السفر نشاط من نشاطات الإنسان، لذلك قالوا: "هناك سفر استثمار وسفر اعتبار، سفر الاستثمار أن تبحث عن رزق الله في أرض الله، أما سفر الاعتبار فربما إذا رأيت مظاهر الطبيعة، ربما إذا رأيت بعض ما خلق الله عز وجل من آياتٍ بليغة، من آيات دالة على عظمته ربما ازداد إيمانك". إذاً السفر صوناً للحياة نسافر، وصوناً للدين نسافر، وأداءً للعبادة، وطلباً للعلم نسافر، طبعاً يوجد تقسيم آخر للسفر، يوجد سفر مذموم، وسفر محبوب، وسفر مباح، السفر الجيد المحبوب الذي حث عليه الشرع سفر في طلب العلم، وسفر في أداء العبادة، والسفر المذموم سفر من أجل معصية، والعياذ بالله. الحقيقة آداب المسافر كثيرة:
- أن يبدأ برد المظالم: أول أدب ردّ المظالم، قضاء الديون، إعداد النفقة من الحلال، ردّ الودائع، أخذ الحلال، التوسيع في الإنفاق، طيب الكلام، إطعام الطعام، إظهار مكارم الأخلاق، وأبرز هذه المكارم إعانة الرفقاء، إيصال المقطوعين، البذل، لين الكلام، المزاح، تطييب نفوس الرفقاء، وكلها تحت الأدب الأول.
- أن يختار رفيقاً ولا يخرج وحده: وقيل: الرفيق قبل الطريق، الرفيق فيجب أن يعين على الدين لا على المنكر ويعينه ويساعده إذا ذكر، فإن المرء على دين خليله ولا يُعرف المرء إلا برفيقه: ((نهَى رسولُ اللهِ صلَى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ)) و: ((إذا كنتم ثلاثة في السفر فأمروا أحدكم)) أحياناً المصالح تتعارض، ثلاثة مسافرين سوف ننام هنا يوماً آخر، لن ننام، في هذا الفندق لا في هذا الفندق فصار تعارضاً، لا، أمروا أحدكم هذا نظام المسلمين، ثلاثة إذا سافروا يوجد أمير عليهم، قراره هو النافذ، وليأمروا أحسنهم أخلاقاً، وأرفقهم بالأصحاب، وأسرعهم إلى الإيثار، لا يوجد أروع من كلام سيدنا عمر عندما قال: أريد أميراً إذا كان أميراً عليهم بدا وكأنه واحد منهم، وإن كان واحداً منهم بدا وكأنه أمير عليهم، إذا ليس أميراً لشدة حرصه وغيرته عليهم بدا كأنه أمير، وإذا كان أميراً لشدة تواضعه ومساواته مع الآخرين بدا وكأنه واحد منهم، من نحن إذا كان سيد الخلق قال: "وعليّ جمع الحطب، قالوا له: نكفيك، قال: أعلم ذلك ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه". وفي بدر القصة معروفة عندما قال: “كل ثلاثة على راحلة وأنا وفلان وفلان على راحلة فلما توسلا إليه أن يركب قال: ما أنتما بأقوى مني على السير ولا أنا بأغنى منكما على الأجر”من كمال السفر أن تتوزع الأعمال كلها الأمير يقرر، قسم يهيئ الطعام وقسم يجلب الطعام.
