بحث

السلام

السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

     أيها الإخوة الأكارم ورد هذا الاسم في نص القرآن الكريم  في  قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُالْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ 

     ما معنى هذا الاسم؟   

  • معناه أنه جل جلاله ذو السلامة، أي: سلمت ذاته جل جلاله من كل عيب وسلمت صفاته من كل نقص وسلمت أفعاله عن الشر. ولكن لابد من وقفة دقيقة عند العبارات سلمت ذاته من كل نقص، وسلمت صفاته من كل عيب، وسلمت أفعاله من الشر، أليس في الأرض شرور؟ فكيف سلمت أفعاله من الشر؟ في الإجابة على هذا السؤال، وأنا أعلق أهمية كبرى على هذه النقطة، لأنك إذا فهمتها فهماً صحيحاً أحسنت الظن بالله عز وجل وحسن الظن بالله ثمن الجنة، سلمت أفعاله عن الشر المطلق؟ ما هو الشر المطلق الذي نفعله لذاته؟ أي إذا كان في الإنسان التهاب حاد في الزائدة الدودية ألا يمسك الطبيب الجراح المشرط الذي نرجوه أن يجري لنا هذه العملية!! ألا يمسك هذا الطبيب المشرط ويشق اللحم وينفر الدم ويخدر هذا الإنسان فبعد أن ينتهي مفعول التخدير ألا يتألم هذا الإنسان، هل أردنا أن نجرحه حباً بجراحته؟ هل أردنا أن نقطع هذا اللحم حباً بإيقاع الأذى؟ أم أن هذا الطبيب الرحيم البارع أمسك المشرط وفتح البطن ليستأصِل هذه الزائدة الملتهبة وفي استئصالها يكون الشفاء والراحة، فهذا ليس شراً مطلقاً؛ هذا هو الشر الذي من أجل الخير، هذا هو الألم الذي من أجل الراحة، هذا هو فتح الجلد الذي هو من أجل راحة النفس.  يجب أن تعتقدوا ويجب أن تؤمنوا أنه ليس في الكون كله شر مطلق، أتمنى على الله عز وجل أن يمكنني من توضيح هذه الحقيقة. ليس في الكون شر مطلق. أما هناك شرور لا يعلمها إلا الله؟ لكن هذه الشرور لا بد منها من أجل إحداث النتائج الطيبة، خلق الإنسان ليسعد إلى الأبد فإذا انحرف عن هدفه فلا بد من تصحيح مساره، لا بد من معالجته، لا بد من دفعه، لا بد من ردعه، لا بد من فعل شيء يدفعه إلى هدفه النبيل، فالذي يؤمن بأن هناك شرور إنما تقع لذاتها فهذا لا يعرف الله أبدا، لقول الله عز وجل:  ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).  
  • المعنى الثاني من أسماء الله أنه سلام أي ذو السلامة لعباده ليس في الوجود كله سلامة إلا معزوّة إليه. أتمنى من كل قلبي أن نسلك معا في فهم أسماء الله الحسنى فهما بمنهج واضح جدا، دعنا من التعاريف النظرية؛ دعنا مما قاله العلماء، وما أَجَلَّ ما قالوه عن اسم الله السلام، أنت كإنسان هل تستطيع أن تكتشف في هذا الكون حوادث آيات، أدلة، تؤكد أن الله سلام؟ أنا سعيت ببعض الشواهد المنتزعة من حياتنا من أجسامنا مِمّا حولنا لأؤكد لكم أن هذا الكون كله ما هو إلا تجسيد لأسماء الله الحسنى، وما هو إلا مظهر لصفاته الفضلى.  

     مثلا: الإنسان إذا كسرت عظامه كيف تلتئم؟ لا أحد يعرف إلا أن الخلية العظمية حينما تصاب بالعطب، والعظام حينما تنمو في بدايتها تنمو إلى أن تصل إلى حد رسمه الله لها لأن الله عز وجل باسط وقابض.  ومن رحمة الله بنا أن الإنسان ينمو فإذا بلغ في نموه الحد المعتدل المقبول يقف النمو، وهناك مرض خطير جدا هو أن الإنسان ينمو دون توقف مرض العملقة ينمو بلا توقف، فرحمة الله عز وجل توقف نمو العظام عند هذا الحد، لكن خلايا العظام تنمو فإذا وصلت الحد الذي رسم لها تقف عن النمو. وقال العلماء: هذه الخلية العظمية تهجع وتنام، قد يمضي على نومها أربعون عاما فإذا كسرت عظمة إنسان استيقظت هذه الخلايا وأعادت بناء ذاتها والتأمت مع أخواتها ونحن لا ندري، لو أن العظم لا يلتئم ماذا نفعل؟   

