بحث

تأكيد العلم الحديث لوصف القرآن للسماء والأرض

تأكيد العلم الحديث لوصف القرآن للسماء والأرض

بسم الله الرحمن الرحيم

     ربّنا سبحانه وتعالى يقول:  

﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ  * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾

     خالق الكون يصف السماء بِكَلمةٍ واحدة،  وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ، كلّما تقدَّم العلم اكْتُشِفَت حقائق جديدة تَدعمُ هذا الوصْف الموجز:  

  • فالقمر يسيرُ في مدارٍ حول الأرض، يذهبُ ثمّ يرجعُ إلى مكانه الأوّل، والشمس تجري لمستقرّ لها في مدار حول نجمٍ آخر، وتعود إلى مكانها السابق، والمذنّبات هذا المذنّب مذنّب هالي، زار الأرض في عام ألف وتسعمئة واثني عشر بالضّبط، وعاد إلينا في عام ألفٍ وتسعمئة وستّة وثمانين، تسْتغرق دورتُه منذ ملايين السِّنين سِتة وسبعين عامًا، فالأرض تدور وترجع، والقمر يدور ويرجع، والشمس تدور وترجع، والمذنّبات ترجع، وكلّ ما في السماء يدور في فلك بيْضوي أو دائري ويرجع.  
  •   ثمّ اِتَّجَهَ العلماء اتِّجاهًا آخر، هذه الغازات التي أوْدعها الله في الأجواء، الأكسجين يستنشقُه الإنسان فيُصبحُ غاز الفحْم، يأخذُه النبات فيُصبحُ أكسجيناً، حتى الغازات لها دوْرةٌ طبيعيّة من أكسجين إلى غاز فحْم إلى أكسجين، حتى إذا أرْسلت إلى السماء أمواجًا كهرطيسيّة إنَّها ترجعُ، والبثّ اليوم يقوم على هذا المبدأ، وحتى إذا صعَدَ بُخار الماء إلى السماء يرجعُ أمطارًا،   السماء ترْجعُ بخار الماء أمطارًا، وتُرجعُ الأمواج الكهرطيسيّة، وترجعُ الغازات في تقلّباتها إلى ما كانت عليه. معنى ذلك أنّ هذا القرآن من عند خالق الكون، تشعرُ أنّ هذا وصْف الله تعالى، وصفُ الخالق، ووصْفُ الصانِع 

     والشيءُ الآخر، أنّ الأرض لو أردْت أن تصِفَها بِصِفةٍ شاملةٍ جامعة مانعة، قال تعالى:  

﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾

     القارات كانت متَّصلة فتصدَّعَتْ، الصُّخور تتصدَّع، الأحجار تتصدَّع، بل إنّ أدقّ الجزيئات تتصدَّع، فإذا ذهبْت لِتَصِفَ الأرض بصِفَةٍ ثابتةٍ منذ أن خلقها الله، وحتى نهاية الحياة؛ إنَّها التصدّع، قال تعالى:  ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾  كيف هو الصَّدْعُ؟ الأرض طبقات، أمْسِك بيْضةً، هناك القِشرة الكِلسيّة، وهناك القِشْرة الرقيقة، هناك بياضُ البيضة، وهناك صفارها، أقسى هذه الطبقات الطبقاتُ الخارجيّة، وكلّما هبطْنا نحو أعماق الأرض تصبحُ هذه الطبقات أقلّ صلابةً إلى أن تصبحَ لَزِجةً إلى أن تصبحَ مائعةً مضطربة، وهذه النظريّة أصبحَت حقيقة، كلّما اتَّجَهنا نحو بطن الأرض ضعفت الصلابة، وارتفعَت الحرارة، أما في مركز الأرض فهو اضْطرابٌ عجيبٌ لِمَائِعٍ ناري، القرآن أشار إلى ذلك، قال تعالى:  

﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُور﴾

     معنى تمورُ أيْ تضطرِبُ اضْطراب المائع، أنتم تنْعمون باستِقرار على ظهرها، أنتم تنعمون بِصَلابتها، بِقُوَّتها، تبني بناءً شامخًا على أساسٍ متين، ولكن لو أنّ هذه الأرضَ خُسِفَت بكم لأصبحْتُم على مائعٍ ناريّ مضطربٍ يمور.  

     منْ أخْبرَ النبي عليه الصلاة والسلام وهو الأُميّ بأنّ في باطن هذه الأرض مائعًا ناريًّا مضطربًا؟ أليس هذا القرآن كلام الله عز وجل؟ إذا وقفْت عند الآيات الكونيّة في القرآن وجدْت أنَّه كلّما تقدَّمَت بك الدراسات تلتقي مع وصْف الله الموجز، مع وصف الله المعجز، مع وصْف الله البليغ. 



المصدر: الإعجاز العلمي - الندوة : 03 - الله الذي رفع السماوات.