بحث

ببساطه...؟ لكي لا نقع / العلاقة الصحيحة بين الذكر و الأنثى

ببساطه...؟ لكي لا نقع   /  العلاقة الصحيحة بين الذكر و الأنثى

بسم الله الرحمن الرحيم

الله الذي خلقنا أعلم بنا: 

      لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ (140)) 

       (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) 

       (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(14)) 

الشهوة قد ترقى بالإنسان إلى أعلى عليين أو تهوي به إلى أسفل سافلين: 

      أيها الأخوة، إذا كان هناك فساد اجتماعي مستشرٍ صدقوا ولا أبالغ إن أحد أكبر أسبابه هو الاختلاط، فحب الطرف الآخر، حب الرجل للأنثى، وحب الأنثى للرجل مزروع في أعمق أعماق الإنسان. 

      لذلك هناك ضوابط كثيرة جداً لتكون العلاقة بين الذكر والأنثى كما أرادها الله، علاقة زواج، علاقة إنجاب، علاقة أولاد، أحفاد، ذكرت هذه القصة مئات المرات، دعاني عالم جليل إلى طعام الغداء، قال لي: عندي ثمانية وثلاثون حفيداً، أكثر من ثلاثة عشر حفيداً من حفاظ القرآن الكريم، وعشرة أطباء، قلت في نفسي: تزوج امرأة فأنجب منها الأولاد و البنات، الأولاد جاؤوا له بالكنائن، والبنات جاؤوا له بالأصهار، من هذا الزوج والزوجة الأولاد والكنائن، والبنات والأصهار، أنجب ثمانية وثلاثين حفيداً، أليس سبب هذا الكم الرائع من العلماء والفقهاء علاقة جنسية، هذا الأصل. 

      إذاً: هذه الشهوة ترقى بك إلى أعلى عليين، وتهوي بالإنسان العاصي إلى أسفل سافلين. 

      فضائح أهل الأرض من فجر التاريخ حتى الآن فضائح جنسية أو مالية، لذلك أكبر كم من الأحكام الفقهية متعلق بالعلاقة بالمرأة، ومتعلق بكسب المال وإنفاقه، تكاد تكون أغلب الأحكام الفقهية متعلقة بربط العلاقة بين الذكر والأنثى، وبضبط العلاقة بين الذكر والأنثى، وبضبط العلاقة مع المال كسباً أو إنفاقاً. 

ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها: 

      أيها الأخوة، النقطة الدقيقة أن الله عز وجل ما بنى منهجه على العقاب، بنى المنهج على تقديم بدائل، تقديم علاقة نظيفة بين الذكر والأنثى، تقديم علاقة تزهو بها. 

      حدثني أحد الأخوة فقال لي: طرق بابي فجراً، فتحت الباب فلم أجد أحداً، حالت منه التفاته إلى الأسفل رأيت كيساً يتحرك، يبدو أنه طفل من الزنا ولد لتوه، فوضع أمام أحد الأبواب، وقرع الجرس. 

      أنا خطر في بالي عندما يتزوج الشاب، وتحمل زوجته، والخبر يسري، تأتي التهنئات، تولد هذه الزوجة تأتي الهدايا، التبريكات، الحفلات، لأن هذا شيء شرعي، وعندما يتزوج الإنسان تطلق أبواق المركبات يوم العرس، لا أحد يخجل، هذا منهج الله. 

      لذلك أيها الأخوة الكرام، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، والآية الدقيقة: 

      (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ) 

      عند علماء الأصول المعنى المخالف، المعنى العكسي: أن الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه. 

تحريم الخلوة بين المرأة و الرجل: 

      لذلك من أعظم الضمانات الوقائية ـ ودرهم وقاية خير من قنطار علاج ـ التي وضعها الإسلام سياجاً منيعاً واقياً للمرأة، ولأفراد المجتمع، أنه حرم الخلوة بين المرأة الأجنبية والرجل الأجنبي، وصدقوا ولا أبالغ بحكم عملي المتواضع في الدعوة أكثر المشكلات التي تعرض عليّ مشكلات انحراف أخلاقي، خيانة زوجية، سببها الأول هو الاختلاط، فالإنسان بسذاجة، أو بجهل، أو بتجاهل، أو بخبث، يدفع من حوله إلى أن تزل أقدامهم بسبب عدم مراعاة أحكام الشريعة. 

