بحث

المرأة من منظور الإسلام

المرأة من منظور الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

المساواة بين المرأة و الرجل في التكليف والتشريف والمسؤولية : 

      المرأة في الإسلام مساوية للرجل تماماً في التكليف، وفي التشريف، وفي المسؤولية، مكلفة بعبادة الله كما هو مكلف، ومشرفة عند الله كما هو مشرف، ومسؤولة عند الله كما هو مسؤول، المرأة في الإسلام مساوية للرجل تماماً، في التكليف، وفي التشريف، وفي المسؤولية، هذا منطلق. 

       لكن حينما قال الله عز وجل: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ 

      لا من باب التشريف، من باب الخصائص والمهمات.  

المهمات موزعة بين الزوجين هو يكسب الرزق وهي تربي الأولاد : 

      اسمحوا لي بمثل بعيد عن صنف البشر، يجب أن تنقل خمسين إنساناً من مكان إلى مكان، أفضل مركبة البولمان، أليس كذلك؟ لكن إذا كنت مكلفاً أن تنقل خمسة طن من الخشب، أفضل مركبة الشاحنة، يا ترى مكان الركاب بالشاحنة صغير هل هو نقص فيها؟ لا، مكان الركاب في الشاحنة للسائق ومعاونه صغير هل هذا المكان الصغير يعد نقصاً فيها؟ لا، المكان الكبير للبضاعة هل هو كمال فيها؟ لا، هذه المركبة صنعت لأداء رسالة، لذلك مكان الركاب صغير، أما الباص المعد للركاب فأكبر مكان للركاب وأقل مكان للبضاعة، تفاوت المركبتين لا يعني تفضيل واحدة على الثانية، ولكن هذا التفاوت متعلق بمهمة كل طرف. 

      لذلك امرأة جاءت النبي عليه الصلاة والسلام وشكت زوجها، فبكى النبي الكريم وسمع الله شكواها من فوق سبع سموات، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، قالت له:" يا رسول الله إن زوجي تزوجني وأنا شابة، وذات أهل ومال وجمال، فلما كبرت سني، ونثر بطني، وتفرق أهلي، وذهب مالي، قال: أنت عليّ كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا- أنا أربيهم- وإن ضممتهم إليّ جاعوا". 

      هذا الذي قاله الله عز وجل: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ﴾ 

      كلام دقيق، وإن ضممتهم إلي جاعوا، هو المنفق، و إن تركتهم له ضاعوا، أنا التي أربيهم. 
      إذاً هناك مهمات موزعة بين الزوجين، هو يكسب الرزق، وهي تربي الأولاد، فلذلك حديث للنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((انصرفي أيتها المرأة...)) 

      وكلام النبي الكريم: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ 

      (( انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله - يعدل الجهاد في سبيل الله - )) 

      والجهاد كما تعلمون ذروة سنام الإسلام، أي أعلى شيء في الإسلام الجهاد. 

      ((ذروة سنام الإسلام الجهاد)) 

      (( انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله - يعدل الجهاد في سبيل الله - )) 

      بالمصطلح المعاصر المرأة المؤمنة معها رسالة، هذه الرسالة أن تربي أولادها. 

      النقطة الدقيقة: ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى ﴾ 

      امرأة عمران، قال تعالى معقباً على كلامها: ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ﴾ 

      أي وضعت أنثى سوف تنجب السيد المسيح، وكل أعمال النبي العظيم في صحيفتها، يجب أن تعلم يقيناً إذا ربيت ابناً وكان تقياً كل بطولته بصحيفتك، كان قائداً عظيماً كل أعماله الضخمة في صحيفتك، كان إنساناً محسناً كل أعماله في صحيفتك، لأن الله عز وجل رتب هذا الترتيب العظيم، من كان سبباً بهداية إنسان هذا الذي اهتدى على يده كل أعماله، وكل إنجازاته في صحيفة من كان السبب لذلك: (( انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله - يعدل الجهاد في سبيل الله - )) 

