بحث

التنجيم بين الضلالة والوهم

التنجيم بين الضلالة والوهم

بسم الله الرحمن الرحيم

الجن مصدر معلومات السحرة الكاذب:  

      أيها الإخوة الكرام: الحقيقة أن السحرة كذبة، الدليل: يقول الله عز وجل: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ  

      قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كان الجن يصعدون إلى السماء، ويسترقون السمع،   

      يعني بالضبط اجتماع مجلس وزراء، وثمة مستخدم يقدم لهم بعض المشروبات، القهوة، والشاي، في أثناء دخوله سمع أن أمراً ما سيحدث بعد أسبوعين، لأول مرة لقط هذه الفكرة، وخرج، وقال: أنا أعلم الغيب، صار تداول بهذا المجلس، قال: سوف ترون بعد أسبوعين كيف أن سيحدث كذا وكذا، هذا المستخدم ماذا فعل ؟ استرق السمع، وتبجح عند أقرانه أنه يعلم الغيب،   

      كانت الشياطين قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام يسترقون الأخبار، وينقلونها من شيطان إلى شيطان، من جني إلى جني، إلى أن تصل هذا الأخبار إلى قرنائهم من الأنس، فقد يأخذون خبراً، ويضيفون عليه مئة خبر كاذب، بعض الإذاعات الآن تذيع مئة خبر صادق وخبرًا كاذبًا، الخبر الكاذب يسري في أسماعنا، ونصدقه، ولا نشعر، لأن مئة خبر صادقة، الجن بالعكس مئة خبر كاذب على خبر صادق واحد.  

      فلذلك أيها الإخوة الكرام: بعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كما ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم منع الجن من استراق السمع، قال تعالى: وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ  

      وقال تعالى أيضاً: وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ  

      وقال تعالى أيضاً: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ  

      إذاً هذه الآيات تؤكد أن الجن قبل بعثة النبي كانوا يسترقون السمع، وكان كل جني أو كل شيطان يعطي هذا الخبر لقرينه إلى أن يصل هذا الخبر إلى قرين الجن من الإنس يتاجر به، ويضيف عليه مئة خبر كاذب.  

      عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:   

       انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ،وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ،فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، وَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ   

      والشيء الثابت أن الجن أعظم قدرة من الإنس على اختراق المسافات، فلما قال الله عز وجل: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ  

      بدأ بالجن، لأنهم أقدر اختراق المسافات، وحينما قال تعالى:  قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً  

      معنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى قدم الجن في مجال اختراق المسافات، وقدم الإنس في مجال اللغة والبلاغة.  

كذب المصدر لا يكفي فلا بد من إضافة كذب الساحر:  

      الأصل أن الجن قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يسترقون الأخبار من السماء، وينقلونها فيما بينهم، إلى أن تصل إلى قرين الجن من الإنس، فكان يأتي بالخبر، ويضيف عليه مئة خبر كاذب، كي يروج سحره ودجله وإضلاله على الناس.  

      أيها الإخوة الكرام: هؤلاء الشياطين ما عادوا يحظون اليوم بخبر السماء كما كانوا قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، ولعل الحكمة أن هذه البعثة العظيمة، وأن هذا القرآن المجيد من عناية الله به أنه منع الجن من استراق الخبر من السماء، لذلك حينما يلتقط الجني خبرًا يلقيه إلى كل من تحته، وهم ينقلونه إلى من تحتهم حتى يلقوه على لسان ساحر أو كاهن، فلا يكتفي الساحر بهذا الخبر البسيط، بل يزيد معه مئة كذبة، أو أكثر لتصلح تجارته بين جهال الناس.  

      محور حديثنا هذا السحرة يكذبون،  

       سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسُوا بِشَيْءٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ   

      أيها الإخوة الكرام: إن السحرة كذبة بنص الكتاب والسنة، وبإجماع أهل العلم، وبتجربة كثير من العقلاء الذين خبروهم، وكشفوا نفاقهم ودجلهم، وإنما اتخذوها صنعةً لما فيها من المصالح المادية التي لا تخفى، ولما يحصل لهم بذلك من استباحة الأعراض، والوقوع في الفواحش، وغير ذلك من الكبائر، بحجة مداواة الناس المصابين بالصرع والجنون أو السحر.  