المرأة درة مصونة ولؤلؤة مكنونة:  

      أيها الأخوة، الحقيقة أن المرأة جبلت على حبّ التزين، وعلى حبّ التجمل، هذا شيء طبيعي، والإسلام أقرها عليه، بل أثنى عليها حينما تتزين لزوجها، بل مدحها حينما تحصن زوجها، بل أكرمها حينما تعبد الله فيما أقامها، أقامها زوجة ثم أقامها أم ثم أقامها جدة، المرأة حينما تعبد الله فيما أقامها ترقى عند الله عز وجل، فالإسلام دين الفطرة مسموح للمرأة أن تتزين لزوجها الزينة المطلقة وبعض الزينة لمحارمها، من قال لك إن المرأة التي آمنت بالله، وابتغت رضوانه، منعت من أن تظهر رغبة عميقة في حياتها، ألا وهي أن تكون امرأة محترمة تنعم بشيء يلفت النظر. 

      أيها الأخوة، المرأة في الحقيقة درة مصونة ولؤلؤة مكنونة، لا يريد الإسلام أن تعبث بها الأيدي الآثمة، ولا تمتد إليها النظرات السامة.  

      والله لا يخلو أسبوع من قصة يدمى لها القلب. 

      آخر قصة، فتى من خلال الهاتف تعرف على فتاة، و بعد شهر من الاتصالات، و وعد بالزواج، وما إلى ذلك، صار لقاء في الطريق في مكان عام، ثم صار لقاء في بيت، ثم وقعت الفاحشة، ثم صورت، ثم هددت، وبقيت ترضخ لرغبات أصدقائه سنوات ثلاث وأهلها لا يعلمون.  

      والله قصص يدمى لها القلب من الاختلاط، من العلاقة الآثمة. 

      أيها الأخوة،   

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم، وجاء رجل فقال: إن امرأتي خرجت إلى الحج، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فاحجج مع امرأتك. 

      تعليق لطيف، لو أن هذا الإنسان معاصر ماذا يقول للشيخ؟ يقول: معقول أن أدع الجهاد في سبيل الله وأذهب لمرافقة زوجتي؟ أنأ أثق في أخلاقها، تصور إنساناً معاصراً جاءت الفتوى بالتحريم، فجاءت المبررات، أنا لا أشك في تربيتها، كيف تأمرني بهذا وهي بنت التقى والعفاف والروع والدين والالتزام؟  قال انطلق فاحجج مع امرأتك. 

      لأن هناك  خطورة، فالمرأة في السفر مطموع بها. 

      أيها الأخوة،  بالأحاديث الشريفة ملامح دقيقة جداً، ما قال: ما خلا فاسق بامرأة، ما قال: ما خلا كافر بامرأة، ما قال: ما خلا منحرف بامرأة، وما قال: ما خلا مؤمن، قال: لا  يخلون رجل بامرأة. 

      أي رجل خلا بامرأة الشيطان ثالثهما، وأي امرأة كائنة من كانت إذا خلت برجل كان الشيطان ثالثهما، لأن الإنسان يضعف أمام ضغط الشهوة إذا كانت الخلوة، وكذلك المرأة. 

      أيها الأخوة، مرة ثانية، المرأة هي اللؤلؤة المكنونة والدرة المصونة التي حرص الإسلام ألا تمتد الأيدي العابثة، ولا أن تلوثها النظرات الآثمة. 

      وقد قِيل: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء... 

الشهوة لا علاقة لها بالطهر والعفاف بل علاقتها بظروف ينبغي ألا تكون: 

      أيها الأخوة،  حديث آخر: 

      أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ. 

      المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان. 

      لأن الشيطان يزينها في قلوب الرجال، ولأن الشيطان يزين الرجال في قلبها، وربما كانت المرأة تقية، نقية، طاهرة، أي هذه الشهوة ليس لها علاقة بالطهر والعفاف لها علاقة بظروف ينبغي ألا تكون. 