      أنت إذا سرت على قدميك اللطيفتين ما الذي يضمن لك ألا تقع؟ جهاز للتوازن أودعه الله في أذنك الداخلية ثلاث قنوات فيها سائل، فيها أهداب، فإذا ملت على أحد محوريك ارتفع السائل في مكان دون الآخر وهذه الأشعار الدقيقة أحست بالميل فأعطت أمرا إلى الدماغ كي تعود إلى ما كنت عليه، لولا هذا الجهاز الذي أودعه الله في الأذن الداخلية لاحتاج الإنسان إلى قدم قطرها سبعون سنتمتر، يحتاج إلى مركز استناد واسع 

     وأعصاب الحس في الأسنان من أجل أن تبادر إلى طبيب الأسنان فتعالج أسنانك قبل أن تفقدها كلها، فهذا العصب الحسي البالغ الحساسية في أسنان الإنسان من أجل سلامة الأسنان وهو تجسيد لاسم الله السلام.  

  • من معاني هذا الاسم أن ذكر الله عز وجل يورث الأمن والطمأنينة والسلامة والدليل قوله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾  في القلب وحشة، في القلب خوف، في القلب قلق لا يسكن هذا القلق ولا تسكن هذه الوحشة ولا يأنس إلا بذكر الله، وأنا أقول لكم هذه الكلمة: ابحثوا عن كل شيء، ليس في الأرض كلها شيء يمنحكم سعادة إلا أن تذكروا الله.  
  • من  معاني اسم السلام أنك إذا اتصلت بالله عز وجل طهرت نفسك من عيوبها من البخل من الشح من الحقد من الضغينة من الحسد من الكبر هذه الصفات الذميمة التي يشقى بها الإنسان  
  • ومن المعاني أن الله سبحانه وتعالى يهدي عباده سبل السلام، كل إنسان له بيت وأسرة فممكن أن يكون في بيته خصام فيه شحناء فيه بغضاء فيه طلاق فيه أحيانا ضرب لزوجته، هذا البيت فيه شقاق فيه ضغينة فيه حقد فيه مشاجرة فيه نفور، فإذا اتبعت توجيهات القرآن الكريم ومنهج النبي يهديك الله سبل السلام في بيتك فترى البيت وديعاً فيه طمأنينة فيه راحة نفسية فيه مودة فيه مؤاثرة فيه محبة لأنك اتبعت ما جاء به النبي؛    بعملك: إذا أنت تعاملت بالربى وتراكبت عليك ديون ضخمة وظهرت المشكلات وتوقف البيع فجأة وعليك سندات فأفلست، لو أنك اتبعت السنة النبوية وأمر الله عز وجل لما وقعت في مشكلة في دخلك.    إذاً في تجارتك يهديك سبل السلام في زواجك يهديك سبل السلام في علاقاتك بجيرانك يهديك سبل السلام هذا معنى السلام، فأنت إذا طبقت القرآن الكريم أوصلك في كل موضوع في كل حقل وفي كل جانب إلى السلام.  
  • والله يدعو إلى دار السلام  ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ ما هي دار السلام؟ الجنة ليس فيها نغص ولا حسد ولا فيها مرض ولا فيها قلق ولا فيها خوف ولا فيها منازعة ولا فيها حروب ولا فيها شيء من هذا كله.  

ما واجب المؤمن من حيث اسم الله السلام؟  

      المؤمن الحق من سلم من المخالفات الشرعية سرا وعلنا، وبرئ من العيوب ظاهرا وباطنا، قال الله عز وجل: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ﴾ ومن كان سليما من الذنوب بريء من العيوب ولتكن على هذا النحو علاقتنا باسم السلام، ليتحقق لنا معنى الآية الكريمة: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ و القلب السليم القلب البريء من الشك والشرك،  فالسليم من برئ قلبه من الشك والشرك ومن النفاق والشقاق والرياء والمداهنة ومن سلمت نفسه من الشهوات وسلم عقله من الشبهات، لا شبهات في عقله ولا شهوات في نفسه وألقى الشك والشرك والنفاق والشقاق والرياء والمداهنة جانباً بل تحت قدميه  

هذا واجب المؤمن من حيث اسم السلام أما ما حقه على الله:  

     أي عبد طبق أمر الله عز وجل وأقبل عليه فحق المؤمن على الله أن يسلّمه. من ماذا؟ أن يسلمه في الدنيا من المؤذيات وأن ينيله ما فيها من الخيرات لك عند الله حق. الله عز وجل اسمه السلام يسلمك من المؤذيات ويمنحك الخيرات هذه سلامة الدنيا.  



المصدر: أسماء الله الحسنى وعلاقتها برمضان - المقال : 16 - اسم الله السلام وعلاقته برمضان.