بحث

فضيلة التعلم

فضيلة التعلم

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل العلم : 

      قال تعالى: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ 

      هذه هل حرف استفهام لكن هذا الاستفهام خرج عن الاستفهام وصار كما يقول علماء البلاغة استفهاماً إنكارياً أي هل يعقل أن يستوي عند الله وعند الناس عالم وجاهل ؟ هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟ وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ 

      مرة سألت طلاباً قلت لهم : من يذكر اسم تاجر أو غني عاش في دمشق في عام ألف وثمانمئة وسبعة وثلاثين وله جائزة كبيرة، حك الطلاب رؤوسهم طويلاً ولم يعرفوا، فقلت لهم : وأنا معكم لا أعرف لأن الإمام علياً كرم الله وجهه قال: يا بني مات خزان المال وهم أحياء وهم في أوج حياتهم ميتون، والعلماء باقون ما بقي الدهر، فإذا شئت أن تخلد فبالعلم يبقى اسمك متألقاً إلى قيام الساعة، إلى نهاية الدوران 

      قال تعالى : ﴿ يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ 

      أقدم ثانوية في دمشق فيها لوحة كتبت بيد خطاط كبير، إذا دخلت من بابها الرئيسي كتب على هذه اللوحة : رتبة العلم أعلى الرتب، هناك رتب المال، وهناك رتب توضع على الكتف، وهناك رتب الشهادات، وهناك رتب الوجاهات، وهناك رتب الحرف، حتى المعلم هذه رتبة، هناك في الحياة رتب لا تعد ولا تحصى، هذه الحكمة تقول :  رتبة العلم أعلى الرتب 

      والشيء الذي يحزن أن العلم مبذول لكل الناس، العلم الدنيوي الذي هو فرض كفاية مبذول بأجر باهظ، أي أقل ساعة رياضيات إن فهم الطالب أو ما فهم مئة وخمسون ليرة من أجل بكالوريا، أما سبحان الله دروس العلم الديني فمبذولة بلا مقابل، هذا من حكمة الله عز وجل لأن الذين يدرسون العلوم الدينية يطمحون بأجر خيالي ولكن ليس من الحاضرين من الله عز وجل . 

العالم و العابد : 

      كم هي المسافة كبيرة بين النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد الأنبياء، سيد ولد آدم، قمة البشر، وبين أدنى مؤمن على وجه الأرض، هذه المسافة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أدنى مؤمن هي المسافة نفسها بين عالم وعابد، فكن طموحاً إلى العلم ولا ترضى أن تكون عابداً فقط، العابد بالمناسبة بسبب أي تأثير، أي إغراء، أو أي ضغط يتخلى عن الدين، أي قد يتزوج فيخرج من دينه، تأتيه امرأة تغريه بالمعصية فيخرج من دينه، قد يشارك رجلاً فيضغط عليه في فعل بعض المعاصي المالية فيخرج من دينه، قد يسمع كلمة تهديد فيتخلى عن صلاته، هذا هو العابد، يجوز أن العابد في الأيام الماضية في القرون السالفة الجو العام كله ديني، الفتن قليلة ونائمة، أكثر الناس دينون، يجوز في هذه الأيام السالفة أن ينجو العباد، أما أنا والله أؤكد لكم في هذا العصر الذي وصفه النبي عليه الصلاة والسلام: (( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا )) 

      أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، في مثل هذا العصر الذي ترون فيه الشهوات مستعرة، والفجور والفسوق والمغريات، الدنيا في هذا العصر خضرة نضرة، متألقة متزينة، تغري أحبابها باتباعها، في هذا العصر لا يستطيع العابد أن يصمد أمام إغراءات الدنيا، والذي يحصل تشاهدون إنساناً تدين ثم انتكس، لماذا انتكس ؟ لأنه ما صار عالماً بقي عابداً، أخذ بالعاطفة خلال شهر أصابه سرور فاستقر، إغراء بسيط ترك الدين . 

      وإذا بلغني عن إنسان حضر معنا شهرين ثم ترك، أنا يوجد عندي يقين قاطع أنه ما فكر، أخذ بالعاطفة واستمع وترك، لأن ترك الحق دليل نكسة خطيرة جداً، والكلام الصحيح أنه ما آمن حتى كفر، لم يؤمن بالأساس كان مقلداً والتقليد لا يكفي .  

