بحث

الأزمة الماية العالمية / الازمة المالية في العالم الغربي

الأزمة الماية العالمية / الازمة المالية في العالم الغربي

بسم الله الرحمن الرحيم

      نتحدث عن الأزمة المالية في العالم الغربي، والتي انتشرت آثارها السلبية إلى كل أنحاء العالم، كل يوم خبر إفلاس أكبر شركة بل إن الخسارة التي تحققت خلال أربع وعشرين ساعة خمسة تريليون دولار، أي كل إنسان يملك رصيداً في البورصة خسر أربعين بالمئة من رأسماله، وإفلاسات الشركات تترا، والأسعار اضطربت، ماذا نستفيد من هذا الدرس البليغ الإلهي ؟ و كيف هي من منظور الشريعة الإسلامية ؟ 

ابتكار النقود بديلاً عن المقايضة تسهيلاً وضبطاً للمبادلات بين أفراد البشر : 

      أيها الأخوة، إن من أعظم الأشياء التي قامت بها البشرية بابتكارها النقد، النقد كان بديلاً عن نظام المقايضة، المقايضة شيء غير عملي إطلاقاً، متعب جداً، فأصبحت النقود معياراً لقيم الأشياء، وأداءً للذمم التي في الأعناق، وتسهيلاً وضبطاً للمبادلات بين أفراد البشر، لكن من غير المنطقي أن يتم تبادل النقود في المجتمعات البشرية من دون أن تنتقل بوساطتها السلع والخدمات، طبعاً النقد شيء، والسلع والخدمات شيء . 

قيام النظام العالمي الاقتصادي بالمتاجرة بالنقود و السندات و ترك البضائع في أماكنها : 

      الذي حصل أن المتاجرة الآن بالنقود والأسهم والسندات فقط والبضائع في أمكنتها لا تتحرك، ولا تنتقل، ولا تجلب، ولا تباع، إلا عن طريق المقامرة بها، هذا النظام العالمي الاقتصادي . 

أصبحت النقود بحدِّ ذاتها سلعاً: 

      لأن السلع والخدمات هي الأصل في اختراع النقود، فإذا تبادل الناس النقود من دون سلع وخدمات أصبحت النقود بحدِّ ذاتها سلعاً،  

الفرق جوهري بين السلع وبين النقود: 

      مع أن الفرق جوهري بين السلع وبين النقود، الفرق الجوهري أن السلع ينتفع بها مباشرة، البيت تسكنه، الطعام تأكله، المركبة تركبها، أما إذا كنت جائعاً وليس هناك طعام وأنت في الصحراء ماذا تفعل بألف ليرة ؟ لا قيمة لها إطلاقاً، لذلك قصة فرنسية إنسان ركب ناقته وعليها طعامه وشرابه ليجتاز بها الصحراء، ضلّ الطريق، ونفذ طعامه وشرابه، لمح عن بعد واحة ماء، فهرع إليها، وفرح بها فرحاً عظيماً، لأنه ابتعد عن الموت عطشاً بعد أن شرب وارتوى حالت منه التفاتة فإذا كيس فظن به خبزاً وسرّ به سروراً عظيماً فلما فتح الكيس لم يرى فيه إلا اللآلئ فصاح قائلاً وا أسفاه هذه لآلئ، ماذا ينتفع بها في الصحراء وقد أوشك على الموت جوعاً ؟ 

      السلع ينتفع بها مباشرة أما النقود واسطة . 

عندما تاجرنا بالنقود وقعنا في الخطر المدمر تجارة الهامش: 

       أيها الأخوة، وحينما نتعامل مع النقود كسلع فنتاجر بها عندئذ نكون قد وقعنا في خطر مدمر ظهرت نتائجه في هذا الأسبوع، نظام عالمي قائم على الربا، وقائم على المتاجرة بالنقود، وقائم على بيع وهمي وشراء وهمي بما يسمى بتجارة الهامش،  

      تقول أنا رأسمالي مئة ألف دولار، تدفع فقط عشرة تشتري بضاعة، الذي باعك إياها لا يملكها وأنت بعد أن اشتريتها لا تملكها، لكن يحسب لك الفرق إن ربحت سجل هذا في ربحك، وإن خسرت هذا في خسارتك، هذه اسمها تجارة الهامش، ولا يغيب عنكم أنه قبل عامين دخل في بعض الدول ثمانية وثلاثين ألف إنسان بأزمات قلبية، بسبب انهيار البورصة بثمانين مليار دولار، والآن الأزمة تتفاقم كل يوم . 

