بحث

لاتفرقة في الإسلام

لاتفرقة في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

     سيدنا عمر - رضي الله عن عمر- استقبل ملك الغساسنة جبلة بن الأيهم، هذا ملك، طبعاً تقتضي الحكمة، رحب به ترحيباً كبيراً، هذا الملك جبلة في أثناء طوافه حول الكعبة بدوي من قبيلة فزارة داس طرف ردائه، فانخلع رداؤه عن كتفه، فالتفت إلى هذا الأعرابي، وضربه ضربة على وجهه هشمت أنفه، وسال دمه، فذهب هذا الأعرابي الذي ضُرِب إلى سيدنا عمر ليشتكي على جبلة الملك، سيدنا عمر أمير عادل، استدعى جبلة، وقف هذا الأعرابي وإلى جانبه جبلة، هناك شاعر صاغ الحوار شعراً، فقال سيدنا عمر لجبلة: أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح؟ فقال جبلة: لست ممن ينكر شيا، أنا أدبت الفتى أدركت حقي بيدي، فقال سيدنا عمر: ارضِ الفتى لابد من إرضائه، ما زال ظفرك عالقاً بدمائه، أو يهشمن الآن أنفك، - يخاطب ملكاً- وتنال ما فعلته كفك، قال: كيف ذاك يا أمير؟! هو سوقة- من عامة الناس- وأنا عرش وتاج، كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً؟ فقال سيدنا عمر: نزوات الجاهلية ورياح العنجهية قد دفناها، أقمنا فوقها صرحاً جديداً، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً، فقال جبلة: كان وهماً ما جرى في خلدي، أنني أقوى عندك وأعز، أنا مرتد إذا أكرهتني، قال له: عنق المرتد بالسيف تحز، عالماً نبنيه، كل صدع فيه يداوى، وأعز الناس بالعبد، بالصعلوك تساوى، هذا هو الإسلام.  

     يتصور الناس أن الإسلام أن تصلي، وأن تصوم، وأن تحج، وأن تؤدي الزكاة إذا كنت غنياً، وأن تشهد أن لا إله إلا الله، الشهادة مرة واحدة، أما الصلاة فمتكررة، هذه عبادات شعائرية، لكن الصدق، والأمانة، والاستقامة، والتواضع، هذه عبادات عملية، عبادات يومية، عبادات هي الأصل في العبادة الشعائرية، العبادات الشعائرية لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادات التعاملية. 

     لما سيدنا أبو بكر اشترى سيدنا بلالاً الحبشي، وكان يعذب من قبل صفوان بن أمية - من قبل سيده- لما اشتراه وضع يده تحت إبطه وقال: هذا أخي حقاً، وكان الصحابة الكرام إذا ذكروا الصديق يقولون: هو سيدنا وأعتق سيدنا، لذلك بالقرآن:  ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ بالحديث:  ((سلمان منا أهل البيت))   بالحديث:  ((نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه)) 

     هذه عظمة الإسلام، لا يوجد طبقية، ولا طائفية، كل ألوان التفرقة التي مزقت العالم بالإسلام غير موجودة.  ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾



المصدر: رحلة استراليا 3 - المحاضرة : 11 - التفكر في خلق السموات والأرض - بعض إعجاز الله في صنع خلقه.