بحث

واجبات الزوج في معاشرة زوجته

واجبات الزوج في معاشرة زوجته

بسم الله الرحمن الرحيم

واجبات الزوج في معاشرة زوجته : 

أولا: حفظ دينها : 

      ربنا سبحانه وتعالى يوجه الأزواج فيقول :﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ 

      من المعاشرة الزوجية بالمعروف أن يحافظ الزوج على دين زوجته، وأن يرعى سلوكها، وأن يهتم بتوجيهها إلى الخير والفلاح فلا يدعها تستمرئ الاعوجاج أو تنحرف إلى المهالك .  

      أي إذا تحقق للزوج من زوجته حاجاته المادية ينبغي أن يوجهها فيُعرِفَها بربِها، وهذا من وفائه لها، أما إذا تركها على ما هي عليه من الجهل والانحراف وقضى حاجاته منها فقد خان الأمانة.  
      لذلك من أول واجبات الزوج في معاشرة زوجته أو زوجه وكلاهما صحيح أن يحافظ على دينها، وأن يُعرِّفَها بِرَبِها، وأن يحملها على طاعة الله عز وجل، ليسعد في الدنيا والآخرة، والذي يؤكد هذا الشيء قول الله عز وجل : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ 

ثانيا: أن يتزيّن الزوج لزوجته : 

      لكن بعض العلماء يقول : " ومن المعاشرة بالمعروف أن يتزيّن الزوج لزوجته "  

      وقد تستغرب ذلك لأن الله عز وجل يقول : ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ 

      إذا كان عليها أن تبدو أمام زوجها لطيفة المظهر فعليه أن يبدو أمام زوجته في هندام حسن، لذلك يقول سيدنا الحسن رضي       الله عنه :  " هيئة الرجل لزوجته مما يزيد في عفتها "  

      والإمام علي كرم الله وجهه يقول : " إن الله عز وجل يكره من عبده التميز"  

      وابن عباس رضي الله عنه يقول : " إني لألبس وأتجمل لزوجتي فإن الله جميل يحب الجمال " .  

      هناك قصص كثيرة تؤكد هذا المعنى لكن كلها اجتمعت في قوله تعالى : ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ  

ثالثا: ألا يزهد الرجل في زوجته وألا يهجر مضجعها : 

      ومن المعاشرة بالمعروف ألا يزهد الرجل في زوجته، وألا يهجر مضجعها تبتلاً أو بدون سببٍ شرعي، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: (( جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )) 

      هذه القصة تؤكد أن الإسلام واقعي وازن بين حاجات الجسد وحاجات الروح، وازن بين القيم وبين الحاجات، وازن بين ما أنت عليه وما ينبغي أن تكون عليه، الواقعية هي سبب رقيّ المسلم، أما حينما يسلك المسلم سلوكاً ليس في منهج الله عز وجل فيدفع الثمن باهظاً .  

      إذا أنجب أولاداً يجب أن يضع نفسه تحت قدمه من أجل أولاده، وما كل زواج يبنى على الحب، المؤمن له هدف كبير من زواجه، هدفه تأسيس أسرة مؤمنة طيبة، هدفه إنجاب أولادٍ صالحين، هدفه دفع عناصر للمجتمع طيبة جداً، فحينما لا تكون زوجته كما يتمنى عليه أن يصبر وأن يحتسب من أجل أولاده . 

      مرّ معي حديث لا أدري مبلغ تخريجه لكن مفاده أن النبي عليه الصلاة والسلام فيما روي عنه أنه قال : (( أول من يمسك بحلق الجنة أنا فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي قلت : من هذه يا جبريل ؟ قال : هي امرأة مات زوجها فأبت الزواج من أجل أولادها )) 

      الإنسان حينما يضع حظوظه من الدنيا تحت قدمه من أجل أولاده، من أجل مستقبلهم، فهذا عند الله عمل عظيم جداً، فإذا كره الرجل امرأة عليه أن يصبر مراعاةً لحق الأولاد، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ أَوْ قَالَ غَيْرَهُ )) 

      ولعل الله عز وجل يكرم المؤمن بأولاد صالحين، نجباء، مصلحين اجتماعيين، أولاد أعلام في المجتمع، والله سبحانه وتعالى ما كان ليعذب قلباً بشهوة تركها صاحبها في سبيل الله . 

رابعا: أن يكون غيوراً على زوجته : 

      من المعاشرة بالمعروف أن يكون الزوج غيوراً على زوجته ليحميها من الدنس فيوجهها إلى ما يحفظ عليها شرفها وشرفه، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ)) 

      فيجب أن يغار الزوج وإلا فليس زوجاً .  

      والغيرة يجب أن يكون لها سبب مبرر، وأما الغيرة التي يكرهها الله عز وجل فالغيرة من غير ريبة، لا يوجد سبب، لا يوجد عذر، هذه غيرة مرضية، والغيرة تصيب الرجال والنساء معاً، هناك حد معقول منها وهناك حد مرضي غير معقول . 

خامسا: أن يتحمل الأذى من زوجته : 

      لكن ألطف شيء قرأته عن هذه الآية ليست المعاشرة بالمعروف أن يمتنع الزوج عن إيقاع الأذى بزوجته بل أن يحتمل الأذى منها، وقد قيل لبعض الصالحين : طلّق امرأتك فإنها امرأة سيئة، قال : والله لا أطلقها فأغش بها المسلمين . 



المصدر: ندوات اذاعية - إذاعة الشرق - الاسرة - الحلقة 2 : العشرة الطيبة بين الزوجين.