كل مايجري من انهيار الأسواق العالمية تؤكد حيقيقة  الدين: 

      هذا أحد الموضوعات الساخنة ولكن قبل أن أتابع هذا الموضوع هناك موضوع دقيق جداً وهو أننا معشر المسلمين نتمتع بحالة لا مثيل لها أنا أسميها الأمن العقدي، يعني كل ما سيجري يؤكد حقيقة الدين، الاتحاد السوفيتي قبل أن ينهار حرم الخمر هذا تأكيد لديننا، وانهيار الأسواق العالمية، والله لا نشمت، لكن انهيار الأسواق العالمية تأكيد لكلمتين في القرآن الكريم  

      قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا (276) ﴾ 

      كلام دقيق، أحياناً هناك أمر أو نهي إلهي، العلاقة بين الأمر ونتائجه، وبين النهي ونتائجه علاقة علمية، لكن في بعض الأوامر العلاقة ليست علمية، يعني مستحيل أن تقرض مئة ألف وتأخذها مئة وعشرين ألفاً وتخسر، فالربا على الآلة الحاسبة يربح، لا يوجد قرض حسن بالعالم الغربي ولكن الذي يقع عكس ذلك، الذي يقع تأكيد لهذه الآية  

      قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿  يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ (276)   

      وكأنني أرى أن العلاقة بين تحريم الربا وبين النتائج المترتبة عليه ليست علاقة علمية إطلاقاً ولكنها علاقة تكوينية بفعل الله : ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ (276)   

تداول الكتلة النقدية بين الناس إرادة الله عز وجل في محكم تنزيله : 

      أيها الأخوة، من مسلمات الاقتصاد الإسلامي أن المال قوام حياتنا، فإذا عصينا منهج خالقنا العظيم، الخبير، بأسباب سلامتنا وسعادتنا الذي أراد المال في محكم تنزيله أن يكون متداولاً بين الناس جميعاً طبعاً الآية الكريمة  

      قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿  كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ ﴾ . 

      الكتلة النقدية أرادها الله أن تكون متداولة بين كل الخلق، الوضع الصحي، الوضع الطبيعي، الوضع السالم والآمن، أن تكون هذه الكتلة متداولة بين كل الخلق . 

      لذلك حرم الشرع أشد التحريم وليس من آية في القرآن الكريم إلا هذه الآية تتوعد آكل الربا بحرب من الله ورسوله  

      قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (279) ﴾ . 

      والحرب وقعت  

      قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) ﴾ . 

 

المال قوام الحياة الإنسانية في النظام المالي الإسلامي : 

      أيها الأخوة، النظام المالي الإسلامي يعد المال قوام الحياة الإنسانية  

      قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿  وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا (5)  

      تقوم حياتكم بها، يعني شاب يحصل على وظيفة مهما يكن هذا الدخل تحرك نحو الزواج، نحو استئجار بيت، نحو خطبة فتاة، فالمال قوام الحياة هذه حقيقة، ولا تصدق من يقول لك إنني أحتقر المال، كاذب،  

      قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ 

      أيها الأخوة، أول حقيقة المال قوام الحياة، وأن هذا المال الذي فيه قوام الحياة يجب أن يكون موزعاً ومتداولاً بين كل البشر لا أن يكون دولة بين الأغنياء منكم . 

حقيقة النظام الإسلامي أن الأعمال تلد المال والأرباح توزع على أكبر شريحة : 

      أيها الأخوة، لقد حرم الله خالق السماوات والأرض في الإسلام الربا، لأن حقيقة الربا أن المال يلد المال، بينما حقيقة النظام الإسلامي أن الأعمال تلد المال . 

