حقيقةٌ أساسيةٌ في الإسلام، هذه الحقيقة هي أن المرأةَ مساويةٌ للرجل تماماً؛ في التكليف، وفي التشريف، وفي المسؤولية، قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ وأيُّ إنسانٍ يرى المرأة دون الرجل من حيث التكليف والتشريف والمسؤولية هو إنسانٌ جاهليّ، إلا أن الله عزَّ وجل يقول: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾ أي أن المرأة خصائصها الجسمية، وخصائصها النفسية، وخصائصها الاجتماعية، وخصائصها العقلية كمالٌ لأداء مهمتها، والرجل خصائصه الجسمية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية كمالٌ لأداء مهمته، مهمَّتا المرأة والرجل مهمتان متكاملتان وليستا متشابهتين، هو لكسب الرزق ونشر الحق، وهي لرعاية الزوج والأولاد، وقد تكون مهمتها من أخطر المهمات. خصائص كلٍ منهما مختلفة عن الآخر، أضرب لكم مثلاً: المركبة المُخَصَّصة لنقل الركاب أكبر مساحة فيها للركاب، ومساحةٌ صغيرة لحاجاتهم، أكمل ما في هذه المركبة اتساع مساحة الركاب وضيق مساحة الحاجات، أما المركبة المخصصة أصلاً لنقل البضائع فأكبر مساحة فيها للبضائع، وأقل مساحةٍ فيها للسائق ومعاونه، أيهما أكمل؟ كلام غير صحيح، كل مركبةٍ كاملة لما صنعت له، كلام دقيق، ما دامت هذه المركبة صنعت لنقل الركاب، إذاً أكبر مساحة فيها مساحة الأشخاص، وأقل مساحةٌ فيها مساحة الحاجات، ومادامت هذه المركبة صنعت أصلاً لنقل البضائع فأكبر مساحة فيها للبضائع، وأقل مساحةٍ فيها للركاب. فالمرأة مصممةٌ كي تؤدي رسالةً، وكي تدخل جنة ربها من أوسع الأبواب، إذا كانت أماً، وزوجةً، وأختاً، وابنةً، والرجل مبرمجٌ ومصممٌ لأن يدخل الجنة من أوسع الأبواب، لذلك المرأة لها اهتمامات، والرجل له اهتمامات، وهذا الشيء بين أيديكم، قد يتابع أحدكم الأخبار فتضجر زوجته، فتقول له: كفاك أخباراً ـ مثلاً ـ لأنّ اهتماماتها غير اهتماماته، واهتماماته غير اهتماماتها، لذلك يسكن بعضهما إلى بعض، لماذا يسكن الرجل إلى زوجته؟ لأنه يُكَمِّل فيها نقصه، عنده نقص أساسي في العواطف، هي عندها عاطفة جَيَّاشة، يُكَمِّل نقصه بها فيحبها، هي عندها نقصٌ في الاقتحام، والاهتمام بالقضايا العامة، والجُرأة، فتكمِّل نقصها به، هي تكمل نقصها به فتحبه، وهو يكمل نقصه بها فيحبها، وهذه عِلَّة السُّكْنى: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾. أعداء الإسلام يأخذون على الإسلام أن شهادة المرأة لا تعدل شهادة الرجل:
السبب الأول هو: أنها ليست طليقةً كما الرجل طليق، هي أسيرة بيتها، وأولادها، وحضانة أولادها، امرأةٌ مُرْضِع هل يمكن أن نطالبها أن تذهب من مدينة إلى أخرى لأداء الشهادة؟ عندها طفل رضيع، اهتماماتها طفلها، اهتماماتها زوجها، فلذلك حينما تكلِّف امرأةً أن تشهد لك ربما لا تستطيع أن تأتي بها متى شئت لتؤدي هذه الشهادة أمام القاضي، محكومةٌ ببيتها، وزوجها، وأولادها، محكومةٌ بوضعها البيولوجي ـ إن صحَّ التعبير ـ لها دورة، محكومةٌ بحملها، محكومةٌ بإرضاعها، فقد تُكَلِّف امرأةً أن تشهد لك لا تستطيع أن تأتي بها متى تشاء كي تقول شهادتها أمام القاضي.