- أن يودع رفقاء الحضر والأهل والرفقاء: إذا سافرت تودع أنت، وإذا عدت هناك من يهنئك، تريد أن تذهب إلى الحج يجب أن تزور أقرباءك وتودعهم، تسافر إلى مهمة طويلة يجب أن تودع، هكذا السنة، أنت عضو بأسرة، وهذه تقاس على الأسرة أخبرهم. وليدع عند الدعاء بقوله لمودعه: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، إذا ودعت أهلك هذا الدعاء المأثور، ماذا يقول له المقيم؟ زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك للخير حيث توجهت، هذا كلام لطيف جداً، أنت تسافر ودعت لما ودعت قلت لهم الدعاء أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، ماذا يقول له المقيم؟ زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك للخير حيث توجهت، وليصلي المسافر قبل سفره ركعتي صلاة الاستخارة. وإذا وصل إلى باب الدار فليقل: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ربي أعوذ بك أن أَضل أو أُضل، أو أَذل أو أُذل، أو أَظلم أو أُظلم، أو أَجهل أو يُجهل علي، إذا ركب هذه الدابة، أي الطائرة أو المركبة فليقل: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا منقلبون". رابعاً أن يرفق بالدابة إن كان راكباً فلا يحملها ما لا يطيق، ولا يضربها في وجهها، هذه الآن غير موجودة، فإنه منهي عنه ويستحب أن ينزل عن الدابة أحياناً ليريحها، والإنسان ليس له حق أن يبقى على الدابة ويتكلم مع صديقه.
- عدم المشي منفرداً إذ كان في قافلة: من الآداب في السفر أنه إذا كان في قافلة فلا يمشي منفرداً، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ)) .
- أن يصطحب معه الأشياء الضرورية: ينبغي أن تستصحب مرآة، ومقراضاً، ومسواكاً، ومشطاً، لا تعرف قيمة الإبرة والخيط إلا في السفر، زر قطع، لا يوجد حل ولا يوجد خياطين، وهذه من السنة أن تصطحب هذه الأشياء معك.
- عدم التنطع بالطهارة: قد يكون الماء قليلاً والناس بحاجة إلى الشرب وأنت استهلكته بالوضوء، أحياناً هذه تصير بالحج، أنت تستهلك الماء بالوضوء استهلاكاً شديداً هذا ليس من آداب السفر.
- عند العودة من السفر أن يقول الدعاء التالي: أما إذا عدت من السفر فأولاً لك أن تقول: لا إله إلا اله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
- أن يبشر أهله بقدومه: ثم يبشر أهله بقدومه، الآن يحل محل هذا الاتصال الهاتفي نحن سنأتي في المطار الآن، وكان ينهى عن أن يطرق أهله ليلاً، أي الزوجة إذا كان زوجها مسافراً مطمئنة ونائمة الساعة الثانية بعد منتصف الليل طرق الباب، إذا طرق مشكلة وإذا دخل بمفتاح مشكلة، فإذا قدم على أهله ليلاً قد يرى ما يكره، تاركها شهرين وجاء فجأةً وهي تنظف البيت وهي بوضع لا يسر، هو مشتاق ووجدها هاملة نفسها جداً، وهذا من أسرار ذكاء الزوجة والسنة النبوية، فإذا قدم على أهله ليلاً قد يرى ما يكره، وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد أولاً صلى ركعتين ثم دخل البيت .
- أن يحمل لأهل بيته وأقاربه تحفة: وينبغي أن يحمل لأهل بيته وأقاربه تحفةً من مطعوم أو ملبوس أو غيره على قدر إمكانه، هدية متواضعة جداً هذه من سنة السفر، فإن الأعين تمتد إلى القادم من السفر والقلوب تفرح به، عينه بيديه ماذا أحضر معه؟
هذه الآداب الظاهرة، أما الآداب الباطنة:
- ينبغي ألا تسافر إلا إذا كنت متأكداً أن هذا السفر يزيد في دينك، ويزيد في علمك، ويزيد في قربك من الله عز وجل.
- إذا دخلت بلدة ينبغي أن تنوي أن تلتقي بشيوخها وعلمائها وأهل الصلاح فيها ومساجدها.
- إذا زرت أخاً ببلدة ينبغي ألا تقيم عنده أكثر من ثلاثة أيام.
طبعاً معروف عندكم أن المسافر يجوز له أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام وليلتين والتيمم والقصر والجمع، ويجوز أن يصلي النافلة وهو راكب في الطائرة أو في السيارة وجهة المسافر جهة وسيلة النقل، هذه من رخص السفر أن استقبال القبلة غير ضروري، طبعاً والصيام لك أن تفطر.