      يعني أن التاجر يدفع في الأعمِّ الأغلب نصف أرباحه مصاريف، فتحت محلاً تجارياً، استأجرت، انتفع صاحب المحل، زينته انتفع مهندس التزيين، اشتريت أثاثاً، عينت موظفاً، طبعت دفاتر، اقتنيت سيارة للعمل، أقل محل تجاري يوجد عشرة أشخاص ينتفعون من هذا المحل دون أن يكونوا موظفين فيه، مرة قرأت مقالة شركة رينو للسيارات في فرنسا يعمل لها مئتان وعشرون معملاً، حينما تلد الأعمال المال تتوزع الأرباح على أكبر شريحة،  

      عندك أرض زرعتها، هناك حشرة تذهب إلى السوق تحتاج إلى مهندس زراعي يعين لك ما نوع هذه الحشرة شغّلت مهندساً، تحتاج إلى مرشة، تحتاج إلى دواء، حينما تفكر أن الأعمال تلد المال الأرباح توزع على أكبر شريحة، أما إذا ذهبت إلى البنك وأودعت فيه المال لم ينتفع أحد بل هو أقرض بالربا صار عبئاً على من اقترضه . 

من نتائج الربا جمع الأموال في أيدٍ قليلة و حرمان الكثرة الكثيرة منها : 

      أيها الأخوة، شيء آخر أتمنى أن يكون واضحاً لكم أن الأموال إذا ولدت الأموال تجمعت الأموال في أيدٍ قليلة، وحرمت منها الكثرة الكثيرة، الحقيقة المؤلمة أن دول الشمال تملك تسعين بالمئة من ثروات الأرض، وأن دول الجنوب الفقيرة لا تملك إلا عشرة بالمئة من ثروات الأرض، دول الشمال هم عشرة بالمئة من سكان الأرض يملكون تسعين بالمئة من ثرواتها، يعني بلد تعرض لحرب اقترض أربعين مليار دولار، نصف دخله القومي سداد لا للقرض ولكن لفوائده، ولا يعلم إلا الله بعد مئة سنة ينتهي هذا القرض مع فوائده المركبة أم لا ؟ ﴿  يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ (276)   

      أيها الأخوة الكرام، لذلك تجد في بعض الدول ثراء يفوق حدّ الخيال، مهما وصفت لكم الثراء والبذخ والترف أكثر مما تتصورون، أي قد تعجبه لوحة زيتية ثمنها 50 مليون دولار يشتريها، هذا واقع، أيها الأخوة، تجد في جزء من العالم الذي يعد عشرة بالمئة من سكان الأرض معه تسعون بالمئة من ثرواتها، تجد بذخاً، تجد ترفاً، مهما وصفت لكم الحقيقة أبلغ، وتجد في العالم الثالث الفقر، والقهر، والمجاعات، والأوبئة، والأمراض، ما لا سبيل إلى وصفه، هذه نتائج الربا، الربا يجمع الأموال في أيدٍ قليلة ويحرم منها الكثرة الكثيرة، وربما جاء الآن دور هؤلاء المرابين ووقع السحر على الساحر . 

المفارقة الحادة بين دول الشمال ودول الجنوب سبب الإرهاب في الأرض : 

      أيها الأخوة، بيني وبينكم وبهمس أقول لكم هذه المفارقة الحادة بين دول الشمال ودول الجنوب، بين الأغنياء وبين الفقراء، بين المترفين والمتعبين، هي سبب الإرهاب في الأرض، هذه الحقيقة الدقيقة، 

      لأن النبي الكريم لما رجل دخل إلى بستان أحدهم، وأكل من دون إذنٍ، فشكاه صاحب البستان إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وسيق إليه على أنه سارق، ماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام ؟ النبي عليه الصلاة والسلام  عالج المشكلة من بدايتها  قال له : (( هلاّ علمته إذا كان جاهلاً، وهلا أطعمته إذا كان جائعاً )) . 

      قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( وكاد الفقر أن يكون كفراً  )) . 

      وكاد الفقر أن يكون جريمة، وكاد الفقر أن يكون سرقة،  وكاد الفقر أن يكون احتيالاً، وكاد الفقر أن يكون إرهاباً، هذا الإرهاب الذي نغص على المترفين عيشتهم، ورفاههم، وطمأنينتهم، وأقضّ مضاجعهم إنه فعل أيديهم هم سبب الإرهاب . 