الشيء الثاني هو: أن المرأة اهتماماتها بالقضايا المالية ضئيلٌ جداً، بينما اهتماماتها بالقضايا النسائية عالٍ جداً، اهتماماتها غير اهتمامات الرجل، ولأن اهتماماتها غير اهتمامات الرجل تحبها، لو تأتي إلى البيت فلا تجد فيه طبخاً، ولا نظافة، ولا غسيلاً، ولكنها تفهم قضايا الساعة تماماً، قضايا الحرب الباردة بين المعسكرين مثلاً، قد تخرج من جلدك منها، لا بد أن تهتم بأولادها، وزوجها، لماذا تحبها؟ لأن اهتماماتها غير اهتماماتك، ولماذا تحب المرأة زوجها؟ لأن اهتماماته يحميها، ويطعمها، ويأتي برزقٍ وفير، ويرفع من قيمتها، وهو مدافعٌ عنها، هذه حكمة الله عزَّ وجل. يقول الله عزَّ وجل: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ . أي أن اهتمامات المرأة بالقضايا المالية ضعيف، قال لي أحدهم ـ وأنا أنقل كلامه ولا أعلِّق عليه ـ: لو استمعت إلى امرأةٍ ليست متعلمةً، وامرأة تحمل ابتدائية، وامرأة تحمل ثانوية، وامرأة تحمل إجازة أو شهادة الليسانس، وامرأة تحمل الماجستير، وامرأة تحمل دكتوراه، لو تحدَّث هؤلاء في أمور نسائية لا تعرف مَن المثقَّفة منهم، لأن اهتمامها الأول في القضايا النسائية. فلذلك اهتماماتها غير اهتماماته، قلَّما تعنى المرأة بالقضايا المالية، فالمرأة تشتري بيت، أما العقد والشهود لا تعتني بهذا كثيراً، لذلك أُناسٌ كثيرون خبثاء يضحكون على بعض النساء في الأمور المالية، قد تبيع بيتها بكلماتٍ معسولاتٍ من إنسان قريبٍ لها، قد تعطي وكالة عامة، فتخسر كل أملاكها بكلماتٍ لَيِّناتٍ من رجل، إذاً اهتماماتها غير اهتمامات الرجل، لذلك ربما لا تفلح في اختصاص الرجال، أما هي فتفلح فلاحاً لا حدود له في اختصاص النساء، لذلك قَبِلَ الشرع شهادة امرأة واحدة في أمور النساء.. شيءٌ آخر: الرجل اهتماماته عامة، لا يعنى كثيراً بالقضايا التفصيلية، الجُزئية، المنزلية، هذه بعض الحُجَّج التي أدافع عنها عن قضية أن المرأة بنصف شهادة الرجل.. ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾ القضية لا تعنيها، بينما في القضايا النسائية الشرع يكتفي بشهادة امرأةٍ واحدة، لأن القضايا النسائية مِن اختصاص المرأة، ومن اهتماماتها، ومما تفوَّقت به.
كلما دققت في خصائص النساء وخصائص الرجال وجدت عظمة الله عزَّ وجل، هذه البنت الصغيرة التي ولدت قبل سنة أو سنتين اهتماماتها اهتمامات تربية، تمسك الوسادة تضعها في حضنها كأنها ترضعها وتربت على كتفها، يأتي الطفل الصغير يركب قضيباً وكأنه حصان، الطفل غير البنت، قد تجد بنية واحدة، أما هناك برمجة للنفس، هذا الطفل الصغير مبرمج برمجة خاصة، والبنت الصغيرة مبرمجة برمجة خاصة، فلذلك: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ . لولا أن المرأة لها اهتماماتٌ خاصة لما أحببتها، لولا أنها تعتني بهندامها؛ قضية الجمال عندها قضيةٌ كبيرةٌ جداً، هناك فرقاً كبيراً بين النساء الرجال، فرق خصائص، أما التكليف فواحد، والتشريف واحد، والمسؤولية واحدة، أما الفرق فهو فرق خصائص، وهذه الخصائص كمالٌ للمهمة التي أُنيطت بكلا الطرفين.