بحث

خصائص الإيمان

خصائص الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

1.الإيمان يمنح المؤمن أمنه العقدي:

المؤمن يتمتع بحالة لا يتمتع بها إلا هو، الأمن العقدي لن يظهر شيئاً في الحياة لا فكر، ولا علم، ولا اختراع، ولا شيء يتناقض مع القرآن الكريم، لأنه من عند خالق السماوات والأرض أوضح مثل أنت راكب أحدث طائرة في العالم، وبالدرجة الأولى، والمقعد وثير، وكل شيء يدعو للرفاه وأنت في أطباق الجو، وتفتح القرآن الكريم لتقرأ قوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ وازن بين ركوب حمار وركوب طائرة، أكمل: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ الطائرة دخلت، واليخت دخل، والقطار دخل، والمركبة دخلت، والسيارة دخلت، كلام خالق السماوات والأرض. إذاً يتمتع المؤمن بحالة أمن عقدي، لعل الفكرة واضحة لن يظهر شيئاً يلغي آية قرآنية، لن تظهر حقيقة تلغي وحي السماء، لن يظهر اكتشاف يلغي كلام الله، كلام الله عز وجل من عند خالق السماوات والأرض الذي علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، مثلاً الله عز وجل جعل رسالة النبي عليه الصلاة والسلام خاتمة الرسالات، وبعثة النبي خاتمة البعثات، والقرآن الكريم خاتم الكتب، ودعوة النبي لكل الأمم والشعوب من دون استثناء لكل البشر جميعاً، لكل القارات إلى نهاية الدوران لماذا؟ لأن الله علم أنه سيكون هناك تواصل، الآن الأرض سطح مكتب، أينما ذهبت إلى أمريكا، إلى استراليا، إلى فرنسا، إلى ألمانيا، إلى إفريقيا، إلى غينيا، ترى كل شيء في الأخبار كأنك في دمشق لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار)). 

2.الإيمان يتوافق مع فطرة الإنسان:

أول نقطة في الإيمان أن الله عز وجل فطرنا، جبلنا، برمجنا بالتعبير المعاصر على منهجه، أمرك بالصدق تحب الصدق، أمرك بالأمانة تحب الأمانة، لذلك قال تعالى: ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ أكبر إنجاز أن نفسك ترتاح لمنهج الله، ترتاح لأوامر الله، تتألم لو فعلت شيئاً يخالف منهج الله. لذلك أروع كلمة في القرآن: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ما معنى معروف؟ يعني معروف، من يعرفه؟ أي إنسان، الفطرة السليمة تعرفه، لذلك قالوا المعروف ما عرفته الفطر السليمة ابتداءً، والمنكر ما أنكرته الفطر السليمة ابتداءً، أول نقطة في الإيمان: حقائق الإيمان، مناهج الرحمن، الأمر، النهي، افعل لا تفعل، الفرض، الحرام، الحلال، المباح، أنت وفق هذه المنظومة من القيم قد برمجت نفسك، لذلك من هو أسعد الناس؟ الذي يصطلح مع نفسه، أنت حينما تطيع الله عز وجل تصطلح مع نفسك، للتقريب، راكب سيارة حديثة جداً أما الطريق وعر، حجار، حفر، صخور، أكمات، غبار، تراب، تسمع أصواتاً يقول لك: السيارة تكسرت، هي مصممة لطريق معبد، خذها إلى طريق معبد انسيابي، صوت ناعم، سرعة عالية، هذه مصممة لهذا الطريق، فأنت تعرف كل قيمتها بهذا الطريق، لم تعرف قيمة سيارة ثمنها خمسة وعشرين مليوناً بطريق وعر لا تمشي تسمع تكسير، تسمع أصوات لا تحتمل، تضطرب، فلذلك النفس البشرية حينما تصطلح مع الله عز وجل تماماً كمركبة حديثة جداً مصممة لطريق معبد، مشيت بها بطريق غير معبد، فانزعجت منها انزعاجاً كبيراً، فلما انتقلت بها إلى الطريق المعبد ارتاحت، هذا الوضع. فالإيمان متوافق مع الفطرة لذلك قالوا: الإسلام دين الفطرة، تلاحظ ملاحظة تجد الأخ المؤمن مرتاح، لأنه تحرك حركة تتوافق مع فطرته، ما كذب، ما أكل مالاً حراماً، ما غش، عنده إحساس عميق أن خالق السماوات والأرض يحبه، وكل شيء بيد الله عز وجل، هناك شيء غير مرئي بالعين لو أخ عادي لكن هذا الأخ العادي لأنه اصطلح مع الله، وعرف منهج الله، وسار في طريق يرضي الله، يحس بثقة بالله، وأمن، وطمأنينة، وسعادة، ورضا، وسكينة، واستقرار، لو وزع على أهل بلد لكفاهم، هذه أول حقيقة الإيمان متوافق مع نفسه، أما الكفر متنافر، أقنعوك أنه لا إله، يأتي خطر داهم أنت ضعيف تحتاج إلى جهة تلتجئ إليها لا يوجد، تحتاج إلى جهة تعتمد عليها، أحياناً تأخذ رأيها، لا يوجد، دقق: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾.

