بحث

شهادة المرأة في الإسلام

شهادة المرأة في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

المرأةَ مساويةٌ للرجل تماماً في التكليف والتشريف والمسؤولية: 

      أيها الأخوة الكرام، حقيقةٌ أساسيةٌ في الإسلام، هذه الحقيقة هي أن المرأةَ مساويةٌ للرجل تماماً؛ في التكليف، وفي التشريف، وفي المسؤولية، مكلَّفةٌ كما هو مُكلَّف، مكلفةٌ بأركان الإسلام وأركان الإيمان، مكلفةٌ بالصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، مكلفةٌ بغضِّ البصر، مكلفةٌ بضبط اللسان، مكلفةٌ بالصدق والأمانة، مكلفةٌ بأن ترعى حق زوجها وأولادها،  ومساويةٌ له تماماً في التكريم، مكلفةٌ كما هو مكلَّف، ومكرمةٌ كما هو مكرم. 

      قال تعالى:(أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ )

      قال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )

      مسؤولةٌ كما هو مسؤول، المرأة مسؤولة عما استرعاها الله، استرعاها زوجها وأولادها مسؤولةٌ ومحاسبةٌ، ومكرمةٌ أو معذبةٌ يوم القيامة، هذه الحقيقة مقطوع بها، وأيُّ إنسانٍ يرى المرأة دون الرجل من حيث التكليف والتشريف والمسؤولية هو إنسانٌ جاهليّ، 

مهمَّتا المرأة والرجل مهمتان متكاملتان وليستا متشابهتين : 

       إلا أن الله عزَّ وجل يقول: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى  )

      أي أن المرأة خصائصها الجسمية، وخصائصها النفسية، وخصائصها الاجتماعية، وخصائصها العقلية كمالٌ لأداء مهمتها، والرجل خصائصه الجسمية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية كمالٌ لأداء مهمته، مهمَّتا المرأة والرجل مهمتان متكاملتان وليستا متشابهتين، هو لكسب الرزق ونشر الحق، وهي لرعاية الزوج والأولاد، وقد تكون مهمتها من أخطر المهمات. 

      بل إن مهمة المرأة في البيت تعدل أعظم عملٍ في الإسلام، إنه الجهاد،  

      قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ  

      ويقول عليه الصلاة والسلام: اعلمي أيتها المرأة وأعلمي مَن دونك من النساء أن حُسن تبعُّل إحداكن لزوجها يعدل ذلك كله 

      أي الجهاد في سبيل الله. 

      لأن الله عزَّ وجل يقول: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى   

      خصائص كلٍ منهما مختلفة عن الآخر، وقد ذكرت لكم من قبل أننا درسنا كتاباً في الجامعة في علم نفس الطفل، أهم ما في الكتاب القدرات الخاصة في الإناث والذكور، شيء عجيب! المرأة مبرمجة برمجة كاملة على أن تكون زوجةً وأماً، والرجل مبرمج برمجة كاملة على أن يكون زوجاً ورجلاً، وكاسباً للرزق، في الذاكرة، والتخيل، والتصور، أشياء دقيقة جداً إن قرأت هذا الكتاب وهو من أدق كتب علم النفس التربوي، وجدت هذا الكتاب كله تفسيراً لآيةٍ واحدة،  (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى )

      أضرب لكم مثلاً: المركبة المُخَصَّصة لنقل الركاب أكبر مساحة فيها للركاب، ومساحةٌ صغيرة لحاجاتهم، أكمل ما في هذه المركبة اتساع مساحة الركاب وضيق مساحة الحاجات، أما المركبة المخصصة أصلاً لنقل البضائع فأكبر مساحة فيها للبضائع، وأقل مساحةٍ فيها للسائق ومعاونه، أيهما أكمل؟ كلام غير صحيح، كل مركبةٍ كاملة لما صنعت له، كلام دقيق، أيهما أكمل؟ كل مركبةٍ كاملةٌ لما صُنعت له، ما دامت هذه المركبة صنعت لنقل الركاب، إذاً أكبر مساحة فيها مساحة الأشخاص، وأقل مساحةٌ فيها مساحة الحاجات، ومادامت هذه المركبة صنعت أصلاً لنقل البضائع فأكبر مساحة فيها للبضائع، وأقل مساحةٍ فيها للركاب. 

