بحث

مهام الرسول

مهام الرسول

بسم الله الرحمن الرحيم

     المهمة الأولى: فأول وظيفة من وظائف الرسول هي تبليغ الشريعة الربانية للناس قال الله:  

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾

      فمهمة التبليغ هي المهمة الأولى للرسول، هذه المهمة تقتضي الأمانة فينبغي أن يبلغ النبي والرسول ما أنزل إليه من ربه من دون زيادة أو نقصان أو تحريف، الذي أُنزل إليه من ربه يجب أن يُبلغ بالتمام والكمال، ويجب أن يبلغ على الوجه الذي أُمر به من دون تغيير أو تبديل أو كتمان، فإن كانت نصوصاً منزلة من عند الله فعليه أن يبلغها كما أنزلت - هذا هو القرآن الكريم - النص والمعنى، فالذي بلّغنا إياه النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي نزل به الروح الأمين. والقرآن: هو الكلام المعجز الذي نزل به جبريل عليه السلام على قلب النبي عليه الصلاة والسلام، الذي نتعبد الله بتلاوته ونتقرب إليه بفهمه والعمل به. وإن كانت معاني أوحيَ بها إليه فعليه أن يبلغها كما أوحى بها إليه مثلاً:  " ليس كل مصلٍ يصلي إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي وكف شهواته عن محارمي ولم يصر على معصيتي وأطعم الجائع وكسا العريان ورحم المصاب وآوى الغريب كل ذلك لي" هذا حديث قدسي نزل على قلب الرسول صلى الله عليه سلم بالمعنى، فبلّغ المعنى كما نزل على قلبه لكن الصياغة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت معاني أوحيّ بها إليه فعليه أن يبلغها كما أوحي بها إليه من دون زيادة أو نقص في معانيها، هذه المهمة مهمة التبليغ تبليغ النصوص كما أنزلت، والمعاني كما أنزلت.  

      المهمة الثانية: ربنا سبحانه وتعالى لحكمة بالغة لا نعلمها أو نعلم بعضها، جعل طبيعة القرآن الكريم فيها عموم، وفيها شمول، وصياغة النص القرآني تحتمل معاني عدة، وتفسيرات عديدة، هذه الطبيعة في القرآن الكريم تكريم للإنسان، الإنسان فُتح له باب الاجتهاد، فُتح له باب تأويل النصوص، فُتح له باب التفسير، فُتح له باب الاستنباط، فكل هذه الاستنباطات التي استنبطها العلماء الكبار، والفقهاء الكبار رضوان الله عليهم، وكل هذه الاجتهادات التي اجتهدها كبار المجتهدين إنما كانت بفضل هذه الصياغة القرآنية. لذلك اقتضت حكمة الله العظيمة أن يجعل النصوص التي يُنزلها للناس صفة الشمول والعموم والكليات فهي بحاجة إلى بيان وتوضيح، ولذلك جعل من وظائف الرسول أن يبين للناس معاني هذه النصوص المنزلة للناس ويوضّح لهم مدلولاتها وإشاراتها، فالمهمة الثانية أن يبين النبي عليه الصلاة والسلام ما أنزل إليه من ربه، والدليل قوله تعالى في سورة النحل:   

﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾

      المهمة الثالثة: هداية أمته إلى خير ما يعلمه لهم، وإنذارهم شر ما يعلمه لهم، النبي عليه الصلاة والسلام بقربه من الله سبحانه وتعالى، بإقباله عليه، باتساع أفقه، بصحة رؤيته، بعمق فهمه، يعلم ما لا نعلم، ويرى ما لا نرى، ويدرك ما لا ندرك، ويشعر بما لا نشعر، لذلك فيما سوى تبيانه لنصوص القرآن الكريم، وفيما سوى تبليغه للحق والنصوص القرآنية التي أُنزلت على قلبه، مهمته الثالثة أن يرشدنا إلى ما ينفعنا وينهانا عما يضرنا. فسنَّ لنا أشياء كثيرة في علاقاتنا، كيف نعامل زوجاتنا؟ كيف نعامل أخوتنا؟ كيف نعامل أبناءنا؟ كيف يجب أن نعدل بينهم؟ كيف نعامل من حولنا؟ كيف نبيع؟ كيف نشتري؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  

" إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاء"

      المهمة الرابعة: تربية الناس على منهج الشريعة الربانية وتأديبهم بآدابها، هناك شرع وهناك منهج، ما الفرق بين الشرع والمنهج؟ أنا أقول للطلاب مثلاً: عليك أيها الطالب أن تحفظ مئة بيت من الشعر هذا هو المنهج، هذا هو الكتاب المقرر، يقول هذا الطالب: كيف أحفظها؟ ما طريقة حفظها؟ أقول له: سجلها على دفتر صغير، واقرأ كل يوم خمسة أبيات، أعدها صباحاً ومساءً، ثم رددها، ثم اكتبها، ثم ذاكر بها أصدقاءك، عندئذٍ تحفظها، فأنا قد بينت له المقرر ودللته على المنهج.  

      فالنبي عليه الصلاة والسلام، النصوص القرآنية بلغها كما أنزلت، المعاني التي أوحيّ بها إلى قلبه بينّها كما أوحيّ إليه، فسّر كل النصوص التي أنزلت على قلبه، بيّن للناس ما يعلم أنه خير لهم، وأنذرهم ما هو شر لهم، بيّن لهم منهجهم، كيف يستقيم الرجل على أمر الله؟   

      كيف يرضى عنه ربه؟ فقال: " انظر لمن هو أدنى منك فذلك أحرى أن لا تحتقر نعمة الله عليك"

      علّمك الإخلاص في العمل فقال:" درهم أُنفق في إخلاص خير من مئة ألف درهم أُنفق في رياء"  

     علّمنا أن أساليب الشدة والعنف لا تجدي مع الناس فقال: " إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إلا شَانَهُ ". " علّموا ولا تعنّفوا فإن المعلم خير من المعنّف ".

     علّمنا الحلم، ف قال: " كاد الحليم أن يكون نبياً ".

      والله سبحانه وتعالى يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم:   

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾



المصدر: العقيدة الإسلامية - الدرس : 27 - مهمة الرسل