3.الإيمان خطاب ديني شمولي شمل القلب والعقل والجسم:

بالإيمان جانب فكري بالإيمان جانب يلبي حاجة العقل، هذه الحاجة العليا في معرفة الحقيقة، فالإيمان فيه جانب معرفي، الإسلام من خلال القرآن طرح تفسيراً عميقاً جداً، دقيقاً جداً، متناسقاً جداً للكون، وللحياة، وللإنسان، ولما قبل الموت، ولما بعد الموت، تفسير شمولي متناسق مترابط متناغم، فالإسلام لبى حاجة عقلية. الآن أحياناً هناك رسوم كاريكاتيرية إنسان رأسه كبير وجسمه ضئيل لا يوجد توازن، أي منهج أرضي قد يركز على القلب فقط، وهناك منهج آخر على العقل، الشيء الدقيق أن القرآن الكريم، الدين، الإيمان، خاطب عقلك، وخاطب قلبك، وأمرك أن تعتني بجسمك، خطاب ديني متوازن، خطاب ديني شمولي، هناك خطاب للعقل والعقل غذاؤه العلم، خطاب للقلب والقلب غذاؤه الحب، لذلك قال تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾، يوجد حب بالإسلام، وخطاب بأن تعتني بجسمك، نفسك مطيتك فارفق بها، إذاً في توازن لا يوجد شيء على حساب شيء، من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان.

4.الإيمان يعتمد على حاجات الإنسان:

الآن الإيمان معه خصيصة أنه يعتمد على حاجات الإنسان، الله عز وجل جعلك ضعيفاً لحكمة بالغة بالغة، ما قولك عندك حاسوب صناعي ثمنه خمسين مليوناً والتيار في بلادنا غير منتظم فجاءت ومضة كهربائية أحرقته ما رأيك؟ لكن في قطعة بهذا الحاسوب اسمها فيوز هي وصلة كهرباء ضعيفة جداً فلو جاء التيار فوق المئتين وعشرين يسيح السيخ، ينقطع التيار، يسلم الجهاز، ألا ترى أن هذه القطعة سليمة جداً، أن المصمم بأعلى درجة من الذكاء هكذا فعل الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ لو لم تكن ضعيفاً لا تتوب إلى الله، لو لم تكن ضعيفاً لا تسعى لجنة عرضها السماوات والأرض، لذلك الإنسان يكون بشبابه أرعن بالخمسين يبدأ يصلي، يقول سوف أموت ماذا في القبر؟ ماذا بعد الموت؟ جعلك ضعيفاً كي تفتقر بضعفك فتسعد بافتقارك، ولو جعلك قوياً لاستغنيت بقوتك فشقيت باستغنائك.

المعسكر الشرقي قبل انهياره حرم الخمر، معنى ذلك أنه وجد أن هذا المشروب يعيق تقدم الأمة، يشل حركة أبنائها، الاتحاد السوفيتي قبل انهياره بخمس سنوات الخمر محرمة تحريماً مطلقاً عنده، تتفاجأ الآن دعوة كبيرة جداً في أمريكا لإنشاء الجامعات من دون اختلاط، ثلاثمئة وخمسين ألف لقيط بحدائق الجامعات في أمريكا، تجد مع تقدم الزمان الأرض تقترب من الدين لا لأنهم آمنوا بالله، أبداً، لأنهم آمنوا بالمال، آمنوا بالنجاح في الدنيا، فنجاحهم في الدنيا يقتضي ذلك، بالعكس أنا سافرت إلى أوربا وأمريكا كثيراً كل إيجابيات البلدين إسلامية، لا لأنهم يعبدون الله أبداً، لكن مصلحتهم تقتضي ذلك، أنت سوف ترى كلما تقدمت الحياة بذكاء معين الإنسان يقترب من الدين في أمن عقدي، توافق مع الفطرة، واضح تمام.



المصدر: حقائق الإيمان والإعجاز - الدرس : 02 - الأمن العقدي وتوافق الإيمان مع الفطرة و تلبيته لجوانب الإنسان - المنهج الرباني للتفكر