      في هذا العصر لا ينجو إلا العالم، والعابد لا ينجو، لأنه لم يستطع أن يبقى عابداً، الدنيا تجره إليها، إغراءاتها، وفتنها، وضغوطاتها، قال عليه الصلاة والسلام: (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ)) 

أجر طالب العلم عند الله : 

      لكن يوجد أناس عرفوا الجامعة تعريفاً لاذعاً قالوا : إنها مدرسة يدخل فيها الطالب جاهلاً متواضعاً يخرج منها جاهلاً متكبراً، قال عليه الصلاة والسلام: (( . . . مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ )) 

      وروي عنه أيضاً أنه قال: (( مَنْ جَاءَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِيَ بِهِ الإِسْلامَ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ)) 

      الإنسان عطاؤه محدود أي إذا الإنسان درس أول سنة بالجامعة والثانية والثالثة والرابعة لأمر قاهر لم يتمكن من أن يكمل يقولون: هذا ليس معه شهادة، ربنا عز وجل معاملته غير هذه المعاملة، إذا الإنسان بدأ بطريق وجاءته المنية في أول الطريق يعطى الثمار كما لو بلغ آخر الطريق : (( مَنْ جَاءَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِيَ بِهِ الإِسْلامَ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ )) 

      قال بعض الحكماء : ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم ؟ وأي شيء فاته من أدرك العلم ؟ 

      أي إذا إنسان أدرك العلم وتعرف إلى الله وسعد ومات وما عنده بيت ملك، ما فاته شيء، مات وما شاهد أوربا رسول الله ما شاهدها، مات قبل أن يتزوج، أحد الصحابة له زوجة طلبت منه طلباً لا يملك ثمنه ولن يغير سلوكه عما كان عليه وقت النبي صلى الله عليه وسلم، قال لها: اعلمي يا فلانة إن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر فلأن أضحي بكِ من أجلهن أفضل من أن أضحي بهن من أجلكِ 

      أي إذا إنسان مات وما تزوج إرادة الله عز وجل، مات وما اشترى بيتاً، مات ويوجد طعام ما أكله، الناس يقولون : مسكين ما تهنى في حياته، هذا كلام العوام إذا إنسان مات و هو شاب وكان مؤمناً مسكيناً ما شاهد شيئاً من الدنيا، الذي قال هذا الكلام هو الذي ما شاهد شيئاً، قال تعالى : ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ 

      ﴿ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴾ 

      أي شيء أدرك من فاته العلم ؟ وأي شيء فاته من أدرك العلم ؟ ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، أحياناً يكون الإنسان متزوجاً زوجة ليست على مزاجه يقول لك : محروق قلبي، خطبتها وكنت لا أعرف شيئاً، أمي قالت لي : جيدة، إذا ما عرف الله معه الحق أن يحترق قلبه لأنه شاهد نفسه أنه سوف يعيش معها إلى الأبد أما المؤمن فيحسن لها، قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ 

      يحسن لها ويكسب أجراً والله يهنئه في حياته، لو كانت هي وسط أو دون الوسط سبحان الله مكافأةً له على الرضا بقضاء الله، الله عز وجل يجعلها ودودة له مودة بالغة، ويراها جميلة وقد يقول بعد أن يرضى بها : والله ليس في الأرض إنسانة أنسب إلي منها، إذا رضي بقضاء الله وقدره، وكان صادقاً وعاملها بالإحسان، أما إن قال دائماً : لم نوفق في هذا، دائماً كاسر خاطرها، هكذا أهل الدنيا .  

فضائل التعليم : 

      ومن فضائل التعليم ما ورد في الصحيحين : (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) 

      قال لي شخص : إن أحدهم اشترى فندقاً في فرنسا، هذا الفندق مؤلف من ثمانين طابقاً، كل طابق حوالي خمسين غرفة، وكل غرفة أجرتها في اليوم خمسين فرنكاً فرنسياً، الفندق ممتلئ طوال العام، هذا دخل ولكن على هذا الكلام : (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) 

      إذا إنسان يصدق النبي الكريم، طبعاً أخي إنسان عنده أراض، استيقظ وجد نفسه أكبر مليونير، هذه تضاعفت مئة ضعف، اشترى بناء في الستينات واختلف هو وشركاؤه فتركوها على الهيكل، الآن صار ثمن كل طابق مليونين، كان ثمن الطابق عشرين ألفاً، يقول رسول الله : (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) 

      لو كنت مصدقاً هذا الكلام تسعى لهداية الناس ليلاً ونهاراً، وتبذل من أجل هدايتهم الغالي والرخيص والنفس والنفيس، الإنسان لو صدق هذا انتهت مشاكله كلها، لو إنسان قال لك: يوجد بيت ثمنه مئة ألف، والآن ثمنه نصف مليون، لا تنام الليل إذا كنت تملك المئة ألف وخاطب وتدور على بيوت في آخر الدنيا في الطبالة، إن قال لك : هذا البيت بمئة ألف في المهاجرين مؤلف من ثلاث غرف وصالون وكاشف الشام وقبلي والكلام صحيح، لا تنام الليل ولا تغفل وتقرع الباب على الدلال الساعة السادسة صباحاً . لو مصدق سيدنا رسول الله : (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) 

      لا تنام الليل، تساعده، تكرمه، تساعده في دنياه، تدينه حتى يميل قلبه، ثم ادعه إلى الله، الكلام سهل، عندما أنت تحسن له إحساناً حقيقياً وتقول لك كلمة تذيبه الهدى ليس كلاماً ولما ظنه بعض الناس كلاماً لا أحد يهتدي بالكلام، عندما يراك تهتم بأموره وكأنه أخوك الحقيقي ساعتها الآية قدر مليون، والحديث قدر عشرة أحاديث، لذلك رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى الناس . 