خروج النقود عن وظائفها الأساسية وما نتج عنه  : 

      لذلك  أيها الأخوة، إن خروج النقود عن وظائفها الأساسية كأداة لتبادل السلع والخدمات وجعل محلها للمتاجرة بها كما في الربا الذي حرمه الإسلام ومعناه  

  • تعطيل لتلك النقود 
  • وتضييق في المبادلات، 
  • و ما ينتج عنه نقص الأرباح، 
  • وتقليل الفاعليات الاقتصادية، 
  • وزيادة البطالة، 
  • وانتشار المعاملات الوهمية، 

      كل أسعار البورصة والسندات وهمية، شركة في إحدى أسواق البورصة سعر السهم خمسة وثلاثون دولاراً اليوم خمسة سعره خمس دولارات، الذي عنده ألف سهم خسر أربعة أخماس مبلغه، في شركات أنا أتابع الأخبار بدقة تسعة آلاف نقطة في أمريكا، أضخم شركة نصف المبلغ ذهب، بيومين أو ثلاثة خمسة تريليون خسر المودعون في البنوك : ﴿  يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ (276)   

      يقول موريس لى عالم اقتصادي كبير حاز على جائزة نوبل في الاقتصاد قال :إن آلية الائتمان أي التمويل الربوي تؤدي بصورة جوهرية إلى خلق وسائل دفع وهمية، 

      شخص اشترى بيتاً بستمئة ألف دولار، اليوم مئتي ألف ثمنه لم يعد يدفع أقساطاً، عندما لم يدفع أقساطاً باعوا البيت لا يهمهم الربح يهمهم أن يأخذوا المئتي ألف، باعوه بأرخص الأثمان، الناس بالطرقات، الآن خسروا أعمالهم، لأن أحد شركات السيارات مبيعاتها هبطت أربعين بالمئة إذاً يسرحون خمسة آلاف عامل، العامل لم يعد له دخل، بيته بالتقسيط الربوي لم يعد يدفع للبنك، البنك باع البيت، باعه بربع قيمته، هذه المشكلة الكبيرة،  

      يقول الخبراء : لا يوجد مشكلة بعد الحرب العالمية الثانية تفوق هذه المشكلة، وآثارها وصلت إلى كل البلاد . 

      وزير اقتصاد اليابان قال :  

      نحن موقفنا جيد جداً اقتصادنا متين،  ثاني يوم البورصة نزلت خمسة عشر بالمئة في اليابان هذه الدولة العملاقة .

      ﴿  يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ (276)   

وقوع الوعد والوعيد من أدلة كلام الله عز وجل : 

      أيها الأخوة، الحقيقة هذه الأزمة سببت خسارات فلكية، خمسة تريليون، تريليون يعني مليون مليون، أي اثني عشر صفراً، خمسة تريليون دولار هي أربعون بالمئة من جميع الأموال المودعة في البنوك الربوية :﴿  يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ (276)   

      المسلم معه أمن عقدي، معك آيتان في القرآن الكريم، كل ما يجري تأكيد لهاتين الآيتين، لذلك أحد أدلة أن هذا القرآن كلام الله وقوع الوعد والوعيد . 

آلية الربا ترفع الأسعار : 

      أيها الأخوة، هناك حقيقة دقيقة، إذا كان هناك مصرفاً يعطي فائدة ربوية عشرة بالمئة، عشرة بالمئة أنت آمن بلا جهد، بلا خسارة، بلا ضرائب، بلا تعيين، موظف يطالبك بالتأمينات، بلا دفع ضريبة تسهم في حلّ مشكلة الأمة، ليس له علاقة إطلاقاً بالأمطار، عنده فائدة ثابتة، إذا في بنك يعطي فائدة ثابتة محققة دائمة من دون جهد، من دون مخاطرة، من دون مغامرة، من دون قلق، من دون مالية، من دون تموين، من دون تأمينات اجتماعية، من دون موظفي الطوابع، من دون أي قلق، من دون تعيين موظف، من دون دفع خسارة، لا يوجد إنسان يطرح رأسماله في العمل التجاري والصناعي والزراعي بأقل من أربعين بالمئة أرباح، ما دام هناك عشرة من دون جهد، من دون مغامرة، إذاً آلية الربا ترفع الأسعار، مادام في مصارف ربوية الأسعار مرتفعة، لأن الواحد لا يقبل أن يضع خمسين مليوناً بمشروع يربح بالمئة عشرة يضعه في البنك، بمنطق إنسان مادي غير مسلم، طالما يوظف أربعين خمسين مليوناً لا يضعهم بعمل تجاري هناك احتمال أن يخسر، أساساً لماذا التجارة ؟ لأن فيها ربح وخسارة، فيها قرار مغامرة، التاجر يغامر يربح أحياناً أو يخسر، فلذلك لمجرد وجود بنوك تؤدي فوائد ربوية فالأسعار مرتفعة، 