على الإنسان أن يترك منطقة أمان بينه وبين المعصية: 

      تيار توتر عال، وزير الكهرباء يضع الإعلان التالي: ممنوع مس التيار، مستحيل، قبل ثمانية أمتار الإنسان يغدو فحمة، يكتب ممنوع الاقتراب من التيار، لذلك الشرع العظيم جعل منطقة أمان بينك وبين المعصية، والدليل:(تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) 

      أبق بينك وبين المعصية هامش أمان: (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) 

      والآية الكريمة:(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)   

      وأنا مصر على أنه لو أجريت دراسة علمية دقيقة لألف حالة من حالات الزنا، التسعمئة حالة لم يكن في ذهن الطرفين أن تقع هذه الفاحشة إلا أن الخلوة دفعتهما إلى هذا الزلل. 

      صدقوا ولا أبالغ وعندي والله مئات القصص، الفاحشة وقعت بين أخ الزوج وزوجة الأخ، لم يمضِ عدة أيام إلا واتصل بي هناك مشكلة كيف نعالجها؟ أنا لا أتكلم من فراغ، صدقوا ولا أبالغ ما من نهي نبوي إلا عندي مئات القصص التي يندى لها الجبين، لا تكن ساذجاً هذا كلام خالق الكون، طبعاً هناك من يقول: هذا تطرف، أنا مع النص، ومع النص القرآني والنبوي الصحيح، أنا أعطل عقلي، لكن أحياناً أعمله فأرى  حالات لا تنتهي ناتجة عن مخالفة الشارع الحكيم. 

      أيها الأخوة،  طبعاً الموضوع خطير جداً أنا يمكن أن أعزو تسعين بالمئة من الفساد الخلقي والفواحش بل والشذوذ في  البيوتات من عدم الاهتمام بمنع الخلوة بين الأطراف جميعاً. 

      أيها الأخوة،  هذا هو البعد عن الله، هذا هو ترك منطقة الأمان بينك وبين المعصية. 

      مثلاً: نهر له شاطئ مستوٍ جاف، وشاطئ مائل زلق، والنهر عميق وأنت لا تحسن السباحة، إذا سرت على الشاطئ الجاف المستوي أنت في أمان، أما إذا سرت على الشاطئ المائل الزلق أنت في خطر كبير قد يصل إلى التسعين بالمئة، تزل القدم، وتسقط في النهر، وهكذا المعصية، اجعل بينك وبين المعصية هامش أمان، غض البصر هامش أمان، عدم الخلوة هامش أمان، عدم صحبة الأراذل، صحبة المؤمنين أحد الأسباب: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. 

      من أقوال السيد المسيح: الشريف يهرب من أسباب الخطيئة  

      لا من الخطيئة نفسها، ربما لا يستطيع الإنسان لو تورط وتجاوز المنطقة المحرمة أن يبتعد عن العمل النهائي، أنا أشبه العملية كصخرة على رأس جبل ما دامت على الرأس مستقرة متمكنة، لو اقترحت أن تدفعها باتجاه الوادي عشرة أمتار فقط، اسمعوا الجواب لن تستقر إلا في أعماق الوادي، هي في قمة الجبل مستقرة ما دام بينك وبين الفاحشة هامش أمان كبير، لا يوجد اختلاط، لا يوجد خلوة، لا يوجد صحبة أراذل، لا يوجد إطلاق بصر، فأنت في مأمن، أما حينما تتجاوز هذا الحد، وتريد أن تزحزح هذه الصخرة عشرة أمتار فقط، لن تستقر إلا في أعماق الوادي. 

على المرأة ألا تخلو برجل ليس من محارمها: 

      أيها الأخوة،  المرأة العفيفة الطاهرة إذا خلت برجل ليس من محارمها هناك احتمال الخطأ، والخطأ لا يكون من أول لقاء، دائماً كما يقال: الشيطان ذكي جداً، في اللقاءات الأولى إعجاب بالأخلاق، والأمر يتطور إلى أن تنتهي بالفاحشة، ثم تستغل، وهذه القصة متكررة عشرات ألوف المرات، تقدير الأخلاق، لكن علاقة ممنوعة بالشرع، الخلوة ممنوعة والأمر يتطور إلى أن تقع الفاحشة، لذلك: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟... 

      أي امرأة أخي، هذا أخي، وهذه زوجته مثل أختي، أتمنى على الأخوة الكرام أن يلغي كلمة مثل أختي، لا ليست أختك، هذه امرأة أجنبية يمكن أن تزل قدمك معها.... يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: الحمو الموت. 

