عزّ وجل جعل هذا الكتاب مقياساً للعقيدة .
كل إنسان زاغت عقيدُته، أو انحرف، أو بالغ، أو تلاعبت به الأهواء ، أو أراد أن يسخّر الدين للدنيا، أو أراد أن يصل إلى الدنيا عن طريق الدين، يأتي الكتاب فيوقِفُه عند حده، ويعيده إلى جادة الصواب، وإنّ استمرار الكتاب الرباني في أمة الرسول من بعده بمنزلة استمرار وجود الرسول الذي بلّغه إليهم بين ظهرانيهم، ولولا استمرار الكتب الثابتة بنصوصها بعد الرسل لأسرعتْ دعواتهم إلى الاختلاف الواسع، والتغيير الكثير عَقِبَ وفاتهم، لأن من طبيعة البشر أن يختلفوا في الاجتهادات، وأن تتباين نظراتُهم إلى الأمور، وأن ينساقوا بسرعة وراء عوامل الشهوة، والهوى, والنفس، فْإن لاَمَهُمْ صاحبُ إيمانٍ على انحرافهم كذبوا على الله، فزعموا أنّ ما انحرفوا فيه هو من أحكام الله، ومراده في الدين، ومِن أجل هذا كان لا بد للبشر من ضابطٍ يضبطهم، ويُلزمهم بمدلولات النصوص الصريحة إلزاماً لا محيد عنه, ولولا القرآن الكريم لما كنّا الآن مسلمين، فما الذي حفظ الإسلام عقيدته وشريعته؟ إنه القرآن الكريم، فهو الضابط، و المقياس ، والمرجع.
رابعا: حفظ دعوة الرسول ورسالته :
حفظ الكتاب الربّاني لدعوة الرسول ولرسالته وسريانها بين الناس، وقابليتها للاتساع، والانتشار, فالقرآن موجود، وكلما قرأه الإنسان عرف الله عزّ وجل، وصار أداة اتساع وانتشار، والنبي الكريم قُبض, والمسلمون في الجزيرة، وبعد موته صلى الله عليه وسلم فتح المسلمون مصر، وشمال إفريقيا، والمغرب العربي، وإسبانيا، والشام، والعراق، وتركيا، والهند، والسند، والباكستان، والصين, فاتساع الدين بسبب أن هناك دستوراً، وكتاباً، وضابطاً، ومرجعاً، فمهما تباعدتِ الأمكنةُ والأزمنة فإنّ هذا الكتاب يٌعد وسيلة لاتساع الدعوة وانتشارها .
ما هي المضامين العامة التي اشتركت فيها الكتب السماوية كلها ؟
أولا: أصول الدين :
فربنا عزّ وجل قال : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾
يعني الأنبياء جميعاً، والرسل جميعاً، والكتب المنزلة جميعاً، كُلها مضمونها واحد، هو لا إله إلا الله، لا إله إلا أنا فاعبدون، هذه عقيدة في جميع الكتب السماوية, هناك جانب نظري اعتقادي، وجانب سلوكي تطبيقي، إن نهاية العلم أنْ تعلم أنه لا إله إلا الله، ونهاية العمل أنْ تعبد الله كأنك تراه، لذلك ثمّة مضامين موحدة مشتركة بين الكتب، وبين كل دعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
إنّ الكتب السماوية كلها اشتركت في بيان أصول الدين، الدين له أصول، وله عقائد أساسية، والتوحيد من أصول الدين، والإيمان باليوم الآخر من أصول الدين، والإيمان بالرسالات السماوية من أصول الدين، والإيمان بالرسل من أصول الدين، فأركان الإيمان إذاً هي: آمنت بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى ، هذه أصول الدين, الكتب السماوية كلها فيها هذه الأصول .
