بحث

الغفور

الغفور

بسم الله الرحمن الرحيم

     الغفور بمعنى ستر، والغَفْرُ هو الستر، والغفور هو كثير المغفرة للذنوب. لأن العبد من شأنه أن يذنب، والله من شأنه أن يغفر، وما أمرك أن تستغفره إلا ليغفر لك، فهو غفور يستر ذنبك عن الخلق ويعفو عنك ويحول بينك وبين العقاب.  

     الغفور هو تام القدرة، الإنسان أحياناً يغفر لإنسان آخر بسبب ضعفه إذ لا يستطيع أن ينال منه، لكن شأن الله جل جلاله غير هذا فهو قدير إلى درجة كن فيكون، ومع تمام قدرته هو غفور.    فالغفور هو السيد التام القدرة، وقد يغفر فضلاً وإحساناً منه قال تعالى:  ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ لم يقل فإنك أنت الغفور الرحيم، بل:  ﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾    فإذا غفرت لهؤلاء فليس في الكون كله من يسأل لماذا؟:  ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾.

     وقد ورد اسم الغفور في القرآن الكريم في تسعين آية تقريباً، قال تعالى:   

﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾

     وقال تعالى:   

﴿ إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

     فإذا تابوا ثم وقعوا في قبضتكم فليس لكم عليهم من سلطان، وهذه الآية تشير إلى أنه لا يجوز أن تُطبق الأحكام بمفعول رجعي.   

     فاسم الغفور يأتي مع اسم الرحيم ومع اسم الحليم، فربنا سبحانه وتعالى حلمه يستدعي أن يغفر لكم المرة تلو المرة ورحمته تقتضي أن يغفر لكم.   

﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

     ولكن هناك آية تلفت النظر:   

﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾

     ذكر الله عظيم رحمته ومغفرته وحلمه، لكنه ذكر بعد ذلك شديد عقابه، وهذا يعني أن الله غفور إذا عاد العبد إليه، واستغفره، وأصلح ما كان منه.   

﴿ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

     أما المؤمن فحظه من اسم الغفور:  أن يداوم الاستغفار، والمؤمن المتخلّق بهذا الاسم لا يرى عورة إلا سترها، ولا زلّة إلا غفرها، وإن اعتذر إليه أخ قبل منه وعامله بالإحسان، ويقابل جميع إساءته بالغفران.  لأن صاحب الخلق حينئذ يصير بين الناس كالشجرة الظليلة، تُرجم بالحجارة وتلقي عليهم الثمار، وهكذا المؤمن.   

     وفي رمضان شهر المغفرة يتجلى اسم الغفور في أروع معانيه فلا ينبغي أن يمضي شهر رمضان إلا وقد غفر الذنب.   

     قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   

(( رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له))

      وقال أيضاً  

(( الصَّلاةُ الْمَكْتُوبَةُ إِلَى الصَّلاةِ الَّتِي بَعْدَهَا كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا قَالَ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالشَّهْرُ إِلَى الشَّهْرِ يَعْنِي رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا))



المصدر: أسماء الله الحسنى وعلاقتها برمضان - المقال : 02 - اسم الله الغفور وعلاقته برمضان.