 

انتشار أعمال العنف و الاحتيال والفساد نتيجة الربا : 

      الآن عندنا موشور، الموشور عبارة عن دوائر متناقصة فكلما ارتفع السعر الدائرة المنتفعة من هذه السلعة ضاقت،  

      يعني مثل بين أيديكم بأحد السنوات الكرز الكيلو بخمس ليرات لا أعتقد أنه وجد بيت دون أن يشتري الكرز، إذا بمئة ليرة عشر بيوت تشتري كرزاً،  

      كل شيء موجود بالعالم الرأسمالي لكن كل شيء مرتفع سعره، فوق طاقة الإنسان، الآن الحياة لمن ؟ للأقوياء والأغنياء فقط، هذا الإنفاق الذي فيه ترف فوق طاقة الإنسان، لذلك في حرمان، في حقد، في أعمال عنف، في دعارة . 

      باحثة درست أسباب الدعارة في بعض البلاد تفاجئت 95% من المومسات لسن فاسدات ولكنهن فقيرات، وهذه وصمة عار تمس البشرية كلها، كاد الفقر أن يكون دعارة، احتيالاً إرهاباً، سرقة، غش،  

      في الخبز هناك مادة تعين على نضوجه الكيلو ثمنه خمسة آلاف، هناك مادة مسرطنة ثمن الكيلو 50 ليرة حتى يربح يضع مادة مسرطنة،  

      قصة وقعت: قبضوا على إنسان يبيع لحم حمير فوضعوه بالسجن قام أحد السجناء ضربه ضرباً مبرح، لما تضربه ؟ قال أنا آكلت عنده لحم،  

      دابة ماتت يبيعون لحمها،  فقر، احتيال.  

      ضعف الإيمان والفقر وراء ما يعاني العالم كله  

      الدول الإسلامية هي أقل الدول خسارة، لأن موضوع البورصة ما دخل في حسابهم ما عندهم قناعة بالبورصات، كل شخص ماله عنده، تجارة، بضاعة ...  

في نظام المضاربة في الإسلام حل: 

      أيها الأخوة الكرام، الآن انتبهوا إلى الخلل في الربا،  

      قال : من المُسَلّم به أن مصلحة الأنشطة الاقتصادية المختلفة من زراعة وصناعة وتجارة أن يكون المشتركون فيها لهم رغبات، وأهداف، ومصالح متآلفة ومتحدة تتجه إلى ترقية هذه الأنشطة، أي تتجه إلى الربح، فما لم يكن الربح موزعاً بين كل النشاطات صار هناك ربا، البنك لا يهمه ربحك يهمه أنه سيحقق ربحاً ثابتاً ربحت أو خسرت أو فلست، لا يهمه، وأنت لا يهمك أن تربح يهمك تخلص من الدين مع الفائدة، أما بالمضاربة والله أيها الأخوة ما من شيء حرمه الله إلا جعل له قناة نظيفة تسري خلاله،  

      المضاربة، أي شريك المال معك إذا لم تربح ليس له عندك شيئاً، إذا خسرت يعاونك بالخسارة، وإذا ربحت يأخذ جزءاً من الربح، والنبي الكريم كان أول مضارب في الإسلام. 