السحرة والمشعوذون والكهان والعرافون لا تسري بضاعتهم إلا عند الجهلة:  

      فكلما كان أفق الإنسان ضيقًا ومحدودًا يصدق الخرافات، و الخرافات لا تنطوي إلا على الجهلة، والدجالون والمشعوذون والعرافون والكهان يستخدمون الدجل، لأن بضاعتهم هذه لا تروج إلا عند الجهال، هم يأخذون أموالهم، وفي الأعم الأغلب يعتدون على أعراضهم، ويهيمنون على بقية الناس،   

      أما المهمة المعلنة فهي حلّ مشاكلهم، التوفيق بين الزواج، أن يكثر الرزق، أن تذلّل بعض العقبات.  

      قضية الشعوذة والدجل والعرافة الكهانة، طبعاً الشكل شيخ، وهنا المشكلة، ما ترى شخصاً تقول له: أنت مشعوذ، بلفة خضراء، وعنده بخور، وعنده مسك، وله كلمات، ويتكلم بالقرآن، المشكلة في الدجال أنه يكذب على الناس، يأخذ صفة شيخ، وصفة إنسان وقور، وصفة إنسان له صلة بالله، ولا يستخدم إلا القرآن.  

      قال ملِك بلغه أن هناك نصّابًا كبيرًا، قال: أحضروه، قال له: كيف تنصب على الناس ؟ قال: يا سيدي تحتاج إلى عدّة، كم العدة ؟ قال: مبلغاً ضخماً، قال: أعطوه، فذهب ولم يعُد، قال: أين النصاب ؟ قالوا: نصب عليك يا سيدي، وانتهى.  

      أيها الإخوة الكرام: معالجة الصرع معالجة الشقاق الزوجي، يكون هناك تقصير من الزوجة، أو شرود من الزوج، دائماً عود نفسك أن تكتشف أن وراء كل مصيبة معصية، فتش عن المعصية، التفكير العلمي المهتدي بالقرآن والسنة يؤكد لك أن وراء كل مصيبة معصية، وأن وراء كل معصية جهلاً كبيراً، جهل معصية مصيبة قانون،   

      الجهل أعدى أعداء الإنسان، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، بالأمن الجنائي يقول لك: فتش عن المرأة بكل جريمة، قد تكون وراء الجريمة امرأة، فتش عن المرأة قياساً على هذه القاعدة بكل مصيبة، فتش عن المعصية، لا تقل: أنا مسحور، وما لي حظ، كلمة الحظ أيها الإخوة الكرام لها مفهوم هو عين الكفر، قضية عشوائية، فلان له حظ،وفلان ليس له حظ، أما الله عز وجل فقال: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى  

      عندنا تيسير، وعندنا تعسير، والتيسير سببه الطاعة والاستقامة، والتعسير سببه المعصية والشرود، أما الآية الكريمة: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ  

      الحظ هنا النصيب، يعني نصيبه من الله كبير، يعني اتصل به بصلة محكمة، وأقبل عليه إقبالاً شديداً، واشتق من كماله كمية كبيرة، هذا يعامل عدوه بالمودة، قال تعالى:  فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ 

 

المعصية سبب اللجوء للمنجمين:  

      هل تصدقون أيها الإخوة الكرام أن في العالم الغربي رؤساء وزارات يلجؤون إلى منجمين، والإنسان حينما يعصي الله يمتلئ قلبه خوفاً، هذا الخوف كيف يخفف منه ؟ عن طريق المنجمين، يقول لك: عالم فلكي، فلكي يتنبأ بالمستقبل بالغيب.  

يجب أن يكون من بيده الحل هو ملاذك:   

      في النائبات ـ دققوا الآن ـ كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة، حينما تعتقد أن جهةً في الأرض كائنة من كانت يمكن أن تنقذك من ورطتك فأنت مشرك، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة، قال تعالى:  

       وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ  

       مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً  

       مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  

      الآيات كثيرة جداً، قال تعالى:  وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ  

      هذا الإله الذي تعبده لا يمكن أن يسلمك إلى غيره، احفظوا هذه الكلمة: الإله العظيم الذي تعبده لا يمكن، بل يستحيل أن يسلمك إلى غيره، لكن على الشبكية قد تجد إنساناً قوياً، وفيما يبدو للمتوهمين أن أمر الناس بيده الإنسان ضعيف الإيمان الذي لم يتحقق من كلام الله عز وجل، يتوهم أن هذا القوي بيده مصير الناس، ولكن الإيمان الراسخ كما قال عليه الصلاة والسلام:  لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ   

المنجمون صنف من السحرة والكهان:  

      أيها الإخوة الكرام: نحن قلنا: إنه يوجد سحرة، يوجد كهان، يوجد عرافون، يوجد منجمون، يوجد مشعوذون، المنجمون صنف من السحرة، والكهان، وهم أكذب خلق الله على وجه الأرض، بعضهم اسمه منجم، يقوم بعبادة الكواكب السبعة السيارة، الشمس، والقمر، وزحل، والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد، يلبسون لباساً خاصاً لكل كوكب، يصومون أياماً معينة، يحلقون روؤسهم، يشعلون البخور، يخاطبون القمر، ويزعمون أنهم بذلك يستنزلون روحانيات الكواكب، اخترعوا شيئاً أنهم كانوا فيما مضى يسمون المولود بحسب الشهر الذي ولد فيه، ويدعون أن لولادة هذا المولود في هذا الشهر دلالة خاصة في كشف أحواله وشؤونه وحظوظه ومستقبله،   

الأبراج:  

      والآن قضية برجك هذا الأسبوع، ومحطات فضائية أيها الإخوة الكرام لها برامج ثابتة، محطات فضائية طبعاً لا يعنيها إلا الكذب، مجلات، كتب، ويأتون بتفاصيل مضحكة،   

      يأتي سؤال من مستمع: أنا ولدت في شهر تشرين، زواجك متأخر الآن، لا يوجد زواج مبكر، كله متأخر، لأنه لا يملك البيت،   

      هناك إنسان سوف يحتال عليك، نصف الناس يحتالون على بعضهم، ترى كلامًا موجودًا في المجتمع، يأتي الإنسان الجاهل من ضيق أفقه فيقول: واللهِ هذا صحيح، قالوا: إن إنساناً سوف يحتال علي، واحتال علي فلان،   

      لذلك قالوا:  كذب المنجمون ولو صدقوا.  

      ثم بعد ذلك اخترعوا تقسيمات لأشهر السنة على شكل أبراج، الله عز وجل قال: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ  

      وأبراج السماء برج العقرب مثلا، أبراج معروفة، فكل برج عملوا له دراسة، فكلما التجأ إنسان إلى هؤلاء يبحثون عن برج، ويعطونه تعليمات كلها عامة، تصدق على معظم الناس، والإنسان الجاهل ضيق الأفق يتوهم أنه حصل على شيء.  

لا يعلم الغيب إلا الله:  

      أُأَكد لكم أن سيد الخلق، وحبيب الحق، وأن سيد ولد آدم، وأن الإنسان الأول في الأرض قال تعالى له: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ   

      هذه واحدة، قال تعالى: إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  

      هذه الثانية، قال تعالى:  قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلَا نَفْعاً  

      هذه الثالثة، الرابعة قال تعالى:  قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً   

      فلأن لا أملك لكم النفع والضر من باب أولى، هذا حجم سيد الخلق، وحبيب الحق، وأي إنسان على وجه الأرض في القارات الخمس يدعي خلاف ذلك فهو كذاب دجال نصاب، لا يعلم الغيب إلا الله فقط، وما مِن إنسان يمكن أن يعصي، وأن ينجو من عذاب الله أبداً.  

تصديق الأبراج نوع من الكفر:  

      لذلك أيها الإخوة الكرام: الذي يطالع أبراج في المجلات، أو يتصل ببرنامج معين، ويسأله عما ينتظره: أنا ولدت في شهر كذا، فهذا كفر ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام، هناك خطوط حمراء، هذا نوع من الكفر، حتى أحيانا في بعض النزهات تأتي منجمة، يقول لك من باب التسلية، من أتى ساحراً فلم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، هذا إذا ما صدق،   

      أيها الإخوة الكرام: تصديق المنجمين والسحرة والكهان والعرافين كفر بالله عز وجل،   

      قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً   

      ومن أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد برء مما أنزل على محمد.  

الدين يُنزه العقل عن الأوهام:  

      أما الكلام الفيصل في بهذا الموضوع أن النبي عليه الصلاة والسلام لحكمة أرادها الله يوم توفي ابنه إبراهيم كسفت الشمس، فالصحابة الكرام من شدة تعلقهم برسول الله، وتعظيمهم له توهموا أن كسوف الشمس كان بسبب موت إبراهيم.  

      أي إنسان يعمل في الدعوة إذا توهم الناس كرامة له يفرح فيها، هذه جيدة، تقوي مركزنا، أما إذا كان مخلصًا للدعوة يرفضها أشد الرفض، اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام.  

      مرة أخ طرق بابي، قال لي: معي تسرع قلب مئة وثمانين نبضة بالدقيقة، لما أضع يدي عندك على الجرس يرجع إلى الثمانين، قلت له: والله ليس صحيحاً، إياك أن تقع في الوهم، أنا إنسان عادي، يمكن أن أنفعك بشيء من العلم، وشيء بالقرب من الله فقط، أما أن ينزل القلب إلى الثمانين عند قرع الجرس فهذا ليس صحيحًا، يجب أن تنكرها، إن لم تنكر فأنت لست مخلصاً لهذه الدعوة.  

