بحث

تحسينه صلى الله عليه وسلم الأمر الحسن وتقبيحه الأمر القبيح

تحسينه صلى الله عليه وسلم الأمر الحسن وتقبيحه الأمر القبيح

بسم الله الرحمن الرحيم

     أيها الإخوة الكرام؛ مع الشمائل المحمديَّة، التي كان عليه الصلاة السلام يتحلَّى بها، فقد كان عليه الصلاة والسلام يُحَسِّن الأمر الحسن، ويمدح على ذلك تكريماً لمن أحسن فيه، وتنشيطاً لهمَّته، ويقبِّح الأمر القبيح ويردُّه. 

     هناك أشخاص لهم طباع عجيبة، فقد ترى شخصًا مهما أبدع الناس حوله في أعمالهم، مهما تفوقوا، مهما أتقنوا، مهما أخلصوا، مهما ضحوا لا يتكلم بكلمة ثناء عليهم، وهذا مما يثبطهم في أعمالهم، بالإضافة إلى بخسهم حقَّهم. هذه نقطة مهمة في تربية الأولاد، فلو كان لابنك موقفَ أمانةٍ فاشكُرْه على أمانته، عندك موظَّف دوامه جيِّد، من حين لآخر قل له: أنا مسرور من دوامك، فيشعر الذين حولك أنك تقدر الجميل، لا تضن بكلمةٍ ثناء، لا تضن بكلمة مدح، لا تضن بكلمة تقدير لزوجتك، لأولادك، لموظَّفك. فقد كان عليه الصلاة والسلام يُحَسِّن الأمر الحسن، ويمدح على ذلك تكريماً لمن أحسن فيه، وتنشيطاً لهمَّته، ويقبِّح الأمر القبيح ويردُّه.   

     صحابي دخل ليلحق ركعة مع رسول الله فأحدث جلبة وضجيجًا، وشوَّش على الصحابة صلاتهم، فلما انتهى النبي من صلاته، توجَّه إليه وقال له:  ((ز َادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ )).    

     دَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالُوا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدِّثِينَا عَنْ سِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ سِرُّهُ وَعَلَانِيَتُهُ سَوَاءً ثُمَّ نَدِمْتُ فَقُلْتُ أَفْشَيْتُ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَلَمَّا دَخَلَ أَخْبَرَتْهُ فَقَالَأَحْسَنْتِ 

     قال طلق بن علي الحنفي:  ((بنيت المسجد مع رسول الله، فأخذت المسحات بمخلطة الطين فكأنه أعجبه فقال : دع الحنفي والطين فإنه أضبطكم للطين )).

     وأمر صلى الله عليه وسلم بإتقان العمل فقال: (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه )) وذات مرَّة أحد الصحابة حفر قبرًا لصحابي قد توفي، ولما سوى القبر لم يسوِّهِ كما ينبغي، فقال النبي الكريم:  (( إن هذا لا يؤذي الميت ولكنه يؤذي الحي )) ،  فلا بدّ مِنْ إتقان العمل.  

     فكان عليه الصلاة والسلام يحسِّن الحسن ويصوبه، ويمدح صاحبه تشجيعاً له، وكان يقبِّح القبيح ويوهِّنه، وإذا عمِل شخصٌ عملاً سيئًا فلا تقل له: أحسنت، بمعنى أنه إنسان جيِّد، فهذا كلام خطير، يجب أن تقبِّح القبيح وأن توهِّنه وأن تنصح صاحبه. 



المصدر: الشمائل المحمدية إصدار 1995 - الدرس : 24 - وقاره العظيم