      إذا قال لك أحدهم: هذه المركبة سيئة جداً لأنني لو أردت نقل عشرين طن بها لا تتحمل، (بولمان) تقول له: هذا كلام غير مقبول، لأن هذه المركبة لم تصمم للبضائع، وإذا قال لك واحدٌ آخر: هذه الشاحنة سيئة جداً، لا يوجد فيها إلا محل لشخصين، أنا أريد أن أنقل فيها خمسين شخصاً، نقول: هذه المركبة لم تصمم للأشخاص بل للبضائع، فاتساع مساحة الركاب ونقص مساحة البضائع كمالٌ في مركبة الرُّكاب، واتساع مساحة البضائع ونقص مساحة الأشخاص كمالٌ في مركبة البضاعة، فهذه حقيقة أساسية. 

      فالمرأة مصممةٌ كي تؤدي رسالةً، وكي تدخل جنة ربها من أوسع الأبواب، إذا كانت أماً، وزوجةً، وأختاً، وابنةً، والرجل مبرمجٌ ومصممٌ لأن يدخل الجنة من أوسع الأبواب، لذلك المرأة لها اهتمامات، والرجل له اهتمامات، وهذا الشيء بين أيديكم، قد يتابع أحدكم الأخبار فتضجر زوجته، فتقول له: كفاك أخباراً ـ مثلاً ـ لأنّ اهتماماتها غير اهتماماته، واهتماماته غير اهتماماتها، لذلك يسكن بعضهما إلى بعض، لماذا يسكن الرجل إلى زوجته؟ لأنه يُكَمِّل فيها نقصه، عنده نقص أساسي في العواطف، هي عندها عاطفة جَيَّاشة، إذا أحبت أَحبت بلا سبب، تحب حباً لا حدود له، فعندها عواطف جيَّاشة يُكَمِّل نقصه بها فيحبها، هي عندها نقصٌ في الاقتحام، والاهتمام بالقضايا العامة، والجُرأة، فتكمِّل نقصها به، هي تكمل نقصها به فتحبه، وهو يكمل نقصه بها فيحبها، وهذه عِلَّة السُّكْنى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)  

      ومن آياته: 

      (اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ )

      ( وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ )

      (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )

شهادة المرأة لا تعدل شهادة الرجل لسببين: 

      يا أيها الأخوة... أعداء الإسلام يأخذون على الإسلام أن شهادة المرأة لا تعدل شهادة الرجل: 

أولا:  ليست المرأة طليقةً كالرجل: 

      السبب الأول هو: أنها ليست طليقةً كما الرجل طليق، هي أسيرة بيتها، وأولادها، وحضانة أولادها، امرأةٌ مُرْضِع هل يمكن أن نطالبها أن تذهب من مدينة لأخرى لأداء الشهادة؟ عندها طفل رضيع، اهتماماتها طفلها، اهتماماتها زوجها، فلذلك اهتماماتها غير اهتماماته، قلَّما تعنى المرأة بالقضايا المالية، فالمرأة تشتري بيت، أما العقد والشهود لا تعتني بهذا كثيراً، لذلك أُناسٌ كثيرون خبثاء يضحكون على بعض النساء في الأمور المالية، قد تبيع بيتها بكلماتٍ معسولاتٍ من إنسان قريبٍ لها، قد تعطي وكالة عامة، فتخسر كل أملاكها بكلماتٍ لَيِّناتٍ من رجل، إذاً اهتماماتها غير اهتمامات الرجل. فلذلك حينما تكلِّف امرأةً أن تشهد لك ربما لا تستطيع أن تأتي بها متى شئت لتؤدي هذه الشهادة أمام القاضي، محكومةٌ ببيتها، وزوجها، وأولادها، محكومةٌ بوضعها البيولوجي ـ إن صحَّ التعبير ـ لها دورة، محكومةٌ بحملها، محكومةٌ بإرضاعها، فقد تُكَلِّف امرأةً أن تشهد لك لا تستطيع أن تأتي بها متى تشاء كي تقول شهادتها أمام القاضي، هذه واحدة. 