ثانيا: أصول الأخلاق :
إن الله سبحانه وتعالى ذكَرَ لنا وصايا لقمان لابنه في سورة لقمان، وضمّن هذه الوصايا ما يفيد بأنها وصايا ربانية، اقتبسها لقمان مما أنزل الله في الكتب الأولى، وساقها القرآن ليوصي الناس بها، مِمّا لهُ صفة الاستمرار والدوام، وعليه تكون هذه الوصايا القرآنية مما سبق حتماً أنها جاءت في الكتب الأولى، أوردها الله حكاية على لسان سيدنا لقمان،
قال تعالى : ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾
لعـل هذه الوصايا الثمينة جداً وردت في الكتب الأولى التي لم تذكر في القرآن الكريم صراحة، إذاً: الكتب السماوية كلها يجب أن نؤمن بها إجمالاً وتفصيلاً، إجمالاً حيث إنّ أيّ كتابٍ عن أي رسول حقٌ من عند الله، أمّا تفصيلاً فإنّ الكتب التي ذُكِرت في القرآن صراحة يجب أن نؤمن بها، والإيمان بها جزء من العقيدة التي يجب أن تُعلَم بالضرورة، وأنّ الذي ينكرها كافر.
القرآن الكريم كتاب المسلمين:
كتابنا بوصفنا مسلمين هو القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى كما تعلمون جميعاً بعث نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم رسولا للعالمين، وأنزل عليه القرآن معجزاً، وتكفل بحفظه مِن أيّ تحريف، أو تبديل، أو زيادة، أو نقصٍ، وقد شمل هذا الحفظُ كل نصٍ من نصوصه، فهيأ له سبحانه وتعالى من وسائل الحفظ في الصدور, وفي السطور ما جعله محفوظاً جملةً وتفصيلاً، حتى انتشر في الأمم على اختلاف أمكنتهم وألسنتهم وأزمانهم، وجعله الله قطعي الثبوت في كل عصر، ومكّن له في القلوب والعقول بما أودع فيه مِن حلاوة، وطلاوة، وحقٍ، وعدلٍ، ودعوة إنسانية، فما ينكر إسناده إلى خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم إلاّ مَن لم ينطوِ على ذرة مِن عقلٍ.
أولاً: حقائق عن القرآن الكريم:
أولا: القرآن الكريم كتاب من عند الله :
القرآن الكريم كتاب مِن عند الله, لو جمعت كتُبَ الأرض كلَّها، وكانت كلها في كِفَّة، وكان كتاب الله في كفة أخرى، يتبين معك أنه كتاب الله, لماذا؟ لأنه كلام الله,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وفَضْلُ كلام الله على كلام خلقه كفضلِ الله على خلقِه
فهل من الممكن أن نوازن بين الخالق والمخلوق؟ إذا كان لا يوازن بين خالق السموات والأرض و بين مخلوق ضعيف عاجز فقير مفتقر إلى كأس ماء، وإلى لقمة، وإلى دواء، وإلى طعام، وإلى شراب، فكذلك لا يوازَن كلامُ الخالق بكلام المخلوق، وكل ما تقع عينك عليه في الأرض مِن كتب إنما هي من تأليف المخلوقات، من تأليف البشر، لكن القرآنَ كلامُ الله جلّ وعلا، فلذلك الحقيقة الأولى أن القرآنَ الكريم كتابٌ مِن عند الله .
عندما تعرف أن هذا الكتاب كلام الله عزّ وجل، وفيه أمر ونهي عندئذٍ تعرف قيمة الأمر الإلهي، لأن قيمة الأمر من قيمة الآمر، ولو أنّ إنساناً ذا رتبة عسكرية ضئيلة جداً أعطاك أمراً قد تستجيب له، وربما لا تستجيب، لكن الرتبة العالية جداً إذا وَجَّهتْ إليك أمراً فأغلبُ الظن أنك تستجيب بسرعة مذهلة، لأنك تعرف حجم الآمر، ومدى ما يبنى على مخالفته من مسؤولية، ومدى ما يحصل من مكاسب فيما لو نفذتَ الأمر، وقد ثبت ذلك بكل من الدليلين العقلي والنقلي, إذا أردت أن تنوّع الأدلة حول موضوع ما، فهناك الدليل العقلي، وهناك الدليل النقلي، وهناك الدليل الواقعي, أكثر الأدلة لا تزيد عن دليل عقلي، ودليل نقلي، ودليل واقعي، فالدليل النقلي نصٌ قطعي الثبوت, قطعي الدلالة من كتاب الله، أو من الأحاديث الصحيحة المتواترة، أو من أحاديث الآحاد، هذا هو الدليل النقلي، بينما الدليل العقلي أن تبنى النتائج الصحيحة على المقدمات المسلَّم بها، مقدمة مُسّلَمٌ بها يبنى عليها نتيجة صحيحة هذا دليل منطقي, كل إنسان فانٍ, هذه مقدمة, سقراط إنسان, سقراط فان, مقدمة ونتيجة منطقية، فالدليل العقلي هو ما يتضمن من وجوه الإعجاز .
