يقول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾
ضرب الله سبحانه وتعالى للناس مثلاً الذبابة، هذا المخلوق الضعيف المستقذر الذي يتكاثر بسرعةٍ جنونية. لو أنك رششت مكاناً موبوء بالذباب، وقضيت على كل الذباب إلا ذبابةً واحدة، هذه الذبابة ستنجب جيلاً من الذباب، يقاوم هذه المادة التي رششتها في هذا المكان، تصنيع مضادات تقاوم المضادات الحيوية عند الذباب شيءٌ لا يصدق، الذباب تصنِّع الذبابة في أجهزتها الدقيقة مضاداً يكسبها مناعة ضد أي شيء يقضي عليها. شيء أخر، حتى أن الذباب إذا مات بالبرد، ينجب جيلاً يقاوم البرد، قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾. كِّبرت عين الذبابة مئات المرَّات، فكان من هذا التكبير العجب العجاب، آلاف العدسات المرصوصة إلى جانب بعضها بعضاً، تحقق للذبابة رؤيةً شاملة. إن الذبابة، هذا المخلوق الضعيف، الذي يشمئز الناس منه، تستطيع أن تناور مناورة،ً لا تستطيع أعظم الطائرات الحربية، وأحدثها أن تفعل فعلها، إنها تسير بسرعاتٍ فائقة بالنسبة إلى حجمها، وتستطيع أن تنتقل فجأةً إلى زاويةٍ قائمةٍ، وتستطيع أن تسقط إلى السقف، وهذا شيءٌ لا تستطيع طائرةٌ في الأرض أن تفعله، قال تعالى: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ هذه ذبابة، فإذا كان الخلق مجتمعين في أرقى عصورهم مع تقدم العلم عاجزين عن أن يخلقوا ذباباً.
أما الذي يلفت النظر، في حديث سيِّد البشر، أن النبي عليه الصلاة والسلام، قال:
((إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وَفِي الآخَرِ دَاءً))
أكَّد العلم الحديث صحةَ هذا الحديث، فقد كشف أن في بعض جناحي الذبابة مادةٌ ترياقيةٌ، مضادةٌ للجراثيم، ولأنواع الميكروبات، فإذا علق بأرجل الذبابة بعض الجراثيم، أو الميكروبات، أو البكتريات الضارة، ووقع هذا الذباب في سائل، فعليك أن تغمس الجناح الثاني من باب الاحتياط، فإن في بعض الأجنحةٍ دواء، الترياق المضاد لهذه الجراثيم، هذا الذي كشفه العلم حديثاً. هذا الحديث النبوي، كيف عرف النبي هذه الحقيقة؟ من أين عرفها؟ أكان هناك تحليلٌ عنده؟ أكان هناك معامل للتحليل؟ أكان هناك ميكروسكوبات؟
إن البعوض، والشيء بالشيء يذكر، تملك جهازاً رادارياً، وجهاز تحليلٍ للدم، وجهاز تخدير، وجهاز تمييع، تميِّع الدم، وتخدِّر الإنسان، وتمتص دمه، وتعرف مكان الرجل من دون أن تراه، وفي أرجلها محاجم، ومخالب، فإذا وقعت على سطح أملس، تستخدم المحاجم، وإذا وقعت على سطح خشن، تستخدم المخالب، ولها ثلاثة قلوب، قلب مركزي، ولكل جناح قلب، وجناح البعوضة يرفُّ أربعة آلاف رفةٍ في الثانية الواحدة، لذلك يرتقي صوتها إلى مستوى الطنين، قال ربنا عز وجل:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ..﴾
أيها الأخوة، دققوا في آيات الله التي بثها في الأرض والسماء. قال تعالى:
﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
وقال أيضاً:
﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