بحث

حقوق الطفل في الإسلام / حقوق الطفل

حقوق الطفل في الإسلام / حقوق الطفل

بسم الله الرحمن الرحيم

      أيها الأخوة الكرام، اتفاقيات كثيرة، كاتفاقية المرأة، واتفاقية حق الطفولة، هم يأخذون مشكلات بلدان معينة ويعممونها على العالم كله، والمسلم حينما يتابع أمر دينه، ويرى ما في هذا الدين العظيم الذي هو وحي السماء، ومنهج خالق الأرض والسماء يشعر بألم شديد، لأن الذي عندنا يفوق هذه الإتفاقيات بكثير، إن في حقوق الإنسان، وإن في حقوق المرأة، وإن في حقوق الطفل ولكن لا أحد يأبه لذلك . 

      اليوم أعرض على مسامعكم بعض ما في هذا الدين العظيم من حقوق للطفولة لا يحلم بها الطرف الآخر، من منا يصدق أن الإسلام ينشئ للطفل حقاً على والديه، أو على أبيه إن صحّ التعبير حتى قبل أن يولد ومن هذه الحقوق: 

أولا: أن تحسن اختيار أمه : 

      لذلك أيها الأخوة، أستعرض معكم حقوق الطفل في الإسلام، أحياناً يصدرون لنا اتفاقيات، مرة تصدر لنا اتفاقية حقوق المرأة، ومرة تصدر لنا اتفاقية حقوق الطفل، فإذا رجعنا إلى ديننا وجدنا أن للطفل حقوقاً لا يحلم بها الغربيون، أول حق لابنك عليك قبل أن تنجبه أن تُحسن اختيار أمه، هذا حق،  

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:تخيروا لنطفكم ... 

      يجب أن تختار المرأة المؤمنة،  

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك بذات الدين تربت يداك 

       يجب أن تختار المرأة الصالحة، المرأة التي تعلم كيف تربي ابنها، المرأة الودود، المرأة الحَصَان، المرأة المؤمنة، أول حق لابنك عليك أن تحسن اختيار أمه، هذا حق لا يحلم به أهل الغرب، حق واضح، أن تحسن اختيار أمه. 

      الأب المسلم همه الأول تزويج أولاده، كم من أب في هذه البلدة الطيبة باع بيته بأرقى أحياء دمشق وسكن خارج دمشق ليؤمن بيوتاً لأولاده، هذه الحضارة، التماسك الأسري عندنا في أعلى مستوى، أحياناً الإنسان يبهر، هناك أشياء ينبهر بها الإنسان على شبكية العين، أما مع الإقامة المديدة يرى لبلادنا من الخصائص، ومن الإيجابيات، ما لا يحلم به أهل الغرب، لذلك الأب عندنا أب، والأم أم، الزوجة زوجة، الابن ابن، البنت بنت، مرة كنت في أمريكا فقلت لهم: شارع فيه مئة بيت، كم بيت فيه خيانة زوجية؟ قالوا لي: سبعون فما فوق، في بلاد المسلمين يمكن لا يوجد واحد بالمئة، نحن في نعم يجب أن نعرفها ونحن في هذا البلد. أحياناً الإنسان لضعف فيه لا يرى إلا السلبيات، وقد تغيب عنه الإيجابيات، والبطولة أن ترى الإيجابيات قبل السلبيات. 

ثانيا: حق الجنين على أمه أن تفطر في رمضان كي يستطيع أن ينمو : 

      أيها الأخوة الكرام، يأمر هذا الدين العظيم الأم الحامل أن تفطر في رمضان، أن تترك ثاني أكبر عبادة من أجل الابن، كي يأتيه الغذاء وافراً، يأمر الأم المرضع أن تفطر من أجل ابنها،  

      يقول النبي عليه الصلاة والسلام:(( لا تجني أم على ولدها )) 

      أن تفطر المرأة المرضع هذا واجب ديني، أو أن تفطر المرأة الحامل هذا واجب ديني، من أجل حق الطفل في الغذاء المتوازن. 

