بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة؛ مع شمائل النبيِّ صلى الله عليه وسلم، آدابه صلى الله عليه وسلم إذا خرج من منزله.
- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا فيما يعنيه ، أي قليل الكلام، فإذا تكلَّم كان كلامه فصلاً، كلامه حقٌّ، وكلامه خير، وكلامه في الإصلاح، كلامه في معالي الأمور، لا في سفاسفها. النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((إياك وما يُعتذر منه)) الإنسان، وهو بين الناس إذا تكلَّم إما أن يرقى، وإما أن يهبط، ومن أجمل صفات الرجل أن يكون كثير الصمت، فهو في مأمن، والإنسان لا يندم على كلمة لم يتكلَّم بها، لكن يندم أشدَّ الندم على كلمة تفوَّه بها خطأ، لذلك فكلامك جزء من عملك، هكذا فاعلمْ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبُه، ولا يستقيم قلبُه حتى يستقيم لسانُه)) لأن معاصي اللسان كثيرة جدًّا، ومن كثُر كلامُه كثر خطؤه، قبل أن تقول، هل في هذا الكلام غيبة، ونميمة، وبهتان، وسخرية، وإيذاء، وجرح، وطعن، ومبالغة، وكذب، وتدليس، فالإنسان كلما حاسب نفسه حسابا عسيرا في الدنيا، كان حسابُه يوم القيامة يسيرا، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال لأحد أصحابه: ((فيك يا فلان، أو يا زيد خصلتان يحبهما الله و رسوله من هاتين الخصلتين أنه يكثر الصمت)). لا تتكلم إلا فيما يعنيك، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ)) طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس، كلامك جزء من عملك، وربما كان الكلام دركاتٍ يهوي بها الإنسان، فكان عليه الصلاة والسلام يخزن لسانه.
- كان عليه الصلاة والسلام يؤلِّف الناس حوله، ولا ينفِّرهم، لأنه هو على الحق، إذا ألَّف الناسَ حوله أوصلهم إلى الله عزوجل، الكلمة الطيِّبة صدقة، الاعتذار صدقة، أي ليقتدِ الإنسانُ بمقام النبي اللهم صلِّ عليه، سيد الخلق يقول لعمر: عندما اسْتَأْذَنَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ: ((يَا أَخِي لَا تَنْسَنَا مِنْ دُعَائِكَ وَقَالَ بَعْدُ فِي الْمَدِينَةِ يَا أَخِي أَشْرِكْنَا فِي دُعَائِكَ فَقَالَ عُمَرُ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لِقَوْلِهِ يَا أَخِي))
- كان عليه الصلاة والسلام يعرف أقدارَ الناس، وينزل الناس منازلهم، ويكرِّم كريم كل قوم، ويولِّيه عليهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام عرف لكلِّ صحابي جليل مكانته، وعرف إمكاناته، وعرف نوع عظمته، نوع بطولته، وأثنى عليه الثناء الطيِّب، مرة زاره عديُّ بن حاتم وكان ملكا، فأخذه إلى البيت، وأكرمه، وقدَّم له وسادة من أدم محشوة ليفا، قال: “ اجلِس عليها، قلت: بل أنت، قال: بل أنت، قال: فجلست عليها وجلس هو - يعني النبي - على الأرض ". ورأى زيد الخير، فقال له: ((يا زيد للهِ درُّك أيُّ رجل أنت؟! ما وُصِف لي رجلٌ فرأيته إلا رأيته دون ما وُصِف إلا أنت يا زيد)) .
- كان عليه الصلاة والسلام وهو مع الناس يحذر الناس، ويحترس منهم، من غير أن يطويَ عن أحد منهم بِشْره، وخلقه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كيِّس فطن حذر)).
- كان عليه الصلاة والسلام يتفقَّد أصحابَه، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يسأل العبدَ عن صحبة ساعة)).
- كان عليه الصلاة والسلام يسأل الناس عما يعاني منه الناس، ليس يعيش في برج عاجي، وليس يعيش في أحلام، وليس يعيش في اهتمامات بعيدة عن واقع الناس، كان يعنيه ما يعني الناسَ، أحوال الناس، يعانون من قضية، فتراه قد سأل عنها، وتفقَّد إخوانه، وحاول معالجة مشاكلهم، من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم . فالنبيُّ الكريم كان عليه الصلاة والسلام يسأل الناس عما في الناس.
- كان يحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويضعفه: ورد في الحديث: ((إن الله ليغضب إذا مُدح الفاسق))
- كان عليه الصلاة والسلام وهو مع أصحابه معتدل الأمر، فلا مبالغات، ولا تطرُّف، ولا غلو، ولا إفراط أو تفريط، الإفراط المبالغة، والتفريط التقصير، أصوب موقف الاعتدال، معتدل الأمر غير مختلف، فليس هناك تناقض، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ((أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)).
- لكل حال عنده عتاد، العتاد أيْ الأدوات، أي عليه الصلاة والسلام يخطِّط، هناك حال، وقد يُفاجأ بحال، يهيِّئ ما يغطِّي هذا الحال، التغنِّي بالماضي، دون أن يكون الحاضر امتدادًا للماضي، فهذا غباء من الإنسان، والاهتمام بالحاضر ثم يُفاجأ بالمستقبل بأشياء غير متوقَّعة فهذا أيضًا غباء من الإنسان، لا بدَّ من أن تعِدَّ لكلِّ شيء عدَّته، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ)) رغم أنّ الدنيا فليغرسها، هيِّئ لأولادك من بعدك. لكل حال عنده عتاد، لا يقصِّر عن الحق لا، ولا يجاوزه، قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا)).
- الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمُّهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.