      (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) 

      هناك إنسان في قطر عربي حسابه في البنك ثلاثة آلاف مليون دولار، والدولار بعشر ليرات، أي ثلاثة آلاف مليون، إذا أحدكم استطاع أن يهدي شخصاً يجب أن تتكلم له عن الله عز وجل، أن تساعده، أن تكون لطيفاً معه، أن تكون إلى جانبه عند الشدة، على شهر شهرين ثلاثة، تتفقده، إذا مرض تعوده، إذا استطعت أن تهدي رجلاً فأنت أغنى من هذا الذي رصيده ثلاثة آلاف مليون دولار .  

      (( .. وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ .. )) 

      العلماء فسروا هنا الحديث أن الإنسان عندما يعلم الناس الخير الناس يستقيمون، إذا ذبحوا غنمة يذبحونها على السنة، أنا منذ مدة شاهدت رجلاً يذبح غنمة أمام غنمة، قلت صلى الله عليه وسلم كم كان رقيقاً قال له : أتريد أن تميتها ميتتين هلا حجبت أختها عنها؟؟ 

      أي إذا الإنسان آمن يحسن وهو يذبح الغنمة، لا يدوس صرصوراً، قال لي رجل : دخلنا إلى بيت نشاهده يوجد حشرة محببة نسيت اسمها ناعمة الدلال دهسها بقدمه لماذا دهستها ؟ ماذا فعلت لك ؟ عندما أنت تؤمن تصبح محسناً، المؤمن لا يصدر منه إلا خير، مصدر طمأنينة، لا يوجد عنده مزاح غليظ، مصدر سعادة للناس، أي إذا رؤي المؤمن ذكر الله : (( خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله بهم )) 

      (( عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلأ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ )) 

أثر العلم في حياة الناس : 

      قال معاذ بن جبل رضي الله عنه : " تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة " 

      يوجد شخص لا يستطيع أن يكون بمفرده إطلاقاً، أما الذي له وجهة إلى الله وله حظ من العلم لا يريد أحداً، يستطيع أن يجلس عشر ساعات بمفرده، العلم لا يمل، الإنسان عندما يتعلم إذا قرأ قرآناً، القرآن ربيع القلب، ألا بذكر الله تطمئن القلوب والاستئناس بالناس علامات الإفلاس، علامة المؤمن له جلسات مع ربه، يحب الخلوة، هذا إحياء علوم الدين خمسة أجزاء يعد من أهم الكتب الدينية نتيجة خلوة استمرت عشر سنوات في دمشق من قبل الإمام الغزالي، كان يختلي في الأموي، في مئذنة العروس في غرفة وكتب هذا الكتاب . 

      وقال كعب رحمه الله : " أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن تعلم يا موسى الخير وعلمه الناس فإنه منور لمعلم الخير ومتعلمه قبورهم حتى لا يستوحشوا بمكانهم " 

      المؤمن يطلب العلم بشكل حثيث، أي إذا إنسان في وقت الدرس أغلق المحل، وعنده زبائن الآن لا يوجد عندي وقت، عندي موعد، هل تقل رزقته ؟ لا والله، هؤلاء العشرة يأتون غداً عشرين سبحان الله، الله يحبب الناس بهذا المحل يقول لك : أنا تعودت على هذا المحل، يأتيك زبائن من آخر الدنيا، ويوجد أناس يفتحون حتى الساعة الحادية عشرة يلعبون بالطاولة يعملون عملاً بعيداً عن الله عز وجل، فالإنسان لا يضن على الله عز وجل بمجلس العلم، والله عز وجل قادر أن يصرف لك من وقتك عشرات الساعات من دون فائدة، أحياناً الإنسان يضطر أن يذهب إلى الطبيب مساءً يعطيه وصفة، يدور أربعة أقطار المدينة ويقول له : يجب مساءً أن يأخذ الدواء، يصرف مئتي ليرة، ابنه ارتفعت حرارته، الوقت بيد الله عز وجل .  

      قال لي إنسان كان في دولة أجنبية : عندي إقلاع طائرة الساعة الثانية والنصف فركبت تكسي من الفندق إلى المطار، فوجدت في الطريق أناساً يقفون في الدور ثلاثة كيلو متر فقال للسائق : ماذا يوجد هنا ؟ فقال له : يوجد توزيع لحم، هل من السهل أن يقف الإنسان من الساعة الثانية بعد منتصف الليل إلى الساعة الثامنة صباحاً !! لما هانت عليهم أنفسهم هانوا على الله عز وجل، أما عندما يعودون إلى الله عز وجل ويعرفون قيمة العلم فالله عز وجل يكرمهم، ويجعل وقتهم ثميناً، فالإنسان إذا كان لا يعرف قيمة الوقت يستهلك وقته لأتفه الأسباب . 



المصدر: الفقه الإسلامي - موضوعات متفرقة - الدرس 12 : العلم - فضيلة التعلم