في الربا ظلم لأحد الأطراف: 

      أيها الأخوة، الآن عندما يمول المصرف مشروعاً ويأخذ ثمانية بالمئة فائدة قد يكون حقه أربعين بالمئة، المصرف ظلم، و عندما يخسر صاحب المشروع ويصر البنك على أخذ الفائدة أيضاً ظلم صاحب المشروع، بالربا هناك شخص مظلوم إما البنك أو المنتفع، جاء الإسلام لئلا يكون ظلم بين البشر، يستغرب الإنسان  

      قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (279) ﴾ . 

      أنت بالخمر تجد إنساناً مخموراً في الطريق، بالسرقة مودع بالسجن، هذه المعاصي واضحة لكن البنك بناء فخم مكيف، فيه استقبال، فيه كومبيوترات، شيء مرتب أين الحرمة ؟ الحرمة أن التعامل الربوي يدمر البشرية كما يحصل، حينما يلد المال المال تتجمع الأموال في أيدٍ قليلة، وتحرم منها الكثرة الكثيرة. 

      والله أعرف شخصاً عنده محل تجاري في إحدى العواصم الكبيرة بأرقى الشوارع التجارية ثلاث واجهات ومحل، ومكتب استيراد، ومستودع، وبيوت، قرض ربوي اضطر أن يبيع كل هذه المحلات مع بيته :﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا (276) ﴾ 

      الحديد الطن بثمانية وستين ألفاً الآن سعره العالمي عشرون ألفاً، الذي اشترى حديداً بثمانية وستين ليتاجر به ماذا صار به الآن ؟ خسر أربعة أخماس دخله،  

      ارتفاع السعر ليس طبيعياً، ارتفاع مفتعل، متى يرتفع السعر عشرة أضعاف ؟ إذا الطلب عليه ازداد عشر مرات، وإذا إنتاجه قلّ عشر مرات، أما لا الإنتاج نقص ولا الطلب زاد، 

التقرير الذي صدر عن مجلس الشيوخ الفرنسي حول النظام المصرفي الإسلامي  : 

      أيها الأخوة، اسمعوا هذا التقرير، صدر عن مجلس الشيوخ الفرنسي قريباً بالانترنيت تقرير يتناول النظام المصرفي الإسلامي الذي يعيش ازدهاراً واضحاً، وقد أكد هذا التقرير:  

      أن النظام المصرفي الإسلامي مربح للجميع مسلمين وغير المسلمين، ويمكن تطبيقه في جميع البلاد، فضلاً عن أنه يلبي الحاجات الأساسية عند الإنسان، لذلك يحث التقرير على فتح مصارف إسلامية في فرنسا، أو إقامة نظم تشريعية وضريبية إسلامية على التراب الفرنسي تراعى فيها قواعد الشريعة الإسلامية في المجال المالي، ويعني النظام المصرفي الإسلامي بخاصة والمالي بعامة . 

      الآن دققوا : لازلنا في التقرير الفرنسي،  

      أن يقوم هذا النظام الإسلامي على خمسة مبادئ،  

      المبدأ الأول : تحريم الربا وتحريم بيع الغرر، اليانصيب مثلاً، وتحريم الميسر، وتحريم التعامل في الأمور المحرمة شرعاً كالخمر والزنا، وتقاسم الربح والخسارة، لا يوجد فائدة ثابتة، البنك الإسلامي يمول لكن له نصيب من الربح ليس فائدة ثابتة، وتحريم التورق إلا بشروط .  

اكتشاف العالم الغربي مع مرور الزمن أن  الصواب في الشريعة الإسلامية : 

      أيها الأخوة الكرام، مع تقدم الزمان يكتشف العالم أن الصواب في الشريعة الإسلامية، قبل أن ينهار الاتحاد السوفيتي ماذا حرم ؟ حرم الخمر تحريماً قطعياً، معسكر يؤمن بأنه لا إله لكن حرم الخمر، والآن الدعوة بأعلى صوت إلى إلغاء النظام العالمي القائم على الربا، وبعض الدول الرأسمالية أممت المصارف كلها، يعني شيء عجيب الأخبار صاعقة، هذا النظام الربوي القائم على الاستغلال تداعى . 



المصدر: خطبة الجمعة - الخطبة 1088 : خ1 - الأزمة المالية في العالم الغربي -خ2: مجامع الفقه تحرم التعامل بالبورصة .