      أيها الأخوة،  أول أنواع الخلوة حينما تستقبل المرأة رجلاً في بيتها وزوجها غائب، وهو ليس من محارمها، لا أخوها، ولا أبوها، ولا ابنها، ولا عمها، ولا خالها، حينما تستقبل امرأة متزوجة في بيت زوجها رجلاً ليس من محارمها، من أقارب الزوج، أو من أصدقاء الزوج، فهذا أكبر خطر، أكبر أسباب الانحراف هذه الخلوة، ما دام الزوج غير موجود لا تستقبل أي رجل مهما كلف الأمر ولو لدقيقة. 

      أيها الأخوة،  هناك صور من الخلوة كثيرة جداً أحياناً مع السائق لمسافة بعيدة خارج المدينة، أحياناً مع الخادمة، الخادم مع السيدة.  

      فكل خطأ فاحش سببه جهل فاحش، أو مثلاً امرأة شابة تدخل إلى طبيب لا تعرف من هو، من دون محرم، من دون مرافق، هذه خلوة أيضاً، أي أصحاب المهن طبيب، مهندس، محامي، الأولى ألا تذهب المرأة إلى الطبيب إلا مع ذي محرم، أو مع ابنتها. 

عفة سيدنا يوسف مثل أعلى لكل شاب: 

      أيها الأخوة الكرام، سيدنا يوسف قصته رائعة جداً، تتحدث عن عفة هذا النبي الكريم، وأنا أقول: هذا النبي الكريم مثل أعلى للشباب،  ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(23) ) 

      لكن هذا النبي الكريم عبر عن افتقاره لله فقال: (وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ(33)) 

      فسيدنا يوسف وهو نبي كريم ما اغتر بعصمته كنبي. (وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ(33)) 

      فربنا عز وجل قال : ( فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(34) ) 

      فحينما يعلم الله من هذا الشاب رغبة في التعفف، ورغبة في طاعة الله، وخوفاً من معصيته، الله عز وجل يتولاه بحفظه، يبعدهم عنه ويبعده عنهم، أو ينزع الله محبة هؤلاء النسوة المتفلتات من قلبه. 

      لذلك كلمة رائعة جداً : ما كان الله ليعذب قلباً بشهوة تركها صاحبها في سبيل الله. 

الضوابط الشرعية التي رسمها الشرع للقاء الرجال بالنساء: 

أولا: وجود سبب خطير جداً وضروري لهذا اللقاء: 

      أيها الأخوة الكرام، قد يسأل سائل: ممنوع أن يلتقي الرجال مع النساء بأمور خطيرة جداً؟ هناك جواب شرعي، لقاء النساء والرجال جائز إذا كان الهدف المشاركة في هدف كبير يحتاج إلى جهود متظافرة بين الرجال والنساء من الجنسين، ولكن وفق الضوابط الشرعية التي رسمها الشرع، ما الضوابط؟ وجود سبب خطير جداً وضروري لهذا اللقاء. 

ثانيا: عدم التوسع والإسراف في خروج المرأة من بيتها: 

      الضابط الثاني: عدم التوسع والإسراف في خروج المرأة من بيتها  والله عز وجل ما منع المرأة أن تخرج من البيت ولكن الأصل في المرأة أن تبقى في البيت : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (33)) 

ثالثا: الالتزام بغض البصر: 

      الشيء الثالث: الالتزام بغض البصر: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30)وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) 

الله عز وجل قال : (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)) 

رابعا: التزام المرأة بالحجاب الشرعي والثياب المحتشمة: 

      الشيء الرابع: التزام المرأة بالحجاب الشرعي والثياب المحتشمة، أي المرأة تحتشم، والرجل يغض بصره، والأمر قليل ليس كثيراً، ولشأن خطير، وتجنب الزينة التي تقود إلى ارتكاب الفواحش. 

خامسا: الالتزام بآداب الإسلام: 

      الالتزام أثناء اللقاء بآداب الإسلام في الحركات والسكنات، وفي الوقوف والمشي وفي الكلام والصمت. 

      الالتزام بآداب الإسلام، تجنب الزينة كلياً، التزام المسلمة بالزي الشرعي والحجاب الشرعي، والتزام الرجال بغض البصر، والأمر خطير وأساسي متعلق بالتعليم مثلاً، أحياناً متعلق بأشياء كثيرة مما تحتاجها الأمة. 