ثانيا: اهتمامات المرأة بالقضايا المالية ضئيلٌ جداً : 

      الشيء الثاني هو: أن المرأة اهتماماتها بالقضايا المالية ضئيلٌ جداً، بينما اهتماماتها بالقضايا النسائية عالٍ جداً، أنت قد تدخل بيت ولا تعرف شيئاً عن أثاث البيت، لا تنتبه له إطلاقاً، ادخل إلى بيت أحد أصدقائك، واجلس معه ساعة، واخرج، تقول لك زوجتك: دخلت إلى غرفة الضيوف؟ تقول لها: نعم، ما نوع الطقم؟ تقول لها: لا أذكر، ما نوع الستائر؟ لا أتذكر، هل توجد ثريات؟ لم أنتبه، هي تهتم بالأثاث، والستائر، والثُّريات، اهتماماتها غير اهتمامات الرجل، ولأن اهتماماتها غير اهتمامات الرجل تحبها، لو تأتي إلى البيت فلا تجد فيه طبخاً، ولا نظافة، ولا غسيلاً، ولكنها تفهم قضايا الساعة تماماً، قضايا الحرب الباردة بين المعسكرين مثلاً، قد تخرج من جلدك منها، لا بد أن تهتم بأولادها، وزوجها، وطعامك، وشرابك، وثيابك، ونظافة ثيابك، ونظافة بيتك، لذلك لماذا تحبها؟ لأن اهتماماتها غير اهتماماتك، ولماذا تحب المرأة زوجها؟ لأن اهتماماته يحميها، ويطعمها، ويأتي برزقٍ، ويرفع من قيمتها، وهو مدافعٌ عنها، هذه حكمة الله عزَّ وجل. أما أن تكلف المرأة باهتمامات الرجل. 

      دعك من هذه الأمثلة، الآن إنسان عمله في العلم، وآخر عمله في التجارة، لو كلفت إنساناً عمله في العلم أن يفعل شيئاً من أعمال التجارة لن ينجح، قد ينسى أن يوقع الإيصال، قد ينسى أن يعقد صفقة، أما لو كلفت إنساناً من أهل المال بعملٍ علمي فلا يفلح، دعك من النساء والرجال، الرجال أنفسهم كل إنسان له اختصاصات وله اهتمامات،  

      فحينما يقول الله عزَّ وجل:(فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)  

      أي أن اهتمامات المرأة بالقضايا المالية والقضايا العامة ضعيف. 

      شيءٌ آخر: الرجل اهتماماته عامة، لا يعنى كثيراً بالقضايا التفصيلية، الجُزئية، المنزلية، هذه بعض الحُجَّج التي أدافع عنها عن قضية أن المرأة بنصف شهادة الرجل..(أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا)  

      القضية لا تعنيها، بينما في القضايا النسائية الشرع يكتفي بشهادة امرأةٍ واحدة، لأن القضايا النسائية مِن اختصاص المرأة، ومن اهتماماتها، ومما تفوَّقت به.  

الفرق بين الرجل والمرأة فرق خصائص : 

      كلما دققت في خصائص النساء وخصائص الرجال وجدت عظمة الله عزَّ وجل، هذه البنت الصغيرة التي ولدت قبل سنة أو سنتين اهتماماتها اهتمامات تربية، تمسك الوسادة تضعها في حضنها كأنها ترضعها وتربت على كتفها، يأتي الطفل الصغير يركب قضيباً وكأنه حصان، الطفل غير البنت، قد تجد بنية واحدة، أما هناك برمجة للنفس، هذا الطفل الصغير مبرمج برمجة خاصة، والبنت الصغيرة مبرمجة برمجة خاصة، فلذلك: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) 

      لولا أن المرأة لها اهتماماتٌ خاصة لما أحببتها، لولا أنها تعتني بهندامها؛ قضية الجمال عندها قضيةٌ كبيرةٌ جداً، شيء واضح جداً أن هناك فرقاً كبيراً بين النساء الرجال، فرق خصائص،  

      أما التكليف فواحد، والتشريف واحد، والمسؤولية واحدة، أما الفرق فهو فرق خصائص، وهذه الخصائص كمالٌ للمهمة التي أُنيطت بكلا الطرفين. 

الخاتمة: 

      أول نقطة في هذا الموضوع هي: أن المرأة لا تملك كل وقتها، فقد تكون مرضعةً، أو قد تكون حاملةً في شهرها الأخير، وقد تكون أسيرة بيتها، وزوجها، وأولادها، وربما لا تُلَبِّيك عندما تطلبها لأداء الشهادة أمام القاضي. 

      الشيء الثاني هو: أن اهتماماتها غير اهتمامات الرجل، لذلك ربما لا تفلح في اختصاص الرجال، أما هي فتفلح فلاحاً لا حدود له في اختصاص النساء، لذلك قَبِلَ الشرع شهادة امرأة واحدة في أمور النساء.. 



المصدر: التفسبر المطول - سورة البقرة 002 - الدرس ( 92-95 ) :تفسير الآية 282 ـ الدّين2