بحث

تجمُّله صلى الله عليه وسلَّم

تجمُّله صلى الله عليه وسلَّم

بسم الله الرحمن الرحيم

     أيها الإخوة؛ مع شمائل النبي صلى الله عليه وسلَّم، كان صلى الله عليه وسلَّم يتجمَّل، ويأمر أصحابه بالتجمُّل، ويأمرهم أن يكونوا بمظهرٍ حسن، وهذا يعني نظافة البدن، ونظافة الثوب، وترجيل الشعر، وقصَّ الأظافر، وأناقة الثياب، هذا هو التجمُّل، وكل إنسان يتجمَّل بقدر إيمانه، فكان عليه الصلاة والسلام يتجمَّل، ويأمر أصحابه بالتجمُّل، فقد كانت له حُلَّةٌ يلبسها للعيدين والجمعة. فالمؤمن يمثِّل هذا الدين، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:  ((كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام، اللهَ اللهَ لا يؤتى الإسلام من قبلك))    فكل مؤمن صادق يشعر أنه يمثِّل هذا الدين، وسفير هذا الدين، المؤمن بالذات دائماً أعداء الدين يسلِّطون عليه الأضواء، فإذا ارتكب صغيرةً أقاموا عليه القيامة، وأقاموا عليه النكير، فإذا أردت أن تكون سفيراً لهذا الدين فكن في المستوى اللائق، وقد ورد في الحديث القدسي:  ((إن هذا الدين ارتضيته لنفسي ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه)). 

     تروي السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلَّم خرج ذات يومٍ إلى إخوانه، فنظر في كوز الماء ـ لم يكن وقتها مرآة - أين نظر؟ في كوز الماء إلى جمَّته، أي إلى شعره وهيئته، وقال عليه الصلاة والسلام:  ((إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ)) وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: ((إذا خرج أحدكم إلى إخوانه فليتهيأ في نفسه )) وكان إذا قدِم عليه وفدٌ لبس أحسن ثيابه، وأمر أصحابه بذلك، فرأيته وفَدَ عليه وفد كِنْدَة وعليه حُلَّةٌ يمانيَّة، وعلى أبي بكرٍ وعمر مثل ذلك. وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلَّم أن حُسْنَ السمت والزيِّ الحسن من شمائل الأنبياء وخصالهم الأصيلة. قَالَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  ((إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ وَالِاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ)). 

     النبي عليه الصلاة والسلام لا يرضى للراعي، وهو يرعى الغنم في شعف الجبال، وليس معه أحد، لم يرض له هذه الثياب المبتذلة المهترئة، راٍع يذهب إلى الجبال ليرعى الأغنام، وعليه ثوبان خَلِقان، فلما نظر النبي إليه قال: أَمَا لَهُ ثَوْبَانِ غَيْرُ هَذَيْنِ؟ فقلت: بلى يا رسول الله، له ثوبان في العَيْبَة كسوته إيَّاهما  ـ أي في البيت ـ قال:  " فَادْعُهُ فَمُرْهُ فَلْيَلْبَسْهُمَا "، قال: فدعوته فلبسهما ثم ولَّى يذهب، فقال عليه الصلاة والسلام: أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا لَهُ ؟ ". 

     فكان عليه الصلاة والسلام يتجمّل، ويأمر أصحابه بالتجمل، وكان له ثوب يلبسه في العيدين وفي الجمعة، وكان إذا وفد عليه الوفد لبس أحسن ثيابه، وأمر علية قومه بذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه:  ((أحسنوا لباسكم، وأصلحوا رحالكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس))  وإن الله يحب أن يرى نعمه على عبده فقد قال صلى الله عليه وسلم ( (إن الله تعالى إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر النعمة عليه، ويكره البؤس والتباؤس)). فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام كانت تعظم عنده النعمة مهما دقَّت، وكان إذا ارتدى ثوبًا جديدًا، هناك دعاء خاص للثوب الجديد. 



المصدر: الشمائل المحمدية إصدار 1995 - الدرس : 03 - تجمله صلَّى الله عليه وسلَّم