بحث

لقطات من حياة النبي الكريم

لقطات من حياة النبي الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

     أيها الأخوة الكرام، ما هي سنة النبي الكريم؟ سنة النبي الكريم أقواله، وسنة النبي الكريم أفعاله، أقواله تشريع، وأفعاله تشريع، الآن وإقراره تشريع، أقواله، وأفعاله، وإقراره.  

     مرة كان عند بعض أصحابه الذين توفاهم الله، سمع امرأة تقول من وراء الحجاب: هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله، لو سكت النبي عليه الصلاة والسلام لكان كلامها صحيحاً، لأن إقراره تشريع، قال: وما أدراك أن الله أكرمه؟ قولي: أرجو الله أن يكرمه، وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم. هذا مقام النبوة، ألا تحكم على المستقبل حكماً قطعياً. والنبي عليه الصلاة والسلام لعلو مقامه عند الله أقسم الله بعمره، قال:  ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.  

     أيها الأخوة الكرام، النبي الكريم له مواقف تحير العقول:   

 

1. الأنصار بعد غزوة حنين، وجدوا على أنفسهم تجاه النبي الكريم، من قسمته للغنائم، جاءه سعد بن عبادة، قال: يا رسول الله، إن قومي وجدوا عليك في أنفسهم - هم حزنوا في توزيع هذا الفيء- قال: أين أنت منهم يا سعد؟ قال: ما أنا إلا من قومي، قال: اجمع لي قومك، فجمعهم، قال: يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها عليّ في أنفسكم، يا معشر الأنصار، أما إنكم لو شئتم لقلتم فَلصدقتم وصدِّقتم،- لو قلتم هذا الكلام فالكلام صح، وأنتم صادقون- أتيتنا مكذباً فصدقناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فأغنيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم،  يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون أنتم برسول الله إلى رحالكم؟ فبكوا حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً، وحسماً.    هذه من حنكته، من سياسته، من رحمته.   

2. من وفائه حينما فتح مكة المكرمة ركز لواء النصر عند قبر السيدة خديجة ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر شريكته في النصر، بل ركز لواء النصر أمام قبرها.  

3. أحياناً تضيق الأمور ويقترب الناس من اليأس، ولنتعلم من تفاؤل النبي الكريم، في أثناء الهجرة تبعه سراقة، ليأخذه، أو ليقتله، ويأخذ مئة ناقة، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً.    صدقوا أيها الأخوة، نقرأ هذه الفقرة من السيرة شيء لا يصدق، النبي الكريم مهدور دمه، ملاحق، والجائزة مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، يقول له النبي الكريم:  يا سراقة، ما قولك إذا لبست سواري كسرى؟ سواري كسرى! ملك الفرس، الدولة الأولى في العالم، أقوى دولة في العالم، والذي حصل أنه جاءت كنوز كسرى في عهد عمر، وقال: أين سراقة؟ وجاء سراقة وألبسه سواري كسرى، وقال بعضهم: أُعيرابي من بني مدلج يلبس سواري كسرى؟ تفاؤل، الله عز وجل لا يتخلى عنا جميعاً، التفاؤل جزء من الإيمان.  

4. لما خرج إلى الطائف، وفي الطائف كذبه أهلها، وسخروا منه، بل أغروا صبيانهم ليضربوه، وضربوه وسال الدم من قدميه الشريفتين، جاءه ملك الجبال، قال: " يا محمد، أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك، لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين فقال: لا يا أخي،  اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده ".  هذا الكمال، كمال النبوة.  

5. أيها الأخوة الكرام، حينما عاد من الطائف ولم يؤمن به قومه، بل سخروا منه، بل كذبوه، بل أغروا صبيانهم بضربه، الآن سأله مرافقه سيدنا زيد، قال: يا رسول الله أتعود إلى مكة وقد أخرجوك؟   
  إذا ضاقت بنا الأمور في حياتنا الدنيا السيرة منهج لنا.  فقال هذه المقولة الرائعة، قال: " إن الله ناصر نبيه ".  

6. إنساني كلما مرت جنازة يهودي يقف لها، قال: يا رسول الله إنه يهودي! قال:  أليس إنساناً؟  

7.هناك معنى أدق، حينما دخل النبي الكريم المدينة أرسى مفهوماً معاصراً، مفهوم المواطنة، مفهوم التعايش، ماذا قال؟ قبل أن أقول لكم ماذا قال، ما حقيقة بنية يثرب؟ يثرب فيها أوس وثنيون، وفيها خزرج وثنيون، وفيها أوس مسلمون، وخزرج مسلمون، صاروا أربعة، وفيها نصارى، وفيها يهود، وفيها موال، وفيها أعراب، فقال قولته الرائعة التي ينبغي أن تكتب بماء الذهب، قال: " أهل يثرب أمة واحدة، سلمهم واحدة وحربهم واحدة، لليهود دينهم، ولنا ديننا ".  



المصدر: رحلة استراليا 3 - المحاضرة : 20 - ذكرى المولد – أخلاقه وشمائله ومواقفه.