      أحياناً لضعف الإيمان إذا أساء الزوج معاملة زوجته، تسيء هي معاملته، وتربية أولاده، هذا موقف غير صحيح، أنت معك رسالة وتبتغين في هذه الرسالة وجه الله عز وجل بصرف النظر عن معاملة زوجك، إن شاء الله تكون جيدة، لكن إن لم تكن جيدة أنت معك رسالة، أنت تسألين من قِبل الله عز وجل عن هؤلاء الأولاد. 

      طبعاً خلال العمر الدعوي المتواضع- خمس وثلاثون سنة-عندي آلاف القصص، آلاف القصص عن امرأة صالحة بلغت أعلى درجات القرب من الله بخدمتها، من هنا قال عليه الصلاة والسلام، وهذا الحديث لصالح المرأة: (( أكرموا النساء فوالله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً، من أن أكون لئيماً غالباً)) 

تربية الأولاد عبادة : 

       الآن أنت امرأة أفضل عبادة على الإطلاق تربية الأولاد، فلذلك لا تنسوا النبي عليه الصلاة والسلام حينما فتح مكة المكرمة، ودعاه سادتها ليبيت عندهم، ماذا قال؟ قال: انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة، وركز لواء النصر أمام قبرها، ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر شريكته في النصر. 

      الآن إذا الواحد عنده زوجة وماتت، إذا تزوج ثانية يذم الأولى حتى يتقرب من الثانية، النبي الكريم وفيّ جداً، قال: انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة، وركز لواء النصر أمام قبرها، ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر شريكته في النصر.  

طلب العلم مطلوب من المرأة : 

      أخواتنا الكريمات، شيء رائع جداً أن تقتني إحداكن كتاباً لسيرة، وأن تقرأ سيرة النبي، هذا المثل الأعلى لنا، في بيته، في معاملة زوجته، معاملة أولاده، في تربية أولاده، فكان المثل الأعلى في علاقاته الأسرية، هذا الإسلام منهج كامل، نحن في الحقيقة نتوهم خطأ وعن سوء فهم أن الإسلام صلاة، وصوم، وحج، وزكاة، والشهادة، هذا خطأ كبير، والله لا أبالغ الإسلام يقترب من خمسمئة ألف بند، مواد تفصيلية، مثلاً تربية الأولاد، إنفاق المال، العلاقات، لو أخذنا تفاصيل الشريعة عندنا تقريباً خمسمئة ألف بند، منهج كامل، حتى أنا أختصر هذا الكلام أقول: هذا المنهج العظيم يبدأ من أخص خصوصيات الإنسان من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ 

      ما الذي يمنع أن تطلب إحداكن العلم؟ والعلم مبذول بشكل مذهل، كان الإنسان يسافر من المدينة للبصرة ليتابع حديثاً، الآن بضغطة زر يجد أمامه مئة ألف حديث، العلم من فضل الله عز وجل، لي موقع بالانترنيت رواده باليوم مليون زائر، يسحب منه باليوم من ثمانمئة لتسعمئة ألف ملف يومياً، افتحوا كوكل، اكتبوا اسمي فقط، يظهر بمليوني محل، علم مبذول بشكل مذهل، سيرة، حديث، فقه، خطب، علاقات زوجية، كله في هذا الموقع. 

      يقولون: إن العالم كان خمس قارات، ثم صار قارة واحدة، ثم صار بلداً، ثم مدينة، ثم قرية، ثم بيتاً، ثم مكتباً، الآن العالم كله سطح مكتب، أنا جالس بسيدني أعرف أخبار الشام كل يوم، ما يجري في العالم أتابعه، العالم أصبح سطح مكتب كله، فلذلك العلم مبذول، و هناك من فضل الله مواقع بالانترنيت دينية لا تعد ولا تحصى، أي سؤال يخطر في بالكن له ألف إجابة في هذه المواقع، على كلٍّ موقعي في خدمتكن، أي أخت كريمة تكتب اسمي على كوكل تجد الموقع بمليوني مكان أحياناً. 