ثانيا: مرتبة القرآن الكريم من حيث الكتب السماوية آخر كتاب :
القرآن هو آخر الكتب السماوية التي أنزلها الله على خاتم رسله محمدٍ صلوات الله وسلامه عليه .
ثالثا: تكفل الله بحفظ كتابه من أي دخيل عليه :
القرآن محفوظ بحفظ الله مِن كل تحريف، أو تبديل، أو زيادة، أو نقص، ومُصَانٌ عن أن يأتيه الباطل من بين يديه، أو من خلفه، حتى يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها, فلو أنّ آية قرآنية فيها توجيه صحي مثلاً، وثبت في العلم الحديث ما يناقض هذا التوجيه، معنى ذلك أن الباطل قد أتاه, أحياناً تظهر نظرية نعجب بها، نصفق لها، وبعد حين من الزمن يظهر أنها غير صحيحة، وأنها باطلة، وأنّ أصحابها وقعوا في متاهة، عندئذٍ تسقط هذه النظرية، وما من آية قرآنية على مرّ الدهور والعصور، لم تأت حقيقة علمية قطعية ناقضتها, أبداً .
إذاً: هو كتابٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، ولا بعد كرّ العصور والدهور، وهذا يعني أيضاً أن من دواعي حفظ الله تعالى لهذا الكتاب أنه قيّض له رجالاً في كل عصر، هم دقيقون جداً في استنباطهم وأحكامهم، ضبطوا آياته، ضبطوا المكي والمدني، ضبطوا ناسخه و منسوخه، ضبطوا أسباب نزوله، ضبطوا أماكن الوقوف اللازم، ضبطوا حركاته، وسكناته, بل إنّ أدق الدقائق ضُبطت، وفُرغ منها، وهؤلاء الذين سخرهم الله عزّ وجل لهذا الكتاب في كل عصر وفي كل مَصر يقظون أشدّ اليقظة، افتح أيَّ مصحف تجدْ في آخر صفحة أنّ الله عزّ وجل قد سخّر أناساً له: الشيخ القارئ الفلاني، توقيعه، وخاتمه، الشيخ الثاني، والثالث، إلى عشرين أو ثلاثين عالماً من علماء القرآن الكريم، قرؤوه كلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، وحركة حركة, ووجدوه مطابقاً لما عندهم ووقعّوا على هذه النسخة, وأي نسخة فيها تبديل أو تحويل سُرعان ما تنكشف، وسُرعان ما تظهر، وسُرعان ما يؤمر بحرق النُسخ كلها، هذه الحقائق أنه من عند الله، هذه الحقائق عّمت العالَمَ الإسلامي إلى درجة أنها أصبحت مِن العقائد المعلومة مِن الدين بالضرورة، وأنّ على كل مسلم أن يعرفها معرفة يقينية، وأن مَن أنكرها فقد كفر لا محالة .
إذا قال أحدهم: إن الله لم يحفظ القرآن فقد كفر، أو قال مثلاً : هذا الكتاب ليس آخر الكتب، أوْ قال : بعضه من الله، وبعضه مِن رسول الله فقد كفر، يكفر فوراً إذا أنكر إحدى هذه الحقائق، ويقع مُنْكِرَها بالكفر الصريح .
