أيها الإخوة؛ مع شمائل النبي صلى الله عليه وسلَّم، حفظه للود واحتفاظه بالعهد.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ هَلَكَتْ - ماتت - قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا - أي يثني عليها خيراً - وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِي فِي خَلَائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ)) لا يفتأ يذكر خديجة، وقد ماتت خديجة.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (( جاءت عجوزٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: كيف أنت؟ كيف حالكم؟ كيف أصبحتم؟ قالت: بخير، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت قلت: يا رسول الله تُقْبِلُ على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: يا عائشة إنها كانت تأتينا أيام خديجة، إكراماً لخديجة، وأن حسن العهد من الإيمان ))
عن أبي الطفيل قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحماً بالجعرانة، وأنا يومئذ غلامٌ أحمل عضو البعير، فأتته امرأةٌ فبسط لها رداءه، قلت: من هذه؟ قيل: هذه أمه التي أرضعته)) أي هي حليمة السعدية رضي الله عنها، مد لها رداءه.
عَنْ عُمَرَ بْنِ السَّائِبِ: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا فَأَقْبَلَ أَبُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ - أي زوج حليمة السعدية، أبوه من الرضاعة - فَوَضَعَ لَهُ بَعْضَ ثَوْبِهِ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَوَضَعَ لَهَا شِقَّ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْآخَرِ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَامَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ)) فأصبح لا فراغ عنده، أمه، وأبوه، وأخوه، وكان يُجلّهم رسول الله بعد أن جاءه الوحي وحمل الرسالة.