ثالثا: عدم إسقاط الجنين : 

      من حق الجنين ألا تسقطه أمه، لا تريد إنجاباً فتسقط الجنين، الأب لا يريد ولداً يأمرها أن تسقط الجنين، هذا معاقب عليه في الإسلام، وعلى الأم التي تتناول دواءً لتسقط ابنها، أو الأب الذي يأمر زوجته بإسقاط الحمل، عليهما دية في الإسلام، دية قتل نفس. 

      مؤتمرات السكان تدعو إلى الإجهاض الآمن، بل إن مؤتمرات السكان تتمنى أن أية فتاة حملت سفاحاً أن تتجه إلى أي مستشفى حكومي، وأن تطلب الإجهاض من دون أن تسأل، بينما في هذا الدين العظيم الفتاة التي تحمل تُسأل، كيف حملتِ وأنت لست متزوجة؟  

      في حياة الصحابة أن امرأة رمت الأخرى بحجر فأصابت بطنها وهي حامل فقتلت الوليد، فاختصموا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقضى النبي عليه الصلاة والسلام بدية إلى ورثة الجنين المقتول، 

       قال تعالى:﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾  

رابعا: حجز أموال الأب المتوفى حتى تلد زوجته لضمان حقوق أطفاله : 

      الآن توفي الأب، زوجته حامل، الاحتمال أنثى أو ذكر، إن كانت أنثى والأب ليس له ولد تأخذ نصف ميراث أبيها، وإن كان ذكراً له نصيب أقل من النصف، ماذا تأمر الشريعة الإسلامية؟ أن تحجز نصف الأموال على احتمال أن المولود أنثى، فإذا جاء المولود ذكراً يوزع الفرق على الورثة، هل من قانون يرعى حق الجنين قبل أن ينزل كهذا القانون؟ يجب أن نُعرف بديننا العظيم. 

خامسا: حق الطفل في النسب : 

      أكثر اتفاقيات حقوق الطفل لم تراعِ حق الطفل في أن ينسب إلى أبوين، وأربعون بالمئة ـ والرقم دقيق ـ من أطفال بلاد الغرب لقطاء، معي إحصاء دقيق، تقريباً أربعمئة وخمسين ألف لقيط في مدينة واحدة، يقابل هذا في بلادنا الطيبة أربعون حالة، نحن بخير، هذا من ثمار هذا الدين العظيم، من ثمار الانضباط، من ثمار أن الأسرة أصل في الدين العظيم، الآن بالغرب قلّما تجد أسرة، ماذا تجد؟ مساكنة، لا عقد لا في الكنيسة، ولا في المحكمة، ولا عقد مدني، ولا ديني، إنما هي المساكنة،  

      وفي الإسلام إذا جاء الطفل ينبغي أن يحنك، أن يوضع بعض الحلوى في فمه وليكن تمراً، وأن يقرأ أمامه بعض القرآن، وأن يقصر شعره، ويتصدق بمثل وزنه ذهباً، هذا حينما يأتي، وأن تذبح له العقيقة، يأتي على وليمة، يوزع بوزن شعره ذهباً صدقة. 

سادسا: عدم الشك بنسبه أو رفضه : 

      بالإسلام مرفوض الشك في النسب،  

      النبي عليه الصلاة والسلام قرر قاعدة ثابتة: (( الولد للفراش )) 

      ما دامت هذه الأم التي لها زوج ينامان على فراش واحد، فهذا الابن لهذا الأب قطعاً. 

سابعا: حق الطفل في الرضاعة : 

      حقه في الرضاع لا في حليب القارورات، والفرق كبير جداً بين حليب القارورات وبين حليب الأم، بل إن كل شركات حليب القارورات ملزمة أن تكتب لا شيء يعدل حليب الأم،  

      قال تعالى:﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾  

      مرة قرأت بحثاً أن حليب الأم تتبدل نسبه في أثناء الرضعة الواحدة، في البداية ستون بالمئة ماء، أربعون بالمئة مواد دسمة، في نهاية الرضاع ستون بالمئة مواد دسمة أربعون بالمئة رضاع، لا شيء يعدل حليب الأم. 