      فالنبي عليه الصلاة والسلام جمع أصحابه،   

       خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ، وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ  

      ليس لها علاقة، هذا موقف علمي.  

      واللهِ مرة كنت بالعمرة، وأنا بمكة وصلت إلي أخبار أن حزامًا من النور يخرج من قبر النبي الكريم، أقسم لي أناس أنهم رأوه رأي العين، نور ساطع يصعد، هذا النور على كبد السماء، سمعتها من عدد كبير من الناس، والله شيء عجيب، فلما وصلت إلى المدينة المنورة كان ثمة درس لعالم جليل، أنا كنت أستفيد أيضاً، جلست في الدرس، وبعد أن انتهى الدرس قال: إخواننا الكرام اتصل بي أمير المدينة، وأخبرني أنهم ركبوا أشعة ليزر فوق قبر النبي عليه الصلاة والسلام، يعني الطائرات أثناء السفر ترى عموداً من الضوء فوق مقام النبي عليه الصلاة والسلام، هذا فقط عبارة عن أشعة ليزر وضعت في قبر النبي عليه الصلاة والسلام، حزمة أشعة تصعد إلى السماء، الناس فهموا فهماً آخراً.  

      سيدنا علي بن أبي طالب أراد أن يسافر ليخوض حرباً مع الخوارج، عرض له منجم، فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسافر، فإن القمر بالعقرب، في برج العقرب.  

      إخواننا،في برج العقرب نجم اسمه قلب العقرب، نجم صغير أحمر متألق، قال عنه العلماء: هذا النجم يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما، بين الشمس والأرض مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر، والشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، وفي برج العقرب نجم صغير اسمه قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما.  

       فقال له: يا أمير المؤمنين، لا تسافر فإن القمر بالعقرب، برج العقرب، فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزمك أصحابك، فقال علي رضي الله عنه: بل سأسافر ثقةً بالله، وتوكلاً على الله، وتكذيباً لك،  

       فسافر،فبورك له في هذا السفر، وانتصر في معاركه تلك.  

الكون والمجرات والكواكب والأفلاك من أجل أن نعرف الله:  

      من أجل أن نتقرب إليه، من أجل أن نعظمه،   

      يا رب، أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال: أحب عبادي إلي تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحب من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يا رب، إنك تعلم أنني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي.  

       أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ  

      أما الفلك، الفضاء الخارجي فهناك علوم دقيقة جداً تستنبط منه، علوم دقيقة، علم الفلك والمجرات، بعض المجرات تبعد عنا عشرين مليار سنة ضوئية، مع أن الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، ثلاثمئة ألف كيلو متر بالثانية، بالدقيقة ضرب ستين، بالساعة ضرب ستين، باليوم ضرب أربع وعشرين، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، بعد هذا ضرب عشرين مليار، هذا بعده عنا، قال تعالى:  فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ  

      أقرب نجم ملتهب إلينا بعده عنا أربع سنوات ضوئية، أبعد نجم حتى الآن عشرون مليار، أقرب نجم أربع سنوات، بالثانية ثلاثمئة ألف، بالدقيقة ضرب ستين، بالساعة ضرب ستين، باليوم ضرب أربع عشرين، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، بالأربع سنوات ضرب أربعة، هذا الرقم الذي نتج لو أردنا أن نصل إلى هذا النجم بمركبة أرضية بسيارة في طريق سير معبد طبعاً هوائي نمشي على المئة نقسم المسافة على مئة، كم ساعة على أربع وعشرين، كم يومًا على ثلاثمئة وخمسة وستين، كم سنة نحتاج، نحتاج إلى خمسين مليون سنة كي نصل إلى أقرب نجم ملتهب، أربع سنوات ضوئية، أول قفزة القطب أربع آلاف سنة، المرأة المسلسلة مليونا سنة، وهكذا أحدث نجم عشرين مليار سنة ضوئية، قال تعالى:  فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ  

      هذا الكون يدل على عظمة الله، أما أن تستخدم النجوم للتنجيم وللكذب على الناس ولإيهام الناس أنك تعلم الغيب فهذا هو التنجيم الذي هو نوع من السحر والكهانة.  



المصدر: العقيدة الإسلامية - الجن والسحر - الدرس (3-7) : المنجمون والسحرة يكذبون