بحث

حجمك عند الله

حجمك عند الله

بسم الله الرحمن الرحيم

حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :  

      أيها الأخوة، حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، حجمك عند الله بحجم إحسانك، حجمك عند الله بحجم عطائك، حجمك عند الله بحجم محبتك، فالباب مفتوح، وهذه فرصة في العمر مرة، أن تأتي إلى الدنيا وأن يسمح الله لك أن تطيعه، وأن تعبده، وأن تتقرب إليه، من نعم الله الكبرى.  

      يا أخوان، ما منا واحد إلا وهو حريص حرصاً لا حدود له على سلامته، وعلى سعادته، وعلى استمرار وجوده، سلامتك بالاستقامة، وسعادتك بالعمل الصالح، واستمرار وجودك بتربية أولادك.  

      أنا لا أصدق أن يسعد أب وأم وابنهما على خلاف ما يتمنون، كلمة شهيرة ألقيتها بأمريكا، نقلت عني بشكل غير معقول، قلت لهم- وقتها بأمريكا كان كلينتون الزوج- لو بلغت منصباً ككلينتون، وثروة كأوناسيس، وعلماً كأينشتاين، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس.  

      وإذا كان يعاني المسلمون في بلادهم مشكلة تربية الأولاد أعتقد هنا المعاناة أضعاف مضاعفة، لذلك وصيتي الأولى والتي ألح عليها أن تعتنوا بأولادكم، لأن الابن امتداد لك، فلن تسعد إلا إذا كان ابنك كما تتمنى، والأمر يحتاج إلى جهد، ممكن بجهد معقول ببلادنا يتربى ابنك، لأن عمه، وخاله، وكل من حوله على شاكلة واحدة، وهناك جامع، واثنان، وثلاثة، وأربعة، ودروس دين، لكن ممكن ببلاد المهجر أن تكون الصوارف عن الدين كبيرة جداً، والعقبات كبيرة، الصوارف والعقبات.   

قصة معبرة:  

      إذاً الإنسان حجمه عند الله بحجم عمله الصالح، في الشام حي اسمه سوق ساروجا، وهناك جامع مشهور اسمه جامع الورد، ولهذا الجامع خطيب، لكن هذا الخطيب رأى في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول له النبي الكريم: قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة، جاره سمان، وهذا خطيب، وله شهادات، وإلقاء محاضرات، وفصاحة وبيان، فأصابه قلق شديد، توجه إلى جاره، فلما طرق بيته، قال له: والله لك عندي بشارة من رسول الله ولكنني لن أخبرك بها إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك، يبدو أن هذا البقال تمنع وأصر ألا يقول، فلما ألح عليه تكلم.  

      قال له: قبل فترة عقدت قراني على امرأة، ومضى على زواجنا خمسة أشهر، كان حملها في الشهر التاسع، واضح؟ قال له: بإمكاني أن أطلقها، وهذا عدل، بإمكاني أن أفضحها وهذا عدل، بإمكاني أن أذكر السبب، والناس معي، وحتى أهلها معي، وكل من حولي معي ولكنني أردت أن أحملها على التوبة.  

      جئت لها بمن يولدها، فولدت طفلاً، حملت هذا الطفل تحت عباءتي، ووقفت أمام جامع الورد إلى أن نوى الإمام صلاة الفرض، فدخلت ووضعت الطفل وراء الباب، والتحقت بالمصلين، فلما انتهت الصلاة بكى هذا الطفل الصغير، تجمع المصلون حوله، توجه إليهم، وقال: خير إن شاء الله؟ قالوا: تعال وانظر- لقيط- قال: أنا أكفله أعطوني إياه، أخذه أمام أهل الحي، على أنه لقيط ودفعه إلى أمه.  

      هذه تذكرني بقوله تعالى:  ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾  

      طبعاً الإحسان أرقى، العدل قسري أما الإحسان فطوعي، بهذه الطريقة حملها على التوبة، وسترها، وسمح لها أن تربي ابنها.   



المصدر: محاضرات وندوات خارجية - أستراليا - الرحلة3 - المحاضرة ( 11 - 25 ) : التفكر في خلق السموات والأرض - بعض إعجاز الله في صنع خلقه