      هناك دراسة أخرى قراءتها أن الحموض الأمينية في حليب البقر فوق طاقة احتمال الطفل الصغير، خمسة أضعاف حليب الأم، وهذه تسبب آفات قلبية ووعائية في المستقبل، حينما نلغي حليب الأم ونقدم للطفل حليباً آخر قد نسبب له متاعب في أخطر جهازين؛ في قلبه، وأوعيته، 

      قال تعالى: ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾ 

      ثم يقول تعالى: ﴿  وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ   

      النجدين أي الثديين هدية من الله لك أيها الصغير،   

      قال لي بعض الأطباء: إن كثيراً من حالات سرطان ثدي النساء أنهن امتنعن عن إرضاع أولادهن، قال بعض العلماء: كل ثماني نساء الثامنة معها سرطان بالثدي، أحد أكبر هذا السرطان امتناع المرأة عن إرضاع وليده. 

      سيدنا عمر كان يتجول في طرق المدينة، فرأى قافلة قد أقامت في أطراف المدينة، فقال لمن معه ـ سيدنا عبد الرحمن بن عوف ـ تعال نحرسها، سمع هذا الصحابي الجليل بكاء طفل فتوجه لأمه وقال: أرضعيه، فبكى ثانية نبه أمه، فبكى، فغضب: قال: أرضعيه، قالت ما شأنك بنا؟ إني أفطمه، قال: ولمَ؟ قالت: لأن عمر لا يعطي العطاء إلا بعد الفطام، تروي الروايات أنه ضرب جبهته وقال: ويحك يا بن الخطاب كم قتلت من أطفال المسلمين؟ وأصدر أمراً فوراً أن يعطى العطاء عقب الولادة لا عقب الفطام. 

ثامنا: حق الطفل في أن تحسن اختيار اسمه : 

      الآن من حق ابنك عليك أن تحسن اختيار اسمه، هناك أسماء لا تليق، عدوان، لمَ عدوان؟ هناك أسماء قبيحة جداً، هناك مقولة سخيفة أن الاسم القبيح أحد أسباب سلامة هذا الطفل، هذا شيء لم يرد في قرآن ولا في سنة، ما ورد في السنة يجب أن تحسن اختيار اسم ابنك؛ بل  

      إن   النبي عليه الصلاة والسلام كان يغير بعض الأسماء، قال له ما اسمك؟ قال: أصرم، قال له : أنت أزرع،  هناك أسماء لا تليق، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يغير هذه الأسماء. 

تاسعا: حق الطفل في الحضانة : 

      حق الطفل في الحضانة، أي إذا طلقت أمه ولم تتزوج بعد، فأولى امرأة في الحضانة أمه، حق الطفل أن تحضنه أمه ولو طلقت من أبيه، فإن تزوجت فأم الأم، ثم أم الأب، ثم الأخت من أبوين، الأخت من أب، الأخت من أم، الخالة، العمة، ثم الأقرب فالأقرب. 

      حدثني أخ درس في شيكاغو هو طبيب إسعاف، قال لي: خمس عشرة حالة أطفال رضع ضربوا بآلات حادة من آبائهم وأمهاتهم لأنهم نغصوا عليهم ليلتهم، فجيء بهم إلى المستشفى من قسوة الآباء، لذلك بحسب هذه القسوة الآن الطفل في بلاد الغرب معه رقم خاص ليتصل به تأتي الشرطة، يأخذون الأب إلى مركز الشرطة، يوقع تعهد أو يؤخذ الابن منه لقسوته، أما في هذه البلاد الإسلامية الحمد لله نعيش في حال آخر. 

      النبي عليه الصلاة والسلام استشار طفلاً قال له: أتحب أن تكون مع أبيك أم مع أمك؟ كان في السابعة من عمره ... 

عاشرا: حق الطفل في النفقة عليه : 

      حقه أيضاً في النفقة عليه، فإذا أنفق الأب على ابنه عليه حق آخر للابن، ما الحق الآخر؟  

      قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام: (( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ )) 

      هو يطعمه لكن لم ينتبه إلى أخلاقه، هو يطعمه لكن لم ينتبه لدينه، هذا الذي تطعمه وتكسوه يجب أن تعلمه أحكام دينه، أن تخلقه بخلق الإسلام. 

