أيها الإخوة الكرام؛ مع الشمائل المحمديَّة، التي كان عليه الصلاة السلام يتحلَّى بها، تكريمه صلى الله عليه وسلم أهل الفضل .
قال النبي صلى الله عليه أنه: (( البركة مع أكابركم )) وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: (( الخير مع أكابركم )) الأكابر هم أهل الفضل، أهل العلم وأهل الدين، الوجهاء، الأتقياء، الورعون، الذين يخدمون الناس، هذا معنى أكابر.. (( سيد القوم خادمهم )) وقال عليه الصلاة والسلام: (( لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ ))
من ذلك التكريم إكرامُ النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس. العباس أتى النبي صلى الله عليه وسلَّم، فلما رأى عمه العباس قام إليه وقبَّل ما بين عينيه، ثم أقعده عن يمينه، ثم قال: (( هذا عمي فمن شاء فليباهِ بعمه )) نبيٌ يقف، ويستقبل عمه، ويقبله، ويجلسه عن يمينه ويقول: ((هذا عمي فمن شاء فليباهِ بعمه)). من لطائف أدب العباس مع النبي، قيل للعباس: (أأنت أكبر أم النبي صلى الله عليه وسلَّم؟ فقال:" هو أكبر مني وأنا ولدت قبله).
وكان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يعظِّمون العباس ويكرِّمونه اتباعاً للنبي، فقد روى أنه (كان الصحابة يعرفون للعباس فضله فيقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه). روي أنه (لم يمر العباس بعمر وعثمان ـ رضي الله عنهما ـ وهما راكبان إلا نزلا عن دابتهما، حتى يجوز العباس إجلالاً له ويقولان: عمّ رسول الله). الدين كله أدب.
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ومعه أبو بكرٍ وعمر وأبو عبيدة بن الجرَّاح في نفرٍ من أصحابه، إذ أُتي بقدحٍ فيه شرابٌ، فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أبا عبيدة، فقال أبو عبيدة : (( أنت أولى مني يا نبي الله. قال: خذ. فأخذ أبو عبيدة القدح وقال قبل أن يشرب: خذ يا نبي الله، قال صلى الله عليه وسلَّم: " اشرب - قدَّمه على نفسه اللهمَّ صلِّ عليه - فإن البركة مع أكابرنا، فمن لم يرحم صغيرنا ويجل كبيرنا فليس منا )). أكرم النبي الكريم أبا عبيدة لأنه أمره أن يشرب قبله.
ومن تكريم الصحابة (ذهب زيد بن ثابت رضي الله عنه ليركب، فأمسك ابن عباسٍ رضي الله عنهما بالركاب ـ أي ركاب الدابة ـ فقال: تنحَّ يا ابن عم رسول الله، قال: لا، أُمِرْنا أنْ نفعل هكذا بالعلماء والكبراء).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: (( إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ ))