ليس في الحياة نجاح جزئي، فلا يعد النجاح نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، قد ينجح نجاحاً رائعاً في العمل، وليس زوجاً ناجحاً، وقد يكون زوجاً ناجحاً إلى أعلى درجة، وفي عمله ليس ناجحا، وقد ينجح في بيته وفي عمله، لكن مع ربه ليس بناجح، وقد ينجح في بيته وعمله ومع ربه، ومع صحته ليس بناجح، فإنه لا يعد النجاح نجاحاً إلا إذا شمل علاقتك بربك، وعلاقتك بزوجتك وأولادك، وأهلك، وعلاقتك بعملك، وعلاقتك بصحتك، وأي خلل في واحدة من هذه الأربعة ينسحب على الثلاثة، هذه حقيقة صارخة. قد تكون العلاقة مع الله ليست طيبة، وفي البيت نكد، وهذا عقاب من الله، فما صرتَ طبيعيا في عملك، وانتقلت إلى الأهل، ثم إلى العمل، وجدت قلبك يخفق زيادة على العادة، فذهبت إلى طبيب القلب، فلما لم تكن علاقتك مع الله عز وجل صحيحة انعكست على بيتك، وعلى عملك، وعلى صحتك. إنسان رائع جداً، لكن لا يعرف شيئًا عن الصحة، أكله غير منظم، يأكل ما يشاء بلا تقنين، لا يهتم بصحته، أصبحت صلاته صعبة، يصلي بتثاقل، لما أهمل صحته انتقلت المشكلة إلى علاقته مع ربه، أهمل صحته فانعكست على بيته، وهناك مشاكل كبيرة جداً.
النجاح بعلاقتك مع ربك:
- العبادة: التفوق بأن تلبي واجبك تجاه ربك، فإن لله عبادة في النهار لا يقبلها في الليل، في النهار عمل، وإن لله عبادة في الليل لا يقبلها في النهار. صلِ في الجامع، اقرأ قرآن، اذكر الله عز وجل، تجد يومك قطعة من السعادة، والتوفيق، والسداد، وقوة حجة، ونظر ثاقب، وقرار حكيم، وكل شيء ميسر. ((من صلى الغداة ـ أي الفجر ـ كان في ذمة الله حتى يمسي))
- عقيدتك: أبدأ علاقتك مع الله، أحياناً يغفل الإنسان فيقصر، وينتكس أحياناً، عنده شبهة ما حلها، شبهة في الدين أربكته، ما دام هناك شبهة فابحث عن حلها.
- الشهوات: ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، ليس في الإسلام حرمانٌ أبداً.
- تجنب الكبائر والإصرار على الصغائر: طبعاً أنت مؤمن، لا تقتل، ولا تزني، لا سمح الله، ولا تشرب الخمر، هذه الكبائر لا تضعها في بالك نهائياً، نحن مشاكلنا في الصغائر فقط، لكن الصغيرة مثل الكبيرة، كيف؟ أنت راكب سيارة على طريق عريض 60 مترا، على اليمين وادٍ سحيق، وعلى اليسار وادٍ سحيق، الكبيرة حرف المقود 90 درجة فجأة، على الوادي مباشرة، هذه الكبيرة، الصغيرة سنتيمتر واحد وثبته على الوادي، لو ثبت الصغيرة تنقلب إلى كبيرة. ((لاَ صَغِيَرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ)).
- الاستقامة: إذا أرادنا الاستقامة فهي ممكنة، ((إن لكل سيئة عقاباً)) فغلط مع الله، انتظر العقاب فلم يأته عقاب، صحته، بيته سيارته، فناجى ربه، وقال له: يا رب، لقد عصيتك فلم تعاقبني، فوقع في قلب هذا الشاب: أنْ يا عبدي، قد عاقبتك ولم تدرِ، ألم أحرمك لذة مناجاتي؟ ألا تكفيك هذه؟
النجاحُ في علاقتك مع زوجتك:
إنّ علاقتك مع زوجتك أحد أركان نجاحك في الحياة، كن منطقيا، عامل الناس كما تحب أن يعملوك ((وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ)) ولا علاقة لحجم البيت ومساحته، والأكل ليس مشكلة، واللبس ليس مشكلة، والبيت ليس مشكلة، المشكلة في الحب، أن يكون الحب في البيت، في ود علاقتك مع زوجتك وأولادك.
نجاحُك في عملِك:
لك مكانتك كمؤمن، ولك شخصية، تتأخر عن عملك ساعة، المدير أسمعك كلاماً أهانك، فعملك نزع علاقتك مع الله، فلا تصلي الظهر براحة أيضاً، لأنك تضايقت، وأهانك المدير، ولا تعود إلى البيت مسرورا، فركّز وقتك، ومواعيدك، عليك واجبات لا بد أن تؤدّيَها، إذا كان لك مكانة في عملك فأنت مرتاح، لك مكانة في بيتك أنت مرتاح، لك مكانة عند الله أنت مرتاح.
نجاحُ الإنسان في صحته:
أن تكثِر من الأكل ولا تمارس الرياضة فهذا غير معقول، لأن عُشر ما نأكله يكفي لبقائنا أحياء، وتسعة أعشار ما نأكله يكفي لبقاء الأطباء أحياء. ((البِطْنة تُذْهِبُ الفِطْنَة)) انظر ماذا تأكل.
الملخَّص: إن النجاح لا يسمى نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، يغطي علاقتك مع الله أولاً، وعلاقتك مع أهلك وأولادك ثانياً وعلاقتك مع عملك ثالثاً، وعلاقتك مع صحتك رابعاً، هذا النجاح.