أحد عشر: حق الطفل في المساواة بينه و بين أخوته : 

      وحق آخر للابن على أبيه أن يساوي بينه وبين أخوته، هناك آباء يعطون بعض أولادهم ولا يعطون الآخرين، أيها الأخوة يجب أن تعدل بين أولادك حتى في القبل، حتى في الابتسامة، حتى في الملاعبة، قد يكون ولد أذكى من ولد، قد يكون ولد أجمل من ولد، ينبغي أن تعامل الولدين بعدل مطلق. 

اثنتا عشر: حق الطفل في التربية : 

      حقه في التربية 

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) 

      الأب راع ومسؤول عن رعيته. 

      من أقوال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل وكان غلاماً: احفظ الله يَحْفَظْك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ... 

      من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام : يا غلام سمِّ الله وكُلْ بيمنك وكل مما يليك 

ثلاثة عشر: حق الطفل في الملاطفة و المداعبة : 

      حقه في الملاطفة والملاعبة، الابن عنده حاجة، أكل وشرب، له غرفة خاصة، نام على سرير، كل حاجاته المادية مؤمنة، هناك حقه بالمداعبة والملاطفة. في بعض الدراسات النفسية أنه يجب أن تضم ابنك الصغير في اليوم أكثر من عشرين مرة، أن تضم ابنك إلى صدرك هذا غذاء روحي، ليشتق منك الرحمة، يرى أنه محبوب، لذلك هذا الذي يسب ابنه طوال النهار ويضربه ابتعد عن تربية الأولاد بعد الأرض عن السماء، لذلك  

      قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( من لا يَرحم لا يُرحم )) 

      كان النبي عليه الصلاة والسلام ينطلق من مسجده إلى العوالي، أي إلى طرف المدينة الآخر ليقبل ابنه ويرجع، ما قولكم؟  

جاء ابن ابنته فتعثر، فنزل النبي عليه الصلاة والسلام من على المنبر وحمله، وضمه، وصعد المنبر، وتابع الخطبة. 

      مرة النبي عليه الصلاة والسلام أطال السجود فظن أصحابه أنه قد قُبض، ما قبض لكن الحسن والحسين ارتحلا ظهره فكَرِهَ أن يعجل عليها الجلوس بعد السجود. 

أربعة عشر: حق الطفل في الحفاظ عليه وعدم لعنه وسبه والدعاء عليه : 

      حقه بعدم لعنه، وسبه، والدعاء عليه، له حق، الدعاء المستمر على الأولاد هذا بُعد عن الدين، حق الابن في الحفاظ عليه، وعدم لعنه، وسبه، وعدم الدعاء عليه، هذه كلها من حقوق الطفل. 

خمسة عشر: حق الطفل في العلاج : 

      حقه في العلاج، مثلاً فتاة يوجد بأسنانها حالة غير صحيحة تحتاج إلى تقويم، والمبلغ كبير من حق البنت على أبيها أن يعالجها. 

ستة عشر: احترام شخصيته : 

      من حقه أيضاً احترام شخصية الصغير،  

      النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه جاءت ضيافة، طفل يجلس على يمينه، وعلى يساره أشياخ كبار صحابة، جاءت الضيافة، قال له: أتأذن لي يا غلام أن أعطي الأشياخ؟ قال له: لا والله لا آذن لك، 

      ما هذا الدين؟ سيد الخلق يستأذن طفلاً صغيراً،  أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يكرم الأشياخ الذين عن يساره، حقه أن يشرب بعد النبي، هنا جواب الغلام دقيق، قال هذا الغلام: والله يا رسول الله ما كنت لآثر بفضلي منك أحداً، أن أشرب بعدك هذا فضل كبير، لا أسمح لأحد أن يأخذه مني، فأعطاه النبي عليه الصلاة والسلام إياه. 



المصدر: خطبة الجمعة - الخطبة 1156 : خ1 - حقوق الطفل في الإسلام، خ 2 - إكرام الله عز وجل لمن آثر آخرته على دنياه.