قصة سيدنا موسى مع من سقى لهنّ: 

      أيها الأخوة، قال تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(23)) 

      (وَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ) 

      أي وجد بعيداً عنهم، هذا أول استنباط. 

      (تَذُودَانِ) 

      تزودان، تمنعان غنمهما من أن يذهبن إلى غنم القوم. 

      (لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ) 

       يذهب الرجال. 

      (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) 

      أحد الأسباب الضرورية لخروجنا.    

      أيها الأخوة، تتمة القصة : 

      (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ (25) ) 

      قال علماء التفسير : إما أنها تمشي على استحياء أي مشية في غاية الأدب، أو أنها قالت على استحياء : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا (25) ) 

      أي نطقت بجملة واحدة، لا يوجد أية تفاصيل، لو أنها قالت : إن أبي يدعوك، يقول لها : خير ما المناسبة؟ إجابة واحدة، كلام مختصر مفيد : ( إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا (25) ) 

عمل المرأة ليس مُحرّماً : 

      المرأة حينما تعمل مضطرة لا مانع، حينما تعمل وهي منضبطة لا مانع، حينما تعمل وهي محتشمة لا مانع، حينما تعمل ولا تختلط لا مانع، أما حينما تكون مكتفية، وفي درجة عالية من الغنى، والعمل لا يتناسب مع أنوثتها، وتعمل من أجل أن تخرج كل يوم، وأن يراها الآخرون، وأن يشهقوا لرؤيتها، هذا شعور عند النساء مسعد، إنها تلفت النظر، فحينما تعلم المرأة أنها تخرج من أجل أن تعرض مفاتنها على الناس، من أجل أن تشد الأنظار إليها، هذه مشكلة كبيرة جداً. 

      العمل في الإسلام ليس محرماً، العمل لأسباب ضرورية، لأسباب كسب العيش، العمل وفق الضوابط الشرعية، وفق الضوابط التي تنفي الاختلاط، تنفي الفتنة ـ الفتنة معروفة حينما تفتن بالرجال أو يفتن بها الرجال ـ فصار في مشكلة، قال تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (33)) 

      أيها الأخوة، الطيار لو رأى هذه الغرفة سجناً له، كيف سيعيش في هذه الغرفة؟ لو عدها سجناً لخرج وجلس مع الركاب، لكن هنا قيادة الطائرة، هناك أربعمئة راكب سلامتهم بسبب قيادته للطائرة، والمرأة والله لا أبالغ حينما تتفرغ لزوجها وأولادها، وتنجب أولاداً صالحين، مواطنين صالحين، مثقفين، أخلاقيين، عندهم وعي وانضباط، هذا أعظم عمل تقوم به المرأة على الإطلاق، هذه المرأة التي تجلس في البيت تربي أولادها هي امرأة عظيمة جداً، وحينما تعمل وفق الضوابط الشرعية، لا شيء في ذلك، أما حينما تخرج كي تفتن الرجال أو كي تفتن هي بالرجال فهذا فساد عريض، هو الذي حرمه الشرع العظيم. 

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ . 

      والله الذي لا إله إلا هو ما من أسبوع إلا وأتلقى اتصالات من امرأة مؤمنة، طاهرة، عفيفة، أم لأولادها، انصرف الزوج عن بيته، وأهمل أولاده، وتعلق بامرأة متفلتة في عمله، والاختلاط هو السبب. 

      والله معي مئات القصص، والله مآسٍ يتفطر القلب لها، زوجة رائعة وأم وأولاد كالورود في البيت، ترك البيت وهجره، وأهمل زوجته وأولاده، ليلتقي خلسة وغياباً عن أعين المراقبين مع امرأة هي دون زوجته. 

      وهناك حديث آخر : فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ . 

      بربكم في تاريخ البشرية لو جمعت كل الفضائح التي أدرجت في الصحافة بتاريخ البشرية هل هناك من فضيحة إلا أن تكون متعلقة بالجنس أو متعلقة بالمال؟ 

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذراً:مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ . 



المصدر: خطبة الجمعة - الخطبة 1110 : خ1 - النهي عن الخلوة و الاختلاط1 ، خ 2 - الضوابط الشرعية للاختلاط