      إذاً ليس لنا عذر بموضوع العلم، العلم مبذول، وبين أيدي كل الناس، المشكلة في التطيب.  

      أنا أقول أحياناً: امرأة صالحة، لا تلقت محاضرات، ولا تابعت انترنيت، جالسة في بيتها، عندها عدد من البنات ربتهم تربية صالحة وزوجتهم، ووضعت رأسها وماتت، تدخل الجنة فوراً، أدت وظيفتها، أدت ما عليها، ربت أولادها. 

      فلذلك نحن عندنا الآن أشياء ثلاث، عندنا ثلاث جهات توجه، الأسرة، والمدرسة، والإعلام، أخطر جهة يقال: هذا الطالب تربيته البيتية عالية جداً، أنا عملت في التعليم خمساً و ثلاثين سنة تجد طالباً أنيقاً، مؤدباً، لا يتكلم بسوء، هذا وراءه أم عظيمة، وراء كل عظيم امرأة، وكلمة ثانية قاسية قليلاً: وراء كل حيوان امرأة، كما أن وراء كل عظيم امرأة وراء كل حيوان امرأة، لأن المرأة لها أثر كبير في حياة الأسرة.  

اللذة و السعادة : 

      أيتها الأخوات الفضليات، طلب العلم هذا أهم شيء أتمناه عليكن في هذه البلاد، حياتنا اليومية مألوفة، أكلنا، شربنا، نمنا، سهرنا، كل يوم، كل يوم، كل يوم، وبعد ذلك؟ ألا يوجد رسالة؟ ألا يوجد هدف؟ الحياة اليومية مملة يسمونها روتينية، ليس لها معنى إطلاقاً. 

      لحكمة بالغة ما سمح الله للدنيا مهما كبرت أن تمد الإنسان بسعادة مستمرة، التي لا تملك بيتاً اشترت بيتاً، تستمتع فيه أول أسبوع و الثاني و الثالث وبعد ذلك؟ صار شيئاً عادياً جداً، التي لا تملك سيارة اشترت سيارة، أول أسبوع و الثاني و الثالث صارت شيئاً عادياً، معها شهادة عليا قبل الشهادة تحلم أن تكتب على البطاقة لسانس في كذا وكذا، تأخذ اللسانس وتألف الوضع، ما سمح الله للدنيا إطلاقاً أن تمد الإنسان بسعادة مستمرة، السعادة متناقصة. 

      ولحكمة بالغةٍ بالغة العلماء فرقوا بين اللذة والسعادة- كلام دقيق جداً- إذا الواحد آكل أكلاً مستواه عال جداً، فيه لذة، هذه واحدة، وإنسان ساكن ببيت واسع، وفيه تزيينات عالية، والأثاث فاخر جداً، أيضاً هناك لذة، إذا كان البيت له إطلالة جميلة على بحر، أو على جبل أخضر أيضاً هناك لذة، عندنا شيء اسمه لذائذ، والعالم كله متعلق بهذه اللذائذ، وعندنا شيء اسمه سعادة، أخطر شيء أن اللذة تأتي من الخارج، والسعادة تنبع من الداخل، اللذة تحتاج إلى مال، وإلى صحة، وإلى وقت. 

      الحاصل أن الإنسان في البداية الصحة طيبة، لكن لا يوجد وقت و لا مال، إذاً اللذائذ تعطلت، الآن عمره أربعون، خمس وأربعون، صار معه مال وصحة لكن لا يوجد وقت، تقدم في السن، سلّم المعمل لأولاده، صار عنده وقت، وعنده مال، لكن لا يوجد صحة، معه أسيد أوريك، ومعه أشياء كثيرة، فدائماً هناك ثلاثة أشياء في الأعمّ الأغلب يتوافر شيء أو شيئان فقط و الشيء الثالث مفقود، هذه أمور اللذة، أما السعادة فلا تحتاج لا إلى وقت، ولا إلى مال، ولا إلى شيء آخر، السعادة تنبع من الداخل.  

فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنــــــا 
ولـو سمعت أذناك حسن خطابنـا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــا 
ولــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـــا 
* * * 
ولــو نسمت من قربنا لك نسمة لمت غريباً واشتياقاً لقربنـــــا 
فــما حبنا سهل و كل من ادعى سهولـــــته قلنا له قد جهلتنا  
* * * 

تربية الأولاد أفضل عمل على الإطلاق : 

      أيتها الأخوات الفضليات، يقول أحدهم: معقول أن تحبس المرأة في البيت؟ معقول، مثلاً الطائرة التي جئت بها من دبي إلى سدني مباشرة، ربانها في غرفة صغيرة، في رقبته ثمانمئة راكب، ليس محبوساً، يؤدي أخطر مهمة، لا تتوهم أن أقعد في البيت، لماذا؟ هذا البيت مركز الإدارة، هذا مثل غرفة الطيار، وكل أولادك برقبتك. 

      ست مدارس للأيتام في الشام، هناك عناية تفوق حدّ الخيال، لكن والله كل هذه العناية لا تساوي عناية الأم، الفرق كبير جداً، الطفل عند أمه وأبيه أفضل من أي دار رعاية على الإطلاق. 

      لذلك عندما يكون للأخت الكريمة أولاد، أو إعدادها لأن تكون زوجة صالحة، هذه رسالة كبيرة جداً، تكوني أماً، ولك أولاد، وتربين هؤلاء الأولاد.  

تعلق الإنسان بالله عز وجل وتطبيقه للمنهج أكبر رأسمال يملكه : 

      شيء آخر: إذا كان هناك شابة مؤمنة، مستقيمة، تقرأ القرآن، محتشمة، محجبة، لها عند الله شيء كبير جداً، نحن أحياناً نغفل عن فعل الله، ونتألم، ولا يوجد إنسانة مؤمنة، طاهرة، عفيفة إلا ولها مستقبل مزهر، ولو تأخر قليلاً، هناك عطاء إلهي كبير. 

      فلذلك تعلق الإنسان بالله عز وجل وتطبيقه للمنهج أكبر رأسمال يملكه، الله موجود، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعي الله وتخسري، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربحي، المعصية لها ثمن باهظ، والطاعة لها ثمرة باهظة، فالأخت الكريمة عندما تتعلق بالله عز وجل وتعامل الله هي في أعلى عليين عند الله. 

      أحياناً يكون للزوج صفات متعبة، الله قال: ﴿ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾ 

      أحياناً بالدعاء، الله عز وجل يقلبه قلباً، ماذا حصل؟ أنت أصبحت مليحة، قال: أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي، وينبغي أن تعرفي مقامك عند الله من أخلاق زوجك، إذا كان هناك صلة بالله يلهمه الله أن يكون لطيفاً، كلامه لطيف، ويخدم، وإذا كان هناك بعد عن الله كلامه قاس. 
      هناك كلمة دقيقة قالها الشعراني: أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي. 

المودة و الرحمة : 

      ينبغي أن تعرف الأخت الكريمة المتزوجة مقامها عند الله من أخلاق زوجها، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ 

      من آياته الدالة على عظمته،  

      ﴿ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ 

      ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾ 

      ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ 

      المودة والرحمة بين الزوجين من خلق الله، من خلقها؟ الله جل جلاله، أصل التصميم الإلهي أن تكون المودة والرحمة بين الزوجين،  

      ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ 

      ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾ 

      ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ 

      هناك فرق بين المودة والرحمة؟ لو فرضنا الزوج ملأ بصر الزوجة وسمعها، شخصية، كريم، فهيم، وسيم، هذه المودة، الزوج مرض، صار طريح الفراش، والله أعرف زوجات في بلدنا خدمت زوجها ثلاثين سنة، طريح الفراش، وهي صابرة. 

