الحمدُ نقيض الذم، لأنه متعلق بالكمال، بينما الذم متعلق بالنقص، والإنسان بفطرته يحمد الكامل ويذمُّ الناقص، ولأنَّ الله سبحانه وتعالى كاملٌ كمالاً مطلقاً فهو يحمد حمداً لا حدود له.
إنّ الإنسان يشرب كأس الماء، ويأكل الطعام، ويأوي إلى بيت، وهذه نعمٌ لا يختلف فيها اثنان على وجه الأرض، ولكن أناسًا عزوا هذه النعم إلى البقر فعبدوها من دون الله، وأناسًا عزوها إلى الشمس، لكنَّ الله سبحانه وتعالى هو صاحب الحمد.
الحميد هو المحمود، والله تعالى هو الحميد بحمده نفسه أزلاً، وبحمد عباده له أبداً، من قبل أن يخلق الخلق حمد ذاته، فلما خلق الخلق حمده خلقه.
الحميد هو مستوجب الحمد ومستحقه، إذا دعيت إلى وليمة غداء، وكان الطعام نفيساً جداً، وعلى المائدة عشرون شخصاً، بعد أن تنتهي من الطعام لا تشكر الشخص الذي يجلس بجوارك، لأنه مدعو إلى الطعام مثلك، لكنك تشكر صاحب الوليمة الذي تكلف وجاء بهذا الطعام النفيس ودعاك إليه.
الحميد الذي يوفقك لفعل الخيرات ويَحمدُك عليها، ويمحو عنك السيئات ولا يُخْجِلك بذكرها. فإذا أراد ربك إظهار فضله عليك، خلق الفضل ونسبه إليك. وهبك مالاً فتصدقت به على الفقراء، وبعد هذا يحمدُك الله على إنفاقك مع أنه وهبك المال ابتداء.
لا شك في أن رمضان هو شهر الحمد، والحمد يذكرنا باسم الله تعالى الحميد. وفي رمضان يستشعر المؤمن هذا المعنى، إذ إن الله تعالى هو الذي وفقه إلى الصيام والقيام ثم هو يحمده بعد ذلك على عمله ويثيبه عليه.
(( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به))