بحث

خشيته وخوفه صلى الله عليه وسلم من الله تعالى

خشيته وخوفه صلى الله عليه وسلم من الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

     أيها الإخوة؛ مع شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، خشيته صلى الله عليه وسلم وخوفه منه تعالى.   فقد كان عليه الصلاة والسلام أشدَّ الناس خشية من الله تعالى، وذلك لأنه أعلمهم بالله، ويجب أن نربط دائما بين الخشية والعلم، فحجم خشيتك بحجم علمك، وأنت تخشى اللهَ لأنك تعلم مقامه، ولن تزداد الخشية إلا إذا ازداد العلمُ، ولن يُفسِّر انعدامُ الخشية إلا بانعدام العلم، وهذه الحقيقة ثابتة في الحياة، الطبيب يزداد خوفُه من الطعام الملوَّث لأن علمه بالجراثيم، وطرق العدوى شديد، فكما قال عليه الصلاة والسلام:  ((رأس الحكمة مخافة الله)) . لذلك كان عليه الصلاة والسلام أشدَّ الناس خشية من الله تعالى، وكان يدعو ويقول:  ((اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ...)) . فالخشية تسبب الاستقامة، والعلم يسبِّب الخشية، وهذه قاعدة قال تعالى:  ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.  قَالَتْ عَائِشَةُ:  ((صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً)) وقال صلى الله عليه وسلم: ((أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان)). 

     من مظاهر خشيته صلى الله عليه وسلم من الله:  

  • وعن أنس رضي الله عنه قال:  ((لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وذقنه على راحلته متخشِّعا، كادت ذؤابة عمامته تلامس عنق بعيره، من شدَّة الخوف والخشية من الله)) 
  • ومما جاء في عظيم خوفه صلى الله عليه وسلم من الله تعالى قالت أم سلمة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وكان بيده سواك، فدعا وصيفة له حتى استبان الغضبُ في وجهه، .كلَّفها بعمل فأطالت الغياب كثيرا. وخرجت أمُّ سلمة إلى الحجرات فوجدت الوصيفة تلعب ببهمة - بغنمة صغيرة - فقالت أم سلمة:  ألا أراكِ تلعبين بهذه البهمة ورسول الله يدعوكِ فقال عليه الصلاة والسلام: واللهِ لولا خشية القَوَد - والقود هو القصاص - لأوجعتكِ بهذا السواك 
  • ((أن النبي صلى الله عليه و سلم دُعِي إلى التمثيل بقتلى قريش، لأنهم مثَّلوا بقتلى المسلمين، ومنهم سيدنا حمزة،. فقال عليه الصلاة والسلام قولا لا يُنسى. قال: واللهِ لا أمثِّل بهم فيمثِّل الله بي، وإن كنتُ رسولَه))  
  • وكان عليه الصلاة والسلام دائم الخشوع والانكسار والتواضع في سائر مواقفه الكريمة، ومشاهده العظيمة، في صلاته وفي عباداته وفي شؤونه وقضاياه، وقد بلغ من خشوعه صلى الله عليه وسلم في صلاته أنه سُمع لجوفه أزيز كأزيز المرجل، بكاء، قَالَ:  ((أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ يَعْنِي يَبْكِي)) .


المصدر: الشمائل المحمدية إصدار 1995 - الدرس : 19 - خشيته صلى الله عليه وسلم وخوفه من الله