      هذا عقد الزواج أخواتنا الكريمات أقدس عقد على الإطلاق، قال تعالى: ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ﴾ 

      بالقرآن هذه الآية وحيدة، ميثاق غليظ أي أقدس عقد في الحياة عقد الزواج:﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ﴾ 

العنصرية و الإنسانية : 

      إذاً المرأة المؤمنة حينما تعرف هويتها، وتعرف دورها، وتعرف رسالتها في الحياة، أقول لكن كلمة دقيقة: البشرية الآن إما أنها عنصرية، أو إنسانية، من هو العنصري؟ هو الذي يرى أن الذي له ما ليس للآخرين- عنصري- أو على الآخرين ما ليس عليه- عنصري- و الزوج حينما يرى أن له ما ليس لزوجته، وأن عليها ما ليس عليه عنصري، حق الفيتو عنصري، لماذا خمس دول إن قالت: لا، التغى القرار و في العالم مئتان و خمسون دولة. 

      فأنت عندما تتكلم كلاماً مؤلماً عن والدة زوجتك، و لا تستطيع هي أن ترد بأية كلمة، أما إذا تكلمت على أمك كلمة فتقيم قيامتها، أنت عنصري، مثل ما هي أمك هي أمها أيضاً، فالموضوع إما عنصري أو إنساني، الله عز وجل قال: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ 

      درجة واحدة، هي درجة القيادة، للطائرة طياران، المساعد طيار أيضاً لكن في حال صعب جداً القرار للطيار الأول. 

      فهذا الزواج مؤسسة، الآية الكريمة: ﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ﴾ 

      أي تأمرها وتأمرك، تتمنى عليها وتتمنى عليك، هناك مفاوضات مستمرة، أخذ وعطاء، أما في الأزمات فالقرار لواحد، 

      ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ 

      لا مليون درجة، درجة القيادة، هذا الموقف الإسلامي.  

تعاون الإدراك العميق مع العاطفة الجياشة يصدر فعلاً عظيماً : 

      شيء آخر الآية الكريمة: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ 

      ﴿ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ 

      هذه دقيقة جداً، المرأة عندها أشياء مفضلة بها على الرجل، عندها عاطفة جياشة، عندها عاطفة جياشة عالية جداً، والرجل عنده إدراك عميق، إذا تعاون الإدراك العميق مع العاطفة الجياشة صار الفعل عظيماً. 

      لماذا قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ 

      ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ 

      لماذا يسكن الرجل إلى زوجته؟ يسكن إلى عاطفتها الجياشة، ولماذا تسكن المرأة إلى زوجها؟ تسكن إلى قراره الحكيم، واحد معه قرار حكيم، وواحدة معها عاطفة جياشة، يتكاملون لا يتنافسون. 
      فلذلك أصل التصميم الإلهي: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ 

      فأي أخت متزوجة وجدت مودة بينها وبين زوجها لتكن شاكرةً لله، وفق أصل التصميم الإلهي، وإذا لم يكن هناك مودة فعندنا مشكلة كبيرة، لذلك كل شيء يصحح، لما الله قال: ﴿ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾ 

      معنى هذا أن الإصلاح ممكن، والإنسان عندما يمشي لعند الثاني نصف الطريق سيجد الثاني مشى لعنده نصف الطريق. 

أرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون بيوتكن كالجنة، بأي مكان ممكن أن تكون كالجنة والجنة ليست بحاجة إلى المال، الجنة تكون بالمودة والرحمة.  



المصدر: محاضرات وندوات خارجية - أستراليا - الرحلة3 - المحاضرة ( 25 - 25 ) : المرأة والإسلام.