ثانياً: الدليل على أن القرآن الكريم كلام الله :
أولا: الدليل العقلي:
هذا الكتاب الذي بين يديك، كلامُ الله عزّ وجل، فما الدليل على أنه كلام الله عزّ وجل ؟ لأنّ فيه إعجازاً يستحيل ويستعصي على البشر مجتمعين أن يأتوا بسورة من مثله، أو بآية من مثله، هذا هو الدليل, وفيه هناك إعجاز تشريعي، وإعجازٌ لغوي، وإعجازٌ بياني, وهناك أيضاً إعجازٌ رياضي، وإعجازٌ حسابي، وإعجازٌ علمي، وإعجازٌ تاريخي، كذلك إعجازٌ اجتماعي، وإعجازٌ فني، وإعجاز أسلوبي, مِن أيّة زاوية نظرتَ إلى كتاب الله تجد فيه إعجازاً ، هذا هو الدليل العقلي ما تضمنه من وجوه الإعجاز حيث لا تتطاول القدرات الإنسانية مفترقة أو مجتمعة على الإتيان بمثله، مهما تعاقبت العصور وتوالت الدهور, والمعجزات على اختلافها، تثبت برهاناً ذاتياً قاطعاً على أنها من عند الله، لأن المعجزة خرقٌ لمألوفِ العاداتِ، ولا يستطيع أن يخرق مألوف العادات إلا رب الأرض والسموات، وما دامت هذه العادات قد خرقت, فهذا دليل قطعي على أن هذا الكلام مِن عند الله عزّ وجل.
ثانيا: الدليل النقلي :
أما الدليل النقلي فهو ما ثبت بالتواتر كابراً عن كابر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ثبت في آيات القرآن نفسه أنه من عند الله، وليس من كلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
عندنا نحن المسلمين شيءٌ اسمه التواتر، أيْ ما رواه الجمع الثقاة العدول عن الجمع الثقاة العدول، عن الجمع الثقاة العدول، من وقت إنزال هذا القرآن إلى يومنا هذا، لو لم يكن بين أيدينا هذا الكتاب, لكان القرآن الكريم متواتراً تواتراً شفهياً، لا يوجد عصر إلا وفيه حفظة ، حفظوا على أيدي أساتذتهم، والأساتذة حفظوا على أيدي أساتذتهم، جيلاً بعد جيلٍ بعد جيلٍ، إلى أن يصل إلى السيد الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولو بحثت في مضمون القرآن الكريم, في مضمونه الاجتماعي، والفكري، والعلمي، والبياني، واللغوي، والتاريخي، والتشريعي، لو درست مضامين القرآن الكريم لوجدتها من الإحكام، والدقة، والعمق، والشمول ، والتحدي حيث يعجز عنه الأدباء، والعلماء النجباء, إنه لن تظهر في المستقبل نظرية ولا حقيقة علمية تناقِض ما في كتاب الله, إذاً في مضمونه إعجاز .
الإيمان بالقرآن تعني الإيمان بكل ما ذكره الله فيه عن الكتب السماوية :
نحن إذا آمنّا، وصدقنا بالقرآن الكريم جملة وتفصيلاً، على أنه من عند الله، وأنه كتابه الذي أنزله على عبده ورسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأن الله تعالى منزّه عن أن يثبت في كلامه غير الحق, إذًا فنحن نؤمن بكل خبرٍ تضمّنه القرآن الكريم إيماناً قطعياً، ونعتقد أنّ منكر ذلك كافرٌ، لأن مكذبَ خبر الله الذي جاء في كتابه, ماذا نستنتج؟ القرآن كلام الله، واللهُ منّزه عن أن يثبت غير الحق، إذًا كل ما فيه من أخبار هي أخبار صحيحةٌ, هذه المقدمة المنطقية تنقلنا إلى الإيمان بأن كل ما ذكره الله عزّ وجل في القرآن الكريم، مِن كتب سماوية أنزلت على أنبياء سابقين وجب أن نؤمن بها بالضرورة،
قال تعالى :﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾
فنحن بالتسليم المطلق نؤمن بكل كتاب أنزله الله، سواء عرفنا اسمه أم لم نعرف، وسواء عرفنا الرسول الذي أنزل عليه أم لم نعرف، وهذا هو معنى الإيمان الإجمالي بالكتب، ونحن جميعاً مؤمنون إيماناً إجمالياً بالكتب السماوية, فأيُّ كتاب أنزلـه الله عزّ وجل على نبيٍّ من أنبيائه هو حَقٌّ لا شك فيه، وإيماننا به تصديق لخبـرِ الله تعالى في القرآن، القطعي الثبوت ، القطعي الدلالة، كما نؤمن تفصيلاً بالكتب، والصحف التي نوَّه عنها القرآن بشيءٍ من التفصيل، وبالقدر الذي فصّله القرآن، لا نزيد على ذلك، ولا ننقص، لأن كل زيادة على ما فصله القرآن لا تصل في واقع حالها إلى درجة صحة النسبة، فضلاً عن درجة القطعية, وهذه نقطة مهمة جداً .
