بحث

مهابته صلى الله عليه وسلم

مهابته صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

     أيها الإخوة؛ مع شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، مهابتُهُ العظيمة صلى الله عليه وسلم وفخامته الكريمة. في شخصية الإنسان شيء يخرج عن كل قاعدة، ويهزأ بكل أصول، هذا الشيء سرٌّ من أسرار الله تعالى، إنه المهابة فإنسان قد يكون من أقوى الأقوياء، أو من أغنى الأغنياء ومع ذلك ينزع الله منه المهابة، وإنسان من أضعف الضعفاء، ومع ذلك قد يلقي الله عليه المهابة. 
وقد ورد في الأثر أنه:  ((من هاب اللهَ هابه كلُّ شيء، ومن لم يخف الله أخافه اللهُ من كل شيء)). 

     كان عليه الصلاة والسلام عظيم المهابة، وقد توَّجه اللهُ تعالى تاج العزَّة والكرامة، وكساه حُلَّة الفخامة، أنا لا أعتقد على الإطلاق أن على وجه الأرض من دون استثناء رجل أعزَّه اللهُ كرسول الله، مع أنه كان في منتهى التواضع، وإذا دخلت إلى الحرم النبوي الآن ترى الذي لا يُصدَّق، مئات الألوف، خمسمائة ألف ومليون يمشون أمام قبره، ويبكون، ولم يروه أبدًا، وما التقوا به، وما سمعوا منه، وما أخذوا منه شيئا، قال تعالى:  ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾  فكان عليه الصلاة والسلام عظيم المهابة، قد توَّجه الله تعالى تاج العزة والكرامة، وكساه حلة الفخامة، صحابي يصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال:  

     (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخَّما يتلألأ وجهُه تلألؤ القمر ليلة البدر) 

     وقال سيدُنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في وصف النبي صلى الله عليه وسلم:  

     (من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبَّه)  

     وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: 

     (صحبتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحبةً طويلة وسمعت منه أحاديث كثيرة، وحفظت عنه ألف مثَل ومع ذلك ما ملأتُ عينيَّ منه قط، حياء منه وتعظيما له، ولو قيل لي: صِفه لما وصفته)  

     ومن عظيم مهابته صلى الله عليه وسلم، وكمال وقاره أنّ مَنْ جلس إليه هابه، و ربما أخذته رِعدةٌ شديدة من قوة الهيبة، لذلك كان عليه الصلاة والسلام يباسطهم، ويلاطفهم ليسكِّن من روعهم،  ((أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ لَهُ هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ)) أنا لست بملك، ولا بجبَّار، وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة. مهابته صلى الله عليه وسلم مضرب المثل، قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  ((أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ...)) .



المصدر: الشمائل المحمدية إصدار 1995 - الدرس : 18 - مهابته صلى الله عليه وسلم