نحن نقول: ما قاله الله، أما الزيادات فهذه ظنية، فالله عزّ وجل لما ذكر عن سيدنا يوسف ما عرفناه بالقرآن الكريم، فالقصة انتهت حينما جاء أهله من مصر وسجدوا له، ولهذا السجود معانٍ كثيرة في كتاب الله، يا ترى هل تزوج امرأة العزيز؟ لا نعرف, فالقصة سكتت عن هذا الموضوع, يجـب أن أسكت ما دامت القصـة القرآنية سكتت، وأغلب الظن أن الذي سكت الله عنه لا طائل من البحث فيه، والذي فصّله الله عزّ وجل يجب أن نستفيض فيه .
التفصيلات التي وردت في القرآن الكريم عن بعض الكتب السماوية :
القرآن الكريم أخبرنا تفصيلاً ببعض الكتب السماوية :
أولا: صُحُفِ إبراهيم عليه السلام:
وهو أول ما أنزله الله من كتاب مما لدينا به علم يقيني .
قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾
قال تعالى: ﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى * وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى﴾
يعني في صحف موسى، وفي صحف إبراهيم، فماذا في صحف موسى؟ وماذا في صحف إبراهيم؟
ثانيا: التوراة:
وهو الكتاب الذي أنزله الله على سيدنا موسى عليه السلام، ويشمل الصحف التي ألقيت إليه في المناجاة، وهو ثاني ما أنزل الله من كتاب مما لدينا به علم يقيني.
قال الله تعالى: ﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلّاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾
قال الله تعالى:
﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ * وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾
قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
قال الله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
ثالثا: الزبور:
وهو الكتاب الذي أنزله الله على سيدنا داود عليه السلام، وهو ثالث ما أنزل الله من كتب مما لدينا به علم يقيني .
قال الله تعالى:﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾
رابعا: الإنجيل:
وهو الكتاب الذي أنزله الله على سيدنا عيسى عليه السلام، وهو رابع ما أنزله الله من كتب مما لدينا به علم يقيني .
قال الله تعالى:﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
قال الله تعالى:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾
الأماكن التي ذكرفيها التوراة والإنجيل
قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾
قال الله تعالى: ﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾
قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ * يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ﴾
قال الله تعالى: ﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾
قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً * مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾
قال الله تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
التفصيلات التي وردت في السنة عن بعض الكتب السماوية :
التوراة:
قال : مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي ، محمَّما مجلودا ، فدعاهم صلى الله عليه وسلم ،
فقال : هكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم ؟ ' قالوا : نعم . فدعا رجلاً من علمائهم ،
فقال : أنشدُكَ بالله الذي أنزل التوراةَ على موسى ، أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم ؟ قال : لا ، ولولا أنكَ نَشَدتَني بهذا لم أُخْبرْك ، نَجِده الرجمَ ، ولكنه كَثُرَ في أشرافنا ، فكنَّا إذا أخذنا الشريفَ تركناه ، وإذا أخذنا الضعيف أَقمنا عليه الحدَّ ، فقلنا : تعالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ على شيءٍ نقيمُهُ على الشريف والوَضيع ، فَجَعلْنا التَّحْميم والجلدَ مكان الرَّجمِ ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' اللَّهم إنِّي أولُ من أحيَا أمْرَكَ إذْ أَمَاتُوهُ ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مكتوب في التوراة من سره أن تطول حياته ويزاد في رزقه فليصل رحمه
الإنجيل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مكتوب في الإنجيل لا فظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق ولا يجزي بالسيئة مثلها بل يعفو ويصفح.